الرجفان الأذيني هو أحد أشكال عدم انتظام ضربات القلب، وهو في حد ذاته لا يشكل عادةً تهديدًا للحياة، ولكنه حالة مرَضية قد تزيد من خطر وفاة الشخص بسبب أمراض مرافقة له، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية والنوبات القلبية وفشل القلب. وإذا تم تشخيص الإصابة بمرض الرجفان الأذيني في وقت مبكر كانت نتائج علاجه أفضل.
وللمساعدة في التشخيص المبكر لمرض الرجفان الأذيني، طور علماء من جامعة لوكسمبورغ طريقة للتنبؤ باضطرابات نظم القلب قبل حوالي 30 دقيقة من حدوثها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي يكشف الأعراض المبكرة لمرض الرجفان الأذيني
في هذه الدراسة، طور الباحثون نموذجًا للذكاء الاصطناعي يسمى "التحذير من الرجفان الأذيني" للمساعدة في التنبؤ بهذه الحالة. يتكون نظام الذكاء الاصطناعي هذا من نموذج تعلّم عميق يقوم بإدخال مقاطع قصيرة مدتها 30 ثانية من معدل ضربات القلب، ويخرج احتمالية التحول الوشيك إلى الرجفان الأذيني.
فكلما زاد احتمال الخطر، زادت احتمالية التحول إلى الرجفان الأذيني. ويتكرر هذا التقييم كل 15 ثانية، وعندما يتجاوز هذا الاحتمال حداً معيناً، فإنه يطلق تحذيراً. تم تدريب نظام "التحذير من الرجفان الأذيني" واختباره في تسجيلات على مدار 24 ساعة لبيانات مخطط كهربية القلب التي تم جمعها من خلال أجهزة هولتر التي حملها 350 شخصاً في مستشفى تونغجي في ووهان الصين. وقال الباحثون إن الذكاء الاصطناعي قد أظهر أداءً مذهلاً عند البحث عن أنماط معينة في مجموعات البيانات الواسعة النطاق.
وأضاف القائمون على هذه التجربة أنه في معظم الحالات يكون من الصعب جدًا التعرف على مثل هذه الأنماط من قبل البشر، وبالتالي، قاموا باختبار الفرضية حول ما إذا كانت هناك بعض المعلومات "المخفية في معدل ضربات القلب في الدقائق التي تسبق التحول إلى الرجفان الأذيني، وكان التعلم العميق قادرًا على العثور على مثل هذه الأدلة من خلال 280 سجلًا لبيانات هولتر للمرضى الذين لديهم تلك التحولات إلى الرجفان الأذيني.
توقُّع حدوث الرجفان الأذيني قبل حدوثه بنصف ساعة
عند اختبار نموذج التحذير من الرجفان الأذيني وجد فريق الباحثين أنهم قادرون على التنبؤ بالانتقال من إيقاع القلب الطبيعي إلى الرجفان الأذيني بتحذير متوسط قدره 30 دقيقة قبل حدوثه، وبدقة تبلغ حوالي 80٪.
هذه النتائج ليست مفاجئة، لأن بعض المرضى يمكن أن يشعروا بالفعل قبل فترة ثوانٍ إلى دقائق بأن قلوبهم ستضطرب قليلاً أو ستصبح غير منتظمة في ضربات القلب. وإذا كان الإنسان قادرًا على الشعور بهذا التغيير، فربما تستطيع أجهزة الذكاء الاصطناعي القيام بذلك أيضًا.
هل يمكن للساعات الذكية التنبؤ بالرجفان الأذيني قبل حدوثه؟
قامت هذه الدراسة بجمع بيانات التخطيط الكهربائي للقلب عبر جهاز طبي، ويقول الباحثون إن هذا النموذج نفسه يمكن استخدامه يومًا ما من خلال الساعات الذكية. يمكن للساعات الذكية اليوم أن تخبرك عن الرجفان الأذيني عند حدوثه، لكن لن يتمكن المريض من توقع حدوثه، أو التعامل معه بشكل مسبق، لكن ربما يسمح التنبؤ بالرجفان الأذيني للمريض باتخاذ التدابير اللازمة، مثل أخذ الأدوية المناسبة في الوقت المناسب.
ويتصور الباحثون في المستقبل غير البعيد أن تراقب الأجهزة المحمولة البسيطة نظام القلب والأوعية الدموية لدينا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وأن تحذرنا من التغييرات الطفيفة في الدورة الدموية. ويمكن بعد ذلك ربط هذه التغييرات بأمراض معينة مثل الرجفان الأذيني أو حتى بعض الأحداث التي تهدد الحياة مثل النوبات القلبية. وفي كثير من الحالات، يمكن للتحذير المسبق ولو ببضع دقائق أن يسمح للمرضى بالحصول على رعاية طبية عاجلة، وربما منع ظهور المرض، وبالتالي تجنب المضاعفات الخطيرة المرتبطة به.
