كيفية التخلص من العصبية والتوتر

ابنتي العزيزة:

أقول لكِ ولكل الأصدقاء الأعزاء الذين يعانون من مثل ما تعانين منه؛ حين نَجد صاحب التصرفات بنفسه هو من يستنكرها، أو يجدها غريبة بعض الشيء وتحتاج لمراجعة؛ فهذه أولاً علامة جيدة في العموم؛ فأن يكون الشخص على وعي بأن هناك شيئًا ما لديه يستوقفه فهذا أمر مبشر، لأن درجة الاضطراب الأكبر والأصعب حين يكون لدى الشخص اضطراب ولا يشعر بوجوده، ولا يلاحظه، ولا يعترف به، وبالتالي لن يعالجه أبداً.

والأمر الثاني هو التأكد من أن هذا الغضب العارم الذي يتم استثارته بسهولة يشير لأمرين، أو لاحتمالين في الغالب، أولهما ربما يكون هناك درجة من الخلل العضوي في بعض الناقلات العصبية، أي حالة وراثية جينية، وهذا يتم مراجعته والتأكد منه من خلال طبيب نفسي متخصص، وحين يتم علاجه بالأدوية يتحسّن الشخص جدًا جدًا، ولكن مَن يحدد ذلك هو طبيب المخ والأعصاب. والأمر الثاني هو وجود تاريخ من الضغوط النفسية على الشخص، وكان لديه قبل ذلك طاقة تتمكن من احتواء هذه الضغوط النفسية عليه، ولكن يصعب ذلك عليه الآن، وهنا يتمكن الشخص من رؤية التطور بنفسه إضافة إلى من حوله ليتأكد من ذلك أو ينفيه.

والثاني وهو الأهم؛ أن يكون هناك جوانب، أو أجزاء من الشخص تحتاج لرعاية منه هو، مثل الجانب الذي يفكّر ويفسّر الأمور التي يقوم بها الآخرون، والجانب مثلاً الذي يتحمل مسئوليات زائدة عن طاقته، والجانب مثلاً الذي لا يتمكّن من قول لا لأحد، وغيره من تلك الجوانب التي يجدها الشخص بالفعل بداخله، ويبدأ ذلك بالإنصات والاستكشاف لتلك الجوانب برفق وتعاطف، وتقدير واحترام لإرهاقها الكبير جراء ذلك، بعيداً عن الغضب من المُسبب، أو من نفسه بسبب الخضوع  لتلك الضغوط، ثم يبدأ في إيجاد الهدوء والحكمة التي تجعل تلك الجوانب تتوقف عن عملها التي اعتادت عليه، مع احترام مطالب مَن حوله منه في نفس الوقت، أي خلق التوازن بين القيام أو الاستقبال لتصرفات الآخرين، وبين التعبير أو القيام بأمور عليه أن يقوم بها في نفس الوقت.

هذه الخطوات ليست سهلة بالطبع، ويقوم بها المعالج النفسي الذي درس وسائل نفسية تساعد الناس في التخلص من الغضب الزائد، ولكن أحياناً يستطيع بعض الأشخاص أن يقوموا بها، فإن وجدت ذلك صعبًا عليكِ، فلا تبخلي على نفسك بتقديم يد العون لنفسك بالتواصل مع معالج نفسي ماهر يساعدكِ في التخلص من هذا الغضب يا ابنتي.