يصيب التهاب القصبات الهوائية المزمن البطانة الداخلية في القصبات التي تحمل الهواء من الأكياس الهوائية (الحويصلات الرئوية) وإليها، وهي حالة مزمنة تتسم بالسعال وتكوّن المخاط (البلغم) يوميًا خاصة في الصباح. أمّا انتفاخ الرئة فهو حالة مرضية مزمنة تُتلَف فيها الأكياس الهوائية أو الحويصلات الموجودة في نهايات المسالك الهوائية (القصيبات) للرئة، وذلك نتيجة للتعرُّض المدمر لدخان السجائر والغازات المهيجة الأخرى والمواد العالقة في الهواء الملوث.
أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن
تتضمن علامات وأعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن ما يلي:
- ضيق التنفس، ولا سيما أثناء الأنشطة البدنية.
- الصفير عند التنفس (الأزيز أو الوزيز).
- ضيق الصدر.
- الحاجة إلى تنظيف الحلق من البلغم المتراكم في الصباح بسبب زيادة إفراز المخاط في الرئتين.
- سعال مزمن مُنتِج للبلغم الذي قد يكون صافيًا أو أبيض أو أصفر أو مائلاً إلى الخضرة.
- زرقة الشفاه أو الأظافر (الزرقة).
- التهابات متكررة في الجهاز التنفسي.
- التعب.
- فقدان الوزن بشكل غير مقصود (في المراحل المتقدمة).
- كذلك، من المرجح أن يعاني الأشخاص المصابون بمرض الانسداد الرئوي المزمن من نوبات تسمى حالات التفاقم حين تسوء الأعراض خلالها وتستمر لأيام أو أكثر.
أسباب مرض الانسداد الرئوي المزمن
يعد تدخين التبغ السبب الرئيسي لمرض الانسداد الرئوي المزمن. ومع ذلك، ففي دول العالم النامية، يحدث مرض الانسداد الرئوي المزمن غالبًا عند النساء المعرّضات للأبخرة الناجمة عن حرق الوقود للطهو والتدفئة في المنازل الرديئة التهوية. ويعاني حوالي 20 بالمائة فقط من المدخنين المزمنين من مرض الانسداد الرئوي المزمن، ويعاني بعض المدخنين من حالات مرَضية في الرئة أقل شيوعًا، وقد يحدث خطأ في تشخيصهم بالإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن حتى يتم إجراء تقييم أكثر شمولاً.
ومن المرجح أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا في الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، مثل الاستعداد الوراثي للإصابة بالمرض، لأن حوالي 20 بالمائة فقط من المدخنين يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن. وتشمل المهيجات الأخرى التي تسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن: تدخين السجائر والتدخين السلبي ودخان الغليون وتلوث الهواء والتعرض للغبار أو الدخان أو الأبخرة في مكان العمل.
قد يحدث مرض الانسداد الرئوي المزمن لدى حوالي 1 بالمائة من الأشخاص المصابين نتيجة لاضطراب وراثي يتسبب في انخفاض مستويات البروتين المعروف باسم مضاد التربسين ألفا-1. يتم إنتاج مضاد التربسين ألفا-1 (AAt) في الكبد، ويتم إفرازه في مجرى الدم للمساعدة في حماية الرئتين، وقد يؤثر نقص مضاد التربسين ألفا -1 على الكبد كما يؤثر على الرئتين.
وهذا التلف في الكبد قد يحدث عند الرُضع والأطفال، وليس فقط عند البالغين الذين لديهم سابقة طويلة مع التدخين. وبالنسبة للبالغين الذين يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن المتعلق بنقص مضاد التربسين ألفا-1، تكون خيارات العلاج هي نفسها للأشخاص الذين يعانون من الأنواع الأكثر شيوعًا لمرض الانسداد الرئوي المزمن. كما يمكن علاج بعض الأشخاص من خلال استبدال بروتين مضاد التربسين ألفا-1 الناقص، وهو ما قد يمنع حدوث المزيد من التلف في الرئتين.
مضاعفات مرض الانسداد الرئوي المزمن
من أهم مضاعفات مرض الانسداد الرئوي المزمن الآتي:
- يكون الأشخاص الذين يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن أكثر قابلية للإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا والالتهابات الرئوية، وقد تساهم أي عدوى في الجهاز التنفسي بزيادة صعوبة التنفس وتتسبب في حدوث المزيد من التلف لنسيج الرئة. يساعد التطعيم السنوي للإنفلونزا والتطعيم الدوري لالتهاب المكورات الرئوية في منع بعض أنواع العدوى.
