ماذا تعرفون عن الالتهام الذاتي للخلية ؟
يتألف الجسم من الخلايا التي تحتاج إلى الطاقة من أجل صيانتها والحفاظ على ديمومتها، ولكن إذا أصبحت الطاقة غير كافية فعندها ينطلق الالتهام الذاتي للخلية لتعويض النقص.
الالتهام الذاتي للخلية autophagy هو مصطلح مأخوذ من اللغة اللاتينية auto ذاتي، phagien التهام، وهي آلية فيسيولوجية طبيعية يتم من خلالها تفكيك المكونات التالفة أو غير المستعملة أو العناصر الأخرى غير الضرورية داخل الخلية من أجل إزالتها والتخلص منها، أو إعادة تدويرها إلى مكونات جديدة يمكن استخدامها في الإصلاح الخلوي.
فوائد الالتهام الذاتي للخلية
يعد الالتهام الذاتي ضروريًا جدًا لأنه يهدف أساسًا إلى استتباب التوازن الاستراتيجي في الخلايا السليمة والعاملة، وإذا لم يتم تشغيل الالتهام الذاتي بشكل صحيح؛ فإن الفوضى حاصلة والمرض قد يكون آتيًا، إضافة إلى شيخوخة أسرع.
الالتهام الذاتي للخلية يحارب الالتهاب
يساعد الالتهام الذاتي على إيقاف الالتهاب من خلال التحكم في تصرفات عدة أنواع من الخلايا الالتهابية، مثل البلاعم والعدلات والخلايا اللمفاوية والسيتوكينات، بحيث تكون هذه على أهبة الاستعداد، وفي أفضل حالاتها لصد الالتهاب ومكافحته وتطويق الآثار المرتبطة به، من هنا فليست غريبة مراهنة البعض على أن الالتهام الذاتي قد يكون له دور في التخفيف من حدة وشدة بعض الأمراض، مثل داء كرون ومرض التليف الكيسي ومرض الانسداد الرئوي المزمن.
يعزز الشيخوخة الصحية
لا شك أن بعضنا لاحظ، ولو لمرة واحدة، أن هناك أناسًا يهرمون بشكل أسرع من غيرهم من حيث المظهر والصحة العامة، فما هو السر وراء ذلك؟ يكمن السر في تدهور آلية الالتهام الذاتي التي تؤدي إلى تراكم البروتينات والعضيات التالفة التي تتداخل مع وظائف عمليات الجسم الطبيعية وعمليات الإصلاح، فبعض الناس لديهم المزيد من البروتينات والعضيات التالفة، فلا يستطيعون التخلص منها كما يجب، الأمر الذي يعجل من عملية الشيخوخة الخلوية، وبالتالي يؤدي إلى حدوث الهرم المبكر. إن الانخراط في أنشطة تحفز الالتهام الذاتي يصون الخلايا ويحافظ عليها، ويساعد على التقدم في مشوار العمر بشكل سليم وصحي، فالالتهام الذاتي هو مضاد فعال للشيخوخة لأنه يدمر الخلايا القديمة، ويعزز نمو خلايا جديدة تجدد شباب الكائن الحي.
الالتهام الذاتي للخلية يساعد في إدارة الوزن
لا يرتبط الالتهام الذاتي مباشرة بفقدان الوزن، إلا أن السمنة والاضطرابات الأيضية المرتبطة بها مثل مقاومة الإنسولين والداء السكري النوع الثاني، ربما تكون على علاقة بنقص الالتهام الذاتي. تشير مراجعة بحثية نشرت في مجلة ناتشر، إلى أن تحفيز الالتهام الذاتي قد يساعد في التخلص من البروتينات التالفة والنفايات الخلوية، وفي تقليل الوزن والمضاعفات الناجمة عنه.
