صحــــتك
03 يناير 2024

هل الانسحاب المبكر من العلاقات العاطفية المؤذية يعتبر حلا جيدا؟

كنت أحب شخصًا من طرف واحد، وبعد أن طلبني للزواج واتفقنا على كل شيء، اختفى فجأة وقطع الكلام معي، فقمت بعمل حظر له، ولا أعرف ماذا أفعل، وكيف أتخطاه؟

DefaultImage

عزيزتي الفاضلة:

طبعاً يا صديقتي لكِ كل الحق أن تكوني في تلك الحالة من التفكير وعدم الاستقرار على حال، فلا أنتِ حزينة حزنًا واضحًا لفراقه لسبب واضح، ولا أنتِ على علم بحقيقة ما حدث، فالخط واسع وممتد، بدءاً من ربما حدث حادث لهما في طريق العودة مثلاً، مروراً بعدم موافقة والدته على إتمام الزيجة لسبب ما، وانتهاءاً بغيابه كل هذا الغياب الكبير، ورغم تفهُّمي تماماً لهذا الوضع غير المريح؛ إلا أنني أتساءل عن سرعة قيامك بغلق طريقة تواصله معك مع عدم السؤال ببساطة عما حدث؛ لأنك فعلاً لا تعرفي حقيقة ما حدث! فهل قمت بذلك لعدم تصديقك مثلاً لصدق حبه لكِ؟ أم وصل لك في ذلك اليوم بجانب سعادتك أمرٌ تحتاجين للاقتراب منه؟ أم استبقتِ الألم بغلق مَنفذ ستسمَعين منه ما يؤلمك فلم ترغبي في ذلك؟ كل هذه التساؤلات وأكثر في غاية الأهمية لكِ "أنتِ"، لأنك تعلمين أنه لا أحد سواه سيتمكن من إخبارك عن حقيقة ما حدث.

تعاملك مع نفسك وتعاملك مع مشاعر حب آخر لك، وربما مشاعر الفقد أو الحزن أو الألم، هو حقيقة ما تحتاجين إليه لتتمكني من تجاوز هذا الحدث الغريب بصدق، وحتى لا يترك  ذلك الأثر السخيف العميق فيجعل علاقاتك فيما سيأتي ملوثة بذكرى ما حدث معك، كفقدان الثقة في بقاء من تحبينه معكِ مثلًا، وكان تقييم تجربتك بنضوج وقرب من نفسك فقط هو ما يجعله بلا أثر.

ورغم ما أقوله؛ ما زلت أريد تشجيعك على محادثته ليرتاح عقلك ويفهم ما حدث، وأريدك فقط أن تلاحظي مسؤوليتك في أن الحديث معه الآن سيكون ممزوجاً بالغضب والألم بسبب الانتظار الذي حدث وبدأتِه بدون وعي منك، فقط أريدك ملاحظته وتفهّمه، فكثيراً ما ننسى أن نسأل أنفسنا سؤالًا مهمًا وهو: ما الذي فعلناه نحن لنصل لتلك النتيجة؟، وتذكري ثانيةً أنها دعوة للملاحظة لا أكثر.

وأقترح عليكِ عدة نقاط لهضمها بصدق من داخلك ربما تساعدك:

  • الحب الحقيقي تبادل بين طرفَين في الاهتمام والدفء والعطاء والتحمل والأخذ والأمان، وحين يكون كل ذلك من طرف واحد؛ يتحول لشيء آخر يأخذ قناع الحب، ولكن هو في حقيقته استنزاف للمشاعر.
  • من حقنا أن نتجاوب من داخلنا مع من نشعر تجاهه بحب في البداية كأمر طبيعي، ولكن لا ننسى أن الطرف الآخر لديه حق الاختيار لنا، أو لا كذلك.
  • الحب الحقيقي يحتاج لجهد، صدقاً يحتاج لجهد وصبر وعطاء وذوق واحتواء، وأمور كثيرة تتبادل بين الطرفين عن وعي بخصالهم وصفاتهم الحلوة وغير المحببة، أو غير المفضلة لنا، وليس فقط ذلك الشرر، والكيمياء التي تحدث بين الطرفين، فرغم وجودها طبعاً، ولكنها "كالزرعة" التي تحتاج لري وشمس وهواء وتعهد لمناسبة التربة لصحتها كل فترة لتظل في حالة حياة.
  • استمرار البقاء في علاقة "حب" دون أخذ يشير لوجود عدم حب صحي وكافٍ تجاه أنفسنا؛ يتم تبريره بأغاني ومشاهد من أفلام، وربما قصص نسمّيها زيفاً بقصص حب حولنا؛ تبعد عن حقيقة أنها  تضحية غير صحية بحبنا لأنفسنا بشكل صحي؛ يجعلنا نبتعد عما يجرحها، أو يتنافى مع الحفاظ على سلامتها، أو يجعلها مقيدة، ولا تتمكن من التعبير عن نفسها بأمان وراحة.
  • يساعدنا النضوج النفسي في التواصل الشجاع مع أي طرف آخر في حياتنا نحتاج للتفاهم معه، أو تعديل شيء في علاقتنا به، أو استكشاف ما يحدث بيننا، فهذا لم يحدث بينكما يا صديقتي.
  • أعلم أنه قال لك أنه أحبك، وغالباً هذا أكثر ما يسبب حيرتك، ولكنني أوضحت لك قدر الإمكان حقيقة الحب والجهد الذي يحتاجه الشخص لشراء قلب محبوبه، فهل حين قال أحبك كان يفعل ذلك صدقاً؟ أدع الإجابة على ذلك لكِ.

أخيراً؛

أتمنى لكِ رحلة ذاتية مع نفسك الآن؛ تجعلكِ في راحة حقيقية مع نفسك أولًا؛ لتتمكني من اختيار علاقة حب حقيقية تستحقينها، وإن تمكنتِ من هضم ما قلتُه، ووجدتِ نفسك في حالة هدوء حقيقي للتواصل معه؛ أشجعكِ على ذلك حينها؛ لأن من حقك أن تفهمي، والأفضل لصحتنا النفسية غلق الملفات العالقة، وليس نسيانها أو حذفها، لأنها ببساطة جزء حقيقي منا، كانت فيه مشاعرنا وأفكارنا وذكرياتنا، ولكن غلقه بشكل مشبع ليكفي لاستقرارنا مهم جدًا، حتى مع وجود مشاعر الفقد للشخص ذاته.
ودمت بخير.

آخر تعديل بتاريخ
03 يناير 2024

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.