صحــــتك

مصاب بجرثومة المعدة.. كيف أتجنب سرطان المعدة؟

جرثومة المعدة وسرطان المعدة
جاءتني فتاة جميلة في العشرين من عمرها اسمها (رشا) تشكو من آلام شديدة في المعدة وقيء متكرر، ومن فرط الألم استأذنت من باقي المرضى في العيادة لتتقدمهم في الدور. ولأن الفتاة كانت تتألم بشدّة، وظواهر القلق بادية على أمها، فقد سمح لها الآخرون بذلك. وقبل أن تجلس أمامي أو تخبرني بشكواها صعدت من تلقاء نفسها على السرير لتصدمني عبارتها التالية:

- دكتور محمد أرجوك انظر على معدتي بسرعة.. أعتقد أنني مصابة بسرطان المعدة!

للوهلة الأولى لم أستخف بمقولتها لأنه بمقدوري رؤية التوتر الشديد في الغرفة، فاحترمت شكواها وبدأت أسألها باهتمام:

- كم عمرك؟
عشرون
- هل تعانين من عسر الهضم لفترة طويلة؟
كلا.. الأعراض كلها منذ الصباح.
- هل لديك حُرقة شديدة ومزمنة منذ فترة طويلة؟
لا.. فقط هذا الألم والقيء منذ الصباح.
- هل تعانين من فقدان الشهية وخصوصًا اللحوم؟ هل تدخنين؟ هل تتناولين الكحوليات؟ هل قمتِ بعمل منظار للمعدة من قبل؟ هل قمتِ بعمل تحاليل من قبل كصورة الدم الكاملة والأجسام المضادة لجرثومة المعدة الحلزونية بالبراز؟ هل لديك تاريخ مرضي عائلي لسرطانات المعدة؟ هل؟ هل؟ هل؟

مع توالي سيل أسئلتي بدا جليًا للفتاة الشابة أن الأمر يحتاج إلى متخصص لتقييم حالتها، ويطفئ نار تساؤلاتها، ويهدئ من روعها وروع أمّها.

الحقيقة أن سرطان المعدة (Gastric Cancer) هو رابع أنواع السرطانات انتشارًا في العالم، حيث يتم تشخيص ما يقرب من مليون حالة سنويًا. وهو- كالعادة- أكثر انتشارًا بين الذكور عن الإناث فوق سن الأربعين، خصوصًا في مناطق كوريا واليابان وإنجلترا وأميركا الجنوبية، وفوق سن السبعين في باقي دول العالم. ويرجع العلماء إصابة شعوب هذه البلدان بهذا المرض بصورة أكبر لعدة عوامل غذائية أو وراثية وربما بيئية.

** فما هي العوامل التي تؤدي إلى زيادة فرصة الإصابة بسرطان المعدة؟
عادة ما يحتاج الأمر إلى أكثر من عامل في نفس الوقت، وفي نفس الشخص لزيادة قابلية الإصابة بهذا المرض أو غيره منهم:

- الإصابة المزمنة بجرثومة المعدة الحلزونية (Helicobacter Pylori)، والمعروفة اختصارًا بالـ(H. Pylori)، والمسؤولة عن أكثر من 80% من حالات الإصابة، من دون أن نغفل العوامل التي يجب أن تتداخل مع الإصابة بالجرثومة، فهي وحدها لا تكفي، ويجب توافر باقي العوامل معها لتكون خطرة، فليس كل مريض لديه إصابة بهذه الجرثومة معرّضا لسرطان المعدة، بل نسبة ضئيلة للغاية. وربما أن الجرثومة تقوم بذلك من خلال إصابة المريض بالتهاب المعدة الضموري (Atrophic Gastritis) أو قرحة المعدة المزمنة دون علاج (Chronic Gastric Ulcer).

- عوامل غذائية: وهو من التفسيرات التي يتخذها العلماء ذريعة لإصابة مواطني بعض الدول دونًا عن غيرهم. لذا تكثر في الشعوب الذين يتناولون الأسماك أو اللحوم المملحة أو المدخنة بكميات كبيرة، ولا يتناولون كميات كافية من الخضراوات والفواكه. حيث تزيد من كمية النيترات (Nitrate) في المعدة. وعند تناول هذه المواد بكميات كبيرة تتعرض في داخل المعدة إلى تغييرات كيميائية تحوّلها إلى مواد مسرطِنة (Carcinogen). ويبدو أن مضادات الأكسدة وبعض المواد التي تحتويها الخضراوات والفواكه تقوم بدور الحماية.

