طوَّر باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وجامعة كاليفورنيا في بيركلي واجهةً بين الدماغ والحاسوب مكَّنَت امرأة مصابة بشلل حاد بسبب سكتة دماغية من التحدث من خلال الذكاء الاصطناعي، عن طريق أفاتار رقمي (صورة رمزية).
وفي التفاصيل، أوضح الباحثون أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تكوين الكلام أو تعبيرات الوجه من إشارات الدماغ، وأوضحوا أيضاً أنه يمكن للنظام فكّ شيفرة هذه الإشارات وتحويلها إلى نَصّ بمعدل 80 كلمة في الدقيقة تقريباً، وهو تحسُّن كبير مقارنةً بالتكنولوجيا المتاحة تجارياً.
ويأمل القائمون على هذا الاكتشاف أن تتم الموافقة عليه من قبل هيئة الدواء والغذاء الأمريكية لإتاحة الفرصة لبعض المرضى للكلام بفعل قوة إشارات الدماغ في المستقبل.
كيف تم التوصُّل لهذا الاكتشاف؟
أَثبَت فريق الباحثين سابقاً أنه من الممكن فكّ تشفير إشارات الدماغ إلى نَصٍّ لدى رجل كان قد تعرَّض أيضاً لسكتة دماغية قبل عدة سنوات من خلال الذكاء الاصطناعي.
وتُوضِّح الدراسة الحالية شيئاً فيه طموح أكبر، وهو فك تشفير إشارات الدماغ وتحويلها إلى الكلام الصريح، إلى جانب التعابير التي تُحرِّك وجه الشخص أثناء الحديث.
وقام العلماء القائمون على هذا الأمر بزراعة مستطيل رفيع من الورق يتكون من 253 قطباً كهربائياً على سطح دماغ المرأة في المناطق المهمة للكلام، واعترضت الأقطاب الكهربائية إشارات الدماغ، التي لولا السكتة الدماغية لكانت قد وَصَلت إلى العضلات في لسان السيدة وفكها وحنجرتها، وكذلك وجهها، ثم تم توصيل كابل بمَنفذ مُثبَّت برأسها، لتوصيل الأقطاب الكهربائية بمجموعة من أجهزة الحاسوب.
ولعدة أسابيع، عملت السيدة مع الفريق لتدريب خوارزميات للنظام للتعرف على إشارات دماغها الفريدة للكلام، وتضمَّن ذلك تكرار عبارات مختلفة من مفردات محادثة مكوَّنة من 1024 كلمة مراراً وتكراراً، حتى تعرَّف الحاسوب على أنماط نشاط الدماغ المرتبطة بالأصوات.
وبدلاً من تدريب الذكاء الاصطناعي على التعرُّف على الكلمات بأكملها، أنشأ الباحثون نظاماً يقوم بفك تشفير الكلمات من المقاطع الصوتية، هذه هي الوحدات الفرعية للكلام التي تُشكّل الكلمات المنطوقة بنفس الطريقة التي تُشكّل بها حروف الكلمات المكتوبة، إذ تحتوي كلمة "Hello" على سبيل المثال على أربعة مقاطع صوتية: "HH" و"AH" و"L" و"OW".
وباستخدام هذا الأسلوب، يحتاج الحاسوب فقط إلى تعلُّم 39 صوتاً لفك تشفير أي كلمة باللغة الإنجليزية، وأدى هذا إلى تحسين دقة النظام، وجعله أسرع ثلاث مرات أكثر.
ولإنشاء الصوت، ابتكر الفريق خوارزمية لتجميع الكلام، والتي قاموا بتخصيصها لتبدو مثل صوتها قبل الإصابة، وذلك باستخدام تسجيل صوتي لها تَمَّ أخْذُه من خطاب كانت قد ألقته في حفل زفافها.
وقام الفريق بتحريك الأفاتار بمساعدة برنامج يحاكي ويحرِّك حركات عضلات الوجه، طورته شركة Speech Graphics، وهي شركة تُصنّع رسومًا متحركةً للوجه تَعتمِد على الذكاء الاصطناعي، وأنشأ الباحثون عمليات تعلُّم آلي مخصَّصَة سَمحت لبرنامج الشركة بالتشابك مع الإشارات المرسَلة من دماغ المرأة أثناء محاولتها التحدث، وتحويلها إلى حركات على وجه الأفاتار، مما يجعل الفك يفتح ويغلق، ويجعل الشفاه واللسان يتحركان، وكذلك تكوين تعابير الوجه الخاصة بالسعادة والحزن والاستغراب.
ما هي الخطوة القادمة؟
تتمثل الخطوة التالية المهمة للفريق في إنشاء إصدار لا سلكي لا يتطلب من المستخدم أن يكون متصلاً فعلياً بالواجهة التي تصل بين الدماغ والحاسوب، ويقول الباحثون إن منح الناس القدرة على التحكم بحرية في أجهزة الحاسوب والهواتف الخاصة بهم باستخدام هذه التكنولوجيا سيكون له آثار عميقة على استقلالهم وتفاعلاتهم الاجتماعية
المصادر:
