سرطان الغُدَد الليمفاوية (الليمفوما) هو سرطان ينشأ في الخلايا المناعية من نوع الليمفاويات التي تختص بمكافحة العدوى والدفاع عن الجسم، وتوجد هذه الخلايا في العُقَد الليمفاوية والطحال والغدة الزعترية ونخاع العظام وأجزاء أخرى من الجسم، وعندما تصاب بهذا النوع من السرطان، تتغير الخلايا الليمفاوية وتنمو خارج نطاق السيطرة.
في اليوم العالمي للتوعية بسرطان الغدد الليمفاوية، سنُقدِّم لكم في هذا المقال كلَّ ما يخص المرض من أنواع وأعراض وأسباب، وأساليب علاج وتشخيص، ويتم تناولها كما يلي:
أنواع سرطان الغدد الليمفاوية
هناك نوعان رئيسيان من سرطان الغدد الليمفاوية:
- الليمفوما غير هودجكين: معظم الأشخاص المصابين بسرطان الغدد الليمفاوية لديهم هذا النوع.
- الليمفوما من نوع هودجكين (مرض هودجكين)
تشتمل ليمفوما اللاهودجكين والهودجكين على أنواع مختلفة من الخلايا الليمفاوية، وينمو كل نوع من سرطان الغدد الليمفاوية بمعدَّل مختلِف، ويستجيب بشكل مختلِف للعلاج.
الفرق بين سرطان الغدد الليمفاوية من نوع هودجكين وبين اللاهودجكين
تشمل الاختلافات الرئيسية بين ليمفوما اللاهودجكين وبين الهودجكين ما يلي:
- تَحدُث خلايا ريد-ستيرنبرغ (Reed-Sternberg)، وهي خلايا كبيرة نسبيًّا تحت المجهر، وتُلاحَظ فقط في سرطان الغدد الليمفاوية من نوع هودجكين (مرض هودجكين).
- سرطان الغدد الليمفاوية غير هودجكين، وهو أكثر شيوعًا من سرطان الغدد الليمفاوية هودجكين.
- غالبًا ما يصيب سرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكين الأشخاصَ الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا، وهو أكثر شيوعاً عند الرجال من النساء، في حين أن 39 سنة هو متوسط عمر الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان الغدد الليمفاوية من نوع هودجكين.
- يمكن أن تحدث ليمفوما اللاهودجكين في أي عقدة ليمفاوية، بينما تؤثِّر ليمفوما اللاهودجكين في المقام الأول على الجزء العلوي من الجسم.
- تتطور ليمفوما اللاهودجكين بشكل أقل قابلية للتنبؤ، في حين أن ليمفوما هودجكين أكثر قابلية للتنبؤ بمسارها وتطورها.
الفرق بين سرطان الدم وسرطان الغدد الليمفاوية
سرطان الغدد الليمفاوية قابل للعلاج بشكل كبير، ويمكن لطبيب الأورام مساعدتك في العثور على العلاج المناسب لنوع ومرحلة المرض لديك.
يختلف سرطان الغدد الليمفاوية عن سرطان الدم، وتبدأ كل هذه السرطانات في الظهور في أنواع مختلفة من الخلايا.
- يبدأ سرطان الغدد الليمفاوية في الخلايا الليمفاوية المقاوِمة للعدوى.
- يبدأ سرطان الدم في الخلايا المكوِّنة للدم داخل نخاع العظام.
كما أن سرطان الغدد الليمفاوية يختلف أيضًا عن الوذمة اللمفية، وهي عبارة عن تجمُّع للسوائل يتشكَّل في أنسجة الجسم عندما يكون هناك تلف أو انسداد في الجهاز الليمفاوي.
ما هي أسباب سرطان الغدد الليمفاوية؟
يَحدُث سرطان الغدد الليمفاوية عندما تتغير (تتحول) خلايا الدم البيضاء في الجهاز الليمفاوي إلى خلايا سرطانية سريعة النمو دون انضباط.
ومثل معظم أنواع السرطان، فإن غالبية الطفرات الجِينية التي تسبب سرطان الغدد الليمفاوية تَحدث بشكل عفوي، دون سبب محدَّد، ولكن الأبحاث تشير إلى أن الحالات أو المشكلات الآتية قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية:
- إذا كان لديك أو حدثت لك في الماضي إصابة فيروسية معيَّنة، بما في ذلك الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، وفيروس نقص المناعة البشرية من نوع كابوسي ساركوما.
- إذا كان لديك تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية.
