العسل مقابل السكر.. كثيرًا ما يتردد على مسامعنا، أو نقرأ في الصحف والمجلات والدوريات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى لسان العمّات والجدّات، بأن العسل أفضل للصحة من السكر العادي (السكر المنزلي)، فهل يمكن أن يكون العسل بديلًا جيدًا؟ السؤال مثير للاهتمام، وسنحاول الإجابة عليه وفقًا للمعطيات العلمية، بعيدًا عن المهاترات التجارية والتفسيرات السطحية.
غالبًا ما يعتبر الناس أن العسل أكثر صحة من السكر، لكن ذلك يعتمد على الاستخدام والحاجة، فالعسل مثل السكر، يحتوي على نسبة عالية من السكريات (الكربوهيدرات) التي يمكنها أن ترفع مستوى السكر في الدم، كما أن العسل غني بالسعرات الحرارية.
ويشترك كل من العسل والسكر بصفة واحدة، هي أنهما يضفيان طعم الحلاوة على الوجبات والمشروبات، إلا أنهما يختلفان من حيث المذاق، والقوام، والملامح الغذائية. تعالوا نستشف في السطور الآتية، مزايا وعيوب كل منهما بالنسبة للصحة والنظام الغذائي.
هل العسل بديل جيد للسكر؟ أوجه التشابه والاختلاف:
ينتمي العسل والسكر العادي إلى عائلة السكريات البسيطة السريعة الامتصاص، فكل منهما يحتوي على نوعَين من السكر هما الغلوكوز والفركتوز، ولكن بنسب مختلفة، فالعسل يتألف من 40 بالمئة فركتوز و30 بالمئة غلوكوز. أما السكر العادي فيتألف من 50 بالمئة غلوكوز و50 بالمئة فركتوز. و في ما يلي بعض اهم الفروق بينهما:
- يحتوي العسل على عناصر مفيدة أخرى غير الغلوكوز والفركتوز، مثل غبار الطلع وأحماض أمينية وفيتامينات ومعادن وأنزيمات ومضادات أكسدة، وهذه قد تنعكس إيجابًا على الصحة. أما السكر فلا يحتوي على مغذيات مضافة، اللهم ما عدا السكر البني، الذي يحتوي على كمية قليلة للغاية من بعض المعادن.
- يملك العسل مؤشر غلايسيمي IG أقل من السكر، وهذا يعني أنه يرفع مستوى سكر الدم بسرعة أقل بالمقارنة مع السكر العادي الذي يملك مؤشر غلايسيمي أعلى بسبب محتواه العالي من الفركتوز، وهذا ما قد يؤدي إلى إعطاء الجسم دفعة سريعة من الطاقة يتبعها انخفاض حاد، ويمكن أن يسبب ذلك الصداع والتعب وصعوبة التركيز.
- يعطي العسل سعرات حرارية أكثر من السكر، فملعقة واحدة من العسل تحتوي على 64 سعرة حرارية، في حين أن ملعقة واحدة من السكر تحتوي على 49 سعرة حرارية.
- يتمتع العسل بنكهة فريدة، فهو يقدم مجموعة متنوعة من النكهات الدقيقة تبعًا للزهرة التي تغذَّى عليها النحل لإنتاج الرحيق.
- إن قوة التحلية في العسل هي أعلى من مثيلتها الموجودة في السكر العادي، وهذا يعود إلى تركيبة العسل السكرية، ما يعني أنه يمكن استعمال كمية أقل من العسل لتحقيق نفس الحلاوة.
- العسل أسهل هضمًا من السكر العادي، وتم تفسير ذلك باحتواء العسل على أنزيمات تساهم في تحليل السكريات جزئيًا، الأمر الذي يسهل من عملية هضمها. في المقابل، فإن السكر العادي لا يحتوي على الأنزيمات التي يملكها العسل، ما يجعل عملية هضمه أصعب قليلا.
- يعد السكر رخيصًا، ويملك صلاحية طويلة بالمقارنة مع العسل.
