صحــــتك
13 مارس 2024

هل يمكن سد الاحتياج النفسي بعيدا عن أهلنا؟

عمري 17 سنة، بفضل الله أحافظ على الصلوات في أوقاتها ولدي ورد القرآن والأذكار، ولكن يوجد أشبه بثقب أسود في حياتي، أدخل على شات وأتحدث مع رجال وأحب أن تكون أعمارهم ما بين 30 و40، وأيضًا لا يكون مجرد حديث عادي، فأنا أطلب عناقًا وأحب سماع كلمات مثل لا تتركني، أنتِ جميلة، أحب ذلك، أحب أن يتغزل بي أحدهم، أحب أن أشعر أن أحدًا يرغب فيّ ويريدني، يشهد الله أني أتألم لفعل هذه الأشياء، قد تعبت كثيرا، أحاول الابتعاد كثيرا، ولكن لا أستطيع في كل مرّة، شيء بداخل يريد هذا.

الاحتياجات النفسية ومركب النقص

أهلاً وسهلاً بك..

أُصَدِقُك يا ابنتي، وأتصور كم يؤلمك هذا يا صغيرتي، ودعيني أوضح لكِ ما هو هذا الشيء الذي بداخلك، فهذا الشيء هو "الاحتياج النفسي" يا ابنتي، فالإنسان لديه احتياجات نفسية لا تستقيم صحته النفسية إلا بتوفرها له، لذلك تلك الاحتياجات لا تخصك وحدك، ولكنها احتياجات أحتاجها أنا، وتحتاجها أمك، وأبوك، ومن تتحدثين معهم وكل الناس.

لكن، حين ينشأ الطفل دون أن يحصل على هذه الاحتياجات النفسية، ينشأ يبحث عنها في كل علاقاته تقريباً دون أن يعي، ومن هذه الاحتياجات ”احتياجه أن يُرى”، وينُْتَبَه له بخصاله واهتماماته وقدراته، واحتياجه كذلك “للرعاية النفسية”، وليست الجسدية فقط؛ كتفقد حاله، ومشاعره ودعمه حين يحتاج لدعم، وتعزيته إذا فقد شيئًا، أو شخصًا لأي سبب، والاحتفال معه لنجاحه، أو لإنجاز يراه هو إنجازاً، واحتياجه أيضاً للتقدير ، وهو احتياج قريب من الاحترام لتصرفاته، ومشاعره واحترامها وعدم التسفيه منها أو السخرية منها.

 

ويحتاج الإنسان كذلك “للتشجيع”، فيسمع كلامًا عن شجاعته وقدراته وتميزه ومهاراته، ليثق في نفسه ويكون شخصاً طموحاً لا يمل المحاولات تلو الأخرى، وقد تحدث العلماء في أكثر من 20 احتياجاً يحتاجها الإنسان في صغر سنه؛ إن أخذها بوفرة من والديه؛ نشأ متوازناً مكتفياً لا يبحث عن أي كلمة حب، أو تقدير أو اهتمام من أي شخص، أو في غير موضعه، ويمكنك البحث في الاحتياجات النفسية للإنسان، وستجدين الكثير بإذن الله.

 

وهنا أقول لكِ أمرين في غاية الأهمية:

أولهما، أن الايمان والقرب من الله لا يجعل الإنسان يكف عما يحتاج إليه، وبطبيعة الحال؛ كلما نضج الإنسان وصارت له خبرة حقيقية وعميقة في الحياة وفي علاقته بالله سبحانه؛ كلما تمكّن من التعامل الصحي مع احتياجاته وإن لم يأخذها.

 

والأمر الثاني، هو حين لا نحصل على ما نحتاجه لأي سبب ماذا نفعل؟، ولكن أريد أن أوضح شيئاً قبلاً؛ وهو أننا وجدنا أن إحساس الذنب الذي يشعر به الإنسان شبيه “باللعبة النفسية”، التي يقع فيها الإنسان دون أن يعي، وبالمناسبة هو أسوأ وأصعب إحساس يشعره الإنسان، وأعود للعبة النفسية وأقول: إن الشخص في تلك اللعبة كأنه يركن لهذا الإحساس بالذنب بأنه يجعله يشعر بأنه ما يزال على خير، فهو على أقل تقدير أمام نفسه لم يمت ضميره، أو أنه ليس مثل الآخرين الذين يفعلون أكثر من ذلك دون أي إحساس بوخز للضمير، ولا يفعلون الخيرات، ولكنه يشعر بتأنيب الضمير وسيتغير إن شاء الله.

وهذا نفسه ما يجعلهم لا يقومون بمسؤوليتهم تجاه ما يريدون تغييره، والحقيقة أنه لا يتغير شيء رغم إحساس الذنب، بل يظل إحساس الذنب المؤلم يتراكم دون تغير؛ لأن المسؤولية تلاشت أمام كم الإحساس بالذنب.

 

ومسؤوليتك هنا يا صغيرتي هي أن تحصلي على احتياجاتك من مكانها الصحيح؛ وهما “والديك” يا ابنتي؛ فتعلمي طلب احتياجك بلباقة ولطف ودلال، فالاحتياج حق، والحق يؤخذ ولا يُستأذَن للحصول عليه أو انتظاره، فلا تُثْقِلي نفسك بفخاخ  “كرامتي، ولم أتعود، وهما اللذان ينبغي أن يقدّما لي ما أحتاجه”، وغيرها، فكل تلك الأمور هي فخاخ البقاء في إحساس الذنب دون مسؤولية، فلا يحدث تغيير في تلك المحادثات، فتحدثي ببساطة مع والدتك مثلاً؛ أنك تشتاقين لعناقها الدافئ، لمصادقتها، لسماعك دون وعظ أو عدم اهتمام، والدك مثلاً عن حبك لسماع رأيه في شخصك، أو شيء يعجبه فيكِ، ولا ضير أن تسأليه هل أنا جميلة يا أبي؟، أحب أعرف منك كيف تراني؟، وغيره من تلك الأمور حتى اعتادوا ذلك فيما بينكم.

وإن لم يكن أبواكِ معاً كزوجين أو لا قدر الله أحدهما ليس على قيد الحياة؛ فكوني مسؤولة عن حصولك على ما تحتاجين له ممن يقدم الرعاية لكِ، وتدربي على طريقة لطيفة؛ يتمكّن بها من يسمعك أن يتفهم ما تحتاجين له بتعاطف راقٍ وتفهم لطيف تجاهك؛ فيعطيكِ احتياجاتك بمرور الوقت؛ فيتحقق الشبع، لأن الشبع قرار، حين نقرره مع من نتأكد من حبهم لنا يحدث الامتلاء، ولو كان شخصاً واحداً في حياتنا، هيا يا ابنتي ابدئي وتوكلي على الله ولا تعجزي، ودمتِ بخير.

آخر تعديل بتاريخ
13 مارس 2024

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.