صحــــتك

رفض التطعيمات قد يعود لتجارب الطفولة السلبية

الصورة
محمد شعبان
رفض التطعيمات قد يعود لتجارب الطفولة السلبية

بينما رحب معظم الناس بفرص التطعيم ضد مرض كوفيد-19 التي فاجأت العالم، فإن قليلا من الأشخاص لم يميلوا إلى الشيء ذاته. إذ تبنى بعض الأفراد آراء ترفض بشدة الانصياع للتوصيات الطبية أو غيرها من توصيات الصحة العامة، وقد كان هذا الأمر محيراً للكثيرين ممن ينشدون عبور الجائحة بسلام، ولذا فقد باتت هذه القضية مثار جدل في عدد من البلدان.

وقد أدى هذا السجال إلى توتر العلاقات واضطراب الآراء، حتى داخل الأسرة الواحدة. الأمر الذي عرقل الجهود الرامية إلى اجتياز الوباء سريعا في عدد من الدول، كما أنه بات يهدد تماسك النسيج المجتمعي. ومن ثم فإن هذه المخاوف تدفعنا إلى التساؤل: من أين تنشأ هذه الأفكار المناوئة للتطعيم في الكثير من الأحيان؟

 

من أين تنشأ الأفكار المناوئة للتطعيم في الكثير من الأحيان؟

وحديثا قدمت دراسة بحثية إجابة لهذا السؤال. إذ قام باحثو الدراسة باستطلاع آراء عدد من الأفراد في نيوزيلندا حول نواياهم في الحصول على التطعيم وذلك في الفترة من أبريل/نيسان حتى يوليو/تموز 2021؛ أي قبل طرح اللقاح الوطني هناك والذي بدأ مباشرة في أغسطس/آب من العام ذاته.

نتائج الدراسة

وقد اعتمدت هذه الدراسة على مجموعة من الأفراد المشاركين في «استقصاء دنيدن» (Dunedin Study)، وهو استقصاء طويل الأمد تابع فيه الباحثون مجموعة تقدر بـ 1037 فردا ممن ولدوا بين عامي 1972 و1973. وقد أمد هذا الاستقصاء العلماء بمعلومات وافرة تتعلق بالعديد من جوانب الحياة الخاصة بالأفراد المشاركين فيه بدءا من صحتهم البدنية وتجاربهم الشخصية ودوافعهم ونمط حياتهم وقدراتهم العقلية وميولهم العاطفية، وذلك منذ نعومة أظافرهم.

 

وقد أجاب ما يقرب من 90% من أفراد «استقصاء دنيدن» على الاستطلاع الذي أعده باحثو الدراسة الحديثة حول نواياهم في الحصول على التطعيم. إذ وجد معدو الدراسة أن 13% من المشاركين لم تكن لديهم أي خطط للحصول على لقاحات كوفيد-19. وقد كانت نسبة النساء مماثلة تقريبا للرجال رافضي الحصول على اللقاحات.

 

 

 

هنا قرر الباحثون النظر إلى تجارب الحياة المبكرة لأولئك الأشخاص رافضي اللقاحات ومقارنتهم بغيرهم ممن أبدوا رغبتهم في الحصول على اللقاح. وقد وجد الفريق أن العديد من البالغين الرافضين للقاح كوفيد-19 كان لديهم تاريخ من تجارب الطفولة السلبية، والتي من بينها:

  • سوء المعاملة.
  • الحرمان.
  • الإهمال.
  • إدمان أحد الوالدين للكحول.

