صحــــتك
14 مايو 2017

حرمان الصغر.. جوع وحرمان في الكبر

طالب في الجامعة أبلغ من العمر 22 عاما، ويتملكني إحساس دائم بعدم الاهتمام، وعدم التقدير من الآخرين، سواء أصدقاء أو أهل.. أنا دائما الشخص الوحيد فى وسط الأصدقاء الذي لا يسأل عنه أحد ولا يهتم بأمري أحد، ودائما أنا الساعي للسؤال، والمهتم لتعويض نقصي فى ذلك منهم ولكن لا جدوى.. دائم الإحساس بالوحدة والفشل الدائم في أي علاقات اجتماعية.. دائما أشعر بعدم حب الناس وبعدهم عني
الاحتياجات النفسية
ستظل هكذا ما دمت تشعر بداخلك بأنك لست مهماً، ولا تستحق الحب، والقرب، والعلاقات يا محمود؛ فما نحمله داخلنا يصل لمن حولنا، حتى وإن لم نتحدث عنه، حتى وإن مثلنا تمثيلا بعكسه؛ فرسائل النفس الخفية أصدق، وأسرع، وأفضح مما نتخيل، وحتى تتمكن من استيعاب ما قلته؛ تحتاج أن تعرف أن هذه المشاعر تخصك، وأنها في عمق إحساسك أنت فقط، فحين يولد الطفل يحتاج من والديه احتياجات لا يلبيها سواهما، ولا يعطيها أحد ﻷحد دون مقابل من المشاعر سواهما، هكذا خلقنا الله سبحانه؛ حيث نحتاج أن نشعر بأننا "متشافين"، وأننا نستحق الحب دون أن ندفع له مقابله (كالتفوق، والطاعة، والنظام، والمساعدة، إلخ)، ونحتاج أن نشعر بأننا محط اهتمامهما، وغيره مما يعرف علميا بالحاجات الأولية، أو الأساسية والتي تمتد لأكثر من خمسة عشر احتياجا أساسيا.

وﻷسباب متعددة - أهمها جهل الوالدين التربوي - لا يوفي الآباء احتياجات أطفالهم، ويكبر الطفل، ولديه شعور متجذر عميق بعدم الأحقية للحب - ﻷنه لم يأخذ ما كان يحتاجه - أو الاهتمام، أو الائتناس بعلاقات.

والطفل المحروم من هذه الاحتياجات يظل هذا الشعور حاضرا بداخله طوال فترات كثيرة في حياته، وﻷن البشر مرهفو الحس لمعارك الداخل فإنهم يقرؤون احتياجه ومعاركه الداخلية دون حتى وعي منهم، وهذا يفسر ما قلته لك في بداية حديثي معك.. والآن ماذا عليك أن تفعل؟

الكثيرون يظلون في حالة تسول عاطفي لمن حولهم على أمل أن يشبعوا من الإحساس بالاهتمام، والحب، ورغم ذلك لم يروِ عطشهم أي بشر؛ وظلوا في نفس الدائرة لعلهم يحظون بالقليل القليل، وهناك غيرهم كانوا أكثر شجاعة، والذين كفوا عن تنصلهم من مسؤوليتهم تجاه ما فقدوه صغارا، وصدقوا أن تلك المشاعر المؤذية هي في حقيقتها تراكم لرسائل الأمس، وأن الأوان قد آن لكي تنتهي؛ ﻷنهم يستحقون فعلا، ولكن لظروف، أو ﻷسباب فقدوها تصوروا أنهم لا يستحقونها؛ وحينما أدركوا ذلك بدأوا في إعطاء أنفسهم بأنفسهم ما يحتاجونه من حب حقيقي واهتمام؛ وتوقفوا بشرف عن الاستمرار في العلاقات المؤذية فقط لطلب الونس المزيف، ومع هذا التحول أحبوا أنفسهم، وكلما ضغط عليهم إحساس عدم الأحقية زجروه، وملؤا حياتهم بأنشطة، وهوايات، وثقافة، وتعلم في مساحات اجتماعية وعلمية متنوعة؛ فقلت المشاعر المؤذية، واستقبلوا مشاعر الاستحقاق للحب، والاهتمام، فبدأ من حولهم يرونهم يستحقون الحب، ويستحقون الاهتمام وتغيرت حياتهم الشاقة، فأيّ الاختيارين ستختار لنفسك؟

والأمانة تقتضي مني أن أقول لك: إن جوعك للاهتمام، واستحقاق الحب وما يجعلك تطلب درجات منهما لا تتمكن علاقات الصداقة، أو الزمالة، أو حتى العلاقات العاطفية أن توفيها؛ ﻷنك ببساطة تبحث في كل منهم دون وعي منك عن أمك، وأبيك فيهما لتحصل على نوع حبهما واهتمامهما اللذين لن يتوفرا إلا عندهما فقط؛ فكل العلاقات الأخرى تأخذ وتعطي، حتى أولادنا، وأزواجنا؛ يعطوننا الاهتمام حين نعطيهم الحب والأمان، وهكذا؛ فمن النضوج أن تعي أن هناك احتياجات لنا قد لا تلبى، ويمكننا أن نحصل عليها بشكل مختلف من علاقات أخرى حولنا دون أن نرهقها بدور ليس دورها دون أن ندري، وكذلك تغيير تلك المشاعر العميقة المؤذية من تمام مسؤوليتنا، وحين نتجاوزها تظهر علاقات صحية وداعمة في حياتنا.. هيا ابدأ يا ولدي.

اقرأ أيضا:
احتياجات الطفل.. الطريق إلى السواء النفسي
نفسك الحقيقية ونفسك المزيفة
عن الاحتياج للحضن
الاحتياجات غير المشبعة وإدمان العلاقات المسيئة
احتياجاتنا البسيطة ومركب النقصهل تريد أن تخسر ابنك؟.. عن الإساءة النفسية نتحدث
حرمان في الطفولة.. أنت الآن مسؤولة
آخر تعديل بتاريخ
14 مايو 2017

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.