صحــــتك

كيف نفهم الانحدار العمري (الارتداد إلى عمر أصغر)؟

يحدث الانحدار العمري (Age regression) عندما يعود شخص ما إلى حالة ذهنية أصغر سنًا. قد يكون هذا الانحدار أصغر بسنوات قليلة فقط من العمر الجسدي للشخص. ويمكن أن يكون أصغر بكثير، في مرحلة الطفولة المبكرة أو حتى الطفولة.

قد يبدأ الأشخاص الذين يخضعون للانحدار العمري في إظهار سلوكيات مثل الأنين أو مص الإبهام. وقد يرفض الآخرون الانخراط في محادثات الكبار، والتعامل مع المشكلات التي يواجهونها. ويُستخدم الانحدار العمري أحيانًا في علم النفس والعلاج بالتنويم المغناطيسي. يمكن أيضًا استخدامه أداةَ مساعدةِ ذاتية، أو سلوكًا لتقليل التوتر.

استمر في القراءة لمعرفة متى يمكن استخدام الانحدار العمري، وما الذي يمكن أن يحققه لك.

ما انحدار العمر؟

يعتقد سيغموند فرويد أن الانحدار العمري كان آلية دفاع غير واعية. كانت طريقة يمكن للأنا أن تحمي به نفسها من الصدمة أو التوتر أو الغضب. ولكن يعتقد علماء نفس آخرون أن الانحدار العمري هو وسيلة للناس لتحقيق هدف علاجي. يمكن استخدامه لمساعدة المريض على تذكر ذكريات الصدمة أو الأحداث المؤلمة. يمكن للمعالج بعد ذلك مساعدة المريض على الشفاء بشكل صحيح من تلك التجارب.

يعتقد الطبيب النفسي كارل يونغ أن الانحدار العمري لم يكن وسيلة للهروب من أي شيء. كان يعتقد أن الانحدار العمري يمكن أن يكون تجربةً إيجابية. يمكن استخدامه لمساعدة الناس على الشعور بأنهم أصغر سنًا، وأقل توترًا، وأكثر انفتاحًا. يمكن أن يحدث هذا الارتداد في أي عمر، على الرغم من أنه شائع نسبيًا عند الأطفال وعادة ما يكون مؤقتًا. ويمكن أن يكون أيضًا آلية تأقلم مقصودة.

نوعان من الانحدار العمري:

يوجد نوعان للانحدار العمري، يشترك كل نوع في عنصرين مشتركين هما:

  • يعود الأشخاص الذين ينحدرون إلى حالة ذهنية ونفسية أصغر من سنهم الجسدي. يختلف طول السنوات من نوع لآخر، ومن شخص لآخر.
  • انحدار العمر ليس جنسيًا بأي حال من الأحوال.

بشكل عام، هناك نوعان من الانحدار العمري: النوع اللاإرادي، والنوع الطَّوعي.

أولا: انحدار العمر اللاإرادي

يحدث الانحدار اللاإرادي للعمر عندما يعود المريض دون وعي إلى حالة ذهنية ونفسية أصغر سنًا؛ دون أن يختار الانخراط في هذا السلوك إرادياً. ويمكن أن تشمل أعراض الانحدار اللاإرادي في العمر الأعراض التالية:

  • البكاء.
  • الصمت.
  • استخدام طريقة الطفل في المحادثة.
  • الاهتزاز.
  • التسرع.
  • الأنين.
  • اتخاذ الجسم وضعية الجنين.
  • معانقة لعبة أو شيء مريح، مثل حيوان محشو أو بطانية.
  • نوبة غضب.

ثانيا: انحدار العمر الطَّوعي

ينحدر بعض الأشخاص عن عَمدٍ إلى حالة ذهنية أصغر سنًا كوسيلة لمنع القلق أو المشاعر الصعبة أو المشكلات الشخصية كاستراتيجية مساعدة ذاتية أو تهدئة الذات. يمكن أن تشمل أعراض الانحدار الطوعي للعمر ما يلي:[2]

  • مص الإبهام أو اللَّهاية.
  • اللعب بألعاب الأطفال.
  • استخدام أواني الأطفال أو أكواب الشرب.
  • خلق مساحة مليئة بالأشياء الطفولية.
  • ارتداء ملابس الأطفال.

