السواك أو المسواك، هو ممارسة قديمة يعود تاريخها إلى أكثر من 7000 سنة، وهناك معطيات تقول إن البابليين كانوا أول من استخدم السواك في تنظيف الأسنان، وأن استعماله استمر بعد ذلك في العديد من الثقافات والأديان، خاصة في دول الشرق الأوسط والهند وإفريقيا وتركيا ودول أخرى في آسيا.
وتعود أول إشارة مكتوبة عن استخدام السواك إلى أكثر من 4000 سنة في مصر القديمة، كما تم اكتشاف آثاره في مدينة "هاربا" القديمة الواقعة في بلاد الباكستان، ويرجع تاريخها إلى أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد.
ورَد استعمال السواك في النصوص الدينية، وحتى أيامنا هذه، ما زال السواك يُستخدم على نطاق واسع في العديد من البلدان الإسلامية، وهناك معطيات تفيد بأن استعماله آخذ في الانتشار في ديار أخرى من العالم، نظرًا لفوائده المتعلقة بصحة الفم.
ما هو السواك؟
هو غصن لا يتعدى طوله 10 سم، مأخوذ من شجرة برية دائمة الخضرة اسمها الأراك salvadora persica، التي توجَد في منطقة شبه الجزيرة العربية، ولكن يمكن الحصول عليه أيضًا من أشجار أخرى، إلا أن سواك شجرة الأراك يظل الأفضل على الإطلاق.
التركيب الكيميائي
ربَّ سائل قد يسأل: ما هو الشيء الذي يجعل من السواك فعالًا لصحة الفم؟
في الواقع، يكمن الجواب على هذا السؤال في المكوّنات النشِطة المتواجِدة فيه، فإذا قارناه مع مطهرات الفم ومعاجين الأسنان وغسول ومساحيق الأسنان التي تضم مكونًا واحدًا أو اثنين فقط، فإن السواك يحتوي على مجموعة تقارب العشرين من المكونات النشطة التي تعزز من صحة الفم والأسنان. نستعرض هذه المكونات فيما يلي:
- مواد قلوية، وهي تملك تأثيرات مضادة للبكتيريا.
- السيليكا، وهي مادة كاشطة طبيعية تساعد على إزالة البقع على الأسنان.
- الكالسيوم والفلوريدات والكلوريدات، وهي مكونات مهمة تساهم في بناء الثروة المعدنية لبنية الأسنان.
- الكبريت والفيتامين سي، وهما مهمان لصحة الأسنان.
- مواد راتينجية، وهي تعمل على تشكيل طبقة واقية فوق مينا الأسنان لحمايتها من التسوس.
- مواد عفصية، وهي تعمل كمعقّم طبيعي وتحفز على إفراز اللعاب.
- زيوت أساسية، وهي تعطي طعمًا خفيفًا، وتوفر الراحة والنفَس المنعش في الفم، وتحفز على إنتاج اللعاب.
- إنزيمات مضادة للأكسدة.
- مواد صابونية بكميات ضئيلة.
الفوائد
صحة الفم والأسنان لها تأثير كبير على صحة الفرد ورفاهيته بشكل عام، فقد كشفت الدراسات عن وجود علاقة بين سوء صحة الفم والإصابة بعدد من الأمراض الجهازية المزمنة، من هنا؛ فإنه ينصح بالسواك لِكَونه أداة طبيعية وفعالة للعناية بصحة الفم، لأنه يحتوي على الكثير من المركبات النشطة. هناك دراسات كثيرة قالت بوجود فوائد للسواك هي الآتية:
1. يمنع تراكم البلاك وتشكّل الجير
يؤدي تراكم البلاك (اللويحات السنية) على الأسنان إلى تشكيل طبقة الجير المسؤولة عن الغالبية العظمى من مشكلات الفم، مثل أمراض اللثة وضياع الأسنان. يعمل تنظيف الأسنان باستعمال السواك على منع تشكل البلاك والجير، وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على أطفال المدارس في إثيوبيا وطلاب الطب في المملكة العربية السعودية، أنه يزيل البلاك بشكل أكثر فعالية من فرشاة الأسنان التقليدية.
2. يحارب تسوس الأسنان
بات تسوس الأسنان شائعًا في أيامنا هذه بسبب وفرة ما هبّ ودبّ من الأغذية والمشروبات التي تغذي البكتيريا السيئة في الفم، إذ تتغذى هذه على السكر لتطلق أحماضًا تؤدي إلى تآكل مينا الأسنان، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث التسوس. يحرض السواك على إفراز اللعاب الذي يحول دون تراكم الأحماض التي تخرب طبقة المينا في الأسنان.
3. يملك خصائص مضادة للبكتيريا
يحتوي جوف الفم على نوعَين من البكتيريا، الأول يساعد على الهضم ويحافظ على صحة الفم، أما النوع الثاني فهو بكتيريا سيئة همّها الأول تدمير الأسنان وتخريب اللثة وعظم الفك. أفادت البحوث أن السواك يحتوي على مركّبات نشِطة تقف بالمرصاد للبكتيريا السيئة، مانعة إياها من تحقيق أهدافها المدمرة للأسنان واللثة.
