صحــــتك

ما مخاطر شرب الدم؟ وما هو أصل الفكرة؟

شرب الدم (الحيواني أو البشري) كان إحدى الوجبات الرئيسية في روايات مصاصي الدماء أو قصة دراكولا، ولكن في الحياة الواقعية، ليس له فوائد صحية معروفة، بل على العكس تمامًا يمكن أن يكون له مخاطر صحية شديدة. تنجذب بعض المجموعات والثقافات القليلة جدًا حول العالم نحو ممارسات مثل هذه، ولكن داخل هذه المجتمعات، تحذر المنظمات من مخاطر شرب الدم الفعلي، وتنصح الناس بتجنبه.

وقبل أن نسترسل في مقالنا هذا، وجب التنويه أن هناك إجماع في المجتمع العلمي الطبي على أن شرب الدم الخام يرتبط بمخاطر صحية، ويمكن أن يكون له نتائج خطيرة تهدد الحياة، هذه ليست ممارَسة موصَى بها أبدًا. 

هل شرب الدم آمن؟

شرب الدم الخام ليس ممارَسةً آمنةً أبدًا، وقد يقول البعض إن الحيوانات آكلات اللحوم تأكل اللحوم النيئة والدم، فلماذا لا يستطيع البشر فعل ذلك؟ تتمتع الحيوانات في البرية بوظائف حيوية خاصة مكَّنتها مع مرور الزمن من مواجهة البكتيريا ومسببات الأمراض المنقولة بالغذاء، والتي يمكن أن تسبب الضرر.

أما البشر، الذين وجَدوا أن مَذاق لحومهم أفضَل عند طَهيها، فلم تتمكَّن أجسامهم من بناء كثير من وسائل الحماية الهضمية. وتذكر مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) في أمريكا بعض الأطعمة المرتبطة بالأمراض المنقولة عن طريق الطعام، مثل الدجاج ولحم البقر والديك الرومي والبيض الخام. يحتمل أن يحمل الدم أمراضًا مماثلة منقولة بالغذاء، ويمكن أن يكون مصدرًا للتسمم الغذائي.

قد يكون تناول دم الحيوانات الصالحة للأكل آمنًا بشكل عام بكميات صغيرة جدًا، فمضغ شريحة لحم صغيرة الحجم أو قطعة نقانق عادة لن يكون له أي آثار سيئة، على الرغم من أن التسمم الغذائي ونقل بيوض الديدان والطفيليات ما يزال يشكل مصدر قلق فيها.

لذلك توصي أكاديمية التغذية وعلم التغذية بطهو اللحم المفروم أو لحم العجل أو لحم الضأن إلى درجة حرارة داخلية تبلغ 71 درجة مئوية على الأقل، أما شرائح اللحم المشوية فيجب أن تبلغ درجة الحرارة الداخلية 63 درجة مئوية. والدم بيئة جيدة لنمو البكتيريا فيها، لذا فإن تناول أي كمية قد يزيد من خطر الإصابة بالعدوى والأمراض الأخرى.

تاريخ شرب الدم

  • يعود تاريخ شرب الدم إلى العصور القديمة، ففي بعض المجتمعات البدائية، كان يُعتقد أن الدم له خصائص طبية أو روحية، وكان يُشرب في مجموعة متنوعة من الطقوس والاحتفالات.
  • أحد الأمثلة على الممارسات الثقافية التي تنطوي على شُرب الدم هي قبيلة الماساي في إفريقيا، التي اعتقدَت تقليديًا أن شرب دماء الأبقار من شأنه أن يمنحها القوة والحيوية.
  • في بعض الثقافات، تم شرب الدم أيضًا كمَصدر للغذاء، خاصة في أوقات ندرة الغذاء أو نقصه.
  • ومع ذلك، فإن نظام التبرع بالدم الحديث، وتدابير السلامة، جعلت شرب الدم أقل شيوعًا وأقل ضرورة.
  • اليوم، تعتبر عمليات نقل الدم وسيلة آمنة وفعالة لعلاج فقر الدم واضطرابات الدم الأخرى، ويتم فحص الدم المتبرَّع به بحثًا عن الأمراض والالتهابات قبل استخدامه.

