الفيتامينات (Vitamins) هي مركبات عضوية يحتاجها الجسم للقيام بوظائفه بصورة صحيحة، ويؤدي نقصها إلى أمراض مختلفة حسب نوع الفيتامين الناقص، وتقسم إلى الفيتامينات المذابة في الدهون والفيتامينات المذابة في الماء. في مقالنا هذا سنتناول الفيتامينات المذابة في الماء ، وهذا النوع لا يستطيع الجسم أن يخزنها، لأنها تفرز مع البول، لذا يعتمد الجسم على الغذاء بالأساس لتزويده بالكميات الضرورية منها، كما أن الزيادة في التناول منها غير ضارة، لأن الزيادة تخرج من الجسم بسهولة مع البول والعرق.
الفيتامينات المذابة في الماء
تلعب الفيتامينات المذابة في الماء دورًا حيويًا في وظائف الجسم المتعددة، بما في ذلك تحويل الطعام إلى طاقة وتعزيز الجهاز المناعي. يتم امتصاصها بسهولة وتخرج من الجسم بسهولة، مما يتطلب استهلاكها بانتظام. تشمل الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء الآتي:
1- الفيتامين ج (C)
الفيتامين ج (C) من الفيتامينات المذابة في الماء ، وله دور مهم في حفظ المعادن في الحالة المختزَلة، مثل الحديد الثنائي، فمعظم وظائف الفيتامين C في الجسم تكون بالأساس مرتبطة بكونه عاملًا مختزِلًا من الناحية الكيميائية، وبذلك فهو يعزز امتصاص الحديد عن طريق إبقائه في الحالة المختزَلة اللازمة لامتصاصه.
كما يعد مطلوبًا أيضًا لعملية تصنيع الكولاجين، وهو البروتين الرئيسي المكوِّن للأنسجة الضامّة كالأوتار والعظام والجلد واللثة والأوعية الدموية، ومطلوب أيضًا في تصنيع هرمون الأدرينالين وأملاح الصفراء في الكبد وتصنيع الهرمونات الأستيرويدية، مثل الكورتيزون والألدوستيرون. ويعد من مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الجسم من تأثير الملوثات، ويساعد في التئام الجروح.
يؤدي نقص الفيتامين ج C إلى حدوث مرض الأسقربوط، الذي ينتج من نقصه في الغذاء لمدة ثلاثة شهور على الأقل، وأهم أعراض هذا المرض انتفاخ ونزيف اللثة، وتخلخل الأسنان وربما سقوطها، والنزف تحت الجلد وتأخر التئام الجروح وفقر الدم وضعف المناعة وآلام العظام.
يوجد الفيتامين C في العديد من الخضراوات والفاكهة، وخاصة الفلفل الحار بجميع أنواعه، والليمون والبرتقال والطماطم والبروكلي والفراولة والجوافة. يفقد الفيتامين C فاعليته بالضوء والحرارة، لذا يُنصح بتناول الفاكهة والعصير والسَّلطة الطازجة فور تحضيرها.
2- الفيتامين ب المركب (B complex)
أُطلق عليه هذا الاسم لأنه يوجد منه أشكال عديدة مثل (B1 - B2 - B6...) وتعد جميعها من الفيتامينات المذابة في الماء ، ولكل نوع منها وظيفة مختلفة، ولكن عادة يكون مصدرها الغذائي جميعاً واحدًا، هو المصادر الحيوانية: القلب والكبد واللحوم والأسماك والبيض ومنتجات الألبان، والمصادر النباتية: الخضراوات الورقية الخضراء والبقوليات والفواكه. ومن أهم أفراد هذه المجموعة:
- الفيتامين B1 (الثيامين)، يعمل بمثابة مساعد إنزيمي مهم في عملية الأيض (التمثيل الغذائي) في الجسم. ويؤدي نقصه لعدة أمراض أهمها مرض البري بري Beriberi، وهو مرض يصيب الجهاز العصبي والقلب.
- الفيتامين B2 (الريبوفلافين)، الفيتامين B2 ضروري كعامل مساعد للإنزيمات المحفِّزة للتفاعلات الكيميائية في الجسم. يؤدي نقصه إلى التهاب اللسان واللثة وتشقق والتهاب زوايا الفم، كما يؤدي إلى تشقق والتهاب الجلد. وبخصوص العين، فإن نقص الرايبوفلافين يؤدي إلى كثرة الدموع وإلى الحساسية للضوء واحتقان أوعية العين الدموية.