- يمكن أن يسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن حدوث ارتفاع ضغط الدم في شرايين الرئة (ارتفاع ضغط الدم الرئوي).
- لأسباب غير مفهومة بالكامل، يزيد مرض الانسداد الرئوي المزمن من خطر الإصابة بأمراض القلب، بما فيها الأزمات القلبية.
- يكون المدخنون الذين يعانون من التهاب القصبات الهوائية المزمن عرضة لخطر الإصابة بسرطان الرئة بشكل أكثر من المدخنين غير المصابين بالتهاب القصبات الهوائية المزمن.
- الاكتئاب، فقد تمنعك صعوبة التنفس من ممارسة الأنشطة التي تستمتع بها، وقد يؤدي التعايش مع مرض خطير إلى الشعور بالاكتئاب، لذا، تحدث مع طبيبك إذا كنت تشعر بالحزن أو اليأس أو تعتقد أنك تعاني من الاكتئاب.
تشخيص مرض الانسداد الرئوي المزمن
كثيراً ما يحدث خطأ في تشخيص هذا المرض، فغالبًا ما يتم إخبار المدخنين السابقين بأنهم يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن في حين أنهم قد يعانون في الواقع من حالة مرَضية في الرئة أقل شيوعًا. وبالمثل، فإنه في حالة العديد من الأشخاص الذين يعانون بالفعل من مرض الانسداد الرئوي المزمن لا يتم تشخيص إصابتهم حتى يبلغ المرض مرحلة متقدمة، وتكون التدخلات العلاجية أقل فاعلية. وإذا كنت تعاني من أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن ولديك تاريخ من التعرض لمهيجات الرئة، وخاصة دخان السجائر، فقد يوصي الطبيب بإجراء هذه الاختبارات:
- اختبارات وظائف الرئة، قد تكشف قياسات التنفس مرض الانسداد الرئوي المزمن قبل ظهور أعراض المرض، كما يمكن أن يُستخدم أيضًا لتتبع سير المرض ومراقبة مدى نجاح العلاج.
- يظهر تصوير الصدر بالأشعة السينية انتفاخ الرئة، وهو أحد العلامات الرئيسية لتشخيص مرض الانسداد الرئوي المزمن. وقد تستبعد كذلك صورة الأشعة السينية وجود مشكلات الرئة الأخرى أو فشل القلب.
- قد يساعد الفحص بالأشعة المقطعية في اكتشاف انتفاخ الرئة، ويساعد في تحديد ما إذا كانت هناك فائدة من إجراء جراحة لعلاج مرض الانسداد الرئوي المزمن. وقد يُستخدم الفحص بالأشعة المقطعية كذلك في الكشف عن سرطان الرئة الذي يشيع حدوثه لدى الأشخاص المصابين بمرض الانسداد الرئوي المزمن بشكل أكثر من الأشخاص المدخنين دون وجود هذا المرض لديهم.
- تحليل غازات الدم الشريانية لقياس مدى قدرة الرئتين على نقل الأكسجين في الدم وكفاءة إزالة ثاني أكسيد الكربون.
علاج مرض الانسداد الرئوي المزمن
لا يمثل تشخيص مرض الانسداد الرئوي المزمن نهاية العالم، ففي جميع مراحل المرض تتوفر علاجات فعالة يمكنها السيطرة على الأعراض، وتقليل خطر المضاعفات وحالات تفاقم المرض، فضلاً عن تحسين قدرتك على ممارسة حياة مليئة بالنشاط، مثل:
الإقلاع عن التدخين
الخطوة الأساسية في أي خطة علاج لمرض الانسداد الرئوي المزمن هي الإقلاع عن جميع أنواع التدخين، فهذه هي الوسيلة الوحيدة لمنع تفاقم مرض الانسداد الرئوي المزمن الذي يحد في النهاية من قدرتك على التنفس. ولكن الإقلاع عن التدخين ليس أمراً سهلاً، وقد تبدو هذه المهمة شاقة إذا كنت قد حاولت الإقلاع عن التدخين من قبل ولم تنجح في ذلك. استشر طبيبك بشأن المنتجات البديلة للنيكوتين والأدوية التي قد تساعد، وكذلك كيفية التعامل مع الانتكاسات. ومن المفيد أيضًا أن تتجنب التعرض للدخان غير المباشر بقدر الإمكان.
