حمية المحارب.. هي نظام غذائي يقوم على مبدأ الصيام المتقطع، وتركز هذه الحمية بشكل أساسي على اعتماد الخيارات الغذائية الصحية والمغذية، وعلى تجنب الأطعمة المصنعة والكربوهيدرات المكررة والدهون الضارة.
اكتسبت حمية المحارب شهرة واسعة في السنوات الأخيرة باعتبارها وسيلة فعالة للتنحيف وفقدان الوزن الزائد، وتحسين مستويات الطاقة وصفاء العقل، فتعالوا معنا لنغوص في تفاصيل هذه الحمية المثيرة للجدل، لنعرف خيرها من شرها.
ما هي حمية المحارب؟
أتت فكرة النظام الغذائي لحمية المحارب من أنماط الأكل التي كان يتبعها المحاربون القدامى، الذين لم يكن لديهم الوقت الكافي لتناول الطعام خلال النهار بسبب التدريبات والأعمال القتالية، فكانوا يلجؤون إلى أخذ القليل من الطعام خلال النهار، ليُكملوا وجبتهم الكبرى في وقت لاحق من الليل.
حمية المحارب.. المبادئ الأساسية
يقسَّم اليوم النموذجي في حمية المحارب إلى فترتين:
- الفترة الأولى، وهي فترة الصيام التي تستمر 20 ساعة، يمكن خلالها تناول أقل قدر ممكن من الطعام. يُسمح بتناول كميات صغيرة من منتجات الألبان والبيض والخضراوات النيئة والفواكه، وشرب الماء والقهوة والشاي من دون سكر.
- الفترة الثانية، وهي تمتد على 4 ساعات، يمكن للشخص خلالها تناول معظم الأشياء التي يريدها الشخص، ولكن يفضل أن يتم ذلك باعتدال، مع التركيز على الأطعمة العضوية الصحية غير المصنعة للحصول على أفضل النتائج.
الفوائد المتوقعة من حمية المحارب
إن حمية المحارب ليست مجرد نظام غذائي وحسب، بل هي تغيير في نمط الحياة، الهدف الأساسي منه هو تخسيس الوزن بسرعة قبل حدث مهم مثل الزواج. لقد حصل الأشخاص الذين اتبعوا حمية المحارب على الفوائد الصحية الآتية:
1. قد تساعد في فقدان الوزن
بشكل عام، يمكن القول إن الصيام المتقطع هو وسيلة جيدة لإنقاص الوزن، ويعود السبب الأكبر في ذلك إلى الحد من تناول الوجبات الخفيفة التي غالبًا ما تكون العقبة الرئيسية لفقدان الوزن.
إن قضاء فترة 20 ساعة في صيام شبه تام يساعد الجسم على حرق المزيد من الدهون. وجدت دراسة طالت نظامًا غذائيًا يحاكي حمية المحارب، أن الأشخاص الذين تناولوا وجبات الطعام على مدى 4 ساعات مساء، سجلوا فقدانًا أكبر في الوزن بالمقارنة مع أولئك الذين تناولوا نفس الكمية من السعرات الحرارية في الوجبات التي تم استهلاكها طوال اليوم. قد يبالغ بعض الأشخاص الذين يتبعون حمية المحارب في الإفراط في تناول الطعام واستهلاك الكثير من السعرات الحرارية خلال مدة الأربع ساعات المسموح فيها بالأكل، فيعانون من الزيادة الوزن، لهذا، فمن الضروري الاعتدال في الأكل، وإلا فإن النتيجة ستكون مخيبة للآمال.
2. قد تحسن من صورة السكر في الدم
أكدت بعض الدراسات أن الصيام المتقطع يمكن أن يحسّن التحكم في نسبة السكر في الدم لدى المصابين بالداء السكري النوع الثاني، فالصيام لمدة 18 إلى 20 ساعة يوميًا يؤدي إلى انخفاض كبيرة في الوزن وفي نسبة السكر في الدم، ولكن يجب أخذ جانب الحذر، لأن نقص السكر في الدم قد يكون خطيرًا، ويؤدي إلى حدوث مضاعفات. لذلك، فعلى المصابين بمرض السكري المهتمين بتجربة حمية المحارب أن يستشيروا طبيبهم أولًا بأول، قبل خوض مثل هذه التجربة تفاديًا لمضاعفات لا لزوم لها.
