حمية كارنيفور.. على مدى السنوات الماضية، ظهرت العديد من الحميات الغذائية الهادفة إلى تخفيف الوزن، بعد أن أظهرت الحقائق العلمية خطورة السُّمنة وزيادة الوزن، ودورها في أمراض القلب والشرايين. من بين هذه الحميات، حمية كارنيفور Carnivore Diet، أي "آكل اللحوم". يَعتمد هذا النظام الغذائي على تناول اللحوم فقط في كل الوجبات، على عكس الكيتو دايت، الذي يحدّ من تناول السكريات والنشويات (الكربوهيدرات) إلى كمية صغيرة محددة في اليوم، يهدف نظام كارنيفور إلى عدم تناول السكريات والنشويات في اليوم أبدًا.
ينبع النظام الغذائي "آكل اللحوم" من الاعتقاد المثير للجدل بأن أسلاف البشر كانوا يأكلون اللحوم والأسماك في الغالب، وأن الأنظمة الغذائية الغنية بالسكريات والنشويات هي المسؤولة عن ارتفاع معدلات الأمراض المزمنة اليوم.
ما هي حمية كارنيفور؟
حمية كارنيفور (آكل اللحوم) نظام غذائي مقيَّد يشمل فقط تناول اللحوم والأسماك، والأطعمة الحيوانية الأخرى مثل البيض وبعض منتجات الألبان، ويستثني جميع الأطعمة الأخرى، بما في ذلك الفواكه والخضراوات والبقوليات والحبوب والمكسرات والبذور.
ويوصي أنصارها أيضًا بالتخلص من تناول منتجات الألبان أو الحد منها، والاكتفاء بالأطعمة التي تحتوي على نسبة منخفضة من اللاكتوز -وهو السكر الموجود في الحليب ومنتجات الألبان- مثل الزبدة والأجبان الصلبة.
الأنظمة الغذائية الشائعة الأخرى المنخفضة السكريات والنشويات، مثل نظام كيتو وباليو، تحدّ من تناول الكربوهيدرات، ولكنها لا تستبعده. ومع ذلك، فإن النظام الغذائي "آكل اللحوم" يهدف إلى عدم تناول الكربوهيدرات مطلقًا.
تزعم شهادات مَن يتّبعون هذا النظام الغذائي أنه يمكن أن يساعد في علاج العديد من المشكلات الصحية، لكن لا يوجد بحث علمي يدعم هذه الادعاءات.
كيفية اتباع حمية كارنيفور
- يتضمن اتباع النظام الغذائي استبعاد جميع الأطعمة النباتية من نظامك الغذائي، وتناول اللحوم والأسماك والبيض وكميات صغيرة من منتجات الألبان المنخفضة اللاكتوز.
- تشمل الأطعمة التي يجب تناولها: لحم البقر والدجاج ولحم الضأن والديك الرومي، ولحوم الأعضاء، وسمك السلمون والسردين والأسماك البيضاء، وكميات صغيرة من الكريمة الدسمة والجبن الصلب، يُسمح أيضًا بالزبدة ونخاع العظام.
- ويؤكد أنصار حمية كارنيفور على تناول قطع اللحوم الدهنية للوصول إلى احتياجاتك اليومية من الطاقة.
- تشجع حمية كارنيفور على شرب الماء ومرَق العظام، ولكنها لا تشجع على شرب الشاي والقهوة والمشروبات الأخرى المصنوعة من النباتات.
- قد تقدّم خطط النظام الغذائي لآكل اللحوم القليل من الإرشادات فيما يتعلق بتناول السعرات الحرارية أو حصة التقديم أو عدد الوجبات أو الوجبات الخفيفة التي يجب تناولها يوميًا. يقترح معظم مؤيدي النظام الغذائي تناول الطعام بقدر ما تريد.
هل يمكن أن تساعدك حمية كارنيفور على إنقاص الوزن؟
أظهرت بعض الدراسات أن الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتينات والفقيرة بالكربوهيدرات يمكن أن تعزز فقدان الوزن، ويرجع ذلك في الغالب إلى أن البروتينات يمكن أن تساعدك على الشعور بالشبع بعد الوجبات، مما قد يؤدي إلى تقليل السعرات الحرارية وفقدان الوزن لاحقًا. يمكن أن تزيد البروتينات أيضًا من معدل الأيض، مما يساعدك على حَرق المزيد من السعرات الحرارية.
