يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى مجموعة من المشكلات الصحية، وهو يشكل خطرًا على القلب والدماغ والكلية والأعضاء الأخرى في حال استمراره، من هنا أهمية رصده وعلاجه قبل أن يترك مضاعفات لا تحمد عقباها.
أهم الخرافات حول ارتفاع ضغط الدم
إن معرفة الحقائق المتعلقة بارتفاع ضغط الدم تساعد على اتخاذ تدابير ناجحة تجاهه، ويعتبر دحض الخرافات المتعلقة به واحدًا من تلك التدابير الذكية. نستعرض هنا عددًا من المفاهيم الخاطئة التي تحيط بارتفاع ضغط الدم من أجل إلقاء الضوء عليها:
-
ارتفاع ضغط الدم هو أكثر من 140 ملم زئبق على 90 ملم زئبق
الحقيقة: عندما يقاس ضغط الدم فإننا نحصل على رقمَين، الرقم العلوي يشير إلى ضغط الدم الانقباضي، أما الرقم الثاني فهو ضغط الدم الانبساطي. في السابق كان يتم تعريف ارتفاع ضغط الدم بأنه أكثر من 140/90 ملم زئبق، إلا أن هذا التعريف تغير في السنوات القليلة الماضية ليصبح 130/80 ملم زئبق.
يجدر التنبيه هنا، أن الكثير من الناس يقومون بقياس ضغط الدم بوضع كفة القياس فوق كم القميص أو أي لباس آخر، وهذا خطأ، لأن القراءة ستكون غير صحيحة. يجب قياس ضغط الدم بوضع كفة مقياس جهاز الضغط على الجلد مباشرة.
-
ارتفاع أحد رقمَي ضغط الدم لا يعني أن هناك ارتفاعًا في ضغط الدم
الحقيقة: إن كلا الرقمَين مهمان عند قياس الضغط، ولكن قد يتساءل البعض: ماذا لو كان رقم واحد فقط هو المرتفع؟ في الواقع، إن ارتفاع رقم واحد على مقياس ضغط الدم، سواء كان الضغط الانقباضي أو الضغط الانبساطي، يعتبر هو الآخر ارتفاعًا في ضغط الدم، ويمكنه أن يشكل خطرًا على صاحبه ويعرّضه إلى خطر الإصابة بأزمات قلبية أو دماغية.
يولي الأشخاص اهتمامًا أكبر لرقم الضغط الانقباضي مقارنة برقم الضغط الانبساطي، إلا أن الخبراء يقولون إن القلب يستطيع تحمل الرقم الأول (الانقباضي) أكثر من الرقم الثاني (الانبساطي)، ومع ذلك فمع التقدم في العمر يميل الرقم الانقباضي إلى اكتساب أهمية إضافية لأنه يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلية والأزمات الدماغية.
-
ارتفاع ضغط الدم يعطي أعراضًا واضحة
الحقيقة: لا توجد أعراض وعلامات واضحة تشير إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم، خاصة أن هذا المرض الذي يعرف باسم "القاتل الصامت" يمكن أن يبقى من دون أعراض لفترة طويلة، دون أن يدري المريض به، إلى حين اكتشافه بالصدفة، أو بعد بطشه بواحد أو أكثر من أعضاء الجسم. إذا لم يكن هناك ارتفاع شديد في ضغط الدم فلن تظهر له أعراض تُذكر.
-
إذا كان النبض طبيعيًا فإن ضغط الدم يكون كذلك
يعتقد البعض أنه إذا كان نبضه طبيعيًا، أي عدد دقات القلب في كل دقيقة، فإن ضغط الدم سيكون طبيعيًا أيضًا، وهذا ليس صحيحًا، فمعدل النبض الطبيعي، لا يشير بالضرورة إلى وجود ضغط دم طبيعي. الطريقة الوحيدة التي تسمح برصد أي ارتفاع في ضغط الدم لديك، هو القيام بقياسه في كل مرة تزور فيها مقدم الرعاية الصحية، أو باستعمال جهاز قياس الضغط المنزلي.