ما سبب انحدار العمر؟

يمكن أن يحدث الانحدار العمري اللاإرادي أو الطَّوعي بسبب الإجهاد أو الخوف أو انعدام الأمن أو الصدمة. وقد يكون الانحدار العمري نتيجة مشكلة طبية أو نفسية. على سبيل المثال، قد يعود بعض الأفراد الذين يعانون من ضائقة أو ألم شديد إلى السلوك الطفولي كوسيلة للتعامل مع القلق.

ويمكن أن تزيد بعض مشكلات الصحة العقلية من احتمالية حدوث انحدار في العمر. يمكن أن يكون الانحدار العمري أحد أعراض إحدى هذه الحالات النفسية:

  • انفصام في الشخصية.
  • اضطراب الهوية الانفصامية.
  • اضطراب فصامي عاطفي.
  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
  • اضطراب اكتئابي حاد.
  • مرض عقلي.
  • اضطراب الشخصية الحدّية.

قد يحدث الانحدار العمري في اضطرابات الشخصية عندما يواجه الناس ذكريات مؤلمة أو محفزات. في هذه الحالة، قد يكون الانحدار العمري تلقائيًا. علاوة على ذلك، قد يبدأ بعض الأفراد في العودة إلى سن أصغر مع تقدمهم في السن. يمكن أن يكون هذا علامة على الخَرف. قد يكون أيضًا آلية للتعامل مع المخاوف المتعلقة بالشيخوخة.

استخدام الانحدار العمري في العلاج السريري

يمكن استخدام الانحدار العمري كأسلوب علاجي لتجاوز الصدمة. يستخدم بعض المتخصصين في مجال الصحة العقلية العلاج بالتنويم المغناطيسي والانحدار العمري لمساعدة المرضى على العودة إلى فترات مؤلمة من حياتهم. بمجرد الوصول إلى هناك، يتمكن المختصون من مساعدة المرضى في التغلب على الصدمة والوصول إلى الشفاء. ومع ذلك، فإن هذه الممارسة مثيرة للجدل. يقترح بعض الخبراء أنه قد يكون من الممكن "كشف" الذكريات الزائفة. بالإضافة إلى ذلك، ليس من الواضح مدى موثوقية هذه الذكريات "المستردَّة".

وقد ترغب في الخضوع لعلاج الانحدار العمري في بيئة سريرية إذا كنت:

  • تشعر بالذنب حيال شيء ما في الماضي، لكنك لا تعرف ما هو.
  • لديك صعوبات في أن تكون حميميًا عاطفيًا أو جسديًا.
  • لديك مشكلات في العلاقات مع الناس.
  • لديك حالات مثل اضطراب الهوية الانفصامي (DID) وتريد أن تفهم شخصياتك المميزة بشكل أفضل.
  • لديك مخاوف دون معرفة السبب.

أثناء التنويم المغناطيسي، ستبدأ في التمثيل بأنك أصغر سنًا. الذكريات التي قد تكون دفعتها إلى الجزء الخلفي من عقلك ستظهر مرة أخرى في عقلك الواعي، وستكون قادرًا على استعادة هذه المشاعر والذكريات والتحدث عنها. يعتقد أنصار علاج الانحدار العمري أنه من خلال الحديث عنها، ستتمكن من تحرير نفسك من الماضي.

أما عن مراحل الانحدار العمري في العلاج السريري فهي:

1. الاسترخاء

تبدأ هذه المرحلة بالتنويم المغناطيسي، والذي يستخدمه المعالِج لتهدئة عقلك، وإقناعك بعمق أكبر بذكريات الماضي. هنا سيتحدث إليك المعالِج بلطف وببطء لإرشادك إلى حالة النشوة، وهي حالة من الوعي المرتفع. في هذه الحالة، ستركز بشدة على إعادة إحياء الماضي، بحيث تحجب كل شيء آخر من حولك.

