يعاني بعض الأشخاص من رُهاب الضخامَة أو الميغالوفوبيا Megalophobia، وهو الخوف الشديد من الأجسام الكبيرة، مثل ناطحات السحاب والطائرات والتماثيل الكبيرة.
كما هو الحال مع أنواع الرُهاب المحددة الأخرى، يمكن علاج رُهاب الضخامة بشكل كبير من خلال العلاج النفسي، سواءً عن طريق العلاج بالتعرض، أو العلاج السلوكي المعرفي، أو العلاج بالكلام، أو العلاج الاجتماعي.
ما هو رُهاب الضخامة؟
رُهاب الضخامة هو نوع من اضطراب القلق الذي يعاني فيه الشخص من خوف شديد من الأشياء الكبيرة. يعاني الشخص المصاب برُهاب الضخامة من خوف وقلق شديدَين عندما يفكر في أشياء كبيرة، أو عندما يكون حولَها، مثل المباني الكبيرة والتماثيل والحيوانات والمَرْكبات. غالبًا ما يتجنب المواقف أو الأماكن التي تحتوي على أشياء كبيرة.
ما نوع الأشياء الكبيرة التي يخاف منها الأشخاص الذين يعانون من رُهاب الضخامة؟
يمكن للأشياء الآتية أن تؤدي إلى شعور الأشخاص الذين يعانون من رُهاب الضخامة بالخوف والقلق الشديدَين:
- المباني الشاهقة، مثل ناطحات السحاب.
- التماثيل والآثار الكبيرة.
- المعالم الطبيعية الكبيرة أو الشاسعة مثل الجبال والبراكين والبحيرات والمحيطات.
- القوارب والسفن الكبيرة.
- المَرْكبات الكبيرة، مثل القطارات والحافلات.
- المساحات الكبيرة أو الواسعة، مثل داخل الملعب.
- الحيوانات الكبيرة، مثل الفيلة والحيتان.
نظرًا لوجود أنواع عديدة من الرُهاب، فقد يكون تشخيصها أمرًا صعبًا بعض الشيء. الأشخاص الذين يعانون من رُهاب الضخامة يخافون عمومًا من أكثر من نوع واحد من الأجسام الكبيرة.
هناك أنواع أخرى من الرُهاب تتميز بالخوف من شيء يصادف أن يكون كبيرًا، لكن حجمه ليس هو الجانب الرئيسي للخوف. على سبيل المثال، إذا كان لديك خوف شديد من المحيط، وهو "جسم كبير" على وجه التحديد، فقد يكون لديك رُهاب الثلاسوفيا Thalassophobia، أو الخوف من المحيط، وليس رُهاب الضخامة.
على من يؤثّر رُهاب الضخامة؟
مثل أنواع الرُهاب الأخرى، يمكن أن يؤثّر رُهاب الضخامة على أي شخص في أي عمر. من المرجح أن تتطور أنواع محددة من الرُهاب، مثل رُهاب الضخامة، عند الأطفال، وتصبح واضحة عند المراهقين والشباب، كما أن الإناث أكثر عرضة للإصابة برُهاب محدد.
هل رُهاب الضخامة شائع؟
لا يعرف الباحثون حتى الآن العدد الدقيق للأشخاص الذين يعانون من رُهاب الضخامة، وهو ما يرجع على الأرجح إلى أن العديد من الأشخاص الذين يعانون من رُهاب محدد مثل رُهاب الضخامة لا يبحثون عن علاج لرُهابهم.
الرُهاب المحدد بشكل عام، هو حالة صحية عقلية شائعة، ويعاني ما يقرب من 7 إلى 10٪ من السكان من الرُهاب.
ما هي أعراض رُهاب الضخامة؟
غالبًا ما يبذل الأشخاص الذين يعانون من الرُهاب قصارى جهدهم لتجنب المواقف التي تنطوي على ما يخشونه. إذا كان الشخص المصاب برُهاب الضخامة غير قادر على تجنب الأشياء الكبيرة وكان بالقرب من الأشياء الكبيرة، فقد يعاني من الأعراض الآتية:
- الشعور بالخوف الشديد والقلق.
