ومن المعروف أن هناك تأثيرات سلبية للتوتر وللشدة النفسية التي يتعرض لها كل منا يومياً بشكل أو آخر (بدرجات تتفاوت بين ما يحدث في الخلافات البسيطة، وصولاً إلى المصائب الكبيرة). هذه التأثيرات السلبية على الصحة تأتي بشكل رئيسي من ارتفاع إفراز الهرمون الكورتيزول الذي يساهم في عدد من الأضرار، ابتداء بالرغبة في التهام الحلويات، إلى تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم.
الأطعمة التي تخفف التوتر
في حين يصعب تجنب نوبات التوتر العرَضية، فإن التوتر المزمن يمكن أن يخلف أضراراً على الصحة الجسدية والعاطفية، فقد يزيد من خطر الإصابة ببعض الأمراض مثل أمراض القلب والاكتئاب، ومن المثير للاهتمام أن بعض الأطعمة والمشروبات قد تكون لها خصائص تخفيف التوتر. نعرض فيما يلي بعض الأطعمة التي تخفف التوتر والتي ثبت تأثيرها المفيد في تخفيف التوتر أو السيطرة عليه، وكذلك سبب هذا التأثير:
-
التوت بأنواعه
من أهم الأطعمة التي تخفف التوتر هي التوت بأنواعه، إذ تحتوي جميع أنواع التوت (بما فيها التوت العادي والبري والفراولة) على كميات كبيرة من مضادات الأكسدة التي تحارب الجذور الحرة التي تتواجد بكثرة في حالات التوتر النفسي. وقد وجد الباحثون زيادة في نوع خاص من خلايا الدم البيضاء تدعى "الخلايا الفتاكة killer cells" لدى الذين اعتادوا أكل التوت الأزرق blueberries (وهو نوع من التوت البري)، وهذه الخلايا لها دور حيوي في دعم قدرة الإنسان المناعية على محاربة الأمراض، كما أن جميع أنواع التوت تزخر بالفيتامين C، الذي ثبت لدى خبراء الصحة تأثيره في تخفيض مستويات الكورتيزول في الجسم وتعديل ارتفاع ضغط الدم.
-
نبات الهليون
قد يجعل الهليون البول ذا رائحة غير مستحبة، إلا أن هذا يحدث بسبب احتوائه مركب الفولات folate (وهو أحد الفيتامينات B) الذي يلعب دوراً كبيراً في منحك السكينة والهدوء، ووقايتك من الغضب والتوتر، وبإمكانك تناول هذا النبات بعد غليه أو تعريضه للبخار، وحبذا لو تجعله شريكاً في كل طبق سلطة تحضره.
3- المكسرات (وأهمها الجوز واللوز والفستق)
تبين في أكثر من دراسة سابقة أن للجوز تأثيراً حميداً في تعزيز القدرات الذهنية، بما يحتويه من الحموض الدهنية أوميغا 3 Omega وحمض ألفا لينوليك والفينولات المتعددة الأخرى التي تدعم الذاكرة، لكن دراسة حديثة أجراها المعهد الأميركي الوطني للصحة أظهرت أن للجوز كذلك دوراً فعالاً في الحفاظ على هرمونات التوتر (الكورتيزول والأدرينالين) ضمن حدودها الطبيعية والحد من ارتفاعها، ويقال إنه للحصول على أفضل طعم للجوز، علينا تحميصه حوالي 10 دقائق، ثم فرمه وإضافته لطبق السلطة.
أما اللوز، فهو غني جداً بمعدن الزنك الذي له دور مهم في السيطرة على مستويات مركّب كيميائي مرتبط بالمزاج، هذا عدا غناه بالبروتينات وبمركبات أوميغا 3. أما الفستق، فقد ثبت في إحدى الدراسات أن تناول بعض حباته مرتين في النهار يخفف من التشنجات الوعائية التي تحصل بسبب التوتر وينتج عنها ارتفاع ضغط الدم، هذا عدا عن أثره الحميد على مزاجنا الآتي من "فصفصة" حباته، وبناء على هذه الدراسات تم إدراج المكسرات ضمن الأطعمة التي تخفف التوتر.
-
الخضار ذات الأوراق الخضراء
من بين هذه الأطعمة التي تخفف التوتر هي الخضراوات ذات الأوراق الخضراء، فهذه الخضراوات (مثل السبانخ) غنية بمركب الفولات folate الذي نوَّهنا عن دوره في تحسين المزاج، ويتم ذلك بتعزيز إفراز المواد الناقلة العصبية أمثال السيروتونين serotonin والدوبامين dopamine، وقد تبين في إحدى الدراسات أن نسبة الاكتئاب والعصبية كانت أقل عند الذين يُكثرون من أكل الخضار مقارنة مع من لا يتناولونها إلا نادراً.
-
اللبن الرائب
لقد أصبح تأثير البكتيريا النافعة في الأمعاء على الدماغ معروفاً، وفي دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا تبين أن استهلاك اللبن الرائب خفف من فعالية المناطق الدماغية المسؤولة عن العواطف الجياشة، بما فيها التوتر، كما أظهرت دراسة أخرى أن تناول اللبن خفض من إفراز هرمون الكورتيزون الذي يكمن وراء مشاعر القلق والاكتئاب.