2. التخيل

التخيل هو المرحلة الثانية من التنويم المغناطيسي، حيث يسألك المعالِج أسئلة مفتوحة. هذه الأسئلة ليس لها إجابة بنعم أو لا، لذلك سيتم تشجيعك على التحدث عن ذكرياتك وعواطفك. ونظرًا لكونك في حالة نشوة يجعلك تركز بشدة على الفترة الزمنية التي تستعيدها، لذلك سيكون لديك تردد أقل في الكشف عن جوانب من الماضي لن تتحدث عنها عادةً.

3. الحديث عن الذاكرة

بمجرد انتهاء الجلسة، سيتحدث إليك المعالج عما تعلمه عندما كنت في حالة نشوة. قد يقدم ملاحظات أو تسجيلات للجلسة لمساعدتك على وضع أفكارك ومشاعرك في مكانها الصحيح.

4. التعافي من الصدمات

قد يكون الأشخاص الذين لديهم تاريخ حدوث صدمة أكثر عرضة للانحدار العمري. في الواقع، قد يكون الانحدار العمري شائعًا لدى الأشخاص الذين تم تشخيصهم باضطراب الشخصية الانفصامية (DID)، وهو اضطراب كان يُعرف سابقًا باسم اضطراب الشخصية المتعددة. فالأشخاص المصابون بهذا الاضطراب غالبًا ما يكون لديهم شخصية أصغر سنًا بين شخصياتهم المميزة. ومع ذلك، يُعتقد أن هذا "الصغير" قد لا يكون شخصية منفصلة. بدلًا من ذلك، قد تكون نسخة منحدرة من الشخصية الأصلية.

بعبارة أخرى، قد يكون الشخص المصاب باضطراب الشخصية الانفصامية على دراية بكل شيء، لكنه يشعر وكأنه في عمر مختلف. قد يتحدث مثل الأطفال، أو يبدأ في التصرف مثل الأطفال. في حالات أخرى، يكون هذا "الصغير" منفصلًا تمامًا عن الواقع.

في هذه الحالة، يعد الانحدار العمري شكلًا من أشكال الأمان ضد الخوف أو انعدام الأمن. وقد يحدث هذا النوع من الانحدار العمري بسبب أحداث أو ضغوط معينة كما ذكرنا أعلاه. 

5. المساعدة الذاتية

بالنسبة للآخرين، قد يكون الانحدار العمري مقصودًا. قد يختار بعض الأفراد العودة إلى حالة الشباب كوسيلة لمنع التوتر والقلق. يمكنهم أيضًا العودة إلى سن أصغر حتى يتمكنوا من تجنب المشكلات الصعبة أو المشكلات الشخصية.

قد يساعدك الانحدار العمري على العودة إلى فترة ما في حياتك، شعرت فيها بالحب والاهتمام والأمان. بهذا المعنى، يمكن أن تكون هذه تجربة إيجابية.

ومع ذلك، قد يكون الانحدار العمري علامة على وجود مشكلة صحية عقلية أكبر. يجب عليك التحدث مع مقدم رعاية الصحة النفسية حول هذه الممارسة. يمكنه مساعدتك في تعلم كيفية استخدامه بأمان. يمكنه أيضًا تقييم تجاربك لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى نوع مختلف من العلاج.

هذا الأمر يختلف عن التظاهر بأنك أصغر سنًا. في الواقع، يصور بعض الأفراد أنفسهم أصغر بكثير مما هم عليه في سنوات عديدة كجزء من هواية. على سبيل المثال، قد يستخدم بعض أعضاء المجتمعات المعجبين الأزياء والتصوير "للتظاهر" بأنهم أصغر سنًا وأكثر سذاجة. وهذا ليس انحدارًا حقيقيًا في العمر.

هل الانحدار العمري آمن؟

لا توجد أخطار متأصلة في الانحدار العمري. إذا كنت تمارسه كشكل من أشكال المساعدة الذاتية أو الاسترخاء، فقد ترغب في التأكد من أنك في مكان آمن، وحول الأشخاص الذين يفهمون هذه التقنية. ومع ذلك، إذا وجدت نفسك تعود إلى سن أصغر دون سيطرتك، فيجب عليك طلب المساعدة من اختصاصيّ الصحة النفسية. قد تظهر عليك أعراض مشكلة أساسية تحتاج إلى معالجة مختلفة. 