مخاطر شرب الدم

شرب الدم يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بحالات طبية معينة، نوردها فيما يلي:

  1. الأمراض المنقولة بالدم

كما هو الحال مع اللحوم النيئة، يمكن أن يحتوي الدم على بكتيريا ضارة وبعض مسببات الأمراض التي يمكن أن تسبب التسمم الغذائي، وتنقل أمراضًا مثل التهاب الكبد B، والتهاب الكبد C، والنوروفيروس Norovirus، وفيروس نقص المناعة البشرية HIV.

لا يستطيع معظم الناس الوصول إلى موارد الاختبار المطلوبة للتأكد من أن الدم لا يحتوي على ملوثات. لذلك، ولتجنب الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، قم بطهي أي شيء تأكله جيدًا، والتعامل مع الطعام والطهي وإجراءات التنظيف الآمنة.

تتضمن بعض النصائح الأساسية لهذه الممارسات ما يلي:

  • غسل يديك قبل وبعد الطهي.
  • منع التلوث المتبادل من خلال تطهير الأسطح والأدوات.
  • تجميد أو تبريد الأطعمة التي تتطلب ذلك فور شرائها من المتجر.
  • طهي اللحوم إلى درجة حرارة داخلية آمنة.
  • تخزين بقايا الطعام بشكل آمن.

لذلك إذا كنت تفكّر في تناول أي دم خام، فمن المستحسَن إعادة النظر في ذلك بسبب هذه المخاطر الصحية، وعدم القدرة على ضمان الاستهلاك الآمن.

  1. داء ترسّب الأصبغة الدموية

يَحدث داء ترسّب الأصبغة الدموية Hemochromatosis عندما يمتص الجسم الكثير من الحديد، والذي يمكن أن يصل إلى مستويات ضارة. وقد يحدث داء ترسب الأصبغة الدموية الأوَّلي بسبب عوامل وراثية، في حين يَحدث داء ترسّب الأصبغة الدموية الثانوي بسبب تناول نظام غذائي غني بالحديد، أو نتيجة عمليات نقل الدم المتعددة. يمكن أن تسبب هذه الحالة المرض وتلف الأعضاء، بما في ذلك:

  • القلب.
  • نظام الغدد الصماء.
  • الكبد.
  • البنكرياس.
  • المفاصل.

إن تناول نظام غذائي متوازن من الأطعمة الغنية بالمغذيات لن يسبب عادة هذه الحالة، لكن استهلاك كميات كبيرة من الدم الغني بالحديد قد يشكّل خطرًا، خاصة إذا كان لديك الاستعداد الوراثي لداء ترسب الأصبغة الدموية. وتشمل أعراض داء ترسّب الأصبغة الدموية ما يلي:

  • التعب أو الضعف.
  • فقدان الوزن غير المقصود.
  • ألم في المفاصل.
  • لون البشرة أغمق من المعتاد، أو برونزي، أو رمادي.
  • ألم في البطن.
  • انخفاض الرغبة الجنسية.

كما يمكن أن يسبب تناول الدم عددًا من التأثيرات الخطيرة الأخرى على الجسم التي تشمل:

  • الغثيان والقيء: يمكن أن يسبب تناول الدم الغثيان والقيء، لأن الجسم يحاول رفض المادة الغريبة.
  • المشكلات النفسية والإدمان: قد يشرب بعض الأشخاص الدم بسبب اضطراب نفسي أو نتيجة ممارسات ثقافية أو دينية. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي هذا السلوك إلى مشكلات صحية خطيرة، ويجب معالجته بمساعدة أخصائي طبي أو مقدم خدمات الصحة العقلية.
  • ردود الفعل التحسسية: قد يعاني بعض الأشخاص من رد فعل تحسسي تجاه الدم، مما قد يسبب أعراضًا مثل الشرى والطفح الجلدي وصعوبة التنفس والحساسية المفرطة.
  • نقص العناصر الغذائية: يمكن أن يؤدي شرب الدم إلى نقص العناصر الغذائية، لأن الدم لا يحتوي على جميع العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم ليعمل بشكل صحيح.