-
إذا كان ارتفاع ضغط الدم منتشرًا لدى عائلتي، فلا شيء أستطيع القيام به
الحقيقة: يميل ارتفاع ضغط الدم إلى الانتشار عائليًا، إذا كان أحد والديك أو أحد أقاربك من الدرجة الأولى مصابًا به فمن المرجح أن تصاب به أيضًا، ومع ذلك؛ فإن هذا لا يعني أنه لا يمكن القيام بشيء، فخيارات نمط الحياة والحمية القليلة الملح تسمح للعديد من الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من ارتفاع ضغط الدم أن يتجنبوا الإصابة به، من خلال اتباع نظام غذائي صحي، والحفاظ على وزن مثالي، وممارسة الأنشطة الرياضية المنتظمة، وتقليل الملح في الطعام، ومحاربة العوامل التي يمكنها أن تؤجج من ارتفاع الضغط مثل قلة النوم، والتوتر، وزيادة الوزن، والسُّمنة، والتدخين، والمشروبات الروحية.
-
لا أتناول ملح الطعام، لذا فأنا محمي من ارتفاع ضغط الدم
الحقيقة: لدى بعض الناس علاقة وثيقة بين كمية الملح المستهلكة في الطعام وارتفاع ضغط الدم، من هنا تبرز أهمية تقييد كمية الملح (الصوديوم) في الطعام، وفي هذا الإطار، توصي منظمة الصحة العالمية بعدم استهلاك أكثر من 5 غرامات من الملح يوميًا.
ولكن عدم إضافة الملح إلى الطعام لا تكفي لوحدها في السيطرة على كمية الصوديوم التي تدخل إلى الجسم، لأن الملح يوجد مخفيًا في أغذية أخرى كثيرة من شأنها أن تزيد من مستوى الصوديوم في الجسم، مثل اللحوم والأغذية المصنعة والمحفوظة بالأملاح، والخبز، والبيتزا، والحساء، وصلصة الطماطم، والتوابل، والأطعمة المعلبة، والوجبات الجاهزة، والحلويات، والمخبوزات، والمخللات، والزيتون، والأجبان، والمكسرات، والمخللات وغيرها. يجب قراءة الملصقات على المنتجات الغذائية بدقة والانتباه جيدًا إلى رموز مثل "صودا" أو "صوديوم" أو NA، التي تشير إلى وجود الملح فيها.
-
القضاء على التوتر يجنّبني ارتفاع ضغط الدم
الحقيقة: على الرغم من أن التوتر يمكن أن يسبب ارتفاعًا في ضغط الدم، فإن هذا الارتفاع يبقى مؤقتًا ويزول بمجرد زوال التوتر، وتشاهد هذه الظاهرة عند الأشخاص الطبيعيين والمصابين بارتفاع ضغط الدم.
-
إذا اكتشف الطبيب أنّي مصاب بارتفاع ضغط الدم فأنا لست بحاجة للتحقق منه في المنزل
الحقيقة: إن قراءة الضغط عند مقدم الرعاية الصحية لا تكفي لوحدها، خاصة وأن ضغط الدم متقلب ومتغير، لهذا لا بد من المراقبة المنزلية للضغط، لأنها تزود مقدم الرعاية الصحية بمعلومات قيمة لمعرفة ما إذا كنت تعاني بالفعل من ارتفاع ضغط الدم، أو للتأكد من أن خطة العلاج الخاصة بك مناسبة أو لا. من المهم أن تأخذ قراءات الضغط في نفس الوقت كل يوم لثلاث مرات صباحًا وظهرًا ومساء، وحاول أن تفرّغ مثانتك وتتجنب الحركة أو القيام بأي مجهود قبل القياس.
-
شرب القهوة يرفع ضغط الدم
الحقيقة: نظرًا لأن الكافيين الموجود في القهوة هو مادة منبهة، يعتقد البعض أنها يمكن تسبب ارتفاعًا في الضغط، إلا أن الغالبية العظمى من الأبحاث لم تُظهر هذا التأثير. إن استهلاك الكافيين بانتظام لا يؤدي إلى رفع ضغط الدم، ولكنه قد يكون عاملًا مشجعًا في حال تناوله بكميات كبيرة ضمن مشروبات أخرى مثل الصودا أو مشروبات الطاقة.
