صحــــتك

متى يدل تجنّب التواصل البصري في الأطفال على مشكلة؟

يمكن أن يدل النظر في عين شخص ما على الاهتمام والاحترام والألفة والثقة والاهتمام والرعاية. وفي بعض الأحيان، يمكن أن يكون تجنب الاتصال بالعين للحظات قصيرة جزءًا طبيعيًّا من نمو الطفل، خاصة إذا كان الطفل يتعامل مع مشاعر غير مريحة. لكن، قد يكون التواصل البصري أو النظرة المباشرة صعبًا بالنسبة لبعض الأطفال، ويمكن أن يشير  تجنب التواصل البصري إلى مشكلة طبية أو عاطفية قد تحتاج إلى التدخل مثل اضطراب طيف التوحد واضطراب القلق الاجتماعي. لذلك، من المنطقي أن يشعر الآباء بالقلق إذا لاحظوا أن طفلهم يبدو أنه يكره النظر في أعينهم.

لماذا التواصل البصري مهم؟

يستخدم الناس التواصل البصري لبناء الثقة والألفة والحب والتواصل. وغالبًا ما يقال إن العين هي "نافذة" على أرواحنا، مما يعني أن العواطف والنوايا والأفكار غالبًا ما تكون واضحة جدًّا بمجرد النظر في عيون شخص ما. ونستخدم أعيننا أيضًا كجزء أساسي من التواصل غير اللفظي والذكاء العاطفي. ويمكن أن تشير نظرة في عين شخص ما إلى جميع أنواع الأشياء من عدم الراحة أو عدم الارتياح إلى الشك أو الخوف إلى الفرح أو المفاجأة. وفي بعض الأحيان، يكفي مجرد الاتصال بالعين لمعرفة أفكار شخص ما، مثل ما إذا كان يكذب أو إذا كان يريد التحدث على انفراد.

ومن الناحية التطورية، يلعب التواصل البصري دورًا رئيسيًّا في بقاء الطفل على قيد الحياة، حيث يلعب التواصل البصري بين الطفل ووالديه دوراً مهماً لحصول الطفل على احتياجاته من الطعام والراحة والمأوى. وتشير الدراسات إلى أن الأطفال حديثي الولادة يفضلون النظر إلى الوجوه التي تتفاعل معهم والنظر في أعينهم.

ويقول بيتر سميث الأستاذ المساعد لطب الأطفال في جامعة شيكاغو ورئيس الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال التنموي والسلوكي: "التواصل البصري هو شكل مهم من أشكال الاتصال بين الرضع والأطفال الصغار مع والديهم ومقدمي الرعاية لهم".

وعندما يقوم الأطفال بالتواصل البصري، فإنهم يتعلمون عن بيئتهم والأشخاص الذين يتفاعلون معهم. ويخبرنا البحث أنه منذ الطفولة فصاعدًا، يستخدم الأطفال الإشارات الاجتماعية مثل الاتصال بالعين لفهم العالم من حولهم بشكل أفضل. ويتعلمون أيضًا تفسير ومحاكاة تعابير الوجه التي تتماشى مع التواصل البصري. وتساعدهم هذه التجارب على أن يكونوا قادرين على "قراءة" الناس، وتطوير مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية.

التطور النموذجي للتواصل البصري

يشرح الدكتور سميث أنه منذ الولادة يكون الأطفال مجبرين على البحث عن التواصل البصري، وتكون رؤية الرضيع أفضل عند حوالي 6 إلى 8 بوصات، وهي المسافة الصحيحة لرؤية وجه مقدم الرعاية عند حمله (أو إرضاعه) بين ذراعيه. وتظهر الأبحاث أيضًا أن مشاهدة الوجوه وعيون الناس أمر يستمتع به الأطفال بشكل خاص. ويبدو أن الأطفال متناغمون مع التعلم عند مطالبتهم باستخدام النظرة المباشرة قبل تقديم المعلومات. لهذا، في أي عمر، تعد صعوبة التواصل البصري سببًا محتملاً للقلق. وذلك لأن الاتصال بالعين هو شكل أساسي من أشكال التواصل.

وبين عمر 2 و6 أشهر، يحافظ معظم الأطفال باستمرار على الاتصال المباشر بالعين، ويزداد وقت التواصل والتركيز مع التقدم بالعمر. وعادةً ما يستمر الأطفال في مرحلة النمو في البحث عن التواصل البصري من أحبائهم والآخرين أثناء نموهم. وتعد مشاركة الاتصال البصري طريقة أساسية يتواصل بها الأطفال مع شعورهم بالأمان والرعاية والمحتوى. كما أن الاتصال بالعين الذي يتلقونه من الأشخاص من حولهم يشير أيضًا إلى القبول والراحة والألفة والاهتمام والرعاية.