الأدوية
يَستخدم الأطباء أنواعًا عديدة من الأدوية للتعامل مع أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن ومضاعفاته، وقد تتناول بعض الأدوية على أساس منتظم، بينما تتناول غيرها من الأدوية عند الضرورة:
- موسّعات القصبات الهوائية، تعمل هذه الأدوية، التي تكون عادةً على شكل بخاخ، على إرخاء العضلات الموجودة حول القصبات الهوائية، وقد يساعد هذا في تخفيف حدة السعال وضيق التنفس، ويجعل التنفس أسهل. وتبعًا لشدة المرض، قد تحتاج إلى استخدام أحد موسعات القصبات الهوائية القصيرة المفعول قبل ممارسة الأنشطة، وأحد موسعات القصبات الهوائية الطويلة المفعول التي تستخدمها يوميًا، أو الاثنين معًا.
- تشمل موسعات القصبات الهوائية القصيرة المفعول أدوية:
- ألبوتيرول (بروأير إتش إف إي وفنتولين إتش إف أي وغيرها)
- ليفالبوتيرول (إكسوبينيكس)
- إبيراتروبيوم (أتروفينت).
- بينما تشمل موسعات القصبات الهوائية الطويلة المفعول:
- تيوتروبيوم (سبيريفا)
- سالميتيرول (سيريفينت)
- فورموتيرول (فوراديل، وبيرفوروميست)
- أرفورموتيرول (بروفانا)
- انداكتيرول (اركابتا)
- اكليدينيوم (تودورزا).
- الستيرويدات المستنشَقة، يمكن أن تقلل الستيرويدات القشرية المستنشَقة من التهاب مجرى الهواء وتساعد في الوقاية من حالات تفاقم المرض، ولكن قد تتضمن الآثار الجانبية الكدمات وعدوى الفم وبحة الصوت. تتميز هذه الأدوية بفائدتها للأشخاص الذين يعانون من تكرار حالات تفاقم مرض الانسداد الرئوي المزمن. وتعتبر أدوية فلوتيكازون (فلوفينت) وبوديزونيد (بولميكورت) من أمثلة الستيرويدات المستنشقة.
- البخاخات التوليفية، تجمع بعض الأدوية بين موسعات القصبات الهوائية والستيرويدات المستنشَقة، وتعتبر أدوية سالميتيرول وفلوتيكازون (أدفير) وفورموتيرول وبيوديزونايد (سيمبيكورت) من أمثلة البخاخات التوليفية.
- الستيرويدات الفموية، بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حدوث حالة متوسطة أو حادة لتفاقم المرض، فإن الستيرويدات الفموية تمنع تفاقم شدة مرض الانسداد الرئوي المزمن. ومع ذلك، قد تكون لهذه الأدوية آثار جانبية خطيرة، مثل زيادة الوزن وداء السكري وهشاشة العظام والمياه البيضاء وزيادة خطر العدوى.
- مثبطات إنزيم الفوسفودايستريز-4، يعتبر دواء روفلوميلاست (دالريزب)، وهو مثبط لإنزيم الفوسفودايستريز-4، نوعًا جديدًا من الأدوية المعتمدة للأشخاص الذين يعانون من حالة حادة من مرض الانسداد الرئوي المزمن. يقلل هذا العقار من التهابات مجرى الهواء، كما يعمل على إرخاء عضلات الممرات الهوائية. وتتضمن الآثار الجانبية الشائعة له: الإسهال وفقدان الوزن.
- الثيوفيللين، يساعد هذا الدواء المنخفض الكلفة في تحسين التنفس ويمنع حالات تفاقم المرض، وقد تتضمن آثاره الجانبية الغثيان وتسارع ضربات القلب والرجفان.
- المضادات الحيوية، قد تعمل عدوى الجهاز التنفسي، مثل نزلات القصبات الحادة والالتهابات الرئوي والإنفلونزا، على تفاقم أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن. وتساعد المضادات الحيوية على مكافحة حالات تفاقم المرض الحادة. يمنع المضاد الحيوي أزيثروميسين حدوث حالات تفاقم المرض، ولكن ليس واضحًا ما إذا كان ذلك يرجع إلى تأثيره كمضاد حيوي أو إلى خصائصه المضادة للالتهاب.
