ماذا يَحدث للجسم بعد الرنين المغناطيسي ؟ ولماذا يطلبه الطبيب؟ وهل التصوير بالرنين آمِن؟ وما المفاهيم الخاطئة أو الخرافات الشائعة فيما يتعلق بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي ؟ الكثير من التفاصيل تم تناولها خلال هذا الحوار مع البروفسور توبياس جيلك من خلال مجموعة المحاور الآتية:
- ماهية التصوير بالرنين المغناطيسي.
- مبادرة "أسبوع سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي".
- التحديات التي قد تواجِه مقدّمي الرعاية الصحية للتصوير بالرنين المغناطيسي.
- مخاطر التصوير بالرنين المغناطيسي.
البروفسور توبياس جيلك خبير الأشعة وسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، ومدرِّب واستشاري في مجال الأشعة والتصوير بالرنين المغناطيسي لمقدّمي الرعاية الصحية، عضو لجنة معايير السلامة IEC MRI، وعضو في الكلية الأمريكية للأشعة ACR MRI لجنة سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، وعضو مجلس الإدارة والرئيس السابق لـ ABMRS، البورد الأمريكي لسلامة الرنين المغناطيسي.
كيف نشأت مبادرة أسبوع سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي؟
كنتُ أنشر نشرة إخبارية عن طريق البريد الإلكتروني قبل 20 عاماً تُعنى بالتخطيط وسلامة منشآت التصور بالرنين المغناطيسي، وفكَّرت حينها: "يوجَد يوم عالمي للاحتفال بالكعك، وأسبوع للاحتفال باختصاصي التصوير الشعاعي، ولكن لِمَ لا شيء محدَّد بالتصوير بالرنين المغناطيسي"، ولم أجِد سبباً يمنع من وجود أسبوع لسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، ولهذا قمتُ بابتكار هذا الأسبوع والترويج له من خلال النشرة الإخبارية الصغيرة التي كنا نعمل عليها وكأنه حدث كبير ومعترف به، ومع مرور الوقت أصبح كذلك.
كان هدفي من إنشاء أسبوع سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي دائماً ينطوي على أمرَين: أردت أولاً أن أُعرّف بالجهد الكبير الذي يقوم به البعض لوضع البروتوكولات والممارسات المتعلقة بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي وتدريب الطواقم، وأردت الاعتراف بأنه ما يزال أمامنا الكثير من العمل الذي يجب القيام به كمتخصصين لجعل التصوير بالرنين المغناطيسي آمناً قدر الإمكان.
أبرز التحديات التي تواجِه مقدّمي الرعاية للتصوير بالرنين المغناطيسي؟
من أبرز العقبات التي تقف في طريق جَعل التصوير بالرنين المغناطيسي أكثر أماناً هو النجاح الكبير لحملة العلاقات العامة المتعلقة بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، إذ تَمكّن علم التصوير الشعاعي من تسويق التصوير بالرنين المغناطيسي على أنه "وسيلة تصوير طبية آمنة" بشكل ناجح، لدرجة أن الهيئات التنظيمية وهيئات الترخيص وحتى إدارات المستشفيات بدأت تعتقد أن المزيد من إجراءات السلامة المتعلقة بالتصوير بالرنين المغناطيسي غير ضرورية، وذلك بسبب الانتشار الواسع لفكرة أن التصوير بالرنين المغناطيسي آمن، ولهذا نواجه صعوبة في البحث بشكل أوسع في سلامة إجراءات موقِع معيّن، أو ما هي سياساتهم، وكيف يدرّبون العاملين لديهم.
هل يعد الرنين المغناطيسي خلال التصوير آمناً؟
هذا سؤال صعب؛ توجَد العديد من المخاطر المهمة التي يجب تداركها، فهناك مثلاً القوة المغناطيسية الهائلة لجهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، وكيف يؤثّر هذا في بعض القطع المعدنية التي قد تكون داخل أو خارج جسم المريض، أو أن عملية التصوير بالرنين المغناطيسي تحفز جهودًا كهربائية في المرضى أثناء الفحص، أو أن المجال الذي يولِّده جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي قد يعطِّل عمل أجهزة طبية أخرى، مثل منظم ضربات القلب أو مضخات الأنسولين. أرى أن أفضل طريقة لاحتواء كل هذه المخاطر هي ضمان فحص المريض وتقييمه بشكل دقيق فيما يتعلق بالمخاطر الخاصة بالتصوير بالرنين المغناطيسي الذي سيخضع له، مع معرفة أن هناك مخاطر مختلفة إذا كنت ستخضع لتصوير الرنين المغناطيسي للركبة مقارنة بتصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ.