- ضربات القلب السريعة.
- الإصابة بضيق في التنفس.
- الشعور بالدوخة والدوار.
- الشعور بضوضاء.
- الشعور برغبة قوية في الهروب من الموقف.
وقد يعاني أيضًا من أعراض مثل:
- ألم في الصدر.
- إسهال.
- غثيان.
- اهتزاز.
- تعرق.
ما الذي يسبب رُهاب الضخامة؟
الباحثون غير متأكدين ما الذي يسبب رُهاب الضخامة بالضبط، وهم يعتقدون أن التعرض لتجربة سلبية أو مؤلمة تتعلق بجسم كبير قد يساهم في إصابة الشخص برُهاب الضخامة.
بشكلٍ عام؛ قد تلعب الأسباب الآتية دورًا في ظهور رُهاب الضخامة:
-
مخاوف طبيعية مبالغ فيها
من الطبيعي أن يكون لديك مستوى معيّن من الخوف أو التوجّس من الأشياء التي تبدو ساحقة أو مهددة. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من رُهاب الضخامة، يصبح هذا الخوف أكثر حدة مما يعاني منه الأشخاص الآخرون عادةً.
-
الحجم المهول
عادة ما يرتبط هذا الرُهاب من الأشياء الكبيرة بأشياء أكبر من الكائن الفعلي الذي تمثله. قد يكون تمثالًا أكبر من الحياة لشخص من التاريخ، أو لحيوان لا يتناسب مع الحجم النموذجي الذي نربطه بالأنواع. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من رُهاب الضخامة، تخلق هذه الأحجام غير الطبيعية شعورًا حقيقيًا بالخوف، فقد يشعر الآخرون بالرهبة من الحجم فقط.
-
الإعلام
في بعض الأحيان يمكن أن تساهم القصص الإخبارية أو حتى الأساطير في زيادة هذه المخاوف، وخير مثال على ذلك هو الخوف من الحيوانات العملاقة. لقد كان الحبّار العملاق جزءًا من الأساطير والتقاليد منذ الأيام الأولى للسفن الشراعية، وتكثر الأساطير عن البحارة الذين فُقدوا أمام وحوش الأعماق.
ومن المحتمل أنه في الأيام التي سبقت أنظمة الملاحة الحديثة، كانت العديد من تلك السفن قد جنحَت أو اصطدمت بالصخور. ومع ذلك، استمرت الشائعات. في الخمسينات من القَرن الماضي، كانت الكتب المصورة والخيال العلمي من الاتجاهات السائدة، خاصة بين المراهقين، وقد تم أخيرًا الحصول على الصور الأولى للحبّار العملاق الحي في عام 2004.
وقد يرتبط رُهاب الضخامة باضطراب القلق العام، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والقلق الاجتماعي.
كيف يتم تشخيص رُهاب الضخامة؟
يتم تشخيص رُهاب الضخامة من خلال سلسلة شاملة من الأسئلة حول تاريخ الشخص وتجاربه وأعراضه. عادة، يجب أن تكون قد شعرت بالخوف المستمر والقلق من الأشياء الكبيرة لمدة ستة أشهر على الأقل حتى يتم تشخيص إصابتك برُهاب الضخامة.
من المرجح أن يَستخدم مقدم الرعاية الصحية المعايير الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، وهو منشور صادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي، لتشخيص رُهاب الضخامة. سوف يستبعد مقدم الخدمة أيضًا أي حالات صحية جسدية أو عقلية أخرى قد تسبب أعراضك.
بشكل عام، لدى الرُهاب أربعة معايير على الأقل للتشخيص، بما في ذلك:
- الخوف الشديد وغير المعقول: الخوف من الشيء أو الموقف المستمر وغير المتناسب مع مستوى الخوف.
- القلق الاستباقي: يميل الفرد الذي يعاني من الرُهاب إلى التفكير في المواقف أو التجارب المستقبلية التي قد تتضمن الشيء أو الموقف الذي يخاف منه أو الخوف منه.
