الحمل والأمومة حلم كل سيدة، ومن أجل هذا الحلم تمر السيدات خلال فترة الحمل بالعديد من التغيرات الصحية والجسمية التي قد تؤثر عليها. ويمثل القصور الكلوي وأمراض الكلى خطرًا يهدد الحمل والحياة الإنجابية بشكل عام. فإذا كنت تعانين من قصور كلوي وتفكرين في الحمل، فيجب عليك مناقشة الأمر مسبقًا مع طبيب أمراض الكلى، ليمكنه مساعدتك في اتخاذ القرار بناءً على حالتك. كما أن هناك العديد من الأمور التي يجب وضعها في الاعتبار ومناقشتها بعناية فائقة، مثل: عمرك، ومرحلتك من مرض الكلى، وصحتك العامة، والإصابة بارتفاع ضغط الدم، أو مرض السكري، أو أمراض القلب، والإصابة بحالات صحية أخرى.
سنجيب في هذا المقال على بعض الأسئلة الشائعة حول القصور الكلوى وأمراض الكلى والحمل.
هل يمكن لسيدة مصابة بقصور كلوي مزمن أن تنجب طفلاً؟
يصنف قصور الكلى المزمن الآن على نطاق واسع إلى خمس مراحل وفقًا لمستوى وظائف الكلى. ويكون معدل الترشيح الكبيبي (GFR) في المرحلة الأولى أكثر من 90 مل في الدقيقة، ويقل حتى يصل إلى أقل من 15 مل في الدقيقة في المرحلة الخامسة.
تؤثر المرحلة الأولى والثانية (القصور الكلوي العادي أو البسيط مع البول الزلالي المستمر) على نسبة 3٪ من النساء في سن الإنجاب (20-39 سنة). بينما تؤثر المراحل من الثالثة إلى الخامسة (والتي يكون معدل الترشيح الكبيبي (GFR) فيها أقل من 60 مل في الدقيقة) على حوالي واحدة من كل 150 امرأة في سن الإنجاب. ولكن بسبب انخفاض الخصوبة وزيادة معدل الإجهاض المبكر، فإن الحمل عند هؤلاء النساء أقل شيوعًا.
وترتبط حالات القصور الكلى بزيادة خطر حدوث مضاعفات الجنين، مثل الولادة المبكرة وفقدان الحمل، كما تتدهور حالة بعض النساء المصابات بمرض كلوي متوسط إلى شديد بعد الحمل. وتتعرض المريضات أيضًا لخطر متزايد لتفاقم فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، وانخفاض مستويات فيتامين د، وارتفاع ضغط الدم. فيمكن لطبيب الكلى المساعدة في وصول خلايا الدم الحمراء وفيتامين د وضغط الدم وسكر الدم إلى مستويات مقبولة قبل الحمل للمساعدة في تقليل الأخطار التي تتعرض لها المريضة والجنين.
هل يمكن للسيدة التي تخضع لغسيل الكلى أن تنجب طفلاً؟
تواجه السيدات الحوامل تحديات إضافية إذا كن يخضعن لغسيل الكلى مثل: بعض التغييرات التي تجعل الحمل صعبًا، فعلى سبيل المثال، تعاني معظم النساء اللاتي يخضعن لغسيل الكلى من فقر الدم (انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء)، وتغيرات هرمونية قد تمنع من انتظام فترات الطمث.
كما يساهم غسيل الكلى أيضًا في تغيرات في الخصوبة والقدرة الإنجابية، بعضها بيولوجي مثل: التغيرات في الإباضة، وتأثيرات الأدوية التي قد تغير من انتظام وطبيعة الدورة الشهرية، والبعض الآخر عاطفي مثل: عدم الرغبة في ممارسة الجنس، أو الشعور بأنك أقل جاذبية مما كنت عليه عندما كنت بصحة جيدة. ومع ذلك، أفادت مؤسسة الكلى الوطنية أن الوظيفة الجنسية والرغبة تعود لمعظم المرضى بعد غسيل الكلى أو الزرع. في حين أنه قد يكون أمرًا صعبًا، إلا أن الحمل على غسيل الكلى ممكن. فأظهرت دراسة حديثة حول الخصوبة أثناء غسيل الكلى أن 18 من كل 1000 امرأة في الدراسة حملن أثناء غسيل الكلى.
كيف يمكن رعاية مريضات القصور الكلوي أثناء الحمل؟
يتم ذلك بالتعاون بين طبيب التوليد وطبيب الكلى من خلال المراقبة المنتظمة لوظائف الكلى من خلال التحاليل المختبرية لمستويات الكرياتينين واليوريا في الدم، ومتابعة ضغط الدم، وتحليل البول الكامل لاختبار وجود بروتين أو زلال في البول، وقياس نسبته، ومتابعة الجنين ونموه من خلال فحص الموجات الصوتية لرصد وجود أي تشوهات أو عيوب خلقية.