لذلك، من المحتمل أن يؤدي اتباع النظام الغذائي "آكل اللحوم" إلى الشعور بالشبع، وتناول سعرات حرارية أقل بشكل عام، على الأقل على المدى القصير.
قامت دراسة لمدة 3 أشهر أجريت على 132 شخصًا بالغًا يعانون من الوزن الزائد أو السُّمنة بمقارنة فقدان الوزن لأربعة أنظمة غذائية محددة الطاقة، تحتوي على كميات متفاوتة من الكربوهيدرات والبروتينات.
وجدت الدراسة أن الذين تناولوا وجبات غذائية غنية بالبروتينات (0.9-1.3 غرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا) فقدوا وزنًا وكتلة دهنية أكبر بكثير من الذين تناولوا 0.2-0.4 غرام من البروتينات لكل كيلو غرام من وزن الجسم يوميًا. وتُظهِر دراسات أخرى نتائج مماثلة، مما يشير إلى أن زيادة تناول البروتينات قد يؤدي إلى فقدان الوزن، ويساعد على تقليل كمية الوزن المستعاد مع مرور الوقت.
ومع ذلك، لا تحتاج إلى الامتناع عن تناول جميع الكربوهيدرات من نظامك الغذائي لرؤية النتائج، لأن تقليل إجمالي السعرات الحرارية التي تتناولها، والذي قد يكون من الأسهل القيام به مع تناول كميات أكبر من البروتينات هو المحرك الرئيسي لفقدان الوزن. بالإضافة إلى ذلك، فإن الطبيعة التقييدية للغاية للنظام الغذائي كارنيفور تجعل من الصعب اتباعه على المدى الطويل.
فوائد حمية كارنيفور
- قد يكون من الممكن نظرياً الحصول على جميع الفيتامينات والمعادن الأساسية من المنتجات الحيوانية. على سبيل المثال، تعد اللحوم الحمراء الخالية من الدهون مصدراً جيداً للحديد والزنك والفيتامين «ب 12»، بينما تعد الأسماك الزيتية مصدراً جيداً للأحماض الدهنية الأساسية، مثل «أوميغا 3». لكن ما لم يكن نظامك الغذائي مخططاً جيداً، فإن تناول لحوم الحيوانات فقط قد يؤدي إلى عدم أخذ كميات كافية من بعض الفيتامينات والمعادن. هذا هو الحال بشكل خاص مع الفيتامين «ج» وحمض الفوليك، لأن مصادرها الرئيسية هي الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.
- نظرًا لأن حمية كارنيفور (آكل اللحوم) تستبعد الكربوهيدرات، فإنها تزيل البسكويت والكعك والحلوى والمشروبات الغازية والمعجنات والأطعمة المماثلة التي تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات. هذه الأطعمة فقيرة بالعناصر الغذائية المفيدة، وغالبًا ما تكون عالية في السعرات الحرارية. وبالتالي، ينبغي الحد منها في نظام غذائي صحي ومتوازن.
- قد تكون الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر أيضًا مشكلة بالنسبة لمرضى السكري، لأنها يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. في الواقع، غالبًا ما يوصى بالحد من الكربوهيدرات المكرَّرة والأطعمة السكرية للسيطرة على مرض السكري.
- في دراسة عام 2021 تضمنت بيانات عن المدخول الغذائي لـ 2029 شخصًا يتّبعون أنظمة غذائية على غرار حمية "آكل اللحوم" لمدة تسعة إلى 20 شهرًا، وجَد الباحثون أن المشاركين المصابين بداء السكري من النوع 2 شهدوا انخفاضًا في مستويات السكر التراكمي A1c (HbA1c)، وهو انخفاض طويل الأمد علامة على التحكم في نسبة السكر في الدم، إضافة إلى تخفيضات كبيرة في استخدام أدوية السكري.