كيف ترى تطور إجراءات السلامة في التصوير بالرنين المغناطيسي؟
لا يوجد في العالم بأسره قوانين أو تنظيمات تحقق أفضل ممارسات السلامة للتصوير بالرنين المغناطيسي، وإن وُجِدت فهي قليلة، ويشمل هذا برامج الاعتماد المتّبعة في معظم المستشفيات، ويقع اليوم على عاتق كل مستشفى وعيادة تحديدَ إجراءات السلامة التي تريد تبنّيها، وربما أفضل ما يمكن أن تقوم به هذه المنشآت لتعزيز سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي هو تعيين أشخاص مسؤولين في وظيفة مدير طبي للتصوير بالرنين المغناطيسي، أو مسؤول سلامة الرنين المغناطيسي، أو خبير سلامة الرنين المغناطيسي.
بالرغم من أن المستشفيات مطالَبة بوجود أشخاص محدَّدين للإشراف على سلامة التصوير الشعاعي، فإنه كثيراً ما يتم تهميش سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي. تتدنى سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي في حال عدم وجود أشخاص مسؤولين بشكل واضح عن سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، أو مخَوّلين بتطوير معايير سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي.
يُعد التعليم المستمر في سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي أمراً جوهرياً، ولكن للأسف فإن متطلبات التدريب الأولية لخبراء وعلماء التصوير الشعاعي والفيزيائيين الطبِّيّين لا تشمل معرفة ضرورية للممارسات اللازمة في العالم الحقيقي، ويعني هذا أننا نُلقي بهؤلاء الخبراء في مياه عميقة لنرى إن كانوا قادرين على السباحة لوحدهم! وهذا ليس عادلاً في حقّهم، وهو بالطبع عكس ما يتوقّعه المرضى من خبراء التصوير بالرنين المغناطيسي. بسبب وجود هذا النقص في بداية التدريب المتعلق بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، فإن استمرار التطوير والتعليم المحترف في سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي يصبح ضرورياً لكل الخبراء الذين يلعبون أدواراً في سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي.
حدِّثنا عن تأثير تعزيز سلامة التصوير على المرضى ومقدّمي الرعاية
عندما ينطلق خبراء التصوير بالرنين المغناطيسي من نقصٍ في التدريب المتعلق بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، فيعني هذا أن قرارات رعاية المرضى وما هو آمن لهم أو غير آمن، لا تكون مبْنِيّة على معرفة، وقد يؤدي هذا إلى السماح بإجراء فحوصات تصوير بالرنين المغناطيسي خطرة لمريض يحمل جهازًا طبيًا أو مصابٍ بحالة طبية معيّنة، وقد يعني أيضاً رفض إجراء فحص بالتصوير بالرنين المغناطيسي لمريض يمْكنه الخضوع لهذا الفحص بشكل آمن، وقد يعني هذا أيضاً في العديد من الأحيان ضياع ساعات وحتى أيام من العمل في محاولة للحصول على المعلومات اللازمة لرعاية المريض.
يمكن للتدريب الأفضل على سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي تحقيق ثلاث نتائج مختلفة قد تبدو متناقضة:
- تسمح الممارسات الأفضل في التدريب على سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي بإجراء تقييمات بمقارنة المخاطر والفوائد، ما يتيح للمرضى الذين سيُرفَض إجراء فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لهم من الحصول عليها بشكل آمن، ما يمَكّن تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي من خدمة أكبر قدر من المرضى.
- يمكن لتحسين التدريب في العديد من المواقع أن يحسّن من سلامة خدمات التصوير بالرنين المغناطيسي من خلال مساعدة خبراء التصوير بالرنين المغناطيسي على إدارة جهود سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي في المواقع التي تُحقَّق فيها أفضل النتائج.