- ضَعْف جهاز المناعة بسبب حالات معيَّنة، أو تناول علاجات معيَّنة، فعلى سبيل المثال، يتناول الأشخاص الذين خضعوا لعمليات زرع الأعضاء أدوية مثبّطة للمناعة لمنع أجسامهم من رفض العضو المزروع، وهم لذلك أكثر عرضة للإصابة بالليمفوما.
- إذا كنت مصابًا بمرض مناعي ذاتي: تَحدُث أمراض المناعة الذاتية عندما يهاجم جهازك المناعي جسمك نفسه عن طريق الخطأ بدلاً من حمايته.
- التعرض للبنزين أو المواد الكيميائية التي تقتل الحشرات والأعشاب الضارة.
- إذا تم علاجك من سرطان الغدد الليمفاوية هودجكين أو غير هودجكين في الماضي.
- إذا تم علاجك من السرطان بالإشعاع.
ما أعراض سرطان الغدد الليمفاوية؟
العديد من أعراض سرطان الغدد الليمفاوية ليست خاصة بهذا المرض، ويمكن بسهولة الخلط بينها وبين حالات أخرى، إذ تتشابه أعراض هذا السرطان مع أعراض بعض الأمراض الفيروسية مثل نزلات البرد، ولكن في حالة السرطان تستمر الأعراض لفترة أطول، ويمكن أن تكون هذه الأعراض خفِيَّة، مما يسمح لها بالبقاء غير معروفة لعدة أشهر أو سنوات قبل أن يدرك الشخص أنه مريض.
وقد لا تظهر لدى بعض الأشخاص أي أعراض قبل تشخيص المرض، وغالباً ما يَظهر ذلك أثناء الفحص الطبي الروتيني.
تَختلِف أعراض سرطان الغدد الليمفاوية بناءً على نوع هذا السرطان، ويمكن أن تشمل الأعراض ما يلي:
- اعتلال العقد الليمفاوية (غالباً ما يكون بشكل تورم غير مؤلم في العقد الليمفاوية تحت الإبطين أو في الرقبة أو الفخذ، وتصبح مؤلمة فقط في حال ضغطَتْ هذه الغدد المتضخمة على الأعضاء والعظام والهياكل الأخرى المجاورة لها).
- فرط التعرُّق ليلاً.
- الحمّى.
- الحكّة، خاصة بعد شرب الكحوليات، أو الاستحمام.
- فقدان الشهية.
- ضيق التنفس.
- الشعور بالضَّعف والتعب المستمر.
- فقدان الوزن بشكل مفاجئ.
- ألم في العُقَد اللمفاوية في بعض الأحيان.
كيف يتم تشخيص سرطان الغدد الليمفاوية؟
يقوم الطبيب بإجراء فحص جسدي عام، ويبحث بشكل خاص عن العُقَد اللمفاوية المتضخمة، وهذا العَرَض لا يعني بالضرورة أنك مصاب بالسرطان، ففي معظم الأحيان تسبب العدوى التي لا علاقة لها بالسرطان تَضَخُّم الغدد اللمفاوية.
لذا قد يقوم الطبيب بالحصول على خزعة من العُقَد الليمفاوية المتضخمة للتحقق من وجود خلايا سرطانية، فيقوم بإزالة العُقْدة الليمفاوية بأكملها أو جزء منها، أو يَستخدِم إبرة لأخذ عيِّنة صغيرة من الأنسجة من العقدة المصابة.
وقد يقوم الطبيب أيضاً بأحد هذه الاختبارات للمساعدة في تشخيص سرطان الغدد اللمفاوية، أو تحديد مراحله أو التحكم فيه:
- بزل أو خزعة نخاع العظم: يستخدم الطبيب إبرة خاصة لأخذ عيِّنة من نخاع العظم (الجزء الإسفنجي داخل العظم حيث تصنع خلايا الدم) للبحث عن خلايا سرطان الغدد الليمفاوية.
- الأشعة السينية للصدر: يتم إجراؤه باستخدام جرعات منخفضة من الإشعاع لالتقاط صور شعاعية للصدر.
- التصوير الشعاعي المقطعي المحوسب (CT) للبحث عن علامات سرطان الغدد الليمفاوية، مثل تضخم الغدد الليمفاوية أو الطحال أو الأعضاء الأخرى.
- التصوير بالرنين المغناطيسي: يَستخدِم مغناطيسات قوية وموجات راديوية لالتقاط صور للأعضاء والهياكل الموجودة داخل جسمك.
- PET scan: يَستخدِم اختبارُ التصوير هذا مادةً مشعَّة للبحث عن الخلايا السرطانية في جسمك.