- الفيتامين B3 (النياسين)، يساعد النياسين في إطلاق الطاقة من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون، ويحافظ على سلامة الجهاز العصبي وصحة الجلد وعملية الهضم. يسبب نقصه مرض البلاغرا Pellagra، وتضم أعراض مرض البلاغرا:
- أعراض الجهاز الهضمي: وتشمل الإسهال، والتهاب اللسان، والتهاب الفم، وضعف الشهية، وآلام البطن.
- الأعراض الجلدية: البلاغرا كلمة إيطالية، معناها الجلد الخشن، وقد أُخِذ هذا الاسم من التخشن الجلدي الذي ينتج عن المرض، ويتميز تخشن الجلد في البلاغرا بسماكة وخشونة الجلد في المناطق المعرَّضة لأشعة الشمس، كاليدين والقدمين والوجه والعنق.
- أعراض الجهاز العصبي: وتشمل الشعور باللامبالاة والإحباط وفقدان الذاكرة وعدم القدرة على التركيز والتشوش الذهني والهستيريا.
- الفيتامين B6 (البيريدوكسين)، أهم وظائفه في الجسم أنه يساعد في عملية تصنيع الأحماض الأمينية غير الأساسية، ويدخل في عمليات تحلل الغليكوجين لإطلاق الطاقة. يعتبر ضرورياً لصحة الأوعية الدموية والجهاز العصبي، ويلعب دوراً مهماً في تنظيم عملية تصنيع الناقلات العصبية التي تتحكم في الإشارات العصبية. يسبب نقصه عددًا من الأعراض، منها: التهابات الجلد واللسان والفم، والتهابات الجهاز العصبي، وضعف العضلات، وفقر الدم.
- الفيتامين B9 (حمض الفوليك)، من أهم وظائفه في الجسم أنه يساعد في تكوين الأحماض النووية، ويساعد في تصنيع الأحماض الأمينية غير الأساسية، ومرتبط بتكوين وتطور المخ والحبل الشوكي لدى الأجنة. تشمل آثار نقصه حدوث فقر الدم المعروف بضخامة خلايا الدم الحمراء.
ويتميز هذا النوع من فقر الدم بظهور خلايا دموية حمراء متضخمة غير ناضجة أو متضخمة ناضجة، مما يؤدي إلى قلة عددها وانخفاض مقدرتها على نقل الأوكسيجين، لذا تظهر على الفرد مظاهر التعب، وسرعة التنفس، وبطء العمليات الحيوية بالجسم. كما يتغير نمو وتطور الخلايا الدموية البيضاء فيقل عددها، وبالتالي تقل المناعة ضد الأمراض المعدية، ويقل عدد الصفائح الدموية، ومن ثم تقل قدرة الدم على التخثر. قد يؤدي نقص حمض الفوليك لدى الأم في بداية الحمل إلى عاهات بالعمود الفقري لدى الوليد.
- الفيتامين B12 (الكوبالامين)، من أهم وظائفه في الجسم تنشيط حامض الفوليك، وتكوين كريات الدم الحمراء، ويعد هذا الفيتامين مهما للجهاز العصبي، إذ إنه يحافظ على الأغلفة الدهنية التي تحيط وتعزل بعض الألياف العصبية. يَحدث نقصه خاصة لدى كبار السن والنباتيين، ويؤدي لعدة مشكلات منها الإصابة بمرض فقر الدم الخبيث، كما يؤدي نقصه إلى تحلل الأغشية المبطنة للمعدة، وحدوث تغيرات في تركيب كريات الدم الحمراء، ويؤدي نقص هذا الفيتامين إلى إصابة الجهاز العصبي بالخلل، بسبب التهاب الأعصاب المحيطية والأجزاء الخلفية والجانبية من النخاع الشوكي.
نهايةً، تلعب الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء دورًا أساسيًا في الحفاظ على الصحة العامة، وتعزيز وظائف الجسم المختلفة، نظرًا لأنها لا تُخزَّن بكميات كبيرة في الجسم، ويتم طرحها من الجسم بسرعة، فإن تناولها بانتظام من خلال النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يعتبر ضروريًا للحفاظ على توازن صحي ومستوى طاقة الطبيعي.