- عوامل بيئية أو وراثية: وهو ما يؤدي إلى وجود أكثر من حالة في نفس العائلة، أو زيادة معدلات الإصابة في شعوب بعينها. ربما أيضًا أن تلك العوامل تزيد من فرص الإصابة بالزوائد المعِدية (Gastric Polyps)، وهو ما قد يكون عاملًا من عوامل التحوّر الجيني (Mutation) والتحوّل فيما بعد إلى سرطان المعدة. كذلك تزيد معدلات الإصابة بين هؤلاء الذي يحملون فصيلة الدم A، ونسبة الإصابة قليلة للغاية بين هؤلاء الذين يحملون فصيلة الدم O.

- عوامل شخصية: يأتي على رأسها التدخين وتناول الكحوليات والإكثار من التوابل والبهارات.

أما العامل الشخصي الأهم من وجهة نظري ليس في الإصابة من عدمها، ولكنه ذلك العامل الذي يؤدي إلى تأخير التشخيص، ومن ثمّ فقدان الفرصة للعلاج المبكر. وألخّص هذه العوامل في لجوء معظم المرضى للصيدلي وليس طبيب الجهاز الهضمي المتخصص لعلاج أعراض مبهمة مثل حرقة الفؤاد وعسر الهضم والغثيان والقيء، وهو ما قد يؤخر تشخيص سرطان المعدة لشهور أو لسنوات.

العامل الثاني
هو ذلك الخوف المرضي غير المبرّر من القيام بعمل منظار المعدة التشخيصي (Gastroscope)، وهو ما قد يساعد في التشخيص المبكر، بل وحاليًا طرح إمكانية العلاج المبكر أيضًا من خلال استئصال الأورام الصغيرة والسطحية من خلال المنظار قبل إصابة الأنسجة العميقة من المعدة أو الانتشار لأنسجة أخرى خارج المعدة، من خلال تقنية اسمها (Mucosectomy)، أي الاستئصال المحدود للغشاء المخاطي، أو تقنية استئصال للأنسجة ما تحت المخاطية (Submucosal dissection)، وغيرها من التقنيات الحديثة التي ساهمت في رفع معدلات البقاء على قيد الحياة لمدد تصل إلى خمس سنوات أو يزيد بنسبة كبيرة.

- الإصابة بالالتهاب المعدِي الضموري المزمن (Atrophic Gastritis) سواء وحده أو مصحوبًا بالأنيميا الخبيثة (Pernicious Anemia).

** لذا متى أشك حقًا في إصابتي بسرطان المعدة، أو بالأحرى ما هي الأعراض التي يتوجب عليّ أن أتوجه لأقرب متخصص في أمراض الجهاز الهضمي للاطمئنان على نفسي؟
لا يسبب سرطان المعدة في مراحله المبكرة أية أعراض أو علامات، الأمر الذي يجعل تشخيصه في هذه المرحلة صعبًا في معظم الأحيان.

وتشمل أعراض سرطان المعدة وعلامات الإصابة به: الشعور بالضيق وعدم الراحة أو بأوجاع، في الجزء العلوي من البطن، الانتفاخ أو القيء بعد تناول الطعام، انعدام الشهية وفقدان الوزن، الغثيان عمومًا، وللحوم بصفة خاصة، الشعور بالضعف نتيجة لفقر الدم (Anemia)، تغيّر لون البراز للون الأسود أو وجود دم في القيء.

بالطبع هذه هي نفس أعراض القرحة المعديّة (Gastric ulcer)، لذا فإن الأمر يحتاج إلى زيارة طبيب الجهاز الهضمي المتخصص والقيام بعمل التحاليل والفحوص اللازمة، ومنها بالطبع منظار المعدة التشخيصي، والذي يعد الحجر الأساسي لتشخيص سرطان المعدة.

لذا، فلا بد ألا تهمل مريضي العزيز عند شعورك بهذه الأعراض، ولا تلجأ إلى الحلول المؤقتة التي يقدمها لك الصيدلي أو الطبيب غير المتخصص. ولا تقلق من منظار المعدة لأنه لا يؤلم باستخدام الأنواع الحديثة من التخدير الخفيف الذي لا يستمر سوى عدة دقائق. خصوصًا إذا كنت ممن يعانون من واحدة أو أكثر من عوامل الخطورة أو الأعراض التي ذكرناها.
وتذكر دومًا أن الحريق الكبير لا يبدأ إلا من شرارة صغيرة. فبادر بإطفاء تلك الشرارة تفاديًا لقيام الحريق.

اقرأ أيضا:
الأغذية الطازجة والمعلبة.. صحتك مسؤوليتك
8 شكاوى صحية يجب عدم تجاهلها
عسر الهضم .. عرض لأسباب متنوعة وأمراض كامنة
أسباب عسر الهضم وأعراضه

آخر تعديل بتاريخ
31 يوليو 2021
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.