احبه ويحبني وأهلي معترضون على زواجنا
دلوقتي انا مرتبطة بشخص كان معايا في الشغل بقالي سنتين، هو مهندس وبيقبض كويس جداً وبنحب بعض ومتفاهمين. المشكلة في أهلي هم معترضزن عليه لأن أهله مش متعلمين وأنا أهلي مستواهم العلمي عالي وشايفين انه غير مناسب ومفيش تكافؤ بينا. هو أهله ظروفهم مكنتش كويسة بس حالياً الدنيا كويسة وهو شخص كويس وأنا وهو بينا توافق كبير وحالياً أنا مش عارفة أعمل إيه.
أهلا وسهلا بك يا عزيزتي؛
كثيراً ما أقف أمام تعنت الأهل بعينين كبيرتين:
1. إحداهما ترصد ما يقوله الأهل وأفتش عما قد أجده فعلاً صحيحاً وسط الكثير مما قد يقال لمجرد التعنت فقط؛ لأدرسه بصدق وتروٍ لأرى ما قد يؤثر على سلامة هذا الوفاق في المستقبل بعد أن تهدأ الجوارح ويستقر القلب، وتظهر تفاصيل الحياة التي لم يتم الوقوف عندها بتقدير وقت الاختيار.
وهنا لا أجدني أقف كثيراً عند الوضع المالي الذي تحدثوا عنه، ولكن أنظر للوضع الخاص بأسلوب ممارسة الحياة، وقد تبدو ظاهرياً تافهة، ولكنها التفاصيل يا صديقتي التي ستعيشينها كل وقت وأثناء القرارات المهمة ولحظات الاختيار، بدءاً من كيف يأكل ويتعهد نفسه في النظافة الشخصية والمكان حوله، مروراً بالأماكن التي يرتادها للتنزه، لارتداء الملابس، للتعلم، وانتهاءً بقرارات شراء أشياء، ووضع خطط مستقبلية، كل هذا في حد ذاته ليس المعضلة، ولكن سيظهر في سلوكيات يومية تؤثر على علاقتكما وعلى الأبناء من بعد ذلك في ما سيكتسبونه من طريقة تعامل، أو نوع المدارس التي ترغبين أن تلحقي أولادك بها ومدى تقارب طريقة التفكير والتوافق بينكما في تلك الأمور، وهذا الكلام أتى من مئات المشكلات التي نغصت على علاقة زوجين أحبا بعضهما بعضا ودون تعنت من الأهل! فكانت تلك السلوكيات والاختبارات والمشادات التي تظهر مع الاختلاف الكبير في طريقة ممارسة الحياة أكبر أزمة والتي ينتقل أثرها بالطبع إلى الأبناء.
2. أما العين الأخرى فهي التي تتمكن من تجنيب المشاعر لبضع دقائق للتعرف بوضوح وحيادية قدر الإمكان إلى حقيقة التوافق بين الشاب والفتاة، والتوافق الذي أقصده لا يعني التماثل، ولا حتى التشابه فلا يوجد شخصان في بيئة واحدة متماثلان تماماً في التعاملات ولا التفكير فكيف الحال حين يكونا من بيئتين مختلفتين! ولكن أقصد أن الفارق بينهما لا يكون كبيراً لدرجة الاختلاف المزعج وهذا لا يمكن رؤيته في وجود مشاعر الحب، وكذلك تلك العين تقوم بمراجعة مدى تعنت الأهل حين لا يوجد سبب حقيقي يحتاج فعلاً لمراجعة، فهناك أهل تعنتوا فعلاً دون أسباب حقيقية، فلا وجود لاختلاف كبير، ولا عوائق صعبة ولكنهم يرفضون.
لذا أتمنى أن تكون لديك هاتان العينان لتتمكني أنت بنفسك ومع نفسك أخذ قرار الزواج المهم هذا في علاقتك به، فإن وصلتِ لاختيار مسؤول وواع بأنك ترغبين في الزواج به، فأول أمر يجب أن يكون مستقرا في رأسك أنت ومن بعده يصل لأهلك بوضوح وثبات هو أنك لن تتزوجيه رغماً عن إرادتهم ولا بأي طريقة غير مقبولة أبداً وأنك ستنتظرين مباركتهم لزواجك ممن اخترت ومسؤولة عن اختيارك له، وهنا سيكون الاختبار الأكثر جدية الكاشف لجدية رغبتك أنت وهو فعلاً في الارتباط، ومهما قرر أهلك اللعب بكروت قوية مثل الرفض مجدداً، أو التعامل معك بطريقة غير لطيفة، أو حرمانك من بعض الأمور التي لن تحصلي عليها إلا إذا تزوجتي شخصا آخر ، أو الدعاء بالويل والثبور وعظائم الأمور ، إلخ... اثبتي، نعم، اثبتي بمنتهى الأدب والتحضر، حتى تصل الرسالة تماماً أنك لن تتزوجي غيره وستظلين هكذا بلا زواج حتى تحصلي على مباركتهم.
وربما يساعد في ذلك أن تطلبي تدخل شخص حكيم متزن يحترمونه للحديث معهم في الأمر، وأن يُظْهِرْ محبوبك لهم خصاله الجميلة التي جعلتك تتمسكين به، وإن تطور الأمر ورغبوا بعد فترة في رؤيته فيقدم لهم نفسه بشكل جيد ويطمئنهم عليك معه، إلخ. لذا لا تذهبي للمناطحة والخصام وتخطي حدود الأدب مع أهلك أبداً، فلقد رأيت من قام بهذا أو حتى تزوج من وراء أهله مدى المعاناة النفسية التي يمر بها الشخص الذي ضحى بأهله من قطيعة ووحدة وبعد وقت يُحَمَّلْ الطرف الآخر نتائج القطيعة.
ولا تحدث فعلاً بركة بينهما وتأتي المناسبات الحميمة كرمضان والأعياد والحمل والولادات بمشاعر صعبة مؤلمة للزوجين، ووجدت من أخذ هذا الموضوع كما أقترحته هو من تمكن من الزواج ممن أحب وحصل على مباركة أهله ولو بعد مرور سنة أو سنتين، أو أكثر، فصاحب النَفَسْ الطويل هو الذي يكسب، وحين بتأكد للأهل أن الأبن أو الابنة لن تتزوج وستظل هكذا مع وجود إصرار مهذب يتخلى الأهل عن تعنتهم، ويجدون أن كل تلك الكروت لا تعمل، ولم يجدوا منك ولا منه إلا الاحترام والأدب، وأعلم أن هذا الحل ليس سهلاً، ولكنني أعلم كذلك أن غيره أصعب بكثير جدا، وأذكرك أن تقومي بعمل ما اقترحته عليك من بداية ردي؛ لتتمكني من معرفة ما تريدين أنت أولا بالفعل، ثم إن قررت الزواج منه سيكون الحل المقترح اختبارا جادا تحتاجانه أنتما الاثنان للتأكد من جدية رغبتكما في الارتباط بجانب عدم خسارتك لأهلك ومباركتهم الزواج به، ودمت بخير.
