معركتي مع الوسواس القهري.. الأمل موجود

أهلاً وسهلاً بك يا ولدي،
أشعر بمعاناتك، ومعركتك التي أعيتك منذ عامين، وما تعاني منه يشير بوضوح أنك كما قلت تعاني من وساوس قهرية، وهي عبارة عن أفكار تفرض نفسها على صاحبها تخرج من رأسه وحدها؛ فهي لم تجد طريقها له من الخارج، أي أنها وليدة صاحبها ومن رأسه وحده.

وهي أفكار يراها صاحبها تافهة، أو غير منطقية، أو صعب حدوثها في الواقع بهذا الكم، وكلما حاول الشخص أن يتعارك معها ويقاومها، كلما ازدادت شراسة، وكلما تصور الشخص أن استجابته لها قد تزيلها؛ كلما وجدها أكثر شراسة.

والوساوس تتميز بأنها تتقنع بعدة صور؛ فيتصور الشخص أنها اختفت في مساحة، وفعلا هي تختفي، ولكنها تظهر في مساحة أخرى بعد دون ان ينتبه، والوساوس تزداد مع زيادة الضغط النفسي، وهي في العموم تعبر عن قلق وصل مستواه لأعلى من القلق الطبيعي الذي يتحمله جهازنا النفسي.

الوساوس تعالج بطريقتين شائعتين
أولها
- العلاج الدوائي الذي تطور جداً، وأصبح يؤتي نتائج طيبة تصل نسبة الشفاء فيه لأكثر من ٩٨%، وحتى ١٠٠%.

الطريقة الثانية
هي العلاج المعرفي السلوكي، والذي يعتمد على علاج الأفكار الوسواسية بطرق متخصصة، تساعد المريض في التخلص منها بعد فترة مناسبة من الوقت والجهد والمثابرة، وتتوقف نتائجها على مدى إرادة ووعي الشخص ودأبه.

وحتى تختار أي الطريقين ستسلك؛ يمكنني أن أترك لك هذه النقاط لتفهمها:

- القلق النفسي يرتبط بالضغوط، فحاول أن تتذكر ماذا حدث منذ عامين؟ فلعل معرفتك بهذا الضغط يساعدك في الوصول لطرق جديدة في التعامل معها، وقد تكون الطرق الجديدة مثلاً "البوح" بمخاوفك، وقلقك لشخص تثق فيه، ويؤنس وحدتك، أو مراجعة الأفكار التي جعلتك تشعر بالقلق، وينتج عنها وساوس.

- الوساوس القهرية تحتاج لثلاثة شروط حتى تعتبر وساوس قهرية، أولها ان صاحب تلك الأفكار يراها تافهة، وغير منطقية، وتستحق السخرية، وثانيها أنها تقهر صاحبها فتفرض نفسها عليه دون إرادة منه، وثالثها ينتج عنها سلوكيات قهرية، فمثلاً تقتحم فكرة أن يدك ملوثة أو متسخة، ورغم أنك تقول لنفسك: من أين جاءت تلك الفكرة الساذجة؟ أنا غسلت يدي جيداً منذ لحظات؛ لكن الفكرة تقتحم رأسك، وكلما حاولت مقاومتها أو الاشتباك معها زادت شراسة، وقد تتصور أن قيامك لغسل يدك بدقة أكثر سيذهب الفكرة، ولكن تكتشف أن هذا لم يحدث، وتظل مراراً وتكراراً تنظف يدك ورغم ذلك لا تقل الفكرة.


- أفضل ما يؤتي نتائج مع تلك الأفكار هو البعد عن الاشتباك، أو المقاومة معها، ولكن بقبول وجودها وأنها تخص ذلك النوع من الوساوس القهرية، وكلما تدرب الشخص على ذلك، كلما ضمرت.

- علاج الوسواس القهري كما بينت له مدرستين كبيرتين، ولأنه يصطحب دوما معه توأمه الاكتئاب، فكان فضل الله تعالى في ذلك واضحا؛ لأن علاج الوسواس القهري يعالج الاكتئاب في نفس الوقت سواء بالدواء، أو بالعلاج المعرفي.

- تدرب على وضع فكرة أخرى بديلة منطقية غير "أن من لم يلتفت إليك لا يحبك"، واختبرها بالسؤال؛ مثلا ضع فكرة أن من لم يسلم عليك كان في عجلة من أمره، أو أنه لم يراك، أو أنه كان يريد السلام عليك، ولكنك لم تكن تنظر له فتحرج.. إلخ، واختبرها بسؤال الشخص نفسه بشكل لطيف مثل.. لقد رأيتك اليوم ولم تسلم علي؟ وأسمح لنفسك أن تسمع رده بصدق، وستجد فارقاً، أو اذهب أنت للسلام عليه، وستجد فارقاً من رد فعله الذي قد يحمل لك الود.

- من أكثر ما يميز الوساوس أنها تختلط بمشاعر الذنب، وخاصة مشاعر الذنب غير المبررة؛ فهي ركن أصيل في بقاء القلق، ومن ثم الوساوس؛ لذا نحتاج بقوة أن تتخلص من مشاعر الذنب التي ليس لها محل من الإعراب، فحتى حين نخطئ في حق أي شخص نعتذر له وينتهي الأمر، أو نصحح الخطأ وينتهي الأمر، أو تستغفر وينتهي الأمر ما دمنا صادقين؛ فماذا ستكون فعلت في حق معظم من حولك وتستحق العقاب بالإهمال؟ من حقك وحقي وكل كل البشر أن يخطئوا، وأن يتعلموا من خطأهم با ولدي؛ فالخطأ لا يهدم الكون، ولا نستحق بسببه أن نشنق أنفسنا.

هيا ابدأ فيما اقترحت حتى تتواصل مع متخصص ماهر.