العسل مقابل السكر.. أوجه المقارنة
يخفف العسل من أعراض البرد، فقد أظهرت الدراسات أن العسل علاج طبيعي لتخفيض السعال عند الأطفال. كما يساعد على اندمال الجروح وشفاء القروح، إذ يعمل العسل كمضاد حيوي طبيعي يساعد على تقليل الالتهاب، وتسريع عملية التئام الجروح والقروح. أما فوائد العسل الأخرى فهي أنه:
- يقلل من أعراض الحساسية الموسمية، أفادت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين عانوا من الحساسية الموسمية تجاه غبار الطلع، تحسنت الأعراض لديهم بشكل ملحوظ بعد تناولهم العسل، وقد تم تبرير التحسن المذكور بخواص العسل المضادة للأكسدة والالتهاب، ومع ذلك لم يثبت العلماء أن تناول العسل يمكن أن يمنع الحساسية.
- يعالج التهاب الجلد الدهني، يساعد تطبيق العسل موضعيًا على الشفاء من التهاب الجلد الدهني الذي يثير الكحة والقشرة في فروة الرأس، وقد لوحظ أن التطبيق الأسبوعي للعسل يحد من تساقط الشعر المرتبط بهذه الحالة.
- يعمل العسل بمثابة بروبايوتيك في الأمعاء، أشارت دراسات إلى أن العسل يمتلك بعض خصائص البروبايوتيك التي تعزز من نمو ووجود البكتيريا النافعة في الأمعاء، ما يساعد على تسهيل وظائفها وحمايتها من بعض الأمراض الضارة، ولكن ما تزال هناك حاجة إلى المزيد من البحوث لدعم هذه المعلومات.
- يعتبر العسل وقودًا مثاليًا للرياضيين، فهو يعتبر مصدر وقود مناسب لهم، لأنه يؤمّن متطلباتهم المناسبة قبل النشاط الرياضي وأثناءه وبعده، ما يجعلهم أكثر قدرة على التحمل لمواجهة التعب والإجهاد.
العسل مقابل السكر.. المخاوف الصحية للعسل
بشكل عام، يمكن القول إن العسل آمن للاستهلاك مع استثناءين هما:
- لا يجوز إعطاء العسل للرضع، توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأميركية بتجنب إعطاء العسل للرضع الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة، لأن العسل يمكن أن يحتوي على أبواغ جرثومية يمكن أن تسبب التسمم الغذائي بالمطثيات، وهي عدوى نادرة ولكنها مهددة للحياة.
- قد يشعل العسل الحساسية، يمكن أن يحتوي العسل غير المعالَج على حبوب اللقاح، لذلك فعلى الأشخاص الذين يعانون من الحساسية على لدغة النحل أن يتجنبوا تناول العسل، لأنه قد يسبب الحساسية المفرطة.
العسل مقابل السكر.. فوائد السكر
يوفر السكر طاقة آنية لأنه يحتوي على كربوهيدرات بسيطة يتم امتصاصها على عجل لتتحول إلى طاقة يحتاجها الجسم لكي يقوم بوظائفه. ويتم الحصول على سكر المائدة من قصب السكر أو من الشمندر السكري، صحيح أن الأخيرين هما مصدران طبيعيان للسكر، إلا أنهما يحتاجان إلى مناورات كثيرة قبل الحصول على المنتج النهائي، أي السكر.
العسل مقابل السكر.. المخاوف الصحية للسكر
توصي الإرشادات الغذائية الأميركية بالحد من استهلاك السكر إلى أقل من 10 بالمئة من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، وهو ما يعادل 12 ملعقة صغيرة في نظام غذائي يتألف من 2000 سعرة حرارية، ومع ذلك، فإن الخبراء يقولون إن هذا الرقم يبقى كبيرًا، ولهذا فمن الضروري أن يكون أقل من ذلك، لتقليل المخاطر والمخاوف الصحية التي تضم:
- البدانة.
- الداء السكري النوع الثاني.