ويمكن أن يكون علاج الانحدار العمري ممارسة مثيرة للجدل، خاصة إذا اقترنت بالتنويم المغناطيسي. اقترحت بعض الدراسات أنه يمكنك الكشف عن ذكريات "خاطئة" أثناء هذا النوع من العلاج، والتي يمكن أن تسبب اضطرابًا عاطفيًا.

من ناحية أخرى، يعد الانحدار الذاتي للعمر آمنًا تمامًا، طالما أنه لم يصبح هاجسًا. من المهم أيضًا أن تتحكم في الأمور عندما تنحدر عمريًا. إذا لم يكن لديك سيطرة على وقت الانحدار إلى سن أصغر، فأنت بحاجة إلى التحدث إلى اختصاصيّ الصحة النفسية. قد يكون هذا مرتبطًا بمشكلة أساسية تتعلق بالصحة النفسية والعقلية.

كيفية التغلب على الانحدار العاطفي:

غالبًا ما يعتمد علاج الانحدار اللاإرادي للعمر على عمر الشخص، وما الذي يسبب له الانحدار العمري. على سبيل المثال، عند الأطفال، يكون السلوك نموذجيًا، وغالبًا ما يكون رد فعل مؤقت للتوتر أو للصدمة. تزول بشكل عام من تلقاء نفسها، خاصة إذا كنت توفر لهم الرعاية والحب والاهتمام.

ولكن بالنسبة للبالغين، فإن الطريقة الأكثر فاعلية في علاج الانحدار العمري هي تحديد السبب الجذري له. بعبارة أخرى، غالبًا ما يتضمن العلاج تحديد ما إذا كان من أعراض حالة صحية عقلية أكبر، ثم علاج هذه الحالة. من أكثر الطرق فعالية لعلاج الانحدار العمري التحدث مع المعالِج. بغض النظر عن سبب الانحدار العاطفي، سيعمل المعالج معك لفهم آليات دفاعك ومحفزاتك العاطفية، ومساعدتك على إيجاد طرق صحية للتعامل معها.

العمل مع معالِج في علاج الانحدار

في أشكال مختلفة من العلاج النفسي، قد ينحدر المريض بطرق معينة. يمكن أن يكون هذا أحيانًا طريقة مفيدة وضرورية لإعادة صياغة آليات الدفاع غير الملائمة (بما في ذلك الانحدار والتصرف) في الجلسات مع المعالِج. يمكن أن يؤدي أيضًا إلى أداء أكثر نضجًا خارج جلسات العلاج.

هناك أوقات، خاصة في مواجهة أنواع معينة من الصدمات واضطرابات الشخصية، يمكن أن يكون فيها الانحدار ساحقًا. قد تتطلب هذه الأوقات تدخلات فعالة من قبل المعالِج لمساعدة الشخص على إدارة هذه الانحدارات بطرائق صحية.

الخلاصة..

يمكن أن يكون الانحدار العمري، أو عندما يتصرف بأسلوب شخص أصغر من عمره، طوعيًا أو لا إراديًا. بالنسبة للأطفال، يعد الانحدار اللاإرادي سلوكًا مؤقتًا يمثل جزءًا من نموهم وتطورهم الطبيعي. تختلف النظريات النفسية حول الانحدار العمري عند البالغين بين بعض العلماء وعلماء الأعصاب والأطباء النفسيين وعلماء النفس. فإنهم يقترحون مجموعة متنوعة من الأسباب المحتملة، بما في ذلك آلية التكيف مع الإجهاد، والسلوك المرتبط ببعض الحالات الطبية أو الصحية النفسية العقلية، وحالة يتم الترويج لها أحيانًا في بعض العلاجات النفسية.

 

المصادر:

1. https://www.healthline.com/health/mental-health/age-regression?utm_source=ReadNext#recreational

2. https://psychcentral.com/pro/are-you-emotionally-regressing#what-is-age-regression

3. https://www.verywellhealth.com/age-repression-therapy-5212676

4. https://www.webmd.com/mental-health/what-is-age-regression-therapy

آخر تعديل بتاريخ
31 يناير 2023

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.