صحــــتك

هل القراءة وحل الألغاز والأنشطة المماثلة تمنع مرض الزهايمر؟ 

الصورة
avatar
هل القراءة وحل الألغاز والأنشطة المماثلة تمنع مرض الزهايمر؟ 

مرض الزهايمر هو الشكل الأكثر شيوعًا للخرف، هوايته المفضلة ضَرْب معاقل الذاكرة والقدرات الفكرية في العقل، لهذا يُصاب مرضاه بالنسيان الذي يُعَدّ من أبرز أعراضه، ويكون هذا النسيان خفيفًا في البداية، ليزداد حدة وشدة مع مرور الزمن، إذ إن آثاره تُلقِي بظلالها على كل صغيرة وكبيرة في مجريات الحياة اليومية، لدرجة أن المريض يصل الى مرحلة لا يَعرف فيها حتى أقرب المقربين إليه، وهنا تكمن المأساة الحقيقية.

حتى كتابة هذه السطور، لا يوجد علاج يشفي من مرض الزهايمر، ولا يمكن منعه من التقدم، وكل ما يمكن عمله على هذا الصعيد هو إبطاء تقدم المرض لبعض الوقت، وتلطيف وقْع الأعراض، وتحسين جودة الحياة. 

هل القراءة وحل الألغاز والأنشطة المماثلة تمنع مرض الزهايمر؟ 

كثيرًا ما يتداول الناس، من أهل العلم ومن غيره، أحاديث بين بعضهم البعض، تفيد أن الأنشطة المحفزة معرفيًا، مثل القراءة وحل الألغاز وفك رموز الكلمات المتقاطعة وما شابه ذلك، يمكنها أن تقي أو تمنع مرض الزهايمر، فماذا تقول البحوث بهذا الخصوص؟ تعالوا معنا في جولة نستكشف فيها أهم النقاط المتعلقة بهذا الموضوع.

  • ذَكرت دراسة نُشرت في مجلة علم الأعصاب عام 2021، أن المستويات العالية من النشاط المعرفي، مثل القراءة وحل الكلمات المتقاطعة وفك سر الألغاز وكتابة الرسائل وممارسة ألعاب الداما، يمكن أن تؤخر من ظهور مرض الزهايمر مدة 5 سنوات عند أولئك الذين بلغت أعمارهم 80 عامًا وما فوق.
  • أفادت دراسة أخرى أعلن عنها في الدورية الأمريكية Proceedings of the National Academy of Sciences أن الأنشطة المعرفية السلبية، مثل مشاهدة التلفاز، ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالزهايمر، في حين أن قضاء المزيد من الوقت في مهام نشطة معرفيًا، مثل استعمال الحاسوب، يرتبط بانخفاض مخاطر التعرض له.
  • وفي دراسة ثالثة، وَجدت طريقها إلى موقع جمعية القلب الأميركية JAMA network open، في شهر تموز يوليو من العام الحالي 2023، نوَّهَت إلى أن الانخراط مرارًا في أنشطة معرفية تُشكِّل تحديًا للدماغ، بما في ذلك كتابة اليوميات ولعب الشطرنج وحل الكلمات المتقاطعة، ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بداء الزهايمر بين كبار السن.

لماذا تحمي الأنشطة المعرفية المحفِّزة للمخ من مرض الزهايمر؟ 

للإجابة على هذا السؤال، قام موقع Medical News Today باستكشاف آراء خمسة خبراء في هذا المجال، نحاول في السطور الآتية تلخيص أقوالهم: 

الدكتورة جويس غوميز أوسمان، الأستاذة المساعدة والمتطوعة في كلية الطب بجامعة ميامي ميلر الأميركية، ورئيسة العلاج التداخلي في LINUS Health، قالت بأن الأنشطة المعرفية المحفزة للمخ، مثل القراءة والكلمات المتقاطعة، تقلل من الإصابة بالزهايمر، وتعزز من القدرات الإدراكية، من خلال مساهمتها في زيادة الاحتياطي المعرفي، وكلما زاد رصيد هذا الاحتياطي، كلما ساهم في خلق منطقة عازلة تحول دون فقدان الذاكرة. إلا أن الدكتورة غوميز أوسمان، قالت بأن الاحتياطي المعرفي المشار إليه ينمو ويتطور على مدى الحياة من خلال التعليم والخبرات الحياتية والأنشطة المعرفية، خاصة تلك التي تشكل تحديًا للدماغ.

 

يقول الدكتور روبيرت ويغينز، طبيب الأعصاب في شركة نوفانت هيلث في شارلوت بولاية كارولينا الشمالية، بأن تحدي عقولنا بالأنشطة المعرفية المحفزة هو أمر صحي، طالما أنه لا يؤدي إلى الإحباط، وأنه سوف يعزز من الثقة بالنفس، ويزيد من الشعور بالاستقلالية. ويتابع ويغينز بقوله: إن تحدي العقل لدى شخص في عُمر السبعين سيجعله يشعر وكأنه في عمر الخمسين. 

