صحــــتك

في شهر المرأة.. إليك أفضل الطرق للتعامل مع اضطراب فرط الحركة

الدكتورة رومينا توكي
الدكتورة رومينا توكي تتحدث عن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى النساء

في شهر المرأة، تُعد صحة المرأة النفسية أولوية، لذا ارتأينا الحديث عن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى النساء، والذي قد يصيب المرأة دون علم منها نتيجة الضغط النفسي، بحسب ما تؤكد لموقع "صحتك" الدكتورة رومينا توكي، أخصائية في علم النفس السريري، وعلاج الأطفال والبالغين.

 

ما هو ADHD للنساء أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟

ADHD هو ما يُعرف باضطراب فرط القلق والتركيز، غالباً ما يطلق على الشخص الدائم الحركة، لكن لم يعد تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مقتصراً على هذه الصورة النمطية التي تتبادر إلى أذهاننا جميعاً، بل باتت أعراضه ظاهرة بوضوح في حياة الفتيات والنساء، وتعكس على نحو عميق ما تواجهه هؤلاء السيدات من تحديات لا يُستهان بها، في مجتمعٍ يرفض فهم هذه الحالة النمائية العصبية ويتعامل معها وكأنها وصمة عار.

 

كيف أعرف أنني مصاب بفرط الحركة وتشتت الانتباه؟

الدكتورة رومينا توكد، أخصائية في علم النفس السريري، وعلاج الأطفال والبالغين، تقول: لا يسعنا في البداية سوى أن نؤكد بأن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لا يقتصر على النشاط المفرط، بل يتجلى بطرقٍ مختلفة، غالباً ما تكون خفية لا يمكن اكتشافها، الأمر الذي يزيد من صعوبة تشخصيه وفهمه، لا سيّما عند الفتيات والنساء. والأمثلة على ذلك كثيرة تتجسد بوضوح من خلال قصة الكثير من السيدات، من اللواتي يُعانين خلال ساعات العمل الطويلة خوفاً من الإخفاق في إنجاز مهامهن، ولهدف الحفاظ على بيئة عمل منظّمة ومواعيد نهائية، ومهام لا يمكن إنجازها بسهولة، وكأنها حقل ألغام، وسرعان ما يتفاقم شعور التوتر لديهن وتراودهن الشكوك في الذات لتجعلهن يفقدن الثقة بأنفسهن.

تجد النساء أنفسهن محاصرات ضمن هذه الدائرة المفرغة دون سبيل للخروج منها، وتضطر المرأة حينها للعمل ضمن وقت إضافي وأداء مهامها حتى وقتٍ متأخر من الليل لتعويض ساعات النهار التي لم تتمكن خلالها من الإنجاز. ورغم أن تفانيها وإخلاصها في العمل جدير بالثناء، لكنها تتكبد خسائر كبيرة جداً على مستوى حياتها الشخصية، إذ تصبح مرهقة جسدياً وعاطفياً، ولا تجد وقتاً تمضيه بالقرب من أحبائها. وفي الوقت المتبقي ومع آخر طاقة لديها نجدها تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي دون وعي، أو تنخرط في الأكل بنهم والتسوق عبر الإنترنت، لتعود من جديد وفي اليوم التالي وتواجه نفس التحديات، ودون أن تتمكن من أخذ قسط كافٍ من الراحة يساعدها في مواجهة الصراعات التي تنتظرها في العمل.

وتؤكد بعدها: قد تتلقى المرأة أيضاً وفي كثير من الأحيان رسائل انتقاد من الأشخاص المقرّبين إليها، ويتهمونها بأن التحديات التي تواجهها ناجمة عن أخطائها الفردية، وأن عليها ببساطة "بذل جهد أكبر"، وهذا ما قد يجعلها تشعر بالخجل، وتفضّل العزلة وتفقد ثقتها بنفسها وبقدراتها.

 

هل اضطراب فرط الحركة مرض نفسي؟

تقول الدكتورة توكي: يُعرّف اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بأنه إحدى حالات الاضطرابات النمائية العصبية المؤثرة على الطريقة التي يعالِج بها الدماغُ المعلومات وينظِّم مختلفَ الوظائف، وغالباً ما يواجه الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تحديات في مجالات رئيسية، مثل حضور الذهن، والانتباه وفرط النشاط والاندفاع. وغالباً ما تمضي العديد من النساء والفتيات سنوات من المعارك الصامتة قبل أن يتم تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لديهن، ويتم تصنيفهن على أنهن "حالمات"، أو "فوضويات" أو "مهملات"، أو "لا يمكن الاعتماد عليهن"، على الرغم من كونهن مجدّات في العمل، ولديهن عقل راجح وتفكير مبدع، وصفات أخرى رائعة. ودائماً ما يتحمَّلن المسؤولية الكاملة لأداء مهام لا تقل أهمية عن المهام الموكلة إلى الآخرين، دون مراعاة حالتهن. وكل من ينظر إليهن من الخارج، يعتقد أنهن على خير ما يرام، ولا يشعر بالصراع الذي يدور في أعماقهن وما يبذلنه من محاولات مريرة للنجاة من الغرق في أمواج التفكير المرهق.

وتضيف: تقضي العديد من الفتيات الصغيرات يومَهن في المدرسة أو الكلية أو العمل في محاولات صامتة وبائسة لإخفاء الصعوبات التي يواجهنها في تركيز تفكيرهن وتنظيم عواطفهن ومشاعرهن، وإدارة وقتهن والتحكم في انفعالاتهن، وتنظيم علاقاتهن مع الآخرين، إلى جانب صعوبات أخرى كثيرة لا يمكن وصفها. هذه الحياة المزدوجة تستنزف طاقتهن ومشاعرهن، وغالباً ما يتعرضن لدوامة لا تنتهي من لوم الذات وتدني احترام الذات، وتراجع مستوى التواصل مع الآخرين. 

وتؤكد بعدها: الفتيات المصابات باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه غالباً ما تظهر عليهن أعراض يتم تجاهلها، كما أنهن عرضة للإصابة بأمراض مثل الاكتئاب والقلق، لأن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يؤثر على جوانب متعددة من حياتهن، تشمل مشاركتهن الأكاديمية وصحتهن النفسية. لذا يجب التركيز على أهمية رفع مستوى الوعي وتقديم الدعم للفتيات المصابات باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. ورغم جميع هذه التحديات، تُظهر النساء والفتيات المصابات باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أعلى مستويات الصمود والصبر، ويتعاملن مع العقبات اليومية بإرادة لا تُهزم بسهولة، لتبرهن بذلك كيف يمكن تحويل نقاط الضعف إلى قوة، وكيف يمكن التحلّي بالشجاعة في أصعب اللحظات لمواجهة الشدائد يوماً بعد يوم.

وتضيف: حتى تتمكن النساء والفتيات من كسر قيود دوامة التفكير والتحرر منها، فإنهن بحاجة إلى من يقف إلى جانبهن بشكل واعٍ، ويقدم لهن العون والدعم العاطفي. وبالتالي علينا العمل على إعادة التفكير بطريقة تعاملنا مع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. لذا، دعونا نتوقف عن إطلاق الأحكام المسبقة عليهن، ولنبدأ بتفهم معاناتهن دون توجيه أصابع اللوم إليهن، ولنقدم لهن يد العون حتى نتمكن من توفير بيئة داعمة وتسطير قصص نجاحهن على الصعيدين الشخصي والمهني.

وفي حال كنتِ تشعرين بالقلق إزاء إصابتك باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فعليك أن تراقبي علامات مثل صعوبة التركيز والاندفاع والتشتت الشديد، وعدم التنظيم والنسيان والمماطلة المزمنة. وهناك أيضاً مؤشرات خفية للإصابة بهذا الاضطراب، تتمثل في الصراع مع إدارة الوقت، وصعوبة تنظيم الحالة المزاجية، وصعوبة انتظار دوركِ ومقاطعة الآخرين دون قصد، وعيش حالة من الأرق المفرط. وغالباً ما تختلف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من شخص لآخر. لذا، نوصيك دوماً بطلب استشارة أخصائي متمرس في مجال الصحة النفسية لإجراء تقييم شامل لحالتك، وتزويدك بالتوجيهات المناسبة بشأن التشخيص والعلاج، وتأكدي أن التدخل المبكر يساعد في علاج حالتك على نحو أفضل، ويمنحك فرصة أخرى لعيش حياة صحية.

رسالة للنساء والفتيات المصابات باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه 

تؤكد الدكتورة رومينا توكي: إن التعامل مع تشخيص حالة جديدة من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يبدو أشبه بدوامة غير منتهية من المشاعر، تصفها بعض السيدات بأنها رحلة تتضمن محطات متنوعة، فقد تمرّين في حالة إنكار ترفضين تصديق الأمر وتقولين في نفسك "من غير المعقول أن أكون مصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؛ إنه مجرد عذر لتبرير عدم قدرتي على لم شتات أمري"، وربما يكون هذا التشخيص مريحاً بالنسبة لك، مثل العثور على قطعة اللغز المفقودة لتكوين الصورة المنطقية. ورغم أنه ليس هناك فهم واضح لدى السيدات لهذا الاضطراب، فإننا نتفق جميعاً بأن كل يوم من حياة المصابين بهذا الاضطراب هو يوم مختلف عن سواه.