-
الأسماك البرية والمحار
الأحماض الدهنية أوميغا 3 Omega المتوفرة بكثرة في السمك لها ميزة قوية مضادة للالتهاب تقف في وجه تأثيرات هرمونات التوتر السلبية (الكورتيزول والأدرينالين)، وقد بينت دراسة أجريت في كلية كيس Case الطبية أن الذين تناولوا مكملات أوميغا 3 (بمعدل 2000 ملغ يومياً) حصلوا على انخفاض في نسبة إصابتهم بالقلق والتوتر بنسبة 20 % (مقارنة مع الذين تناولوا دواء وهمياً). أما المحار، فهو -إضافة لذلك- مستودع هائل لمعدن الزنك الذي ثبتت فائدته في محاربة التوتر النفسي (تكفي 6 قطع من المحار لتوفير حاجتنا اليومية من هذا المعدن الثمين).
-
دقيق الشوفان
يعتبر الشوفان من النشويات المركبة التي ترضي رغبتنا في تناول السكريات والنشويات دون أن تسبب ارتفاع سكر الدم الفجائي الذي يحصل من تناول السكريات والنشويات المكررة (مثل الخبز والرز الأبيض)، وهو محفز ممتاز لإفراز الدماغ لهرمون السيروتونين serotonin المعروف بتأثيره المهدئ على الإنسان، لاحتوائه على الألياف المنحلة التي تدعى بيتاغلوكان beta-glucan.
-
الشاي الأخضر وشاي البابونج
تم تصنيف بعض أنواع الشاي على أنها من الأطعمة التي تخفف التوتر، وقد أثبت باحثون في جامعة إلينوي Illinois أن الشاي الأخضر، إضافة لميزاته في محاربة السرطان، يقدح الذهن ويعدل المزاج، أما بالنسبة لشاي البابونج، فقد أجرى الخبراء في جامعة بنسيلفانيا دراسة انتهوا منها إلى أن البابونج له تأثير مهدئ، ويخفض من أعراض القلق والتوتر.
-
الأفوكادو
الميزة الفريدة لهذه الفاكهة الدهنية هي أنها تعطينا إحساساً بالشبع والاكتفاء، الأمر الذي سيُخمد رغبتنا في أكل مزيد من السكاكر والنشويات (الناتجة عن ارتفاع نسب الكورتيزون) عند إصابتنا بالشدة النفسية، ولنتذكر -إضافة لذلك- أن هذه الفاكهة الاستوائية تحتوي أكثر من 20 عنصر تغذية أساسياً، بما فيها الفيتامين E ومجموعة الفيتامينات B والبوتاسيوم، وأن لديها خاصية تنظيم سكر الدم.
-
الشوكولاتة الداكنة
ليس سراً أن الشوكولاتة تبعث حس الراحة والسعادة في النفس، والسبب هو تحفيزها الدماغ على إفراز مركّب النقل العصبي أنانداميد anandamide الذي يحجب مشاعر الألم والإحباط، ما دعا مجلة علوم الصيدلة النفسية أن تسمي الشوكولاتة "عقار الشدة النفسية الجديد"، هذا إضافة إلى أن الكاكاو في الشوكولاتة لها تأثير موسع للشرايين، ما يفيد في تخفيض ضغط الدم وتحسين تروية الأعضاء، ويأتي تفضيل الشوكولاتة الداكنة على غيرها من احتوائها نسباً أعلى من الكاكاو ومضادات الأكسدة (الفينولات والفلافونويدات).
الأسئلة الشائعة
ما هو المشروب الذي يقضي على التوتر؟
الثيانين هو حمض أميني ثبتت قدرته على تقليل التوتر لدى الفئران والبشر، وهو موجود بكثرة في الشاي الأخضر المطحون والمعروف أيضاً باسم شاي الماتشا، وقد يقودك هذا المشروب أيضاً إلى حالة من اليقظة والاسترخاء.
ما هي أفضل عشبة لتهدئة الأعصاب؟
هناك العديد من الأعشاب التي تعمل على تهدئة الأعصاب وتقليل التوتر، ومن أهمها حشيشة القط والبابونج واللافندر وبلسم الليمون.
هل القهوة تخفف التوتر؟
لاحظت الدراسات في بعض الحالات وجود تأثيرات إيجابية للكافيين الموجود في القهوة، فقد ثبت أن تناول جرعات منخفضة منه يعمل على تقليل القلق وتحسين الحالة المزاجية، لكن على العكس فإن الجرعات العالية منه قد تسبب العصبية والتوتر والقلق.
نصيحة من موقع صحتك
تحتوي العديد من الأطعمة على عناصر غذائية قد تساعدك على تقليل التوتر، وتعتبر الشوكولاتة الداكنة والبروكلي وشاي البابونج والشاي الأخضر والأسماك الدهنية من أهم هذه الأطعمة، وفي النهاية قد يساعد تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة مثل الفواكه والخضراوات التي توفر فوائد مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب في تحسين صحتك ورفاهيتك العامة، لذا ننصح بإضافة هذه الأنواع من الأطعمة إلى نظامك الغذائي اليومي.