علاجات الرئة
يَستخدم الأطباء غالبًا هذه العلاجات الإضافية للأشخاص المصابين بحالة معتدلة أو حادة من مرض الانسداد الرئوي المزمن:
-
العلاج بالأكسجين، في حال عدم وجود كمية كافية من الأكسجين في الدم، فقد تحتاج إلى الأكسجين التكميلي. وهناك العديد من الأجهزة لتوصيل الأكسجين إلى الرئتين، مثل الوحدات المتنقلة الخفيفة الوزن التي يمكنك حملها معك أثناء أداء المهمات والتنقل.
ويستخدم بعض الأشخاص المصابين بمرض الانسداد الرئوي المزمن الأكسجين أثناء ممارسة الأنشطة أو أثناء النوم فقط، بينما يستخدم آخرون الأكسجين على الدوام. يمكن أن يحسن العلاج بالأكسجين نوعية الحياة، وهو العلاج الوحيد لمرض الانسداد الرئوي المزمن الذي ثبتت فائدته في إطالة العمر. فتحدث إلى طبيبك عن الاحتياجات والخيارات المتاحة لك. - برنامج إعادة التأهيل الرئوي، تجمع هذه البرامج عادة بين التعليم والتمارين الرياضية ونصائح التغذية والاستشارة. وفيها، سوف تتعامل مع مجموعة متنوعة من المتخصصين يمكنهم تصميم برنامجك التأهيلي بشكل مخصص لتلبية احتياجاتك.
وقد تقلل إعادة التأهيل الرئوي عدد مرات دخول المستشفى وتزيد قدرتك على ممارسة الأنشطة اليومية، كما تُحسن نوعية الحياة. استشر الطبيب حول إحالتك لواحد من هذه البرامج. - السيطرة على حالات تفاقم المرض. حتى مع العلاج المستمر، قد تعاني في بعض الأحيان عندما تتفاقم الأعراض لأيام أو أسابيع. وقد تحدث حالات تفاقم المرض الحادة نتيجة لعدوى في الجهاز التنفسي أو تلوث الهواء أو غيرها من محفزات الالتهاب. وأيًا كان السبب، فمن المهم أن تلتمس المساعدة الطبية الفورية إذا لاحظت زيادة متواصلة في السعال أو تغيراً في لون المخاط أو حدثت لديك حمى أو أصبحت تعاني من صعوبة أكبر في التنفس.
وعندما تحدث حالات تفاقم المرض، قد تحتاج إلى أدوية إضافية (مثل المضادات الحيوية أو الستيرويدات) أو للأكسجين التكميلي أو لتلقي العلاج في المستشفى. وبعد تحسن الأعراض، يتعين عليك اتخاذ تدابير للوقاية من تكرار حدوث حالات تفاقم المرض، مثل تناول الستيرويدات المستنشقة أو موسعات القصبات الهوائية الطويلة المفعول، وتلقي لقاح الإنفلونزا السنوي، وتجنب تلوث الهواء قدر الإمكان.
الجراحة
تعتبر الجراحة خيارًا لبعض الأشخاص المصابين ببعض أشكال انتفاخ الرئة الحاد؛ فالأدوية وحدها لن تساعد بدرجة كافية:
-
جراحة تصغير حجم الرئة، يقوم الجرّاح في هذه الجراحة باستئصال الأجزاء الصغيرة التي تبدو كالأسافين من الأنسجة الرئوية المصابة، ويعمل هذا على تكوين مساحة إضافية في تجويف الصدر، إذ يعمل نسيج الرئة المتبقي والحجاب الحاجز بشكل أكثر فعالية. ولدى بعض الأشخاص، قد تحسن هذه الجراحة نوعية الحياة، وتعمل على إطالة فترة بقائه على قيد الحياة.
-
زرع الرئة، قد يكون زرع الرئة خيارًا لبعض الأشخاص الذين تفي حالتهم بمعايير معينة، وقد تحسن عملية الزرع من قدرتك على التنفس وبقائك نشيطًا، ولكنها عملية جراحية كبرى تترتب عليها مخاطر هائلة مثل رفض الجسم للرئة لمزروعة، كما تستلزم منك تناول أدوية ضبط المناعة باستمرار مدى الحياة.
نهايةً، يعد مرض الانسداد الرئوي المزمن من الأمراض التنفسية المزمنة التي تؤثر على جودة الحياة وتزداد شدته بمرور الوقت. رغم عدم وجود علاج نهائي، فإن التشخيص المبكر، والإقلاع عن التدخين، واتباع الخطة العلاجية يمكن أن يساعد في التحكم بالأعراض وتقليل المضاعفات، مما يمنح المرضى حياة أفضل وأكثر راحة.