التبلد والهروب.. خيارات مرضية لمواجهة المشاكل
أهلاً وسهلا بك يا أخي الكريم أحمد؛
خيرا فعلت بأن أرسلت لنا، فما تتحدث عنه مشهور جدا في المجال النفسي.
حين تغمر الإنسان حالة من الكآبة، وتظل بلا تعامل صحي، يقرر الإنسان قرارا نفسيا غير صحي بألا يشعر؛ حيث إنه قد تألم كثيرا في السابق حين ترك مشاعره بضة تنبض وتتنفس، فلم يجد إلا "الوجع"، ويزداد "الطين بلة" كما يقولون حين يمتزج الوجع بالعجز.
ومع هذا الاختيار غير الصحي تفتح أبواب أخرى كثيرة منها باب "الهروب"؛ يهرب الشخص مما لا يتمكن من مواجهته بتناول الطعام كثيرا، أو النوم كثيرا، وقد يجد الشخص نفسه يعاني من الأرق، أو فقدان الشهية.
وبمرور الوقت يجد الإنسان نفسه وقد فقد "الرغبة" في عمل أي شيء، ولو تمكن من عدم غسل وجهه لفعل، ولو تمكن من عدم ملاقاة شخص لفعل، ولو تمكن من تحقيق رغبته الوحيدة الحاضرة في الموت لفعل، وهكذا يتدرج الشخص حسب درجة ألمه، وهذه الحالة بشكل عام تعرف بـ "الاكتئاب"؛ ذلك الزائر ثقيل الظل، ثقيل الوطأة، فكفاك تعاوناً معه يا أخي بتحقيق كل طلباته من نوم، ووقف الإحساس، والمزاج الرمادي الخانق.
أمامك الآن اختياران:
- الأول أن تدرك أن ما تعيشه الآن هو الجزء غير الصحي فيك حين يتعامل مع مشكلاته فهو ليس أنت الحقيقي، ولكنه جزءك غير الصحي، وهو الذي يجعلك بطيء الحركة والتفكير والكلام والفعل والإحساس، تفهم ذلك جيدا للتخلص بمرور الوقت من مشاعر الذنب، والاحتقار لنفسك، وقبول واقع لا توافق عليه، لكنه حادث وستتعامل معه بنضج، وتبدأ في الانخراط في النشاطات والأفعال على صعوبتها، لتتلمس ما يساعدك في الخروج من تلك الحالة رويدا رويدا.
ويساعدك كذلك القيام بالأمور التي كانت تسعدك قبل الوقوع في براثن أعراض الاكتئاب، وهكذا طالت الفترة أو قصرت حتى تخرج من تلك الدائرة، على أن يكون مؤشر خروجك هو عدم تعطلك عن أدوارك المطلوبة منك، وقدرتك على ممارسة الحياة، والتدرج في الإحساس.
- الطريق الثاني هو طريق طلب المساعدة من متخصص يساعدك في تخطي معاناتك من خلال البوح، والعلاج النفسي، وعلاج الأفكار، والعلاج الدوائي إن وجد أنك تحتاجه، وهذا النوع من العلاج المتكامل صار موجودا أكثر من السابق، فالحياة اختيارات، ونحن كائنات مسؤولة وتستطيع تماما أن تختار.. هيا ابدأ.