4. يساعد على التخلص من الرائحة الكريهة للفم
رائحة الفم الكريهة هي مؤشر على أن الأمور داخل الفم ليست على ما يرام. ليس هناك سبب واحد لرائحة الفم الكريهة، بل أسباب عديدة. يمكن للسواك، المضاد للبكتيريا والمحرض على إفراز اللعاب، أن يساعد على التخلص من الرائحة الكريهة للفم.
5. يحفز على إنتاج اللعاب
قد يؤدي الطعم اللاذع والتأثيرات الناتجة عن عملية مضغ السواك إلى طرح مزيد من اللعاب الذي يساعد على إزالة بقايا الطعام، ويمنع تراكم البكتيريا داخل الفم.
6. يحسّن من صحة الفم
يساعد الاستخدام المنتظم للسواك على تحسين صحة الفم والحفاظ على صحة الأسنان ومنع التهاب اللثة. لقد تبين أن الألياف الشَّعرية للسواك هي أكثر أمانًا ونعومة بالمقارنة مع شعيرات فرشاة الأسنان الصناعية.
7. يعطي طعمًا منعشًا ورائحة جميلة للفم
السواك غني بالمركبات والزيوت العطرية المتطايرة التي تعطي طعمًا محببًا ورائحة ذكية تنعش الفم والأنفاس، ما يعزز من الشعور بالانتعاش.
8. يقلل من حساسية الأسنان
لقد وجِد أن السواك يساعد في تقليل حساسية الأسنان، ويخفف من الانزعاج الناجم عن المشروبات الساخنة أو الباردة مع مرور الوقت.
9. يملك خصائص أخرى
أشارت بعض الدراسات إلى أن السواك يملك خصائص أخرى، فهو يملك تأثيرات مضادة للفطريات والفيروسات، كما يملك تأثيرات مضادة للأكسدة تحمي من الإجهاد التأكسدي الناجم عن الجذور الحرة. علاوة على هذا وذاك، فقد يفيد السواك في تسكين الآلام الناجمة عن التهابات الفم واللثة.
هل من مخاطر صحية لاستعمال السواك؟
بشكل عام، يمكن القول إن استخدامه آمن، ولكن من المهم اتخاذ بعض الاحتياطات المهمة، لتجنب خطر التلوث أو انتشار العدوى، كما يجب الامتناع عن الاستعمال المفرط له، لأنه قد يتسبب في انحسار اللثة الذي ينتج عن الاحتكاك الميكانيكي المتكرر لعود السواك مع اللثة. هناك حالات حساسية تم تسجيلها جراء استعمال السواك، ولكنها تبقى حالات نادرة.
كيفية استخدامه:
- يتم نقع طرف عود السواك في الماء المضاف إليه القليل من الملح.
- يتم إخراج العود من الماء ويغسل جيدًا.
- يتم قص أو مضغ أحد طرفي عود السواك بمعدل بوصة واحدة من أجل الكشف عن الألياف النباتية التي تشبه الشعر.
- تُستخدم الألياف الشَّعرية لفرك السن ابتداء من نقطة تقاطعه مع اللثة باتجاه حافة السن.
- يتم تكرار العملية على جانبي السن.
- يجب أن يستغرق تنظيف الأسنان بالسواك مدة لا تقل عن 5 دقائق لكي يعطي نتائج مُرضية.
- يمكن استعمال السواك للتخلص من الطبقة البيضاء التي تشاهَد على سطح اللسان.
- تفقد أعواد السواك نضارتها وفعاليتها مع مرور الوقت، لذا يجب استبدالها بأخرى أحدث منها.
السواك أم الفرشاة التقليدية.. أيهما أفضل؟
في دراسة أجراها المركز الوطني للمعلومات (NCBI) في الولايات المتحدة الأميركية حول مدى فعالية السواك مقارنة بفرشاة الأسنان التقليدية في نظافة الفم، جاءت النتائج لتقول إن السواك، كأداة طبيعية، يتفوق على فرشاة الأسنان من حيث الفعالية، إذ يؤمِّن السواك إزالة أفضل للبلاك، ويقلل من حوادث نزف اللثة، ويحسّن من صحة الفم والأسنان.
الخلاصة
على الرغم من انتشار استخدام فرشاة ومعجون الأسنان، فإن هناك وسائل طبيعية لتنظيف الأسنان مثل استخدام السواك الذي يتم استحضار أعواده من بعض أنواع الأشجار، لعل من أشهرها، بل أفضلها، شجرة الأراك.
لا تقتصر فوائده على تنظيف الأسنان وإزالة الترسبات السنية (البلاك) وحَسب، فقد أظهرت نتائج دراسة سابقة نُشرت في المجلة الطبية السعودية أنه يمكن أن يحل محل فرشاة الأسنان التقليدية، لأنه يجمع بين وظائف فرشاة الأسنان ومعجون الأسنان في آن واحد. أشارت دراسات متعددة أجرتها منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الصحية المستقلة، أن الأشخاص الذين استخدموه بشكل منتظم كانوا أقل احتياجًا للرعاية السنية من أولئك الذين استخدموا الفرشاة ومعاجين ومساحيق الأسنان. في كل الأحوال؛ السواك خيار طبيعي لتنظيف الأسنان، ولا يحتوي على مواد كيميائية أو صناعية، لذا فهو صديق للبيئة.