ويرى الباحثون أن تلك التجارب السلبية التي عاناها هؤلاء الأفراد في الطفولة قد أورثتهم عدم الثقة في السلطات. وقد جاءت النتائج على النحو التالي:

  • أظهرت الدراسة أن رافضي اللقاحات قد أقروا - وهم في سن 15 عاما - بأن أمور الصحة قدرية، وأنه لا يوجد ما يمكن القيام به من أجل تحسين صحتهم. إذ غالبا ما يسيء المراهقون تفسير المواقف التي يتعرضون لها ومن ثم يقفزون إلى استنتاجات مباشرة.
  • كما أظهرت الاختبارات الشخصية في سن 18 عاما أن الأشخاص رافضي اللقاحات كانوا عرضة لمشاعر الخوف والغضب الشديدة والمتكررة. كما أنهم كانوا يميلون إلى إيقاف التفكير عندما يكونون تحت ضغط.
  • كما وصفت المجموعة الرافضة للقاحات أنفسهم بأنهم لا يمتثلون للأعراف والتقاليد الاجتماعية، وبأنهم يُثمِّنون الحرية الشخصية، والاعتماد على الذات.

مشاعر سلبية وصعوبات إدراكية

غير أن هناك أمرا آخر قد فاقم من حدة هذا الأثر. إذ وجدت الدراسة أن رافضي اللقاحات:

  • قد عانوا صعوبات إدراكية منذ الطفولة، إضافة إلى معاناتهم بعض المِحَن في حياتهم المبكرة وتضررهم عاطفيا.
  • كما أنهم كانوا قراء ضعفاء أثناء المرحلة الثانوية.
  • كما أنهم أحرزوا درجات منخفضة في اختبارات الفهم اللفظي وسرعة المعالجة؛ وهي اختبارات تقيس مقدار الوقت والجهد الذي يستغرقه الفرد لفهم المعلومات الواردة ومعالجتها.

وبالطبع، فإن صعوبات إدراكية طويلة الأمد كهذه ستجعل من الصعب على أي شخص فهم المعلومات الصحية المعقدة في أهدأ الأوقات. وعندما تجتمع صعوبات الفهم هذه مع المشاعر السلبية المفرطة - والتي تشيع بين الأشخاص رافضي اللقاحات - فإن ذلك قد يؤدي إلى قرارات العزوف عن اللقاحات.

 

كيفية التغلب على مقاومة اللقاح

ولكن، كيف لدولة مثل نيوزيلندا - حيث أجريت الدراسة - أن تصل بنسبة التطعيم فيهاإلى 95%، خاصة وأن الاستقصاء قد أظهر أن هناك نسبة تقدر بـ 13% ترفض اللقاحات؟

طبقا لما أورده موقع «ذا كونفرزيشن» نقلا عن معدي الدراسة، فإن هناك عددا من العوامل التي ساعدت على الدفع بهذه النسبة إلى ذاك المعدل المرتفع ممن حصلوا على اللقاح، والتي من بينها:

  • حسن الإدارة، إضافة إلى التعامل الواضح من قبل المسؤولين عن الصحة.
  • الاستفادة من المخاوف الأولية المتعلقة بظهور الجديد من المتحورات، مثل سلالة دلتا وأوميكرون.
  • الإنفاذ العاجل للتوصيات المتعلقة باللقاحات وإغلاق الحدود.
  • إشراك وتمكين المجتمعات المحلية في تحمل مسؤولية التطعيم، ولاسيما تلك المجموعات الأكثر عرضة للمخاطر أو أولئك الذين يعانون صعوبات تتعلق بالصحة العقلية. الأمر الذي يساعد على معرفة الأشخاص بشكل أعمق والتعرف على احتياجاتهم، مما يخلق الثقة بين الأفراد وصانعي القرار.

وختاما، فإن هذه النتائج تشير إلى أهمية فهم تاريخ الأفراد وطريقة تفكيرهم. إضافة إلى أهمية معرفة الشدائد والمحن التي تعرض لها هؤلاء الأفراد في أوقات مبكرة من حياتهم. الأمر الذي قد يترجم في النهاية إلى زيادة معدلات قبول اللقاح، مما قد يجعل الدول أكثر استعداداً لمقاومة انتشار أي وباء آخر أو متحور جديد.

                                                                                                     

المصادر

Vaccine resistance has its roots in negative childhood experiences, a major study finds

Deep-seated psychological histories of COVID-19 vaccine hesitance and resistance

آخر تعديل بتاريخ
26 أبريل 2022

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.