النعناع البَرَّيّ Pennyroyal (Mentha pulegium) هو عشبة مزهِرة تنمو في جميع أنحاء العالم، تُستَخدم الأوراق والزيوت التي تحتويها في صناعة الأدوية، إذ يحتوي زيت النعناع البري الأساسي على مواد كيميائية لها تأثيرات سامة في مختلف أنحاء الجسم.
يختلف النعناع البري عن النعناع العادي (أو النعنع Mentha) المستخدَم في الأكل اليومي ذي الرائحة النفّاذة المحبَّبة والفوائد المعروفة، فالنعناع العادي ليس له سُمِّيّة النعناع البري.
للنعناع البري عدة تسميات، منها: الغبيرة والفودنج والبيطل والبلاية والفلية والنعناع الأوربي وبقلة العدس وغاغة. تابِع معنا قراءة المقال لمعرفة المزيد عن النعناع البري، ومخاطر استخداماته التي لم تَثْبُت علميًا بعد.
ما هو النعناع البري؟
النعناع البري هو عشبة معمّرة زاحفة لها أزهار أرجوانية صغيرة في نهايات الساق، الأوراق خضراء رمادية اللون، ولها رائحة عطرية نفّاذة مثل أفراد عائلة النعناع الأخرى.
كما ذكرنا أعلاه، تُستَخدم الأوراق والزيوت التي يحتويها النعناع البري في صناعة الدواء، أما في مجال التصنيع، يتم استخدام زيت النعناع البري كطارِد لبراغيث الكلاب والقطط، وكعطر للمنظّفات والعطور والصابون.
ورد ذكر النعناع البري في التاريخ منذ القرن الأول الميلادي، عندما ذكره عالم الطبيعة الروماني بليني، والطبيب اليوناني ديسقوريدس. في القرن السابع عشر، كتب عالم الأعشاب الإنجليزي نيكولاس كولبيبر عن بعض استخدامات هذا النبات، بما في ذلك دوره في أمراض النساء، والعضَّات السامَّة، والهضم.
استَخدم المستوطِنون الأوروبيون هذا النبات لعلاج أمراض الجهاز التنفسي، وتقرحات الفم، والاضطرابات التي تصيب الإناث. اسُتخدم زيت النعناع البري لقتل البراغيث، ومن هنا جاء اسم Pulegioides من الكلمة اللاتينية التي تعني البرغوث، وقد استُخدم على الجلد خارجيًا باعتباره مسببًا للتهيج.
بالإضافة إلى ذلك، فقد وَجَد الزيت استخدامًا متكررًا بين دعاة الصحة الطبيعية كوسيلة للإجهاض، وكوسيلة للتحريض عند تأخر الدورة الشهرية. تم استخدام الزيت وحقن الأوراق في علاج ضعف وآلام المعدة.
ما مدى فعالية النعناع البري؟
هناك أدلة غير كافية لتقييم فعالية النعناع البري في الاستخدامات الآتية:
- قروح الفم.
- الزُكام.
- عسر الهضم.
- التعب.
- الغازات (انتفاخ البطن).
- أمراض المرارة.
- النقرس.
- المواد الطارِدة للحشرات والبعوض.
- مرض الكبد.
- الألم.
- الالتهاب الرئوي.
- آلام المعدة.
- تحريض الحيض.
- علاج السرطان.
- علاج نزلات البرد والإنفلونزا.
- علاج الصداع.
- تخفيف أعراض المتلازمة السابقة للحيض.
- علاج آلام الأسنان.
لكن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة العلمية لتقييم فعالية النعناع البري لهذه الاستخدامات.
أما بخصوص استخدام التأثير المجهِض للنعناع البري فهو يَنتُج عن تهيّج الرحم وتحفيز تقلصاتها، لكنّ فاعليته لا يمكن التنبؤ بها، وقد يكون خطيرًا، فالجرعة التي يُسبِّب عندها النعناعُ البري الإجهاضَ قريبة من جرعته القاتلة، وفي بعض الحالات قد تكون مميتة. لذلك لا يعتبر النعناع البري آمنًا للابتلاع لأي غرض كان.
هل هناك تفاعلات مع الأعشاب والمكملات الغذائية؟
قد يقلل النعناع البري من امتصاص الحديد من المكملات الغذائية والأطعمة. وذلك بنسبة أكثر من 50%.
كيف يُستَخدم عادة؟
تعتمد الجرعة المناسبة من النعناع البري على عدة عوامل، مثل عمر المستخدِم وصحته، والعديد من الحالات الأخرى.
حتى هذا الوقت لا توجد معلومات علمية كافية لتحديد المجموعة المناسبة من جرعات النعناع البري. ضَع في اعتبارك أن المنتجات الطبيعية ليست بالضرورة آمنة دائمًا، ويمكن أن تكون خطيرة. تأكَّد من اتباع التعليمات على ملصقات المنتج، واستشارة الصيدلي أو الطبيب، أو غيره من اختصاصيّي الرعاية الصحية قبل الاستخدام.
سُمّية النعناع البري
يُعتَقد أن مادةً تُسمّى البيوغيلون Pugelone في النعناع البري مسؤولة عن آثاره السامّة وتلف الأنسجة، وتُظهِر الدراسات التي أُجريت على كل من الحيوانات والبشر أنه مادة سامة مباشرة للجهاز العصبي، وقد نَسَبتْ عددٌ من التقارير العديدَ من حالات الوفيات إلى استخدام هذا النبات.
