صحــــتك

مخاطر شرب الشاي والقهوة في الأكواب الورقية على الصحة والبيئة

شرب الشاي والقهوة في الأكواب الورقية.. بالنسبة للعديد من الأشخاص -وأنا واحد منهم- فإنهم لا يبدؤون يومهم بالعمل حتى يتناولوا أول فنجان من القهوة الساخنة. بغض النظر عمّا تشربه لتدفئة نفسك به في صباح يومٍ بارد، فقد توصلت دراسة جديدة إلى أن مادة الكوب الذي تختاره يمكن أن يشكل خطراً صحياً عليك.

فقد كشف باحثون أن شرب القهوة والمشروبات الساخنة الأخرى بوساطة الأكواب الورقية يمكن أن يطلق عشرات الآلاف من الجزيئات البلاستيكية الضارة المحتملة في مشروبك، لكن ما هي مخاطر هذه الجزيئات البلاستيكية، وكيف يمكننا تجنبها؟ تابع معنا قراءة المقال لتعرف المزيد.

الجزيئات الصغيرة الموجودة في فناجين القهوة الورقية مصدر قلق متزايد

خلال الـ 15 دقيقة التي يستغرقها تناول كوب القهوة أو الشاي، تتحلل الطبقة البلاستيكية الرقيقة الموجودة على سطح الكوب الورقي الداخلي، إذ إنها تطلق 25000 جزيء بحجم ميكرون في المشروبات الساخنة.

إن الشخص العادي الذي يشرب ثلاثة أكواب منتظمة من الشاي أو القهوة يوميًا في كوب ورقي، سينتهي به الأمر إلى تناول 75000 جزيء بلاستيكي صغير غير مرئي للعين المجردة. ويقول الباحثون إن هذه المواد البلاستيكية الدقيقة غير المرئية تقريبًا أصبحت تشكل تهديدًا كبيرًا على صحة الإنسان. 

بالنسبة لحجم هذه الجسيمات، يمكن لـ 1000 جسيم يبلغ قطره 100 نانومتر أن تعادل قطر شعرة الإنسان، أي أن هذه جسيمات صغيرة جدًا، وبالتالي يمكنها النفاذ عبر الأغشية الدماغية والمعوية بسهولة دون أن يوقفها شيء.

وقدّر الباحثون أنه بحلول الوقت الذي تشرب فيه 13 كوبًا ورقيًا من القهوة أو الشاي الساخن، تكون قد استهلكت ما يعادل جسيمًا واحدًا من البلاستيك النانوي لكل سبع خلايا في جسمك.

ووجد الباحثون أن السائل لا يحتاج إلى أن يكون مغليًا لتحفيز إطلاق الجسيمات البلاستيكية النانوية من البطانة البلاستيكية للكوب الورقي، إذ إن عدد الجزيئات المنبعثة في الماء يزداد بسرعة مع درجة حرارة الماء من درجة حرارة الغرفة حتى نحو 38 درجة مئوية، ثم يستقر ويبقى ثابتاً.

وقد وجد الباحثون أن الكمية الإجمالية للجزيئات التي تتسرب إلى السائل الساخن من الأكواب ذات الاستخدام الواحد تقع تحت مستويات الاستهلاك البشري الآمنة التي حددتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. 

وفي وقت سابق، اكتشف فريق من الولايات المتحدة الأمريكية جسيمات بلاستيكية دقيقة داخل الأعضاء البشرية لأول مرة، ويخشى أن يؤدي هذا التلوث إلى الإصابة بالسرطان أو العقم. ويشير الباحثون أيضًا إلى أن التلوث بالبلاستيك الدقيق يمكن أن يسبب التهابًا لدى الحيوانات.

يُنتِج المصنِّعون للأكواب الورقية نحو 264 مليار كوب ورقي في العام، يذهب كثير منها إلى الأشخاص الذين يستهلكون الشاي والقهوة والشوكولاتة الساخنة، وحتى الحساء أو الشوربة، وهذا العدد يعادل 35 كوبًا ورقيًا لكل شخص على هذا الكوكب.