- ومع ذلك، فإن التخلص التام من الكربوهيدرات في النظام الغذائي "آكل اللحوم" لا يُنصَح به للتعامل مع مرض السكري. وبدلاً من ذلك، يوصى بتناول كميات أقل من الكربوهيدرات الصحية الغنية بالألياف، والتي لا تسبب ارتفاعًا في نسبة السكر في الدم.
سلبيات حمية كارنيفور
معظم الأدلة على فوائد هذا النظام الغذائي غير مؤكَّدة، وتقوم على التجارب الشخصية، لا الأدلة العلمية. ونظرًا لطبيعته التقييدية للغاية والابتعاد التام عن غالبية المجموعات الغذائية، فهناك العديد من الجوانب السلبية للنظام الغذائي كارنيفور:
- قد يحتوي على نسبة عالية من الدهون والكوليسترول والصوديوم. نظرًا لأن النظام الغذائي كارنيفور الذي يتكون فقط من الأطعمة الحيوانية، فمن الممكن أن يحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة والكوليسترول، وقد ترفع زيادة الدهون المشبعة نسبة الكوليسترول السيئ (LDL)، مما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
- يمكن أن يؤدي تناول الكثير من اللحوم المصنّعة في النظام الغذائي كارنيفور إلى الإفراط في تناول الصوديوم، والذي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى، وغيرها من النتائج الصحية السلبية.
- كما تم ربط تناول اللحوم الحمراء والمعالَجة بارتفاع معدلات الإصابة بأنواع معينة من السرطان، بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم.
- قد يفتقر هذا النظام الغذائي إلى بعض المغذيات الدقيقة والمركبات النباتية المفيدة.
- يتخلص النظام الغذائي "آكل اللحوم" من الأطعمة ذات القيمة الغذائية العالية مثل الفواكه والخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة، والتي تحتوي جميعها على فيتامينات ومعادن مفيدة.
- على الرغم من أن اللحوم مغذية وتوفر عناصر المغذيات الدقيقة، فإنها لا ينبغي أن تكون الجزء الوحيد من نظامك الغذائي. اتباع نظام غذائي مقيد ومحدود جدًا مثل النظام الغذائي آكل اللحوم قد يؤدي إلى نقص في بعض العناصر الغذائية، والإفراط في استهلاك البعض الآخر.
- علاوة على ذلك، ارتبطت الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة النباتية بانخفاض خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب وبعض أنواع السرطان ومرض ألزهايمر والسكري من النوع الثاني. ولا يرجع ذلك فقط إلى المحتوى العالي من الفيتامينات والألياف والمعادن في الأطعمة النباتية، ولكن أيضًا إلى مركباتها النباتية المفيدة ومضادات الأكسدة.
- لا يحتوي النظام الغذائي "آكل اللحوم" على هذه المركّبات، ولم يرتبط بأي فوائد صحية طويلة المدى.
- لا يوفر الألياف. الألياف، هي كربوهيدرات غير قابلة للهضم تعزز صحة الأمعاء وحركة الأمعاء الصحية، توجَد فقط في الأطعمة النباتية، وبالتالي، فإن النظام الغذائي "آكل اللحوم" لا يحتوي على الألياف، مما قد يؤدي إلى الإمساك كأثر جانبي. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الألياف مهمة للغاية لتحقيق التوازن الصحيح للبكتيريا في أمعائك. في الواقع، يمكن أن تؤدي صحة الأمعاء دون المستوى الأمثل إلى عدد من المشكلات، وقد تكون مرتبطة بسرطان القولون.
- في الواقع، وجَدت إحدى المراجعات أن اتباع نظام غذائي غني بالبروتينات وفقير بالكربوهيدرات قد يزيد من خطر الإصابة بالتهاب الأمعاء. عندما يهضم جسمك كميات كبيرة من البروتينات، فإنه يخلق منتجات ثانوية قد تكون ضارة في أمعائك. قد يكون لهذه المنتجات الثانوية تأثير سلبي على صحة أمعائك.