- يؤدي حصول خبراء وعلماء التصوير الشعاعي والفيزيائيين على هذا التدريب أولًا إلى الحد من تكاليف العمل بتعزيز تقييم المرضى، وزيادة أعداد المرضى، وبالتالي تحسين الأداء المالي لهذه المنشآت.
ما الاستراتيجيات التي تُوصي بها للعاملين في الرعاية الصحية للرنين؟
بقدر ما نحب الجامعات التي تخرَّجْنا منها والمعلّمين الذين درَّبونا، فإن أول ما يجب أن نعترف به هو أنه لم توجَد مساقات تدريب سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي في عالم التدريب الأكاديمي، فقد قام هؤلاء المعلِّمون بتعليمنا ما يَعْرِفون، ولكن ذلك على الأغلب ليس ما يحتاجه الخبراء الآن. بمجرد أن نعترف أن تدريبات سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي هي ما يحتاجه كل خبراء التصوير بالرنين المغناطيسي، وأن ما تعلَّمه الخبراء في الجامعات لا يطابق ما يُطلب منهم في المؤسسات الطبية الآن، وقد أعددنا فرصًا تعليمية لتحقيق هذا الغرض، من بينها حلقة نقاش سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي المتقدمة التي ستُجرى قريباً، وهي فعلياً محضَّرة وكأنها مَساق جامعي مكثَّف في ثلاثة أيام لمساعدة خبراء وعلماء التصوير الشعاعي وغيرهم من المسؤولين عن سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، ولمساعدتهم على تعلم أساليب منظَّمة للتعامل مع سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، ولتقديم رعاية أفضل للمرضى في التصوير بالرنين المغناطيسي، ولتحسين الأداء المالي لخدمات التصوير بالرنين المغناطيسي للمستشفيات.
كيف نتأكد من أن ممارسات سلامة التصوير تتم وفق المعايير؟
لا يوجَد مثل هذا الضمان، كل قسم للتصوير بالرنين المغناطيسي في كل مستشفى يمْكِنه إلى حدّ كبير رَسم مساره الخاص فيما يتعلق بممارسات السلامة. في رأيي؛ أفضل استجابة هي تجنُّب محاولة الضغط على كل أقسام التصوير بالرنين المغناطيسي في نفس القالب بالضبط، ولكن بناء المعرفة والمهارات والكفاءات لدى الإداريين واختصاصيي الأشعة ومصوري الأشعة بالرنين المغناطيسي، للسماح لهم بتكييف ممارساتهم بشكل آمن وتقديم رعاية التصوير بالرنين المغناطيسي بكفاءة لمرضاهم. وللسماح بدرجة من المرونة في التنفيذ، أود أن أرى كل قسم للتصوير بالرنين المغناطيسي قد قام بتعيين مدير طبي للتصوير بالرنين المغناطيسي، ومسؤول سلامة الرنين المغناطيسي، وخبير سلامة الرنين المغناطيسي، والذين هم مكلفون بسلامة الموظفين والمرضى في منطقة التصوير وخلال استخدام الرنين المغناطيسي .
ما الخرافات الشائعة فيما يتعلق بسلامة التصوير من خلال استخدام الرنين المغناطيسي ؟
إحدى الخرافات الأكثر انتشاراً حول سلامة التصوير باستخدام الرنين المغناطيسي هي أن التحسينات في السلامة تأتي فقط على حساب الكفاءة أو الإنتاجية، وهذا يفشل في إدراك أن العائق الأكبر الوحيد أمام إنتاجية التصوير بالرنين المغناطيسي (إلى جانب عدم حضور المرضى في الوقت المحدد لمواعيدهم) هو مقدار الوقت الذي يتم قضاؤه كل أسبوع في محاولة تحديد موانع الاستعمال المحتملة وتوضيحها لمرضى التصوير بالرنين المغناطيسي الذين لا يفعلون ذلك، فقد يكون لديهم تاريخ طبي كامل، وقد يكون لديهم زرعة معدنية، أو قطعة من الشظايا. وفي بعض المستشفيات، قد يتم قضاء ما يصل إلى ربع وقت اختصاصي الأشعة في التحقق من التاريخ الطبي لهؤلاء المرضى بينما تتأخر فحوصات التصوير واستخدام الرنين المغناطيسي الخاصة بهم. ويَنتُج عن هذا جهد ضائع كبير، وغالباً ما يكون هناك عدد من أوقات الفحوصات الفارغة.