من المهم أن تفهم مخاطر شرب الدم لمنع ابتلاعه عن طريق الخطأ وحماية صحتك. إذا قمتَ أنتَ أو أي شخص تعرفه بتناول الدم، فاطلب العناية الطبية على الفور. 

هل يمكن أن يساعد شرب دم الإنسان في علاج بعض الاضطرابات؟

باختصار: لا. في حين يمكن استخدام نقل الدم كعلاج للأشخاص الذين فقدوا كمية مهمة من الدم، أو لديهم صعوبة في تكوين دم سليم، فإن نقل الدم يختلف تمامًا عن شرب الدم. وفي عملية نقل الدم، يتم نقل دم المتبرع إلى الوريد مباشرة من خلال خط وريدي (IV). يتم اختبار هذا الدم بدقة بمعايير صارمة لضمان سلامته.

ولكن ربما تكون قد شاهدت شائعات لا أساس لها من الصحة على الإنترنت، إلا أنه لا يوجَد حاليًا أي دليل علمي على أن شرب الدم له أي فوائد صحية.

هل شرب الدم عمل قانوني؟

من الممكن أن تتم معاقبتك جنائيًا بسبب تناول دم الإنسان أو الحيوان، بحسب البلد الذي تعيش فيه.

ولاية لويزيانا الأمريكية على سبيل المثال، لديها قانون يحظر "الأفعال الشعائرية". وتعرّف الدولة هذه الممارسات على أنها أي ممارسة تقصد تناول دماء الإنسان أو الحيوان أو فضلات الإنسان أو الحيوان، وقد يتم سَجن أي شخص ينتهك القانون لمدة تصل إلى 5 سنوات، أو دفع غرامة تصل إلى 5000 دولار أو كليهما. بعض الولايات الأخرى قد تملك قوانين مشابهة.

قضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة بأن التضحية بالحيوانات لأغراض دينية -والتي قد تشمل شرب الدم- تُعتبر عملية دستورية بموجب بند الحرية الدينية في التعديل الأول، لكن هذا لا يعني أن الأشخاص الذين يمارسون طقوس التضحية بالحيوانات يظلون في مأمن من قوانين الدولة المتعلقة بالقسوة على الحيوانات.

كيف يتم التعامل طبيًا مع أي شخص شرب الدم بقصد أو بدون قصد؟

إذا كنت تشك في أن شخصًا ما قد ابتلع كمية مهمة من الدم، سواء بقصد أو بغير قصد، فاطلب العناية الطبية على الفور. وقد يشمل علاج شرب الدم ما يلي:

  • دخول المستشفى وتناول أدوية للسيطرة على الأعراض ومنع المزيد من المضاعفات.
  • قد تكون عمليات نقل الدم ضرورية في الحالات الشديدة لتعويض الدم المفقود أو التالف.
  • في بعض الحالات، قد يكون من الضروري استخدام مضخة المعدة أو غسلها لإزالة الدم من المعدة. يتضمن هذا الإجراء إدخال أنبوب عبر الفم إلى المعدة، ومن ثم استخدام محلول خاص لغسل المعدة.
  • إذا عانى الشخص من ردّ فعل تحسّسي تجاه الدم، فقد يحتاج إلى العلاج بأدوية ضد الحساسية، مثل مضادات الهيستامين أو الكورتيكوستيرويدات للسيطرة على الأعراض.
  • في الحالات الشديدة من الحساسية المفرطة، قد يحتاج الشخص إلى العلاج بالإيبينفرين (الأدرينالين) وأدوية أخرى لاستعادة التنفس الطبيعي وضغط الدم.
  • من المهم التماس العناية الطبية في أقرب وقت ممكن بعد تناول الدم لتقليل خطر حدوث مضاعفات، ولضمان علاج أكثر فعالية.
  • لا تجعل الشخص يتقيأ، ولا تعطِه أي أدوية، ما لم يطلب منك ذلك طبيب مختص.
  • بالإضافة إلى العلاج الطبي، قد تكون الاستشارة النفسية ضرورية لمعالجة أي مشكلات أو اضطرابات كامنة قد تكون أدّت إلى سلوك شرب الدم.
  • من المهم طلب المساعدة المهنية لمعالجة هذه المشكلات وإيجاد وسائل بديلة للتعامل مع أي مشكلات أساسية.
  • قد تكون المتابعة مع أخصائي طبي ضرورية لمراقبة تعافي الشخص ومعالجة أي مشكلات مستمرة.