-
ارتفاع ضغط الدم يصيب الرجال أكثر من النساء
الحقيقة: قبل سن الخمسين يكون ارتفاع الضغط أكثر شيوعًا عند الرجال منه عند النساء، ولكن بعد انقطاع الطمث، يزداد خطر حدوثه عند المرأة لدرجة أنه يمكن حدوثه عندهن أعلى من الرجل.
-
إذا كنت أتناول خافضات الضغط فإنه لا حاجة لي لممارسة الرياضة ومراقبة ما آكله
الحقيقة: إن السيطرة على ضغط الدم بواسطة الأدوية لا يعني بأي حال من الأحوال التوقف عن الالتزام بنظام غذائي صحي للقلب وممارسة الرياضة وإحداث تغيرات إيجابية في نمط الحياة، فهذه ضرورية للتقليل من خطر التعرض للنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
-
إذا انخفض ضغط الدم بواسطة الدواء فإنه يمكنني وقفه
الحقيقة: إن أدوية خافضات الضغط لا تشفي من مرض ارتفاع الضغط، لهذا يجب تناولها مدى الحياة، لأن التوقف عن تناولها سيجعل الضغط يرتفع مرة أخرى. في كل الأحوال، لا يجوز أبدًا التوقف عن تناول أدوية ضغط الدم من دون استشارة مقدم الرعاية الصحية.
-
أنا أصغر من أن أعاني من ارتفاع ضغط الدم
الحقيقة: صحيح أن ارتفاع ضغط الدم شائع عند كبار السن بسبب تصلب الشرايين، إلا أن البالغين الأصغر سنًا وحتى الأطفال والمراهقين يمكن أن يصابوا به أيضًا، لذا فإنه يجب قياس ضغط الدم لكل الأفراد من جميع الأعمار، فالكشف المبكر عن ارتفاع ضغط الدم وعلاجه في الوقت المناسب يسمحان بتحقيق نتائج صحية أفضل على المدى البعيد.
-
إن نسبة خطر الإصابة بارتفاع الضغط هي نفسها عند جميع الأعراق
الحقيقة: يتعرض البالغون ذوو البشرة السوداء لخطر متزايد من ارتفاع ضغط الدم مقارنة بغيرهم من الأعراق الأخرى لأسباب ما تزال غير واضحة تمامًا، ويعتقد الخبراء بوجود عوامل متنوعة تساهم في كثرة حدوث ارتفاع الضغط عند الأشخاص من ذوي البشرة السوداء، من بينها عوامل وراثية واجتماعية واقتصادية والسمنة ومرض السكري.
-
أفكر في تناول أدوية عشبية لعلاج ارتفاع ضغط الدم بدلًا عن الأدوية التي وصفها لي طبيبي
الحقيقة: تدَّعي العديد من العلاجات العشبية أنها تعالج ارتفاع ضغط الدم، إلا أن فعاليتها تبقى محدودة إن لم نقل معدومة في كثير من الأحيان، ناهيكم عن آثارها الجانبية الخطيرة. إذا كنت تفكر في العلاجات العشبية كبديلة عن أدويتك التي وصفها لك طبيبك، فمن الأولى أن تناقش الأمر معه قبل دمجها في أي خطة علاجية للتعامل مع ارتفاع ضغط الدم.
يتفق مقدمو الرعاية الصحية على أن ارتفاع ضغط الدم هو مشكلة كبيرة، لأنه قد يكون السبب وراء حدوث مضاعفات قاتلة في حال لم يتم رصده وعلاجه في الوقت المناسب. ولعل الشيء المرعب في ارتفاع ضغط الدم هو أن غالبية المصابين به لا يعلمون بوجوده، لهذا يطلق عليه اسم القاتل الصامت.
هناك اعتقادات خاطئة تدور حول ارتفاع ضغط الدم تساهم بشكل أو بآخر، في تأخير الكشف عنه، أو قد تعرقل من اتخاذ التدابير الكفيلة بعلاجه والسيطرة عليه، لهذا تبدو أهمية التسلح بالمعرفة والمعلومات الصحيحة لفضح تلك الاعتقادات من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة للتحكم الأمثل بضغط الدم على المدى الطويل بعيدًا عن المضاعفات، وما أخطرها.
