صحــــتك

تطوير مضخة القلب والرئة

هل يمكن إجراء عملية القلب المفتوح لأكثر من مرة؟
مضخة القلب والرئة وعمليات القلب المفتوح

زيادة سيولة الدم

مِنَ الأمور الضرورية التي تَسمح لنا باستخدام جهاز مضخة القلب والرئة أثناء عمليات القلب المفتوح هو القدرة على زيادة سيولة الدم، بحيث لا يتخثر أو يتجلط داخل الأنابيب البلاستيكية في هذا الجهاز. وتتم زيادة سيولة الدم باستخدام دواء الهيبارين Heparin. اكتَشَفَ هذا الدواء طالب في كلية الطب اسمه جاي ماكلين Jay McLean (1890-1957) أثناء دراسته في جامعة جونز هوبكينز في أمريكا.

بعد أنْ يتم ضمان زيادة سيولة الدم وعدم تجلطه وتخثره داخل أنابيب مضخة القلب والرئة بإعطاء الهيبارين، وبعد إتمام جراحة إصلاح القلب في عمليات القلب المفتوح، لا بد مِنْ أنْ يَستخدم الأطباء مادة تعيد للدم قدرته الطبيعية على التخثر لئلا يستمر نزف الدم. هذا الدواء الذي يعكس فاعلية الهيبارين ويعيد للدم قدرته على التخثر الطبيعي هو البروتامين، الذي يسمح للدم باستعادة قدرته الطبيعية على التخثر، ويتوقف النزيف. وقد اكتشَفَ عالِم الأحياء السويسري يوهان فريدريش ميشر Johannes Friedrich Miescher (1844-1895) مادة البروتامين سنة 1870 في جامعة توبينغن Tubingen في ألمانيا، بينما كان يدرس السائل المنوي في سمك السالمون. تم تحضير البروتامين في البداية مِنَ السائل المنوي لسمك السالمون وأنواع أخرى مِنَ الأسماك، ولكنّ البروتامين الذي نستخدمه هذه الأيام يُصنع دوائياً بطريقة الهندسة الوراثية.

تمديد الدم .. ومزيد من النجاح

عندما بدأ الأطباء القيام بعمليات القلب المفتوح، كانت أنابيب مضخة القلب والرئة تُملأ عادة بالدم، الذي كانوا يحصلون عليه مِنْ متبرعين بعد فحصهم، والتأكد مِنْ سلامة مزج دمهم مع دم المريض. كانت إضافة الدم في أنابيب هذه المضخة أحد أسباب حدوث ما يسمى بأعراض ما بعد المضخة، وهي أعراض اختلاط ذهني كان يحصل أحياناً لدى المرضى بعد عمليات القلب المفتوح. وقام الدكتور نزيه زهدي (1925)، وهو أمريكي مِنْ أصل سوري/لبناني، بدراسة وتطوير مبدأ تمديد الدم سنة 1961 باستخدام محلول سكري، بدلاً مِنَ الدم في ملء أنابيب المضخة. أظهرتْ أبحاثه الرائدة أنّ تمديد الدم في المضخة بالسوائل السكرية أو الملحية يقلل مِنْ أضرارها الدماغية، وأكد العالم الشهير ليليهاي هذه النتائج أيضاً سنة 1962.

نزيه عمر زهدي (1925)، العالِم السوري/اللبناني الذي طور استخدام تمديد الدم في عمليات القلب المفتوح سنة 1961 في أمريكا، كما كان رائداً في استخدام الصمامات النسيجية وزراعة الأعضاء.

التبريد

استُخدم تبريد المريض لحمايته مِنْ بعض أخطار عمليات القلب منذ عام 1952، عندما قام لويس Lewis وسوان Swan بعمليات إغلاق الفتحة بين الأذينتين. ثم قام سيلي Sealy في جامعة ديوك Duke University لأول مرة في سنة 1958 بتبريد المريض مع استخدام مضخة القلب والرئة في عملية إغلاق فتحة بين الأذينتين أيضاً. وقد نشر سيلي تقريراً عن إجراء 49 عملية بهذه الطريقة آنذاك. كما استُخدمتْ بعدها مضخة القلب والرئة مع التبريد العميق والتوقيف المؤقت للدورة الدموية في عمليات إصلاح أمراض القلب الخَلقية المعقدة وعمليات قوس الأبهر.

تحسينات أخرى

طَوّر الأطباء طرقاً عديدة زادت سلامة عمليات القلب المفتوح أيضاً، مثل استخدام السوائل التي تُحدث توقفاً مؤقتاً في القلب Cardioplegia، واستخدام تقنيات الكُلية الصناعية المدمَجة في دورة مضخة القلب والرئة لإزالة السوائل الزائدة Hemofiltration، وأجهزة قياس غازات الدم وقياس الخضاب والسكر والبوتاسيوم في الدم بشكل مستمر أثناء استخدام المضخة، كما استُخدم الحاسوب في تنظيم كافة مراحل عمل المضخة ومراقبتها، بحيث أصبحت أكثر دقة وسلامة، ومَنَحت الجراح وقتاً أطول لكيْ يركز جهده في عمليات معقدة، يمكن أنْ تساعد المرضى المصابين بأمراض أكثر صعوبة وتعقيداً. وهكذا تحول ذلك الحلم الذي لاح في خاطر الطبيب الشاب جون غيبون ذات ليلة وهو يراقب مريضة تعاني سكرات الموت في أحد مستشفيات مدينة بوسطن إلى حقيقة واقعة، أنقذتْ ملايين المرضى، وغيَّرتْ تاريخ جراحة القلب في العالم.

 

المصدر:

كتاب "قصة القلب، كيف كشفه رجاله" للدكتور عامر شيخوني

 

 

آخر تعديل بتاريخ
30 مارس 2023

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.