لكن من خلال تحسين المعرفة والعمليات المتعلقة بسلامة التصوير واستعمال الرنين المغناطيسي ، يمكن في كثير من الأحيان تقليل الوقت المستغرَق في الانتهاء من العمل مع المرضى بشكل كبير، مما يؤدي أيضاً إلى عدد أقل بكثير من الاختبارات "المفقودة" بسبب التأخير في الانتهاء من العمل مع المرضى، ويؤدي هذان التأثيران في نفس الوقت إلى تقليل التكاليف وزيادة الإيرادات.
هل ساهم أسلوبك في تقييم سلامة التصوير بالرنين فَرقاً؟
في أحد المستشفيات التي عملتُ معها منذ عدة سنوات، لم يكن هناك هيكل موحّد لتقييم مرضى التصوير بالرنين المغناطيسي الذين لديهم بعض موانع الاستعمال، مثل عملية زرع غير موثَّقة بشكل جيد. واكتشفنا كيف أن عدم وجود معايير موحَّدة يعني أن المرضى الذين يعانون من حالات متشابهة جداً قد يتم رفضهم من قبل اختصاصيّ الأشعة، في حين قد يَسمح لهم فني أشعةٍ أو اختصاصيّ أشعة آخر. وسيواجه المستشفى وأطباء الأشعة وقتاً صعباً للغاية في تبرير الاختلافات في رعاية المرضى. لقد عملت مع كل من المستشفى واختصاصيي الأشعة، وقمنا بتطوير أداة لدعم القرار لمرضى التصوير بالرنين المغناطيسي الذين لديهم غرسات أو أجسام غريبة بداخلهم، مما أدى في الوقت نفسه إلى تبسيط العملية، وتوفير رعاية أكثر اتساقاً لمرضى التصوير بالرنين المغناطيسي، وساعد في تعليم كل من مصوري الأشعة، واختصاصيي الأشعة الذين كانوا أكثر قلقاً بشأن انتقاء مرضى التصوير بالرنين المغناطيسي، الطريقة الأفضل لتحديد الحالات التي تكون فيها المخاطر أكبر أو أقل.
هل تتعاون مع خبراء ومنظمات للنهوض بمجال سلامة التصوير بالرنين؟
ما يزال هناك الكثير مما يتعين علينا القيام به لتحسين سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي في مهنتنا، ولكن هناك بعض المجموعات الرائعة التي تشكل جزءاً من هذا الجهد. في هذه اللحظة، أعمل مع لجنة خبراء مدعومة من ASTM International، برئاسة الدكتور إيمانويل كانال، للمشاركة في تأليف دليل الممارسة السريرية لمساعدة المواقع في عمليات تقييم المخاطر للعدد المتزايد باستمرار من مرضى التصوير بالرنين المغناطيسي الذين لديهم عمليات زرعات وأجهزة في أجسادهم. وما زلت مشاركاً في المجموعة التي تحدد معايير سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي لمُصَنِّعي الماسحات الضوئية، والمجموعة التي تضع معايير اختبار الأجهزة الطبية، ووضع العلامات لسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي.
ولكن ربما تكون الإمكانية الأكثر أهمية لتحسين سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي على مستوى العالم في الوقت الحالي تأتي من المجلس الأمريكي لسلامة الرنين المغناطيسي، الذي أنا عضو في مجلس إدارته، إذ قام هذا المجلس بتطوير وإدارة اختبارات الشهادات للعاملين في مجال التصوير بالرنين المغناطيسي، وقد أعلنتُ مؤخراً عن مبادرة ضخمة ستجعل اختبارات التصديق هذه متاحة دولياً عند الطلب، في مراكز الاختبار في المدن الكبرى حول العالم! إذا كانت تسمية الأفراد الذين تم تعيينهم في مناصب مسؤولية، وسلطة سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي هي إحدى الخطوات الرئيسية للتحسين، فكذلك التأكد من أن هؤلاء الأفراد لديهم التدريب والمعرفة والكفاءة في مجال سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي لإحداث التغيير الأكثر إيجابية قدر الإمكان. وإنني أتشوق لرؤية التغييرات التي سيُحدِثها التوفر الأوسع لشهادة دور سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي على مهنتنا.