 

الدكتور ديفيد هانتر، الأستاذ المساعد في العلوم العصبية في كلية ماكجفرن في جامعة يو تي هيلث في هيوستن، أشار إلى أن الأنشطة المعرفية المحفزة للعقل مفيدة لأنها تُحرِّض على تشغيل أجزاء متعددة من الدماغ في آن واحد. 

الدكتور رافائيل وولد، طبيب علم النفس واختصاصي علم النفس المعتَمد في معهد باتسيت هيلث ماركوس لعلم الأعصاب، نوَّه بأن هناك حدودًا لتطوير الاحتياطي المعرفي من خلال التمارين العقلية. وقال وولد: "يميل الأشخاص ذوو معدل الذكاء المرتفع إلى الأداء بشكل أفضل مع الخرف بسبب وجود احتياطي معرفي أكبر. ومع ذلك، وبمجرد ظهور الخرف، فإنه لا يمكن للمرء أن يتغلب على العملية التنكسية عن طريق القيام بأنشطة معرفية مثل الكلمات المتقاطعة، ولكنها قد تؤدي إلى إبطاء تلك العملية إلى حد ما". 

الدكتورة كارين د. لينكولن، الأستاذة في قسم الصحة البيئية والمهنية بجامعة كاليفورنيا في ايرفين، قالت بأن الأنشطة المعرفية، مثل الكلمات المتقاطعة أو ألعاب الكلمات، قد تبطئ التدهور المعرفي عند أولئك الذين يعانون من ضَعف إدراكي معتدل، ولكن ما زالت الأدلة على ذلك غير حاسمة، خاصة أن تلك الأنشطة قد لا تؤدي بالضرورة إلى تحسين القدرات المعرفية أو إلى تقليل مخاطر الإصابة بالزهايمر. 

عوامل الخطر القابلة للتعديل في مرض الزهايمر

في تقرير صَدر عام 2020 عن لجنة لانسيت الطبية حول التدخل والرعاية والوقاية من مرض الزهايمر، أشار الباحثون الذين شاركوا في إعداد التقرير، ومن بينهم الدكتورة جويس غوميز أوسمان، إلى وجود 12 عاملَ خطرِ قابلة للتعديل، هي: 

  • الخمول البدني
  • التدخين. 
  • فَرْط استهلاك الكحول. 
  • السُّمنة
  • مرض السكري. 
  • تلوث الهواء. 
  • تدني مستوى التعليم. 
  • قلة التواصل الاجتماعي. 
  • إصابات الرأس. 
  • ضَعف السمع. 
  • ارتفاع ضغط الدم. 
  • الاكتئاب.

يقول مُعدِّو التقرير بأن العمل على تلك العوامل السالفة الذكر يمكن أن يقلل من مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر، عن طريق الحد من الأضرار العصبية من جهة، وزيادة الاحتياطي المعرفي من جهة أخرى. وإذا صدَّقْنا ما قالته الدكتورة جويس غوميز أوسمان، فإن اتخاذ تلك الإجراءات اليوم سوف يُخفِّض من أعداد المصابين بالخرف بنسبة الثلث بعد مُضِيّ عام واحد.

ما الإجراءات التي يجب القيام بها لتقليل مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر؟ 

إذا كنت تريد حماية نفسك وعقلك من مخاطر التعرض لمرض الزهايمر، فإن طبيبة الأعصاب جوديت هايدبرينك من جامعة ميشيغان للصحة والمديرة المشاركة لمركز الأبحاث حول مرض الزهايمر في الجامعة نفسها، وزميلها طبيب الأعصاب هنري بولسون مدير المركز، يقدمان لك 10 نصائح، هي: 

1. احْمِ سمعَك

إن حماية الأذنين من التعرض للضوضاء والأصوات القوية يقلل من خطر فقدان السمع، ووفقًا لدراسة أُجريت على كبار السن، فإن وضْع المعينات السمعية بعد تشخيص ضَعف السمع حديثًا يفيد في الوقاية من الإصابة بالخرف في السنوات الثلاث التالية. 

2. احْمِ رأسك

إن أي رَضٍّ يلحق بالدماغ يمكن أن يؤدي إلى تضرره، وإلى تعطيل وظيفته، من هنا يجب الحرص على حماية الجمجمة بارتداء المعدات المناسبة عند ركوب الدراجة أو الموتور أو ممارسة الرياضات التي تتطلب الاحتكاك الجسدي، ووضع حزام الأمان عند قيادة السيارات. يُنصَح بمراجعة الطبيب على الفور بعد التعرض لأي رَضٍّ أو ارتجاج في الدماغ

3. تجنب التدخين واستهلاك المشروبات الكحولية

من المعروف ومنذ زمن طويل، بأن سوء استخدام المشروبات الكحولية يرتبط بحدوث تلف في الدماغ، ويزيد من مخاطر الإصابة بالخرف، لذا يجب الكف عن شربها نهائيًا. أما التدخين، فيزيد من خطر الإصابة بالخرف، من هنا فإن هجره يساعد على تقليل مخاطر الإصابة بالخرف، حتى ولو تم ذلك في وقت لاحق أو متأخر من الحياة. 