أما خصائص النعناع البري المنسوبة إلى مكوِّن المنثول فيه، فقد تعمل نظريًا في توسيع الممرات التنفسية في التهاب الشعب الهوائية، أو الربو عند تناوله كشاي.
يحتوي زيت النعناع البري الأوروبي على 80-90٪ من البيوغيلون، والأمريكي على 16-30٪ منه. يتأكسد البيوغيلون بواسطة CYP450 إلى المنثوفوران (حوالي 50٪) ومستقلبِات سامة أخرى. ثم يتأكسد المنثوفوران إلى إيبوكسيد، والذي من المحتمل أن يكون الوسيط البيولوجي التفاعلي السام النهائي الذي يُسبِّب تلف الكبد.
تُظهِر الدراسات التي أُجريت على الحيوانات والبشر أيضًا أن مادة البيوغيلون مادة سامة للأعصاب. من المعروف أن مينثوفوران يُقلِّل من نشاط الجلوكوز 6 فوسفاتيز في نماذج الفئران، مما يُسبِّب نقص السكر في الدم.
الآثار الجانبية للنعناع البري
تشمل الآثار الجانبية للنعناع البري على الآتي:
- عندما يؤخذ عن طريق الفم: من المحتمل أن يكون زيت النعناع البري الأساسي غير آمن، ويمكن أن يسبب تلفًا خطيرًا في الكبد والكلى، بالإضافة إلى تلف الجهاز العصبي. قد يؤدي الاستخدام المتكرِّر إلى الوفاة. لا توجد معلومات موثوقة كافية لمعرفة ما إذا كانت أوراق نبات النعناع البري آمنة للاستخدام كشاي.
- عند وضعه على الجلد: من المحتَمل أن يكون الزيت العطري للنعناع البري غير آمن.
- أثناء الحمل: من غير الآمن تناول عشبة النعناع البري عن طريق الفم، أو وضعه على بشرتك أثناء الحمل. هناك بعض الأدلة على أن زيت النعناع البري يمكن أن يسبب الإجهاض عن طريق التسبب في تقلص الرحم، لكن الجرعة اللازمة للإجهاض يمكن أن تقتل الأم، أو تتسبب في تلف الكلى والكبد مدى الحياة. لذلك تجنبي الاستخدام.
- في الرضاعة الطبيعية: من غير الآمن على الأرجح تناول عشبة النعناع البري عن طريق الفم أو وضعه على جلدكِ أثناء الرضاعة الطبيعية. لذلك تجنبي الاستخدام.
- عند الأطفال: من المحتمل أن يكون النعناع البري غير آمن عندما يُعطى عن طريق الفم للأطفال. قد يصاب الأطفال بأضرار خطيرة في الكبد والجهاز العصبي، بل وحتى الموت، بعد تناول النعناع البري.
- مرضى الكلى: يمكن أن يتسبب زيت النعناع البري الأساسي في تلف الكلى، ويزيد من سوء أمراض الكلى الموجودة.
- مرضى الكبد: يمكن أن يتسبب زيت النعناع البري الأساسي في تلف الكبد، وقد يؤدي إلى تفاقم أمراض الكبد الموجودة.
تشمل الآثار الجانبية الأخرى: آلام المعدةَ، والغثيان، والقيء، والحرقة في الحلق، والحمّى، والتشويش، والأرق، والنوبات، والدوخة، ومشكلات الرؤية والسمع، وارتفاع ضغط الدم، وفشل الرئة، والموت. لا توجد معلومات موثوقة كافية لمعرفة ما إذا كان نبات النعناع آمنًا للاستخدام كشاي.
قد يسبب ألمًا في البطن، والخمول، وزيادة معدل النبض، والتهاب الجلد، كما يمكن أن تؤدي كمية صغيرة من زيته إلى الهذيان وفقدان الوعي والصدمة، والنوبات، والهلوسة السمعية والبصرية.
التفاعل الدوائي
يتفاعل أسيتامينوفين (تايلينول، وأدوية أخرى) مع النعناع البري، فقد يؤدي تناول النعناع البري مع عقار الأسيتامينوفين، الذي يسبب نوعًا مشابهًا من تلف الكبد، إلى زيادة خطر تلف الكبد.
الجرعات
لا توجد معلومات موثوقة كافية لمعرفة الجرعة المناسبة من النعناع البري. استشِرْ مقدم الرعاية الصحية قبل الاستخدام، لأنه يسبِّب السُّمّية الشديدة بجرعة قدرها 5 غرام، لذلك لا ينبغي أن يُستخدم دون استشارة طبية.
الخلاصة
يُشتَق من النعناع البرّي زيتٌ عطري أو شايٌ من الأوراق والقمم المُزهِرة للنبات، وقد استُخدم في الطب الشعبي لتحفيز الإجهاض، وتخفيف أعراض الدورة الشهرية، وعلاج الأمراض الالتهابية، والتهاب الشعب الهوائية المزمن، والأمراض الطفيفة. الزيت نفسه شديد السُّمّية، ولا يُنصح به للاستخدام الداخلي.
أَخْبِر مقدّمي الرعاية الصحية عن أي مكملات غذائية تتناولها، مثل الأعشاب والفيتامينات والمعادن والعلاجات الطبيعية أو المنزلية، يساعدهم ذلك في إدارة رعايتك والحفاظ على سلامتك.
المصادر