تم تعزيز الطلب على المنتجات التي يمكن التخلص منها بسهولة من خلال العدد المتزايد من خدمات تناول الطعام في جميع أنحاء العالم، ويبحث كثير من الناس عن وجبات جاهزة للأكل لتلبية أنماط حياتهم المتسارعة بشكل متزايد.

لا تحتاج الأكواب الورقية أيضًا إلى التنظيف، وعادةً لا تسبب نفس رد الفعل البيئي الذي تسببه العبوات البلاستيكية والحاويات المصنوعة من مادة الستيروفوم. وعلى الرغم من ذلك، ما يزال هناك ثمن يجب دفعه مقابل هذه الراحة.

تعمل المواد البلاستيكية الدقيقة كحاملات للملوثات، مثل الأيونات والمعادن الثقيلة السامة مثل البلاديوم والكروم والكادميوم، بالإضافة إلى المركّبات العضوية التي تطرد الماء ويمكن أن تنتقل إلى المملكة الحيوانية، حيث تبتلعها الكثير من الحيوانات دون أن تقدر مخاطرها. من هنا تبين أن شرب الشاي والقهوة في الأكواب الورقية  ضارٌ للأسف.

شرب الشاي والقهوة في الأكواب الورقية.. مستويات كبيرة من التلوث في المشروبات الساخنة

في التجارب العلمية التي أجريت، قام فريق البحث الهندي بسكب الماء الفائق النقاء في أكواب ورقية عند درجات حرارة تتراوح بين 85 إلى 90 درجة مئوية، ثم تركوها لمدة 15 دقيقة، ثم قام مؤلفو الدراسة بتحليل السائل الساخن تحت مجهر الفلورسنت، كما تم فحص البطانات البلاستيكية بشكل منفصل لمعرفة التغيرات في الخواص الفيزيائية والكيميائية والميكانيكية.  

طبعاً يمكن تأكيد إطلاق جزيئات البلاستيك الدقيقة في ماء فائق النقاء باستخدام الماسح الضوئي، سيحتوي الكوب الورقي الذي يمكن التخلص منه والذي يتعرض لسائل ساخن لمدة 15 دقيقة على ما يقرب من 10.2 مليار جزيء بحجم أقل من الميكرون.

وباستخدام تقنية حساسة تُفصَل المواد الكيميائية ثم تحدد المواد البلاستيكية الدقيقة في الماء الساخن. والأكثر إثارة للقلق هو أن تحليل الأفلام البلاستيكية كشف عن وجود معادن ثقيلة في البطانات.

توضح هذه الدراسة ضرورة إجراء دراسة متأنية قبل الترويج لبدائل المنتجات الخطرة بيولوجيًا والملوثات البيئية.

وفي دراسة أخرى نُشرت عام 2021 أجريت على العلاقة بين تقديم مشروب تقليدية (شاي، قهوة) في الثقافة العربية والأكواب البلاستيكية بدلاً من الأكواب الزجاجية في مناسبات مختلفة، وجد الباحثون أن البيسفينول-أ تسرب من الأكواب البلاستيكية المخصصة للطعام إلى المشروبات الساخنة خلال فترة زمنية قصيرة، مما يشكل تأثيرًا كبيرًا على الصحة العامة.

شرب الشاي والقهوة في الأكواب الورقية.. عملية استبدال الأكواب الورقية مكلفة

يؤكد أحد مؤلفي الدراسة الهندية السابقة أن الراحة التي نشعر بها باستخدام الأكواب الورقية تجعل من الصعب العثور على بديل مناسب. وفي المكاتب الحديثة، تسير هذه المنتجات جنبًا إلى جنب مع آلات بيع القهوة وغيرها من موزعات المشروبات الساخنة.