- التجنب: كثير من الأشخاص الذين يعانون من الرُهاب سوف يتجنبون الشيء أو الموقف الذي يخشونه. يذهب البعض إلى أقصى الحدود لتجنب الشيء الذي يخافون منه.
- تداخل الرُهاب مع الأنشطة اليومية: الخوف الذي يواجهه الفرد يجب أن يحدّ من حياته اليومية بطريقة ما حتى يتم تشخيصه على أنه رُهاب.
هل هناك اختبار لرُهاب الضخامة؟
لا يوجد اختبار نهائي لتشخيص رُهاب الضخامة. بدلاً من ذلك، سيطرح عليك مقدم الرعاية الصحية أسئلة حول تاريخك الطبي وأعراضك وتجاربك المتعلقة بخوفك من الأشياء الكبيرة لتقييم ما إذا كنت تعاني من رُهاب الضخامة أم لا.
كيف يتم علاج رُهاب الضخامة؟
يمكن عادةً علاج رُهاب الضخامة بالعلاج النفسي، مثل العلاج بالتعرض Exposure therapy و/أو العلاج السلوكي المعرفي Cognitive behavioral therapy (CBT)، و/أو العلاج بالكلام Talk therapy، و/أو العلاج الجماعي Group therapy.
-
العلاج بالتعرض
يَستخدم المعالجون وعلماء النفس العلاج بالتعرض للأشخاص الذين يعانون من الرُهاب لتشجيعهم ببطء على الدخول في المواقف التي تسبب لهم القلق، ومحاولة البقاء في هذا الموقف حتى يتمكنوا من تعلم كيفية التعامل معه.
-
العلاج السلوكي المعرفي
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو شكل من أشكال العلاج النفسي. من خلال التحدث وطرح الأسئلة، يساعدك المعالج أو الطبيب النفسي على اكتساب وجهة نظر مختلفة، ونتيجة لذلك؛ تتعلم كيفية الاستجابة بشكل أفضل والتعامل مع التوتر والقلق الذي تشعر به عندما تتعرض لأشياء تسبب لك الخوف.
-
العلاج بالكلام
وهو ما يستخدمه المتخصصون بالصحة النفسية للتواصل مع مرضاهم، والغرض من العلاج بالكلام هو المساعدة في تحديد المشكلات التي تسبب الاضطراب العاطفي.
-
العلاج الجماعي
وهو يتضمن واحدًا أو أكثر من علماء النفس الذين يقودون مجموعة من خمسة إلى 15 مريضًا تقريبًا. عادة، تجتمع المجموعات لمدة ساعة أو ساعتين كل أسبوع، ويَحْضر بعض الأشخاص العلاج الفردي بالإضافة إلى المجموعات، بينما يشارك آخرون في مجموعات فقط.
ما هي الأدوية المستخدمة لعلاج رُهاب الضخامة؟
لا تُستخدم الأدوية عادةً لعلاج أنواع معيّنة من الرُهاب مثل رُهاب الضخامة، ولكن في بعض الحالات، قد يتناول الأشخاص الذين يعانون من رُهاب الضخامة أدوية لمساعدتهم بشكل مؤقت على تخفيف أعراض الخوف والقلق عندما يخضعون للعلاج النفسي لعلاج رُهابهم. تشمل الأدوية المستخدمة أحيانًا للمساعدة في علاج رُهاب الضخامة ما يلي:
- حاصرات بيتا: تُستخدم بعض حاصرات بيتا لعلاج الأعراض الجسدية للقلق أو الوقاية منها، مثل سرعة ضربات القلب.
- المهدِّئات (البنزوديازيبينات): تساعد البنزوديازيبينات، وهي نوع من المهدئات، على الاسترخاء وتقليل كمية القلق التي تشعر بها.
- مثبِّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
- مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين (SNRIs).