بشكل عام، اتباع النظام الغذائي الخاص باللحوم قد يضر بصحة أمعائك، وقد لا تكون مناسِبة لبعض الحالات. على سبيل المثال، أولئك الذين يحتاجون إلى الحد من تناول البروتينات، بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من مرض الكلى المزمن، يجب ألا يتّبعوا هذا النظام الغذائي. أيضًا، يجب على أولئك الذين لديهم حساسية تجاه الكوليسترول في الأطعمة، أو الذين يستجيبون لفرط الكوليسترول، توخّي الحذر بشأن تناول الكثير من الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الكوليسترول. علاوة على ذلك، فإن بعض الأشخاص من ذوي الاحتياجات الغذائية الخاصة من المحتمل ألا تلبيها في النظام الغذائي "آكل اللحوم"، وهذا يشمل الأطفال والحوامل أو المرضعات.
الأطعمة التي يمكنك تناولها في نظام كارنيفور الغذائي
يشمل النظام الغذائي كارنيفور المنتجات الحيوانية فقط، ويستبعد جميع الأطعمة الأخرى. وعلى وجه التحديد، يمكن لأي شخص يتبع النظام الغذائي كارنيفور أن يأكل:
- اللحوم: لحم البقر، الدجاج، الديك الرومي، لحوم الأعضاء، لحم الضأن، إلخ.
- الأسماك: سمك السلمون، والماكريل، والسردين، وسرطان البحر، وجراد البحر، والبلطي، والرنجة، وغيرها.
- المنتجات الحيوانية الأخرى: البيض، نخاع العظام، مرق العظام، إلخ.
- منتجات الألبان قليلة اللاكتوز (بكميات صغيرة): الكريمة العالية الدسم، الجبن الصلب، الزبدة، إلخ.
- الماء.
وفقًا لبعض مؤيدي هذا النظام الغذائي، يُسمَح بالملح والفلفل والتوابل الخالية من الكربوهيدرات.
ما هي الأطعمة التي يجب تجنبها في نظام كارنيفور الغذائي؟
يتم استبعاد جميع الأطعمة التي لا تأتي من الحيوانات من النظام الغذائي كارنيفور.
تشمل الأطعمة المحظورة ما يلي:
- الخضار: البروكلي، القرنبيط، البطاطس، الفاصولياء الخضراء، الفلفل وغيرها.
- الفواكه: التفاح، التوت، الموز، الكيوي، البرتقال، إلخ.
- منتجات الألبان العالية اللاكتوز: الحليب، الزبادي، الجبن الطري، إلخ.
- البقوليات: الفول والعدس وغيرها.
- المكسرات والبذور: اللوز، بذور اليقطين، بذور عباد الشمس، الفستق، وغيرها.
- الحبوب: الأرز، القمح، الخبز، الكينوا، المعكرونة وغيرها.
- المشروبات الكحولية.
- السكريات: سكر المائدة، شراب القيقب، السكر البني، إلخ.
- المشروبات غير الماء: الصودا، القهوة، الشاي، عصير الفاكهة، إلخ.
- في حين أن بعض الناس يدمجون بعض هذه الأطعمة، فإن النظام الغذائي الصارم للحيوانات آكلة اللحوم لا يسمح لهم بذلك.
حمية كارنيفور.. الخلاصة
- حمية كارنيفور محدودة للغاية، وتتكون بالكامل من اللحوم والأسماك والبيض وكميات صغيرة من منتجات الألبان المنخفضة اللاكتوز.
- يقال إنها تساعد في إنقاص الوزن والعديد من المشكلات الصحية، لكن لا يوجد بحث موثوق يدعم هذه الادعاءات.
- والأكثر من ذلك، أنها تحتوي على نسبة عالية من الدهون والصوديوم، ولا تحتوي على ألياف أو مركّبات نباتية مفيدة، ويصعب اتباعها على المدى الطويل.
- بشكل عام، حمية كارنيفور أو "آكل اللحوم" مقيدة بشكل غير ضروري. يعد تناول نظام غذائي متوازن مع مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية أكثر استدامة، ومن المرجح أن يوفر لك المزيد من الفوائد الصحية.