3. تحسن صحة الدماغ
توصف حمية المحارب كوسيلة لتحسين صحة الدماغ، وفقًا للدراسات العلمية؛ فإن الصيام المتقطع يفيد في تنظيم المسارات الالتهابية التي تؤثر على وظائف الدماغ. وجدت دراسات أجريت على الحيوانات أن الصيام المتقطع يقلل من العلامات الالتهابية مثل الأنترلوكين 6 (6 ـ IL ) وعامل التنخر الورمي ألفا (a ـTNF)، مما يؤثر إيجابًا على وظائف المخ، مثل الذاكرة والتعلم، ومع ذلك فهناك حاجة إلى عمل المزيد من الدراسات لتأكيد هذه الفوائد عند البشر.
4. قد تقلل من الالتهابات
أثبتت الدراسات أن الصيام المتقطع قد يكون وسيلة ناجعة لتقليل الالتهاب في الجسم، خاصة الالتهاب الناجم عن الإجهاد التأكسدي، المتهم بأنه الشرارة التي تقدح زناد الإصابة بالعديد من الأمراض، مثل أمراض القلب والداء السكري والسرطان. وجدت دراسة أجريت على 50 شخصًا من الصائمين خلال شهر رمضان المبارك، أن لديهم مستويات أقل من المؤشرات الالتهابية، مثل البروتين التفاعلي سي، والأنترلوكين 6، والهيموسيستيين، مقارنة مع الأفراد غير الصائمين.
5. قد تحسن من ضغط الدم ومستوى الكوليسترول
كشفت دراسة نشرت في annual review nutrition عام 2021، أن الصيام المتقطع قد يخفض من أرقام الضغط الشرياني ومستوى الكوليسترول في الدم.
6. قد تحمي من مرض ألزهايمر
وجدت دراسة على الفئران نشرت عام 2017 في frontiers molicular neuroscience، أن الصيام المتقطع قد يساعد في الحماية من مرض ألزهايمر، فهل مثل هذه النتيجة تنطبق على البشر؟ لا أحد يملك الجواب على هذا السؤال، من هنا تأتي الحاجة إلى إجراء التحريات اللازمة على الإنسان.
7. قد تقلل من خطر الإصابة بالسرطان
نوهت دراسة نشرت في شهر نوفمبر عام 2018 في مجلة nature reviews cancer، أن الصيام قد ينفع في الحماية من مخاطر التعرض للسرطان.
إيجابيات حمية المحارب
إن حمية المحارب قابلة للتطبيق، وليست باهظة الثمن، ولا تتطلب شراء منتجات محددة، ولا تحتاج إلى حساب السعرات الحرارية أو حساب كميات الطعام.
سلبيات حمية المحارب
على الرغم من الفوائد المحتملة المتوقعة لحمية المحارب، فإنها لا تخلو من العيوب، كونها تقيد الوقت الذي يمكن فيه تناول الطعام بمدة 4 ساعات، فهذا قد يتعارض مع أسلوب حياة كثير من الناس، خاصة عند المشاركة في أنشطة اجتماعية عادية أو أنشطة رياضية. نشير في السطور الآتية إلى أهم عيوب هذه الحمية:
1. إنها ليست للجميع
ليس سهلًا تطبيق حمية المحارب، لهذا فهي ليست مناسبة للجميع، مثل الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، ومرضى السكري النوع الأول، ومرضى قصور القلب، وبعض مرضى السرطان، والرياضيين المحترفين، والمصابين باضطرابات في الأكل، والأشخاص المصابين بنقص الوزن.
2. قد تؤدي إلى اضطرابات في تناول الطعام
تركز حمية المحارب على فترة سماح لتناول الطعام مدتها 4 ساعات، ما قد يمثل مشكلة للعديد من الأشخاص الذي يأكلون من دون حساب، فتراهم يأخذون كميات هائلة من السعرات الحرارية التي ستجعل من فقدان الوزن أمرًا بعيد المنال، ناهيكم عن العواقب السلبية التي تلحق بصورة الجسم والصحة البدنية والعقلية.
3. قد تكون لها آثار جانبية غير مرغوب فيها
يمكن أن تؤدي حمية المحارب إلى آثار جانبية عديدة محتملة قد يكون بعضها شديدًا، وتضم هذه الآثار:
- الدوخة.
- الإرهاق.
- انخفاض الطاقة.
- الدوار.
- القلق.
- الأرق.
- التهيج.
- الخلل في الهرمونات.
- الجوع الشديد.
- الإمساك.
- هبوط سكر الدم.
- الإغماء.
- الزيادة في الوزن.
كيف تطبق حمية المحارب؟
إن تطبيق حمية المحارب يقوم على ثلاث مراحل، تدوم كل واحدة منها 7 أيام، هدفها تحسين قدرة الجسم ومساعدته على التكيف مع التغييرات التي يجب إجراؤها:
1. مرحلة التخلص من السموم
في فترة الصيام الممتدة على مدة 20 ساعة يمكن تناول الأطعمة الآتية بكميات قليلة:
- فواكه طازجة.