لماذا قد يتجنب الأطفال ملامسة العين؟
وفي حين أن البحث عن النظرة المباشرة هو سلوك بشري طبيعي، فهناك مواقف يواجه فيها بعض الأطفال مشكلة في الاتصال بالعين. وقد تكون هذه طبية، مثل الأطفال الذين يعانون من إعاقات بصرية، والتي يمكن أن تجعل النظرة المباشرة صعبة، كما يقول الدكتور سميث. أو قد تكون هذه المشكلات بسبب مشاكل الصحة النفسية عندما يعاني الأطفال من عواطفهم. وهذا شائع بشكل خاص عندما يشعرون بالضعف أو الانزعاج أو الحرج، أو إذا كانوا يعانون من اضطراب ما. 

صعوبة التواصل البصري أثناء مواجهة المشاعر الكبيرة

من الطبيعي أن يعاني الأطفال من مشاكل في التواصل البصري في مواقف معينة. مثلا، قد يكون الاتصال بالعين صعبًا عندما تكون العواطف قاسية لأي شخص، ولكن بالنسبة للأطفال، الذين لا يزالون يعملون على التنظيم العاطفي والمهارات الاجتماعية، قد يكون الأمر أكثر صعوبة. لهذا السبب، يتجنب العديد من الأطفال التواصل البصري إذا شعروا بالحزن أو الخوف أو الخجل أو الانزعاج أو التوتر أو عدم القدرة على التعامل أو الإحراج. بالإضافة إلى ذلك، قد يتجاهلون الاتصال بالعين عندما يفعلون شيئًا خاطئًا، أو يكون لديهم سر، أو عندما يكونون في حيرة من أمرهم. وبهذه الطريقة، يصبح تجنب الاتصال بالعين آلية تأقلم لعدم السماح للآخرين برؤية أو ملاحظة الأذى أو الضعف، أو لتجنب تحمل المسؤولية. ويشير هذا إلى أن الطفل لديه مشاعر كبيرة قد يحتاج إلى المساعدة في التعامل معها.

وعلى الوالدين مراقبة مدى تكرار هذه المشكلة وما إذا كانت هناك أعراض أخرى قد تشير إلى وجود مشكلة تتعلق بالصحة العقلية، مع ملاحظة أن هناك فرقًا بين تجنب النظر بسبب الخجل أو الشعور بالضيق وبين مجرد كره أو مواجهة صعوبة في التواصل البصري على الإطلاق.

ولا يوجد عمر محدد يواجه فيه الأطفال الذين يتطورون صعوبة في التواصل البصري، ومن خلال التوجيه والخبرة، يبدأ الأطفال في تعلم كيفية تنظيم عواطفهم بشكل أكثر فعالية في المواقف الصعبة. ومع تطورهم خلال مرحلة الطفولة المتوسطة وسنوات المراهقة، يصبحون أكثر قدرة على التواصل البصري. وفي أوقات التوتر أو التحدي أو المواقف المؤلمة الأخرى، قد يتجنب حتى الأطفال الأكبر سنًّا الاتصال بالعين عندما يعانون من مشاعرهم أو ما يجب عليهم فعله.

التواصل البصري والتحديات الاجتماعية العاطفية

يختلف مستوى الراحة في التواصل البصري والمهارات الاجتماعية العاطفية والتواصلية بشكل كبير. ومن المرجح أن يكره الأطفال الذين لديهم تحديات اجتماعية وعاطفية التواصل البصري. وقد يعاني الأطفال الانطوائيون، وأولئك الذين يعانون من مشاكل سلوكية، والأطفال تحت الضغط، وأولئك الذين يعانون من القلق واضطرابات الصحة العقلية الأخرى أكثر من خلال النظرة المباشرة.

وتشمل حالات الصحة العقلية المرتبطة بكره الاتصال البصري اضطرابات القلق، واضطراب الوسواس القهري، واضطراب السلوك، والاكتئاب، واضطراب التحدي المعارض. ولاحظ أن تجنب النظرة المباشرة عندما يكون تحت الضغط أو الشعور بعدم الراحة ليس بالضرورة مؤشرًا على أن طفلك يعاني من مشكلة تتعلق بالصحة العقلية ما لم تكن هناك أعراض أخرى أيضًا.