يساهم في الوقاية من الأمراض العصبية التنكسية
من المعروف أن تراكم البروتينات الضارة في دهاليز الخلايا الدماغية هو الشرارة التي تشعل فتيل عدد من الأمراض العصبية التنكسية، مثل داء ألزهايمر وداء باركنسون، ويبرر العلماء هذا الأمر بضعف الالتهام الذاتي، أما الآلية الدقيقة التي يتم من خلالها حصول تلك الأمراض فما تزال غير واضحة وليست مفهومة بشكل كامل. قد يساهم تحفيز الالتهام الذاتي في منع حصول التجمعات البروتينية الضارة في عقر دار الخلايا الدماغية، وبالتالي في الحماية من الأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة
يقلل من مخاطر الاصابة بأمراض القلب
وفقًا لمراجعة بحثية نشرت في دورية الطب السريري clinical and transnational medicine، فإن تحفيز الالتهام الذاتي قد يساعد في التخلص من خلايا القلب التالفة، وبالتالي الحفاظ على صحة القلب، وفي الحماية من تصلب الشرايين الذي يعد السبب الرئيسي الذي يقف خلف النوبات القلبية والأزمات الدماغية.
يساعد على التحكم في مستوى السكر الدم
يعد الالتهام الذاتي مهمًا للتشغيل السليم لخلايا بيتا المنتجة لهرمون الإنسولين في غدة البنكرياس. تفيد بعض البحوث بأن تحفيز الالتهام الذاتي من شأنه أن يحافظ على خلايا بيتا ويحسن من حساسية وإشارات هرمون الإنسولين، الأمر الذي يساعد على ضبط مستوى السكر في الدم بشكل أفضل.
كيف يمكن تحفيز الالتهام الذاتي؟
إن تدوير مكونات الخلية غير الضرورية هو أمر في غاية الأهمية للحصول على خلايا سليمة تعمل بكامل طاقتها بعيدًا عن الأمراض ومشكلاتها. لحسن الحظ؛ هناك أشياء تحفز الالتهام الذاتي، وهي في متناول اليد، وليس من الصعب وضعها قيد التنفيذ، وتضم هذه ما يلي:
- تطبيق نظام غذائي صحيح مفعم بالمغذيات ومضادات الأكسدة.
- الانخراط في ممارسات رياضية مكثفة تحسن من وصول الإمدادات من هواء وغذاء وماء إلى الخلايا.
- الابتعاد عن التوتر والإجهاد قدر المستطاع.
- الاستحمام بالماء البارد.
- النوم المنعش والجيد.
- التواصل الاجتماعي.
- الخروج إلى الهواء الطلق والتفاعل مع الطبيعة.
- الصوم المتقطع.
- الصوم المتقطع والالتهام الذاتي
إن الامتناع عن تناول الطعام يمثل الشرارة التي تشعل فتيل الالتهام الذاتي في ظل الظروف العادية، وإذا أخذنا برأي بنجامين هورن، الباحث في الصحة العامة، فإن الصيام المتقطع يعد استراتيجية غذائية رائعة لأنه يتم فيها تناوب فترات الأكل مع فترات الصيام، وهذا ما يضمن التوازن ما بين إزالة الخلايا البالية وبقاء الخلايا السليمة سالمة.
ختاماً، الالتهام الذاتي هو آلية فسيولوجية طبيعية معقدة للغاية يتم تشغيلها في الجسم للتخلص من المكونات الخلوية المعيبة أو التالفة أو المريضة أو غير الضرورية من أجل بناء خلايا جديدة سليمة وصحيحة قادرة على القيام بوظائفها على أفضل ما يرام. هناك عوامل تعرقل عملية الالتهام الذاتي، الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام استيطان الأمراض، خاصة تلك التي تزدهر في خريف العمر، ولكن لحسن الحظ، هناك عوامل تنشط عملية الالتهام الذاتي، من هنا تبدو أهمية الأخذ بها أو العمل عليها لفسح الطريق أمام انبثاق خلايا جديدة تنضح بالشباب والصحة والعافية.