إليكِ بعض الاستراتيجيات التي قد تساعدك في مواجهة اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه:  

  • أولاً: "علاقتك مع ذاتك"، وتعني الذات التي تميزك بعيداً عن إصابتكِ باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وقيمتكِ تستمدينها من ذاتك، ولا ترتكز إطلاقاً على التحديات التي تواجهك نتيجة إصابتك باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، بل لديكِ نقاط قوة رائعة وشغف كبير ولحظات من الفرح والمتعة، وخبرات وتجارب مدهشة. فكري في الأشياء التي كنت تقومين بها على نحو رائع في الماضي. وركزي على أحلامك وطموحاتك المخبأة عميقاً بداخلك، وامنحي نفسك الوقت الكافي لإعادة التعلم والاتصال بهذه الأشياء. 
  • ثانياً: "علاقتك مع عقلك"، اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه سيكون جزءاً لا يتجزأ من حياتك، وعليكِ التعايش معه، وما عليك سوى منح نفسك الوقت الكافي وإبداء الاستعداد لفهم أسباب ظهوره في حياتك، بدلاً من محاربته أو إنكار وجوده. تعرّفي على بعض الحيل والمفاجآت، وتذكري دوماً أن دماغك لا يسبب لك اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه فحسب، بل يساعدك أيضاً في القيام بأشياء رائعة حقاً. لا تترددي بطلب المساعدة من أحد أخصائيي الصحة النفسية أو مجموعة الدعم لتتمكني من تعلم استراتيجيات فعالة تساعدك في التحكم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. آن الأوان لتتخلصي من تلك المعتقدات السلبية والقصص القديمة غير المفيدة عن ذاتك، تلك القصص التي تهمس في أذنك: "أنت عبارة عن فوضى وشتات". ضعي حداً لهذه الرسائل التي لن تفيدك على الإطلاق، بل ستجعلك تشعرين باليأس والتعب، وتنمّي رغبتك في الابتعاد عن كافة اهتماماتك، والتخلي عن كل ما تحبينه. سارعي إلى استبدالها برسائل لطيفة ورحيمة مثل: "أدرك بأن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يؤثر عليّ سلباً، ويجعلني أشعر بأني مقيدة". حينها فقط ستتأكدين أن مِن شأن تطبيق استراتيجيات جديدة أن يغير حياتك نحو الأفضل، ويجعلك تتعاطفين مع حالتك بعيداً عن إطلاق الأحكام على الذات.
  • ثالثاً وأخيراً: "علاقتك مع العالم"، غالباً ما يفرض العالم على المرأة توقعات غير واقعية، ويطالبها بمزيد من التضحيات والسعي نحو بلوغ الكمال، وكأن الجميع يردد بصوت واحد دون توقف "كوني مثالية!". ومع ذلك، يؤمن كثيرون منا أن الأصالة تتفوق على هذه المعايير التي لا يمكن تحقيقها. لذا، من الضروري أن تتأقلمي وتتكيفي مع الضغوط الثقافية المفروضة من مصادر مختلفة، مثل المدرسة والمنزل والعمل ووسائل التواصل الاجتماعي والأفلام وغيرها. تعرّفي على هذه الضغوط، وذكّري نفسك بكل لطف ولين أن محاولة تلبية المعايير المستحيلة هو أمر غير مجدٍ على الإطلاق.

 

تختتم الدكتورة رومينا توكي، الأخصائية في علم النفس السريري، وعلاج الأطفال والبالغين في عيادات سيج، بالقول: تذكري دائماً أنه ليس عليك الانطلاق في هذه الرحلة بمفردكِ، بل يمكنكِ الانضمام إلى المجموعات المختصة في هذا المجال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتواصل مع النساء الأخريات ممن واجهن التحديات ذاتها، توجهي نحو البيئة التي تجعلك تشعرين بالأمان وتمنحك شعوراً بالحرية، تقبّلي ذاتك كما هي بمحاسنها ومساوئها، وامنحيها حبك وتعايشي مع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

 

 

آخر تعديل بتاريخ
09 مارس 2024

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.