كما يجب إعطاء حمض الفوليك 400 ميكروجرام يومياً كالمعتاد قبل الحمل وحتى الأسبوع 12 من الحمل. ويجب البدء بجرعة منخفضة من الأسبرين (50-150 مجم / يوم) في بداية الحمل لتقليل خطر الإصابة بمقدمات الارتعاج (Pre-eclampsia) وتحسين نتائج الفترة المحيطة بالولادة.
يجب مراجعة الأدوية العادية، فتوقف الأدوية السامة للجنين -مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACEI) وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2- قبل الحمل واستبدالها بأدوية يمكن أخذها أثناء الحمل.
هل يمكن للسيدة التي أجرت عملية زرع الكلية أن تنجب طفلًا؟
توصى النساء بعد زراعة الكلى عمومًا بالانتظار وتأجيل الحمل من عام إلى عامين. ويمكن للمرضى التفكير في الحمل بأمان بمجرد اعتبار أن خطر رفض الأعضاء لديهم منخفض مع ثبات حالة وظائف الكلى. فتميل حالات الحمل بعد زراعة الكلى إلى نتائج أفضل من حالات الحمل أثناء غسيل الكلى. ويجب على طبيب التوليد التحكم في ضغط الدم ومتابعته، ومناقشة وقف أدوية خفض المناعة واستبدالها مع طبيب الكلى. فهناك العديد من هذه الأدوية آمنة أثناء الحمل، ولكن بعضها قد يسبب تشوهات خلقية أو مضاعفات الحمل، وهنا يجب وقفها مدة ستة أسابيع على الأقل قبل الحمل.
ما نوع تحديد النسل الموصى به لمريضات القصور الكلوي؟
يجب على مريضات غسيل الكلى وزرع الأعضاء النشيطات جنسياً واللاتي لم يتعرضن لانقطاع الطمث استخدام وسائل منع الحمل في حالة رغبتهن في منع الحمل. يمكن لمقدم الرعاية الصحية الخاص بكِ أن يوصي بنوع تحديد النسل الذي يجب استخدامه، فتُنصح النساء المصابات بارتفاع ضغط الدم بعدم استخدام حبوب منع الحمل (موانع الحمل الفموية)؛ لأن هذا النوع من الأدوية يمكن أن يرفع ضغط الدم، ويزيد من فرصة حدوث جلطات الدم؛ حيث إنه يحتوى على هرمونات الأستروجين والبروجيستيرون، والتي تزيد من فرصة الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وتزيد من تخثر الدم.
وعادة ما يكون اللولب الرحمي، والعازل الأنثوي، والواقي الذكري وسائل مقبولة لتحديد النسل، خاصة عند استخدامه مع كريمات قاتلات الحيوانات المنوية.
هل هناك حالات صحية أخرى تسبب مشكلات في الكلى أثناء الحمل؟
نعم، فبصرف النظر عن أمراض الكلى يمكن أن تسبب الحالات الصحية الأخرى مشكلات في الكلى أثناء الحمل، مثل:
- العدوى بالبيلة الجرثومية عديمة الأعراض، وهي عدوى في المسالك البولية بدون أعراض. فإذا تُركت دون علاج، يمكن أن تتطور إلى عدوى في الكلى (التهاب الحويضة والكلية). وتتطلب عدوى الكلى عادة دخول المستشفى والعلاج بالمضادات الحيوية الوريدية. تكون المضاعفات أكثر حدة عند النساء الحوامل ويمكن أن تشمل مشكلات في الجهاز التنفسي للأم والولادة المبكرة.
- حصوات الكلى: لا يزيد الحمل من خطر الإصابة بحصوات الكلى. ومع ذلك، فإن اتساع الحالب الذي يحدث أثناء الحمل قد يسهل من إخراج الحصوات أثناء الحمل. ويتضمن العلاج عادة تناول كميات وفيرة من السوائل، وتناول مسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية.
- تسمم الحمل: يرتبط ارتفاع ضغط الدم المرتبط بالحمل بانخفاض وظائف الكلى، ويمكن أن يؤدي إلى الولادة المبكرة. يمكن أن تكون الكميات الكبيرة من البروتين في البول علامة تحذيرية لتسمم الحمل. لهذا السبب يطلب الطبيب فحص تحليل البول في مواعيد ما قبل الولادة قرب نهاية الحمل بشكل متكرر.
وأخيرًا،
تعد نوبات تفاقم مرض الكلى الموجود مسبقًا أو التشخيص العارض لاعتلال الكلية أثناء الحمل أمرًا شائعًا نسبيًا. لذلك، فمن المهم أن تكوني على دراية بتشخيص وعلاج اضطرابات الكلى أثناء الحمل. وسيسمح الرصد الوثيق والوعي بالمضاعفات المحتملة بالتدخل المبكر بهدف تحسين نتائج الأم والجنين.
المصادر:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6309641/
