في دراسة جديدة قائمة على التقنيات التحليلية، قام باحثون بدراسة العلاقة بين النزعة الوراثية تجاه القيلولة وحجم الدماغ، وهو مؤشر عام على صحة الدماغ.
كيف أُجرِيت الدراسة؟
حلَّل مؤلّفو الدراسة بيانات من 378932 مشاركاً في قاعدة بيانات البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وكان متوسط أعمار الأفراد في هذه الدراسة 57 عاماً، وتتراوح أعمارهم بين 40 و69 عاماً.
من بين هؤلاء الأشخاص، بحث العلماء عن أفراد لديهم 92 متغيّراً جينياً، تم تحديدها سابقاً على أنها مرتبطة بالقيلولة التي اعتاد عليها الشخص. قام العلماء أيضاً بتقييم حجم الدماغ وحجم جزء الحُصين في الدماغ، ووقت ردّ الفعل، والذاكرة البصرية للأشخاص الذين لديهم هذه العلامات الجينية، وكشفَت بعضُ التقنيات المستخدَمة عن الروابط التي تشير إليها الدراسة.
وجد الباحثون أن الأشخاص الذين لديهم هذه الخصائص الجينية (يمارسون القيلولة) كان ارتفاع حجم الدماغ لديهم أكثر من الآخرين، ومن المعروف أن نقص حجم الدماغ يرتبط بالتنكُّس العصبي، الذي يظهر بشكل ضمور ناتج عن موت الخلايا، لذلك يعتبر حجم الدماغ السليم علامة على سلامته العامة.
مع انخفاض حجم الدماغ غالباً مع تقدم العمر، تُظهِر الدراسة أن الأشخاص الذين لديهم هذا الاستعداد الوراثي والميل لأخذ القيلولة تَظهَر عليهم سنوات من شيخوخة الدماغ أقل من الأشخاص الذين لا يأخذون القيلولة.
القيلولة ووظائف الدماغ
القيلولة هي عبارة عن نشاط نجده في العديد من الثقافات، يغفو ملايين من الناس حول العالم لقضاء فترة راحة قصيرة خلال النهار. وبينما قد يشعر بعض الناس بالذنب بشأن أخذ قيلولة أثناء النهار، فإنّ هناك بحثاً يشير إلى أن القيلولة لها قيمة وفائدة كبيرة للجسم.
وَجدت دراسة أُجريت عام 2016 أن هناك فوائد معرفية لأخذ قيلولة قصيرة تتراوح بين 30 دقيقة إلى 90 دقيقة، ويمكن للكثيرين أن يستيقظوا مِن مثل هذه الاستراحات أكثر يقظة وانتباهاً.
مع ذلك، يشير البحث نفسه إلى أن القيلولة لفترة أطول من ذلك يمكن أن تؤدي إلى مشكلات في الإدراك، ولا تزال العلاقة بين القيلولة والصحة المعرفية البعيدة المدى غير واضحة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الدراسة تكشف عن وجود علاقة سببية بين القيلولة وصحة الدماغ، لكنها مع ذلك تُقدِّم زاويةَ استكشافٍ جديدة تفتح الباب لمزيد من الأبحاث.
هل هي علاقة سببية أم أنها مجرد علاقة؟
يقول الباحثون إنّ هذه الدراسة هي الأولى التي تحاوِل فهم العلاقة السببية بين القيلولة المعتادة أثناء النهار والنتائج المعرفية والهيكلية للدماغ.
من خلال النظر في الجينات التي تم تحديدها عند الولادة، يتجنب التحليل الذي تم إجراؤه في هذه الدراسة العوامل المُرْبِكة التي تحدث طوال الحياة، والتي قد تؤثّر على الارتباط بين القيلولة والنتائج الصحية.
كشفت الدراسة على وجه التحديد عن تسجيل زيادة قدرها 15.8 سم مكعب في الحجم الكلي للدماغ عند الذين يأخذون قيلولة أثناء النهار، وقال الباحثون إن هذا يعادل تقريباً نقصاً يتراوح بين 2.6 إلى 6.5 سنوات من الشيخوخة، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لفهم هذه العلاقة أكثر.
المصدر: