وافقت إدارة الغذاء والدواء على حقن إيلوبروست كأول دواء لعلاج التثليج (قضمة الصقيع أو عضة البرد) الشديدة عند البالغين، وبالتالي تقليل خطر بتر أصابع اليد أو القدم، وتعتبر هذه الموافقة أول خيار علاجي معتمَد لهذا المرض. في هذا المقال، سنستعرض التجربة السريرية لحقن إيلوبروست، ونلقي الضوء على استخدامها وآلية عملها، لكن أولًا سنتعرف إلى قضمة الصقيع أو ما تعرف بعضة البرد.
ما هي قضمة الصقيع؟
قضمة الصقيع أو عضة البرد هي إصابة للجلد وربما الأنسجة الأساسية تحت الجلد، وتحدث بسبب التعرض الطويل لدرجات حرارة متجمدة، أقل من 0 درجة مئوية. يمكن أن تؤثر على أي جزء من الجسم، ولكنها أكثر شيوعًا في أصابع اليد، وأصابع القدم، والأنف، والأذن؛ وذلك لأن هذه المناطق مكشوفة ولديها تدفق دم أقل، مما يسمح بتكوين بلورات ثلج في هذه الأنسجة أسرع من المناطق الأخرى في الجسم.
مراحل وأعراض قضمة الصقيع
يحدث مرض قضمة الصقيع أو عضة البرد على عدة مراحل، وهي:
- لسعة الصقيع: مرحلة خفيفة لا تتطلب تدخلًا طبيًا ولا تسبب ضررًا دائمًا للجلد. يتحول الجلد إلى اللون الأحمر، وقد يشعر الشخص المصاب بالتنميل والوخز إذا لم يقم بإعادة التدفئة واستمر التعرض لدرجة حرارة منخفضة. يجب استخدام الماء الدافئ للتدفئة وليس الماء الساخن.
- قضمة الصقيع السطحية: يتحول لون الجلد في هذه المرحلة من اللون الأحمر إلى لون شاحب، وقد يتحول إلى اللون الأزرق في بعض الحالات. قد تتشكل بلورات ثلجية في الجلد، ويشعر المريض بتجمد المنطقة المصابة عند اللمس. يمكن أن يُلاحِظ الشخص المصاب بعض التورم ويشعر بالدفء في المنطقة المصابة، وهذه علامة على بداية تلف أنسجة الجلد، وبالتالي يجب العلاج الفوري لمنع المزيد من الضرر.
- قضمة الصقيع العميقة: تعتبر أشد مراحل عضة الصقيع، إذ تؤثر على الجلد والأنسجة التي تقع تحته، وقد يفقد المريض الشعور بالبرد والألم. يتجمد فيها الجلد والأنسجة الأساسية تحت الجلد ويتوقف تدفق الدم فيها، وقد لا تعمل العضلات القريبة من المنطقة المصابة بشكل صحيح، بالإضافة إلى أنها قد تؤدي أحيانًا إلى البتر. تتطلب هذه المرحلة عناية طبية فورية، وسيقوم الطبيب المعالج بإعادة تدفئة المنطقة، مثل علاج قضمة الصقيع السطحية، وسيصف بعض مسكنات الألم، وقد يتم تزويد المريض بالسوائل الوريدية اللازمة. الحالات الشديدة جدًا من قضمة الصقيع يمكن أن تؤدي إلى حدوث تجلطات الدم، بالتالي قد يصف الطبيب مضادات التجلّط لتحسين تدفق الدم إلى المنطقة المصابة.
ما هي حقن إيلوبروست؟
حقن إيلوبروست تحت الاسم التجاري أورلومين Aurlumyn مشابهة للبروستاسيكلين، وتعطى عن طريق التنقيط الوريدي، لعلاج البالغين المصابين بالتثليج الشديد أو عضة البرد لتقليل خطر بتر الأصابع.
آلية عمل الدواء
يرتبط إيلوبروست iloprost مع مستقبلات بروستاسيكلين البشرية (بروستانويد IP) وبروستاجلاندين EP1، إذ يعمل كموسِّع للأوعية الدموية، مما يؤدي إلى استرخاء العضلات في جدران الشرايين، وبالتالي تحسين تدفق الدم فيها. كما يخفف الدواء أيضًا من ارتفاع ضغط الدم، ويمنع تراكم الصفائح الدموية وتشكل الجلطات.
طريقة إعطاء حقن إيلوبروست
يتم إعطاء حقن إيلوبروست عن طريق التسريب الوريدي، كالآتي:
- الجرعة الأولية تكون بمعدل 0.5 نانوجرام/كجم/دقيقة، ويجب معايرته بزيادة 0.5 نانوجرام/كجم/دقيقة بناءً على التحمل خلال فترة 30 دقيقة، وبحد أقصى 2 نانوجم/كجم/دقيقة، ويتم إعطاؤه لمدة 6 ساعات بالتنقيط الوريدي لمدة 8 أيام متتالية.
- في حالة قصور الكبد المتوسط أو الشديد، أو قصور الكلى يقل المعدل إلى 0.25 نانوجم/كجم/دقيقة.
التحذيرات والاحتياطات أثناء استخدام حقن إيلوبروست
يمكن أن تسبب حقن إيلوبروست انخفاض ضغط الدم مع دوار، وتشوش الرؤية، أو ارتباك. بالتالي يجب على الطبيب المعالج تصحيح أي انخفاض في ضغط الدم موجود مسبقًا لدي المريض، ومراقبة علاماته الحيوية أثناء تناول هذا الدواء. كما يجب التفكير بالتوقف المؤقت عن تناول أي أدوية خافضة للضغط قبل تناول دواء إيلوبروست تحسبًا لأي تعارض بين الأدوية.
