شابة ومازالت والدتي تتحكم بي وتعاملني كطفلة
السلام عليكم. أنا فتاة مكتئبة، وأريد حلاً ونصيحة. تخرجت وجلست في البيت، وأمي تضغط عليّ كثيراً إلى درجة جعلتني أكره الحياة وأفقد الثقة بالنفس. فكلما وجدت وظيفة، عارضت هي وأخي، بحجة مصلحتي والحفاظ على الاخلاق. تعبت نفسيتي جداً. أريد ان أكون نفسي، وأكون فتاة حرة تقف على قدميها ولا تحتاج إلى أحد. والدتي توبخني على الصغيرة قبل الكبيرة. للعلم، أنا تعبت على نفسي من العلم والأخلاق، لكن لا أعرف إلى أين أذهب وكيف اتصرف.
عزيزتي،
أنتِ لا تحتاجين إلى أن تذهبي بعيداً، لأن القيود التي تكبّلك حقيقتها ليست في رفض والدتك وأخيكِ، أو في تخويفهما لكِ، أو التشكيك في قدرتك على التعامل والثبات مع المواقف والأشخاص تحت ادعاء القيم والأخلاق. لكنّ حقيقة تلك القيود، استسلامك لها. فوالدتك التي توبخك على كل صغيرة وكبيرة اعتادت ذلك منذ أن كنتِ طفلة لا تعي ولا تمتلك قدرات تساعدها. فهذا السجن كان له سبب في الماضي.
لكن، ما سبب دخولك وأسرك فيه الآن في هذا العمر؟
مَن الشخص الذي يجبرك على البقاء فيه؟ قد أحتاج لواقي الرصاص حين أقول لكِ إنكِ أنتِ من يسجن نفسه بنفسه! والدتك التي ترفض أن تكبري وتتعلمي من خبرات الحياة؛ هي في الواقع تحاول بطريقتها التي تعلمتها أن تحمي نفسها هي من خوفها هي الذي تعانيه تجاه فكرة حريتك ورشدك واختياراتك، فتفند أسباب حتى لا تشعر هي بهذا الخوف.
لكن، أنتِ ماذا تفعلين لتتحرري بمسؤولية لتكوني نفسك؟
لا تبحثي عن مخارج وردود على أسبابهما، ولكن خذي قراراً مسؤولاً بأن تتقبلي الحياة كما هي، وهذه شجاعة كبيرة نتدرب عليها جميعاً كل يوم، وسيساعدك فيها الثبات على ما تؤمنين به من قيم، والتعلم من أخطائك ومرات فشلك وعجزك، فلا أحد يولد وهو عالم خبير حكيم، ولكن نخطئ ونفشل ونعجز، لنتعلم ونتحسن، ونحن قابلون تماماً أننا بشر، والخوف من الخطأ هو ما يوقعنا فيه، والرعب من الفشل هو ما يقربنا منه.
واجبك الآن أن تاخذي وقتك حتى تأخذي هذا القرار الخاص بالمسؤولية تجاه نفسك، والتحرر من المخاوف القديمة، وقبول شجاعة خوض الحياة، والتعلم منها، ولا يعني ذلك أنه لا حدود، فحدودك موجودة وقيمك حاضرة، ولا تقومي بتلك الخطوة الكبيرة إلا حين تهضمينها وتصدقينها تماماً من داخلك، فلا تتأثري بالتخويف أو التهديد الذي ستتعرضين له حتماً، وإن صعبت عليك هذه الخطوة، فلا تترددي في طلب المساعدة المتخصصة.
دمت بخير.
