بات واقع القطاع الصحي داخل قطاع غزة معروفاً، وهو يتدهور ساعة بعد ساعة في ظل الأوضاع المتأزمة والظروف الراهنة، وبغياب المساعدات اللازمة، يستقبل حالياً مجمع الشفاء الطبي -الذي يُعد أكبر مؤسسة صحية طبية داخل قطاع غزة- الجرحى بأعداد تفوق قدرته الاستيعابية، وهو مهدد بالخروج عن الخدمة.
ما هو مجمع الشفاء الطبي، وكم تبلغ مساحة مستشفى الشفاء؟
مجمع الشفاء الطبي، هو مجمع طبي حكومي تابع لوزارة الصحة الفلسطينية، ويعتبر أكبر مؤسسة صحية طبية داخل قطاع غزة. أُنشئ مستشفى دار الشفاء في العام 1946، وهو يقع في المنطقة الغربية الوسطى من مدينة غزة، على مفترق تقاطع شارع عز الدين القسام مع شارع الوحدة، أحد الشوارع الرئيسية في المحافظة.
يضم ثلاثة مستشفيات تخصصية، هي مستشفى الجراحة العامة ومستشفى الباطنة ومستشفى النساء والتوليد مع حضانة، لكن نتيجة القصف لمحيط مجمع الشفاء الطبي؛ تضرر قسم الحضانة الخاص بحديثي الولادة.
يضم المستشفى أيضاً قسم الطوارئ، ووحدة العناية المركزة، وهو مجهز بثلاث غرف للعمليات، وإضافة للجراحة العامة يوجد جراحة عظام ومسالك بولية وأنف وأذن وحنجرة، ومن ضمن الأقسام الطبية المساندة، قسم أشعة، ومختبر وبنك دم، وعلاج طبيعي، وتخطيط سمع، وتخطيط عصب، وفحوص أنسجة، وصيدلية، ووحدة هندسة وصيانة أدوات وأجهزة طبية.
ما القدرة الاستعابية لمجمع الشفاء الطبي؟
تبلغ القدرة السريرية الإجمالية للمستشفى 500 سرير مبيت، و300 سرير رعاية. لكن في ظل الظروف الراهنة تمت إضافة 300 سرير رعاية أخرى، ورغم ذلك لا يتم استيعاب عدد الجرحى الذين يفترشون طرقات المجمع. تبلغ مساحة المستشفى 42000 م2، وتبلغ مساحة مسطح البناء القائم 15235متراً مربعاَ، حيث يتكوّن المجمع من عدة أبنية، وبعض الأبنية تتكون من عدة طوابق، وقد تجاوز عدد موظفي المجمع بكافة تخصصاتهم 1440 موظفًا قبل الحرب.
كيف هو الوضع حالياً في مستشفى الشفاء؟
في ظل تهالك المنظومة الصحية وضَعف الإمكانيات على الرغم من قدرته الاستيعابية الكبيرة، فإن أعداد الجرحى والمصابين تفوق قدرة الطواقم الطبية والإمكانيات داخل المستشفى، وفي ظل الظروف الحالية بات المستشفى مهدداً بالخروج عن الخدمة، وهو غير قادر على استقبال المزيد من الجرحى، ما دفع الطواقم الطبية لتقديم العلاج للجرحى على الأرض، وهو يعج أيضاً بجثامين الشهداء التي لم تعد تتسع لهم ثلاجات الموتى، والنازحين الذين باتوا يلوذون به للاحتماء من الغارات، وهم نحو 40 ألف نازح فروا من القصف، أغلبهم نساء وأطفال، مما يوضح صعوبة الوضع داخل المجمع.
كم عدد الجرحى الذي يستقبلهم مجمع الشفاء الطبي في غزة في ظل الحرب؟
نتيجة لتدفق المصابين بسبب القصف الإسرائيلي، يستقبل مجمع الشفاء الطبي يومياً ما يتراوح بين 300 إلى 500 جريح، ما يضطر الكوادر الطبية للمفاضلة بين الجرحى وترك الحالات الصعبة الميؤوس منها في محاولة منهم لإنقاذ أكبر عدد من الأرواح، خصوصاً عندما يصلون دفعة واحدة وبالمئات نتيجة القصف، ليواجه طاقم مجمع الشفاء الطبي ظروفاً قاسية ووضعاً مأساوياً.
في ظل نفاد المستلزمات الطبية والأدوية؛ يضطر الطاقم الطبي إلى إجراء جراحات بدون تخدير وعلى ضوء الهاتف، وتعمل غرف العمليات طوال 24 ساعة، وكشفت بعض الشهادات الصادمة من مجمع الشفاء الطبي عن أجنة خرجت من الأرحام من شدة القصف.
لم يتلقَ المستشفى أي مساعدات أو مستلزمات طبية أو وقود منذ بدء التصعيد حتى اليوم، والمستلزمات المتبقية قد تنفد خلال ساعات، حتى كميات الوقود القليلة تلك التي قاموا بجلبها من الجامعات والمدارس والمحطات التجارية لاستمرار عمل المجمع. حتى أن الجسم الطبي نفسه في غزة لم يسلم بعدما فقدت بعض الكوادر الطبية نتيجة الاستهداف المباشر لبعض الأطقم الطبية وسيارات الإسعاف، أكثر من 50 شهيداً نتيجة القصف من القطاع الطبي، وعلى الرغم من ذلك يواصل من بقي من زملائهم العمل دون هوادة ليل نهار.
رائحة الموت في كل مكان، لا مستلزمات طبية، ونقص كبير في عدد الأطباء بالتخصصات النادرة، مثل جراحة الصدر، والأوعية الدموية، وفريق طبي مهدد، ويتناقص كل يوم نتيجة القصف أو التهجير، والوقود بات قاب قوسين أو أدنى من النفاد، هل يتحول مستشفى دار الشفاء وغيره من مستشفيات غزة إلى "مقبرة جماعية" للمصابين؟
