كيفية التخلص من التردد في اتخاذ القرار بشأن الزواج
تقدَّم لي شاب وجلسنا للتعارف ثلاث مرات، ولكن أشعر أنه لا يوجد قبول، وأخاف أن يكون هذا مجرد تخوف من الفكرة، هل هذا يزول مع الوقت، أم أنه عدم ارتياح؟
ابنتي العزيزة:
تقولين أنك بالفعل قابلتِه ثلاث مرات ولكن مع وجود الأهل، وعندك شكوك أنه قد يكون عدم الاهتمام راجع لخوفك من فكرة الارتباط كما فهمت، والحقيقة ثلاث مرات كافية للتعرف على وجود أو عدم وجود القبول كدرجة أولى للراحة النفسية تجاه الشخص، فالقبول ليس حباً مثلًا، ولكنه أول درجة فيه، وهي الراحة النفسية لوجوده، لتكون باقي مرات التواصل هي الكاشفة لوجود احتمالية "نمو" مشروع حب؛ حيث إن ذلك هو الأساس الأول في الزواج كما أراده الله لنا، وكما أظهرت لنا كواليس العيادات.
والحب ليس المقصود به حب قيس وليلى، أو حب روميو وجوليت، ولكنه درجات ازدياد الراحة النفسية والألفة والإعجاب والتفاهم؛ وتبقى باقي درجاته التي ستزداد مع خطوات إتمام مراسم الزواج، وإعلان هذا الزواج في المجتمع، إذا أعود مرة أخرى لما ذكرتِه، فأما خوفك من فكرة الارتباط فلن يَشعرها سواكِ، من خلال وجود تجارب لارتباطات قبل ذلك مثلًا، وتراجعينها، وتلاحظي أنك لا تجدين شيئاً واضحاً لك مثلًا، مما يجعلك لا تكملين مسيرة الارتباط، ودوماً تكون من جهتك، أو ربما تشعرين بخوفك غير المبرر أحياناً تجاه مسؤولية الزواج وتربية الأولاد، لدرجة تطغى على مشاعر الرغبة في الائتناس بشريك حياة، ورؤية متع الزواج حين يكون هناك شريك يحقّق كيان" نحن" الجديد عليكما، وبمعنى أدق ربما حين تجدين أن الشخص ليس نشازاً في حلمك تجاه الزواج عمومًا، وترفضينه، فهذه بعض العلامات التي قد تخص فكرة الارتباط نفسها لتنحيتها، أو اختيار وجودها في ارتباطك بهذا الشخص الآن.
وأريدك كذلك أن تلاحظي هل عدم قبولك هذا يعود لتصرف يقوم به، أو ربما طريقته في الحديث، أو لبسه الخارجي مثلاً، أو طريقة تفكيره، أو رأيه في أمور تهمك مثلًا؟ أم هي عدم راحة فقط، فكلاهما مهم وكلاهما لا يحققان نجاح الاختيار، ولكن التفرقة لكِ أنتِ، لذا أقترح عليكِ طلب لقائه وحدكما بدون وجود الأهل طول الوقت، لتتمكني من استكشاف نفسك، واستكشافه واستكشاف ما تحدثنا عنه براحة أكثر، وبعيداً عن ضوضاء وجود آخرين، سواء تلك الضوضاء التي تؤثر على استقبالاتك وإرسالك، أو تشوش على تركيزك معه لاستكشافه، أو غيره، وهذا حقكِ تماماً، واطلبيه بوضوح ووضّحي السبب له ولأهله وأهلك، ويمكنك تكرار ذلك أيضا لأخذ وقتك في القيام بهذه الخطوة.
وأخيرا؛ أذكّركِ أن الزواج قرار مهم، ولكنه ليس قرارًا صعبًا، والفارق كبير، وأن وقتك الذي ستأخذينه براحتك الآن هو أهم من أي وقت بعد ذلك؛ حين تزدحم المشاعر والضغوطات فلا تسمحي بذلك، فكثيرًا ما وجدنا في زواج كان ليس أفضل شيء ما تذكر أطرافه بعد سنوات بأن عدم الراحة كانت موجودة في البداية، ولكن تم القفز من فوقها حتى لم يَعُد سواها موجودًا بينهما فيما بعد، فالزواج ببساطة قبول وإيجاب، فاعتني الآن بنفسكِ، وتفقدي مشاعركِ وقبولكِ تجاهه، لأننا في تلك الفترة الأولى نكون أحرارًا تمامًا في الاختيار، وبعد الزواج نكون مسؤولين تمامًا عما اخترناه، ودمت بخير.