4. راقِب ضغطك

إن الوصول إلى ضغط انقباضي يدور في فلك 130 ملم زئبقي أو أقل في منتصف العمر، يجب أن يكون هو الهدف. أظهرت الأبحاث أن التحكم الأفضل لأرقام ضغط الدم في منتصف العمر لا يقلل من مخاطر التعرض لمرض الزهايمر فحسب، بل يقلل من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. 

5. شارِك في دعم الجهود للحد من تلوث الهواء

هناك أدلة متزايدة تربط بين تلوث الهواء، مثل الغازات والجسيمات الدقيقة المنبعثة من السيارات والمصانع، بالتدهور المعرفي والإصابة بالزهايمر. لقد تبين أن التحسينات المستمرة في جودة الهواء تساهم في التقليل من الإصابة بالزهايمر. 

6. حافِظ على مشاركتك المعرفية

 إن الأشخاص الذين حصلوا على سنوات أكثر من التعليم الرسمي كانوا أقل عرضة للإصابة بالزهايمر مقارنة مع الأشخاص الذين حصلوا على سنوات تعليم أقل، وهذا يعني أن الانخراط في أنشطة معرفية أيًا كان نوعها، دراسيًا أو تمارين عقيلة أو ممارسة الهوايات أو حتى التواصل مع الآخرين من أقرباء وأصدقاء، يساعد في الحفاظ على صحة المخ. 

7. حافِظ على أنماط نوم صحية

إن الحصول على ما يكفي من النوم -كمًّا ونوعًا- يقلل من مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر، فالنوم يمنح الدماغ فرصة لتخزين الذكريات، ويعزز من قدرته على تعلم مهارات جديدة

8. اعتَنِ بصحتك النفسية

ربطت بعض الدراسات بين الاكتئاب وحدوث الزهايمر في وقت لاحق من الحياة. إن ممارسة الأنشطة الاجتماعية والهوايات تساعد على إبعاد شبح الاكتئاب. يوصى كل شخص يعاني من الاكتئاب أو أي مشكلة أخرى تتعلق بالصحة العقلية، أن يناقش معاناته مع مقدم الرعاية الصحية. 

9. اتبِع نظامًا غذائيًا صحيًا ومارِس الرياضة بانتظام مدى الحياة

إن تناول نظام غذائي صحي ومتوازن ومتكامل مليء بالفواكه والخضراوات والدهون الصحية، مثل نظام حوض البحر الأبيض المتوسط، يمكن أن يساعد في الحفاظ على وزن صحي، ويخفف من مخاطر الإصابة بالسُّمنة وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والداء السكري، ويُعرَف عن هذه العوامل الأخيرة أنها تساهم في اشتعال أمراض القلب، وتسبب داءَ الزهايمر لاحقًا. 

10. ابق منخرطًا اجتماعيًا

تفيد الدراسات بأن البقاء نشطًا اجتماعيًا طوال الحياة من شأنه أن يدعم صحة الدماغ، ويقلل من مخاطر التعرض لمرض الزهايمر. إن جدولة نزهات اجتماعية منتظمة، والتواصل المستمر مع الأقارب والأصدقاء، والمشاركة في مجموعات للقيام بأعمال خيرية أو تطوعية، من شأنها أن تفيد العقل وتحافظ على صحته. 

الخلاصة

لا شك في أن هناك جهودًا عالمية جبارة تُبذل من أجل إيجاد أفضل علاج لمرض الزهايمر وتأخير ظهوره ومنع تطوره، ولكن ما زال الحل الذي يسمح في القضاء على المرض بالضربة القاضية ليس في متناول اليد. وفي الانتظار، فإن الدراسات والأبحاث تشير إلى أن الأنشطة المعرفية تساعد على بقاء العقل في صحة جيدة مع التقدم في مشوار العمر، وربما تبطئ من التدهور المعرفي الناتج عن مرض الزهايمر. وحتى لا قدر الله، لو كنت مصابًا بفقدان الذاكرة، فإن تعلم أي شيء جديد يمكن أن يحسِّن من صحة دماغك، وفقًا لما قالته الدكتورة جويس غوميز أوسمان: "إن تحدي العقل من خلال تعلمك أي شيء جديد سيعزز من ذاكرتك وانتباهك، وقدرتك على التفكير، ويحسِّن من نوعية حياتك". 

 

المصادر
Do reading, puzzles, and similar activities really stave off dementia?

10 ways to reduce your risk of dementia | Michigan Medicine

آخر تعديل بتاريخ
20 سبتمبر 2023

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.