طفلتي المراهقة خجولة جدا وتتهرب من المجتمع
ابنتي في الثانية عشرة من عمرها، تبدو أكبر من رفيقاتها في الصف قليلا، نضجت جسمانيا بشكل مبكر قليلا، هي متفوقة ومحبوبة في المدرسة، لكن لديها قلق اجتماعي كبير، تخجل إن تحدثنا معها في الشارع، وتتهرب من الإجابة كي لا تلفت أنظار الناس (رغم أنها تقدم اذاعة المدرسة الصباحية)، وتتهرب من الحديث مع أفراد العائلة على الهاتف، وتتهرب من إلقاء التحية على الضيوف، كما أنها لا تحب أن يلمسها أي شخص بمن فيهم أنا ووالدها، ترفض حتى أن نمسك يدها في الشارع، ترفض أن نقبلها أو نحتضنها.
أختي الكريمة:
من الجيد ملاحظة تلك الأمور والاهتمام بها في وقت مناسب، فكم من آباء أضاعوا فرصة التغيير الأفضل والأسرع فقط بالتعامل بتهاون مع ملاحظاتهم، أو تصور أنها أمور قد لا تعني الكثير، أو مثلها مثل شيء ما ظهر في الجسد وكما ظهر وحده؛ سيختفي وحده!
ولأنك من الأمهات التي تهتم بفهم وإصلاح ما تلاحظه، فأقول لكِ: أن تلك الأعراض تتعلق عموماً بالقلق الذي يحدده بشكل أدق المعالج النفسي كماً ونوعاً وخطة علاج، وربما يكون هناك درجة من درجات الوراثة الجينية، والتي تحمل عددا كبيرا من الاحتمالات التي لا داعي لسردها بلا هدف، لذا أهم ما يمكنك عمله الآن هو أن تنقلي ملاحظاتك تلك لابنتك بطريقة لطيفة ودبلوماسية، كتساؤل أو ملاحظة تلاحظينها بعيدا عن الاستنكار أو الاندهاش أو اللوم أو الضغط للتغيير، ولكن الطريقة اللطيفة التي تعتمد على أنك تلاحظين كذا، وأن هذا يثير فضولك وأنك تحبين أن تسمعي منها حول تلك الملاحظات بطريقة فيها احترام وأمان أن تقول ما تريد ولا تتحدث عما لا تريد ستكون مناسبة بشكل أفضل، وإن وجدت منها رفضاً للحديث لا تضغطي عليها واتركي لها رسالة أنك موجودة في أي وقت تحب أن تتحدث في ذلك.
ولا مانع من طلب مساعدة من متخصصين تعلموا كيف يتعاملوا بشكل محترف وآمن في مثل تلك الأمور ،وهذا لسببين: أولهما أننا وجدنا أن الشخص يتحدث عما يلاحظه في نفسه، أو ما شابه فقط حين يكون جهازه النفسي من الداخل في حالة استعداد بأي درجة من درجات العلاج وهذه إشارته، والأمر الثاني أن تطمئن بعدم قلقك؛ لأنها في الأصل تعاني من القلق وهذا يزيد من قلقها، وحاولوا أن تتعاملوا مع ما تلاحظونه بلطف وقبول فهذا يساعد كثيراً، وانتظري حتى تري ماذا يحدث لمدة ثلاثة أشهر مثلاً من تلك الطريقة في التعامل معها؛ لتستكشفي مدى الاستجابة أو عدم الاستجابة لهذه الطريقة، فإن التزمتِ جيدا أنتِ ووالدها بهذه الطريقة وتهدئة أجواء الحرص الشديد، أو المتابعة المستمرة لها بشكل ضاغط، ووجدتِ أن الأمور تزداد فراسلينا مرة أخرى بالتطورات، لنتحدث أكثر وبدقة عن خطوات مناسبه أكثر معها لمساعدتها، وإن وجدتها استجابت وطلبت المساعدة ؛ فأقترح عليكِ البحث عن معالج يقوم بعلاج نفسي اسمه ( internal family system “ ifs”)، فلقد أثبت نجاحه في حالات القلق وما تلاحظيه فيما يخص التلامس وغيره، وفقك الله.