توجَد بعض التحذيرات الأخرى أثناء استخدام حقن إيلوبروست، ولذا يجب على المريض إخبار الطبيب إذا كان يعاني أيًا من الحالات الآتية قبل استخدام الدواء:
- انخفاض ضغط الدم.
- أمراض الكبد.
- أمراض الكلى.
- الحمل.
- الرضاعة.
التجربة السريرية لحقن إيلوبروست لعلاج عضة الصقيع ونتائجها
التجربة: أثبتت فعالية حقن إيلوبروست لعلاج التثليج الشديد من خلال تجربة مفتوحة وخاضعة للرقابة، إذ تم توزيع 47 شخصًا مصابًا بالتثليج الشديد بشكل عشوائي، وتلقّوا جميعًا أسبرين عن طريق الوريد، وانقسموا إلى 3 مجموعات:
- تلقّت المجموعة الأولى حقن إيلوبروست عن طريق الوريد لمدة 6 ساعات يوميًا لمدة 8 أيام.
- تلقّت المجموعة الثانية أدوية أخرى ليست لعلاج التثليج الشديد مع حقن إيلوبروست.
- تلقّت المجموعة الثالثة أدوية ليست لعلاج التثليج فقط بدون حقن إيلوبروست.
وكان المقياس الأساسي للفعالية هو فحص العظام، وتم الحصول عليه بعد 7 أيام من التثليج الشديد الأولي، واستخدِم للتنبؤ بالحاجة لبتر إصبع يد أو إصبع قدم على الأقل.
النتائج: في اليوم السابع كانت نتائج فحص العظام على النحو الآتي:
- المجموعة الأولى: 0% من المرضى الذين تلقوا حقن إيلوبروست فقط كانوا بحاجة إلى بتر إصبع (0 من 16 شخصًا).
- المجموعة الثانية: 19% منهم كانوا بحاجة إلى بتر (3 من 16 شخصًا).
- المجموعة الثالثة: 60% منهم كانوا بحاجة إلى بتر (9 من 16 شخصًا).
- وجود خلل أقل في فحص العظام بالنسبة لأفراد المجموعتين الذين تلقوا حقن إيلوبروست.
- كان لمعظم المرضى معلومات متابعة على أنهم خضعوا لاحقًا لبتر إصبع يد أو قدم واحد على الأقل.
- توافقت الحاجة إلى البتر مع نتائج فحص العظام.
ما هي الآثار الجانبية المتوقعة لحقن إيلوبروست؟
هناك تحذير واحتياطات لحقن إيلوبروست لأنها قد تسبب انخفاض ضغط الدم، إذْ كان هذا الدواء قد مُنح أيضًا تصنيفَ الدواء اليتيم لعلاج ارتفاع ضغط الدم الرئوي في عام 2004. ظهرت بعض الآثار الجانبية الشائعة لحقن إيلوبروست وتشمل:
- الصداع.
- الاحمرار.
- خفقان القلب.
- سرعة ضربات القلب.
- القيء والغثيان.
- الدوخة.
- انخفاض ضغط الدم.
هل يمكن الشفاء من عضة الصقيع؟
تختلف نتيجة الشفاء على حسب المرحلة المصاب بها المريض، فقد يشفى المريض في غضون بضعة أيام إلى بضعة أسابيع إذا كان يعاني من لسعة الصقيع الخفيفة أو المرحلة الأولى. لكن الشفاء من المرحلة الثانية من قضمة الصقيع قد يستغرق ما يصل إلى ستة أشهر حتى يشفى الجلد تمامًا. أما المرحلة الثالثة والأشد خطورة من قضمة الصقيع يمكن أن تسبب ضررًا دائمًا للجلد والأنسجة ويحتاج المريض إلى بتر الأصابع المصابة.
هل عضة الصقيع خطيرة؟
هناك حالات خفيفة من عضة الصقيع أو عضة البرد لا تحتاج إلى تدخّل طبي، لكن هناك أيضًا بعض الحالات الشديدة التي قد تؤدي إلى عدم وصول الدم إلى الأنسجة وموتها، وبالتالي الحاجة إلى البتر.
كيف أتخلص من الصقيع؟
الحالات الشديدة من عضة الصقيع تحتاج إلى عناية طبية فورية لتجنب حدوث ضرر دائم للجلد، ويمكن التخلص من الحالات الخفيفة عن طريق:
- الذهاب إلى مكان دافئ في أسرع وقت ممكن.
- حماية المنطقة المصابة بعضة الصقيع من التعرض أكثر للبرد.
- إزالة أي ملابس مبللة.
- يُفضل عدم السير إذا كانت أصابع القدم مصابة بقضمة الصقيع.
- عدم فرك أو تدليك المنطقة المصابة لتجنب حدوث المزيد من الضرر.
- وضع المنطقة المصابة في ماء دافئ، وليس ساخنًا.
يمكن اتباع بعض النصائح لمنع حدوث عضة البرد أو قضمة الصقيع، وتشمل تلك النصائح ما يلي:
- ارتداء الملابس المناسبة للطقس البارد.
- الحفاظ على رطوبة الجسم.
- تناول وجبات مغذية.
- تغيير الملابس المبللة بأسرع ما يمكن.
- التعرف على علامات قضمة الصقيع.
- متابعة توقعات الطقس.
في الختام؛ تمثّل حقن إيلوبروست تطورًا مهمًا لعلاج التثليج الشديد، إذ أظهرت الدراسات السريرية فعاليتها في تقليل حاجة المرضى إلى البتر، وتشكّل هذه الموافقة الرسمية خطوة إيجابية نحو تحسين جودة الحياة للمصابين بقضمة الصقيع الشديد، كما تعزز الأمل في علاجات أكثر فعالية في المستقبل.