- عصير الخضراوات.
- المرق الصافي.
- الحليب ومنتجات الألبان بكميات شحيحة.
- البيض المسلوق.
- الخضراوات النيئة خاصة الورقية منها.
- الماء والقهوة والشاي من دون سكر.
وفي فترة السماح الممتدة 4 ساعات، يمكن تناول المزيد من الأطعمة الآتية:
- اللحوم الخالية من الدهون.
- الأسماك.
- الجبن بكميات صغيرة.
- السلطة مع زيت الزيتون.
- بعض الخضراوات المطبوخة على البخار.
- البقوليات.
- الحبوب الكاملة الخالية من القمح.
- البذور.
2. مرحلة زيادة كمية الدهون
وهي تشبه المرحلة الأولى، ولكن مع بعض الإضافات في فترة الأربع ساعات، وتكون الخطة في هذه المرحلة كالآتي:
- في فترة الصيام الـ 20 ساعة؛ يتم تناول نفس الأطعمة التي أشرنا إليها في المرحلة الأولى.
- في فترة الأربع ساعات؛ يضاف إلى المنتجات الذي ذكرناها في المرحلة الأولى الأغذية الغنية بالبروتينات، والمكسرات، والسَّلطات مع الزيت والخل، ولكن لا يُسمح بالحبوب والنشويات.
3. المرحلة البديلة
في هذه المرحلة؛ يتم تناول نفس الأطعمة المسموح بها في فترة الصيام البالغة 20 ساعة من اليوم. في المقابل؛ فإن فترة السماح بالأكل، أي الأربع ساعات المتبقية من اليوم، فيتم التناوب بين أيام تُستَهلك فيها أغذية غنية بالبروتينات وفقيرة بالكربوهيدرات، تليها أيام تكون الغلبة فيها لصالح الكربوهيدرات ولكنها تكون فقيرة بالبروتينات، وهكذا دواليك.
ماذا بعد انقضاء المراحل الثلاث؟
إن النهج الموصى به بعد انقضاء المراحل الثلاث لحمية المحارب هو تكرار المراحل أو المثابرة على خطى المرحلة الثالثة. يجدر التذكر هنا إلى أهمية تناول أقل قدر ممكن من الطعام في فترة الصيام البالغة 20 ساعة، وتناول كمية أكبر قليلًا في فترة السماح البالغة 4 ساعات، على أن يكون الاعتدال هو سيد الموقف، لأن أي إفراط سيكون نهايته الفشل.
كيف تحصل على أفضل النتائج في حمية المحارب؟
للحصول على أفضل النتائج في حمية المحارب فإنه يُنصح بمراعاة الأمور الآتية:
- استهلاك كميات قليلة جدًا من الأطعمة الصحية المرغوب فيها خلال فترة الـ 20 ساعة من الصيام.
- استهلاك كميات معتدلة من الأغذية الصحية المسموح بها في فترة السماح البالغة 4 ساعات.
- يجب إعداد الأطعمة وطهوها بطريقة صحية.
- يجب تجنب الأطعمة السريعة والمقلية والمعالجة، والبسكويت والكعك والمعجنات والحلويات، واللحوم المصنعة، والمُحلّيات الصناعية والمشروبات السكرية.
- يجب التقيد بشرب القهوة والشاي من دون سكر.
الخلاصة..
إذا كنت ترغب في تخسيس الوزن بسرعة، فإن حمية المحارب قد تكون مناسبة لك، ولكن عليك أن تعرف أن هذه الحمية هي نوع من الصيام المتقطع الذي يشترط تناول كميات شحيحة من الأطعمة الموصى بها على مدى ال 20 ساعة يوميًا، وتناول ما يكفي من الطعام في الليل، أي خلال الأربع ساعات المتبقية من اليوم. يقول مناصرو حمية المحارب إنها تحرق السعرات، وتحسن التركيز، وتعزز من مستويات الطاقة في الجسم، وتحفز إصلاح الخلايا، وتحمي من ألزهايمر والسرطان، ولكن لا توجد أبحاث علمية تضفي الشرعية على هذه الادعاءات.
في المقابل؛ يقول بعض الخبراء الضالعين في التغذية، إن حمية المحارب هي حمية متطرفة وغير مجدية، وليست مناسبة للجميع، لهذا فإنه لا يمكن اعتمادها كنمط حياة جراء مضاعفاتها المحتملة. بصراحة، إذا وجدت أن حمية المحارب لا تناسبك، فبإمكانك التخلي عنها لصالح حميات أخرى أكثر أمانًا، وأكثر انسجامًا.