وتظهر الأبحاث أن أولئك الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي لديهم مشكلة خاصة في النظرة المباشرة. وخاصة مع أولئك الذين لا يعرفونهم جيدًا، حيث يجعلهم ذلك غير مرتاحين ويشعرون بأنهم تحت دائرة الضوء، مما يسبب التوتر والاضطراب العاطفي والتجنب. ويمكن لبعض الأطفال الذين يعانون من الصدمة أن يجدوا صعوبة في بعض جوانب التفاعلات الاجتماعية، بما في ذلك التواصل البصري.

متى يدل تجنب التواصل البصري على اضطراب طيف التوحد؟

غالبًا ما يواجه الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد صعوبة في التواصل البصري، وإن لم يكن ذلك دائمًا، وقد لا تكون هذه المشكلة واضحة منذ البداية. وعادةً ما تتضمن أعراض اضطراب طيف التوحد صعوبة في التواصل والتفاعل بين الأشخاص، بما في ذلك تجنب النظرة المباشرة، إلى جانب مجموعة كبيرة من العلامات والأعراض الأخرى مثل السلوكيات التقييدية أو المتكررة، والاهتمام الشديد بمواضيع معينة، وعدم الاستماع إلى الآخرين أو النظر إليهم، وعدم الاستجابة عادة للإشارات الاجتماعية.

وعادة يبدأ بعض الأطفال المصابين بالتوحد في تجنب الاتصال بالعين بعمر 6 أشهر، بينما تشير بعض الدراسات إلى أن بعض الأطفال الذين تم تشخيصهم لاحقًا بالتوحد قد يبدأون في إظهار علامات تجنب ملامسة العين في وقت مبكر من عمر شهرين.

وقد لا يكون تجنب الاتصال بالعين واضحا أو مستدعيا للقلق للعين غير المدربة، ولكن إذا تم التقاطها مبكرا، فقد يتمكن الأطفال الذين من المحتمل أن يصابوا باضطراب طيف التوحد من الحصول على العلاج عاجلاً. ويُعتقد أن التدخل المبكر للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد يؤدي إلى نتائج أفضل.

كيف تساعد طفلك على تعزيز التواصل البصري؟

في كثير من الأحيان، عندما يتجنب الأطفال التواصل البصري، يكون ذلك بسبب الموقف الذي يعيشون فيه والمشاعر التي يشعرون بها. وفي أوقات أخرى قد تكون علامة على مشاكل الصحة العقلية. لذلك، تأكد من استشارة الطبيب أو المعالج إذا كنت تشك في أن حالة النمو أو الصحة العقلية هي أصل المشكلة.

لأن الحصول على التشخيص الصحيح والتعرف على أن طفلك يعاني من بعض المشكلات الاجتماعية والعاطفية أو الصدمات سيساعده في الحصول على العلاج المناسب. ويجب أن يتم تقييم الطفل من قبل طبيب أو فريق مدرب على التشخيص الرسمي لاضطراب طيف التوحد. وقد يتم فحص عين طفلك لاستبعاد أي مشاكل أخرى في الرؤية.

وبالنسبة لأي طفل، يمكنك أيضًا تشجيعه على إجراء المزيد من التواصل البصري وزيادة مستوى راحته بعدة طرق في المنزل:

  1. يمكنك نمذجة هذا السلوك من خلال التواصل البصري معهم. حاول القيام بذلك في الأوقات التي تشعر فيها بالضعف أو تجري محادثة جادة وكذلك في الأوقات الممتعة.
  2. يمكنك أيضًا أن تطلب من طفلك بلطف أن ينظر إليك في عينيك عندما تتحدث. وفي بعض الأحيان، يحتاج الأطفال فقط إلى تذكير وممارسة هذه المهارة. وغالبًا ما يتعلم الأطفال مهارات جديدة بشكل أفضل من خلال اللعب والكثير من التكرار. ويمكنك حتى أن تجعلها لعبة عن طريق إجراء مسابقات تحديق لمعرفة من يمكنه الاحتفاظ بنظرة مباشرة أطول فترة ممكنة.
  3. عندما تلاحظ أن طفلك يتجنب التواصل البصري، يمكنك أيضًا أن تسأله لماذا وكيف يشعر. بهذه الطريقة، يمكن أن يصبح تجنبه للتواصل البصري إشارة إلى حدوث شيء آخر. وقد يحتاج إلى دعمك وتوجيهك. والعمل على قدرته على تحديد المشاعر والتعبير عنها ومهارات التأقلم الأخرى يمكن أن يساعده على الشعور براحة أكبر مع التواصل البصري في أوقات التوتر أيضًا.

* المصدر:

How to Help a Child Who Doesn't Like Eye Contact

 

آخر تعديل بتاريخ
02 سبتمبر 2022

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.