- الأمراض القلبية الوعائية.
- حدوث تبدلات في جراثيم الأمعاء المفيدة التي يمكن أن تزيد من مخاطر التعرض إلى أمراض مزمنة.
- حدوث مشكلات في الكبد، مثل تشحم الكبد غير الكحولي، وارتفاع مستوى الكوليسترول.
أيهما أفضل، العسل أم السكر العادي؟
- إذا كنت تتمتع بصحة جيدة، فإنه يمكنك استهلاك المنتَجين باعتدال دون إفراط ولا تفريط، بما يتناسب وحاجة جسمك الفعلية إليهما.
- إذا كنت تعاني من حالات مَرَضية تتأثر بالسكر، مثل داء السكري فإنه يفضل استخدام العسل والسكر بحذر.
- يفضل استهلاك العسل في التعامل مع بعض المشكلات الصحية مثل السعال والحساسية.
- إذا اخترت العسل كبديل عن السكر، فصوِّب خيارك نحو نوع السكر الخام والداكن (البني)، لأنه الأغنى بالمغذيات والأنزيمات ومضادات الأكسدة.
كيف تقلل من استعمال العسل والسكر في التحلية؟
نظرًا للمخاطر التي يمكن أن تنتج عن الاستهلاك الزائد للعسل والسكر، نسوق عددًا من النصائح للحد من تناولهما، وتشمل هذه النصائح ما يلي:
- استخدِم نصف المقدار، فمثلًا خذ نصف ملعقة من العسل أو السكر بدلًا من أخذ ملعقة كاملة، لإضافتها إلى الأشياء التي تأكلها أو تشربها بانتظام، مثل الحبوب والفطائر والقهوة والشاي وغيرها.
- قلل من استعمال السكر في المخبوزات بمقدار الثلث، فهذا يقلل من كمية السكر من دون حدوث تأثير كبير على النكهة أو الملمس أو الطعم.
- استعمِل الفواكه، فهي حل جيد لإشباع الرغبة في تناول السكر، ومن هذه الفواكه نذكر: التوت، الموز، المانجا، وغيرها من الفواكه التي يمكن أن تحل مكان السكر.
- استخدم هريس الفواكه الطبيعية بدلًا من السكر بنفس المقدار في المخبوزات وغيرها من الوصفات.
- استخدم التوابل التي تُضفي نكهة حلوة على العصائر والمخبوزات من دون أن تضيف سعرات حرارية، مثل الزنجبيل وجوزة الطيب والقرفة والفانيليا وغيرها من التوابل الحلوة.
- اختر المنتجات التي تحتوي على كميات قليلة من السكر، لهذا يجب إلقاء نظرة فاحصة على الملصقات الغذائية لتلك المنتجات، لمعرفة كمية السكر التي تحتوي عليه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السكر المضاف قد يوجد في المشروبات والأطعمة تحت مسميات عديدة مثل:
- الغلوكوز.
- الفركتوز.
- سكر العنب.
- اللاكتوز.
- السكروز.
- المالتوز.
العسل مقابل السكر.. الخلاصة
العسل مقابل السكر.. لا شك بأن العسل يوفر قيمة غذائية أكبر من تلك الموجودة في سكر المائدة، لكن هذا لا يعني أنه يجب استهلاكه بكميات زائدة، فهذا قد تترتب عليه آثار سلبية على الصحة العامة، تمامًا كما الحال مع كثرة استهلاك سكر المائدة. إذا كنت تبحث عن العسل، فمن الأفضل أن تختار العسل الخام المنتَج محليًا للاستفادة من فوائده، وخاصة خصائصه المضادة للأكسَدة والمضادة للبكتيريا والمضادة للالتهاب. إذا كانت لديك مخاوف بشأن تناول العسل أو السكر، فيمكنك أن تستشير مقدم الرعاية الصحية لسَبْر مدى حاجتك إلى الحد من تناولهما، أو لإجراء بعض التغييرات الغذائية التي من شأنها أن تحل بردًا وسلامًا على صحتك.