بصرف النظر عن تناول المواد البلاستيكية الدقيقة، كما هو موضح في الدراسة، فإن الأكواب الورقية تترك وراءها مواد بلاستيكية رقيقة تلوث البيئة، ويتم البحث الآن عن مادة نباتية غير بلاستيكية يمكنها طلاء الأكواب الورقية وقابلة للتحلل الحيوي. ولكن للأسف؛ فإن هذه العملية تجعل تصنيعها أكثر تكلفة بمرتين.

شرب الشاي والقهوة في الأكواب الورقية.. مخاطر بيئية أيضًا

وفقًا لأحد كبار العلماء في مجموعة العمل البيئي توجد أزمة بيئية عالمية واضحة ناجمة عن التلوث البلاستيكي، لكن هذه الدراسة البحثية الجديدة تشير إلى أن الجسيمات البلاستيكية النانوية غير المرئية التي يتم إطلاقها في طعامنا ومشروباتنا من المواد البلاستيكية الشائعة قد تضر بشكل خبيث بالصحة والبيئة.

لذلك؛ فإنه يجب على إدارة وهيئات مراقبة الغذاء والدواء التحرك بسرعة لطلب المزيد من الاختبارات والكشف عن المواد الكيميائية والجسيمات النانوية التي يتم إطلاقها من المواد البلاستيكية الملامسة للأغذية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من أن هذه المواد لا تضر بالصحة، لأن هذه الجسيمات النانوية صغيرة بما يكفي لتنزلق إلى مجرى الدم، ويمكن أن تنتهي في الأنسجة والأعضاء الموجودة في جميع أنحاء الجسم.

ويرى الباحثون أننا لا نعرف حقاً ما هو تأثير هذه الجسيمات. إن تعرض الإنسان لها يتزايد، ونحن نفتقر إلى الأدوات اللازمة من أجل قياس ما يصل إلى أجسامنا، وأين يترسب وماذا يفعل هناك.

مثلاً الأسبستوس -وهو مجموعة معادن ليفية تتكوّن طبيعيًا- يسبب ضررًا لأن جزيئاته الصغيرة يتم استنشاقها وتتراكم في أنسجة الرئة، مما يسبب التهاباً يسمى داء الأسبستوس، وهو مرض رئوي مزمن، يمكن أن يؤدي إلى تندب وسرطان.

مع أن مادة الأسبستوس في حد ذاتها مادة حميدة نسبياً، فهي غير عضوية، لكن ما يجعلها سامة وتقتل 90 ألف شخص سنويًا هو أنها تحتوي على جزيئات تستقر في الأنسجة البشرية.

على المستوى الشخصي، حاولت تقليل تعريض نفسي وعائلتي للأطعمة والمياه للمواد البلاستيكية بالتوجه نحو الأوعية الزجاجية والمعدنية والخزفية. لكن معظم أنابيب المياه في المجتمع الحديث مصنوعة من البلاستيك، ومرشحات المياه مصنوعة من مواد بوليمرية -بلاستيكية-، لذا فإن التخلص من التعرض للبلاستيك يمكن أن يمثل تحديًا حقيقيًا.

شرب الشاي والقهوة في الأكواب الورقية.. الخلاصة:

كنا نعتقد لزمن طويل أن أكواب الشاي والقهوة الكرتونية آمنة وصالحة للاستخدام أكثر من البلاستيكية، لكن ما كشفته الأبحاث الحديثة أن الطبقات الرقيقة التي تبطَّن بها هذه الأكواب، وبعد تعرضها للحرارة، تسرِّب كميات كبيرة من الجزيئات البلاستيكية التي يمكنها الاستقرار في أنسجة الجسم البشري. لذلك علينا أن نحاول تجنبها والاستغناء عنها بالأكواب الزجاجية أو المعدنية أو الخزفية قدر الإمكان، حتى لا نكون عرضة لما لا تحمد عقباه في صحتنا.

 

 

المصادر:

  1. Drinking coffee or tea from paper cups
  2. Your Take-Out Coffee Cup May Shed Trillions of Plastic 'Nanoparticles
آخر تعديل بتاريخ
14 فبراير 2024

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.