الآثار البعيدة المدى لشرب الدم

  1. يمكن أن يؤدي شرب الدم إلى عدد من الآثار والمضاعفات الطويلة المدى. من المهم التماس العناية الطبية ومعالجة أي مشكلات أساسية لتقليل مخاطر الآثار والمضاعفات الطويلة المدى.
  2. قد تكون المتابعة مع أخصائي طبي ضرورية لمراقبة تعافي الشخص ومعالجة أي مشكلات مستمرة.

الخرافات والمفاهيم الخاطئة حول شرب الدم

  1. تنتشر عدد من الخرافات والمفاهيم الخاطئة حول الفوائد الصحية المفترَضة لشرب الدم، فقد يعتقد بعض الناس أن شرب الدم يمكن أن يوفر فوائد مثل زيادة الطاقة، أو تعزيز الأداء الرياضي، أو تحسين الصحة، ولكن هذه الادعاءات لا تدعمها الأدلة العلمية ويمكن أن تكون خطيرة.
  2. إحدى الأساطير هي أن الدم يحتوي على مواد مغذية أو إنزيمات يمكن أن تكون مفيدة للجسم. وعلى الرغم من أن الدم يحتوي على عناصر غذائية، فإنه ليس مصدرًا كاملًا للتغذية، ولا يمكنه توفير جميع العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم ليعمل بشكل صحيح.
  3. في الواقع، يمكن أن يؤدي شرب الدم إلى نقص في بعض العناصر الغذائية، لأن الدم لا يحتوي على جميع العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم.
  4. أسطورة أخرى هي أن الدم يحتوي على خصائص "خالدة" أو "أبدية" تمنح الحياة، مثل "إكسير الحياة"؛ ففي حين أن الدم يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على الصحة والحيوية، فإنه لا يوجد دليل علمي يدعم فكرة أن شرب الدم يمكن أن يطيل العمر أو يقدم أي فوائد خاصة.
  5. من المهم أن ندرك أن هذه الخرافات والمفاهيم الخاطئة حول شرب الدم لا تدعمها أدلة علمية، ويمكن أن تكون خطيرة.
  6. بدلاً من الاعتماد على شرب الدم أو أيّ وسائل أخرى غير مثبتة علميًا، من المهم اتباع نظام غذائي ونمط حياة صحي للحفاظ على صحة جيدة.

مخاطر شرب الدم .. الخلاصة:

يمكن أن يشكّل شرب دم الإنسان أو الحيوان مخاطر صحية مثل الأمراض الخطيرة والأمراض المنقولة بالغذاء. في حين أن استهلاك كميات صغيرة جدًا من دم الحيوانات، كما هو الحال في بعض شرائح اللحم الصغيرة، من غير المرجّح أن يسبب ضررًا، فإنه ما يزال هناك قلق بشأن الأمراض المنقولة بالغذاء. لذلك يوصَى بالتعامل الآمن مع الطعام والطهي. استشر دائمًا أخصائيًا طبيًا للحصول على المشورة بشأن استهلاك أي شيء يحتوي على هذه المخاطر.

 

المصادر

  1. https://www.healthline.com/health/drinking-blood
  2. https://www.scienceshorts.com/what-happens-if-you-drink-blood/
آخر تعديل بتاريخ
21 فبراير 2024

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.