- الاختبار الجزيئي: يُستَخدم هذا الاختبار للعثور على تغييرات في الجِينات والبروتينات والمواد الأخرى الموجودة في الخلايا السرطانية لمساعدة الطبيب على معرفة نوع سرطان الغدد الليمفاوية.
- تحاليل الدم: تتحقق هذه الاختبارات من عدد خلايا معيَّنة، أو مستويات مواد أخرى، أو دليل على وجود عدوى في الدم.
مراحل سرطان الغدد الليمفاوية
تَصِف مراحل سرطان الغدد الليمفاوية مدى انتشار السرطان، وما إذا كانت الأعراض موجودة أم لا، وتساعد هذه المعلوماتُ فريقَ الرعاية الصحية على تحديد مدى خطورة السرطان، وخطة العلاج الأنسب لحالة المريض.
تشمل المراحل الرئيسية لسرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكينية والهودجكينية ما يلي:
المرحلة الأولى من سرطان الغدد الليمفاوية
- يوجد السرطان في عقدة ليمفاوية واحدة.
- أو أن السرطان موجود في منطقة واحدة من عضو واحد، وليس جزءًا من الجهاز اللمفاوي بأكمله.
المرحلة الثانية من سرطان الغدد الليمفاوية
- يوجد السرطان في عُقْدتَين ليمفاويتَين، كلاهما على نفس الجانب من عضلة الحجاب الحاجز، وهي العضلة الرقيقة التي تفصل بين الصدر والبطن.
- أو ينتشر السرطان من عقدة ليمفاوية واحدة إلى عضو مجاور.
المرحلة الثالثة من سرطان الغدد الليمفاوية
- يوجد السرطان في العُقَد الليمفاوية على جانبَي (أعلى وأسفل) عضلة الحجاب الحاجز.
- أو يكون السرطان في العُقَد الليمفاوية فوق عضلة الحجاب الحاجز وفي الطحال.
المرحلة الرابعة من سرطان الغدد الليمفاوية
- إذا انتشر السرطان إلى عضو واحد على الأقل خارج الجهاز اللمفاوي، مثل نخاع العظام أو الكبد أو الرئتين.
ويمكن أيضاً تصنيف سرطان الغدد الليمفاوية عن طريق إضافة أحرف لاتينية إلى رقم المرحلة، وتُحدِّد هذه الحروف ما إذا كانت هناك أعراض معيَّنة، ومدى انتشار السرطان خارج العُقَد اللمفاوية، وتشمل هذه الفئات ما يلي:
- A: لا توجد أعراض.
- B: فقدان الوزن غير المبرَّر، والتعرُّق الليلي، أو الحمى.
- X: ورم كبير في الصدر (حجمه أكبر من 10 سم).
- E: سرطان خارج العُقَد البلغمية ينتشر إلى الأنسجة أو الأعضاء الأخرى.
- S: السرطان المنتشر في الطحال.
ما هي برامج علاج سرطان الغدد الليمفاوية؟
مع وجود العديد من الأنواع والأنواع الفرعية وتعدد مراحل المرض، فإن سرطان الغدد الليمفاوية له مجموعة واسعة من خيارات العلاج، ويعتمد العلاج على نوع سرطان الغدد الليمفاوية، ومرحلة المرض، وأهداف العلاج.
يمكن استخدام عدة أنواع من الأساليب ومجموعات العلاج للأطفال والبالغين المصابين بسرطان الغدد الليمفاوية، وتشمل هذه العلاجات ما يلي:
-
الانتظار مع المتابعة
اعتمادًا على حالة المريض، قد يَنصح مقدم الرعاية الصحية بتأجيل العلاج لفترة من الانتظار اليَقِظ لتتبع المرض إذا كان من نوع بطيء النمو من سرطان الغدد الليمفاوية، خاصة في حالات ليمفوما اللاهودجكين.
-
العلاج الكيماوي
العلاج الكيماوي هو العلاج الأساسي لمعظم حالات الليمفوما، وهو ينطوي على استخدام أدوية كيماوية لعلاج السرطان عن طريق الفم أو عن طريق الحَقن لقتل الخلايا السرطانية، ويمكن استخدام العلاج الكيماوي بمفرده، أو مع مجموعة من الأدوية، أو بالاشتراك مع علاجات أخرى.
-
العلاج الإشعاعي
يَستخدم العلاج الإشعاعي أشعةً سينية قوية وعالية الطاقة لإبطاء نمو الخلايا السرطانية أو قتلها، وغالبا ما يُستخدم بعد العلاج الكيماوي كعلاج من خطوتَين، وفي علاج الليمفوما اللاهودجكين غالبًا ما يتم الجَمع بين العلاج الإشعاعي والعلاج الكيماوي، ويمكن أيضًا دمجه مع العلاج المناعي في علاج يُسمى العلاج المناعي الإشعاعي.