ما هي عوامل الخطر لتطوير رُهاب الضخامة؟
لا يزال المختصون بالرعاية الصحية يحاولون معرفة السبب الدقيق لرُهاب الضخامة. لقد وجَدوا حتى الآن أن عوامل خطر الإصابة برُهاب الضخامة يمكن أن تشمل ما يلي:
- تجربة أو مشاهدة حدث سلبي يتعلق بجسم كبير، خاصة عندما كنت طفلاً.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة باضطرابات القلق.
ما هو التشخيص (التوقّعات) لرُهاب الضخامة؟
يسعى نحو 10 إلى 25% فقط من الأشخاص الذين يعانون من رُهاب محدد إلى علاج حالتهم، لأن الكثير منهم يمكنهم تجنب الشيء، أو الموقف الذي يخشونه.
إذا كنت تعاني من رُهاب الضخامة، فإن تجنب المواقف التي تتضمن أشياء كبيرة يمكن أن يمنعك من الاستمتاع بأشياء معيّنة في الحياة، مثل السفر، ويمكن أن يقلل من جودة حياتك بشكل عام، ولهذا السبب من المهم طلب العلاج.
أظهَرت الأبحاث أن العلاج بالتعرّض ناجح في علاج رُهاب الضخامة وأنواع الرُهاب المحددة الأخرى. الأشخاص الذين لديهم رُهاب محدد، مثل رُهاب الضخامة، ولا يَطلبون العلاج، هم أكثر عرضة للإصابة باضطراب القلق والاكتئاب بمقدار الضِّعف.
كيف يمكنني الاعتناء بنفسي إذا كنت أعاني من رُهاب الضخامة؟
قد يكون الأمر غير مريح، ولكن من المهم التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية إذا كنت تعاني من علامات وأعراض رُهاب الضخامة. يمكن أن يساعدك العلاج في التغلب على رُهاب الضخامة لديك.
إذا تم بالفعل تشخيص إصابتك برُهاب الضخامة، فهناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها للتحكم في الأعراض والشعور بالتحسن، بما في ذلك:
- الحصول على قسط كاف من النوم وممارسة الرياضة.
- إذا كنت تشارك في العلاج النفسي لعلاج رُهاب الضخامة لديك؛ فتأكَّد من استشارة المختص المعالِج بانتظام.
- ممارسة الأنشطة الذهنية مثل التأمل.
- ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق واليوغا.
- تواصَل مع العائلة والأصدقاء للحصول على الدعم.
- فكِّر في الانضمام إلى مجموعة دعم للأشخاص الذين يعانون من رُهاب الضخامة أو رُهاب محدد بشكل عام.
- التنشئة الاجتماعية.
- إدارة الإجهاد.
- نظام غذائي متوازن.
أين تجد المساعدة؟
إذا كنت بحاجة إلى مساعدة في التعامل مع الرُهاب، فالخبر السار هو أن هناك وسائل عديدة للعثور على متخصص في الصحة النفسية:
- اسأل طبيب الرعاية الأولية للحصول على توصيات.
- اطلب توصيات من الأصدقاء أو العائلة أو الأحباء، إذا كنت مرتاحًا للقيام بذلك.
- ابحث عبر الإنترنت عن المعالجين في منطقتك من خلال الاطلاع على شهادات عملائهم.
- اتصل بمزود التأمين الخاص بك لمعرفة المعالجين الذين يقبلون خطتك.
الخلاصة
إذا كنت تعاني من رُهاب الضخامة، فاعلم أنك لست وحدك. كثير من الناس في جميع أنحاء العالم لديهم رُهاب. يمكن أن يوفر تجنب الأشياء الكبيرة راحة قصيرة المدى، لكن هذا لا يعالج السبب الكامن وراء خوفك وقلقك.
على الرغم من أن الأمر قد يكون صعبًا وغير مريح، فمن المهم التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية والبحث عن العلاج المناسب لرُهاب الضخامة لديك. كلما أسرعت في طلب المساعدة، تمكَّنْت من استعادة السيطرة على حياتك بشكل أسرع.
المصادر