-
العلاج المناعي
يتضمن العلاج المناعي استخدامَ أدوية لمساعدة جهازك المناعي على التعرُّف على الخلايا السرطانية وتدميرها بشكل أفضل، ويتم عادة استخدام نوعَين من العلاج المناعي لعلاج ليمفوما هودجكين خاصة، وهما الأجسام المضادة وحيدة النسيلة (نُسَخ صناعية من الأجسام المضادة النوعية)، ودواء أدسيتريس (brentuximab vedotin)، وهو جسم مضاد من صُنْع الإنسان تم تعديله لاستهداف الخلايا السرطانية التي تحمِل بروتين CD30، وقتلها، غالبًا ما يتم العثور على هذا البروتين في خلايا سرطان الغدد الليمفاوية هودجكين العادي.
-
العلاج الكيماوي بجرعة عالية مع زرع الخلايا الجَذعية
يَستخدم هذا العلاج الخلايا المكونة للدم من دم المريض، أو نخاع العظم، أو من متبرع آخر لتعويض الضرر الناجم عن العلاج الكيماوي بجرعة عالية.
-
العلاج الدوائي الموجَّه
يَستخدم العلاج الدوائي الموجَّه أدويةً تَستهدف تغيُّرات خاصة موجودة في خلايا سرطان الغدد الليمفاوية، وتعطِّل هذه الأدوية المَسار الذي يسبب نمو السرطان، وهي تختلف بناءً على نوع البروتينات المستهدَفة.
-
الجراحة
عادة ما تكون الجراحة مخصَّصة لأخذ عيِّنة من الأنسجة، لكنْ في حالات نادرة، يمكن استخدام الجراحة لعلاج سرطان الغدد الليمفاوية الذي انتشر خارج المحدود في الجهاز اللمفاوي، وهناك نوع نادر من ليمفوما الطحال يمكن أن يشفى بعملية استئصال الطحال.
هل سرطان الغدد الليمفاوية مُميت؟
بشكل عام، تُظهِر بيانات معدل البقاء على قيد الحياة أن 89% من الأشخاص المصابين بليمفوما هودجكين، و74% من الأشخاص المصابين بليمفوما اللاهودجكين بقوا على قيد الحياة بعد خمس سنوات من التشخيص.
معدلات البقاء على قيد الحياة هي تقديرات تَعتمِد على دراسة مجموعات من الأشخاص المصابين بهذا المرض، ولا يمكن لتقديرات معدل البقاء التنبؤ بالمدة التي قد يعيشها شخص بعينه مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية.
فإذا كانت لديك أسئلة حول معدلات النجاة من سرطان الغدد الليمفاوية، فاطلب من طبيبك أن يشرح لك ما يمكنه توقعه فيما يخص حالتك الصحية بالذات، ومرحلة المرض وأعراضه وتطوره والاستجابة للعلاج.
هل سرطان الغدد الليمفاوية خطير؟
يعتمد ذلك على نوع سرطان الغدد الليمفاوية، على سبيل المثال، قد يَجعل سرطان الغدد الليمفاوية غير هودجكين جسمك أكثر عرضة للإصابة بعدوى جرثومية أو فيروسية قد تهدد الحياة، أو الإصابة بأنواع أخرى من السرطان، أو بأمراض القلب، وتشير البيانات إلى أن حوالي 3 من كل 100.000 شخص في جميع أنحاء العالم يموتون بسبب نوع أو آخر من ليمفوما اللاهودجكين.
سرطان الغدد الليمفاوية عند الأطفال
العديد من عوامل الخطر للإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية لدى الأطفال هي نفسها عوامل الخطر بالنسبة للبالغين، ولكنّ أنواع معيَّنة من سرطان الغدد الليمفاوية أكثر شيوعًا عند الأطفال.
على سبيل المثال، يُعدّ سرطان الغدد الليمفاوية من نوع هودجكين أكثر شيوعًا عند الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا أو أقل، ولكن نوع اللاهودجكين الذي يحدث عند الأطفال عادة ما يكون عدوانيًا وسريع النمو.
والأطفال الذين يعانون من قصور في الجهاز المناعي، مثلما يحدث أحيانًا بعد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، أو أولئك الذين يتناولون الأدوية المثبطة للمناعة، هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية، وبالمثل، فإن الأطفال الذين خضعوا للعلاج الإشعاعي، أو العلاج الكيماوي لديهم خطر أكبر للإصابة بهذا النوع من السرطانات.
المصدر :
