إساءة في الصغر ومشكلات متعددة
يمكنني تفهم المعاناة الرابضة خلف استشارتك وكلماتك، وأرجو التوفيق في تلخيصها وإعادة ترتيبها في نقاط عدة هي: خبرة إساءة، وفقدان المعنى، وضعف التلذذ والتقلب المزاجي، سلوك غير مرغوب فيه واحتياج عاطفي غير مسدد، وشعور عام بالفشل. وعند التعامل مع هذه النقاط سنقوم بتقديم التعامل مع الجروح الملتهبة وخبرات الأذى ثم العمل على إشباع الاحتياجات ثم ما يتبقى بعد ذلك من مشكلات إن تبقى.
أولاً: خبرة الإساءة
واحدة من أهم الخبرات التي تضع بصمتها وتظلل صورتنا عن أنفسنا والآخرين، بل عن الله والعالم، هي خبرة الاعتداء الجنسي، خاصّة إذا كانت ذكراه حاضرة وملتهبة، وتمثل لدينا خراجاً متقيحاً لا ينبغي فتحه إلا بحذر وبيد مختص، لكن ما أطلبه هو السماح لأنفسنا بالنوح واختبار ألم الفقد والجرح؛ لأن الألم الناتج عن الاحتفاظ بهذه الطاقة داخلنا يشبه الصليل الناتج عن الاحتفاظ بالقيح داخل الجروح الجسدية، ولا أعني هنا تذكر تفاصيل الإساءة بل تحرير المشاعر المرتبطة بها، ويمكنك الاستعانة بكتيب بداية الرحلة لايلين باث.
ثانياً: الاحتياج العاطفي
أول وأهم خطوات التعامل مع الاحتياج العاطفي هي الاعتراف به وتصديقه، ورؤية احتياجاتنا على أنها أهم حقوقنا على أنفسنا، ثم العمل على إشباعها من خلال محبة النفس، التي يمكن تحقيقها من التعامل معها كطفل لنا، وتشجيعها والثناء عليها بحق، والرفق بها عند الخطأ، ودعمها عند الشعور بالضعف، وكلها مهارات فطرية لدينا قد نخرجها مع الآخرين، ولكننا ننسى توجيهها إلى أنفسنا تحت ضغط الناقد الداخلي وقائمة الفروض واللوازم.
ثم يأتي دور البحث عن السبل الممكنة والمتوافقة مع منظومتنا القيمية لأجل إشباعها من الآخرين، بصورة تحتفظ بقيمة الذات واحترام منظومة القيم بينما نسعى لتحقيق ما نطلبه من أهداف مشروعة.
ثالثاً: فقدان المعنى والشعور بالخواء
يمكن فهم هذين العرضين في ضوء خبرات الإساءة والاحتياجات غير المسددة، ويمكنك العمل على ذلك بالدخول في خبرات جديدة ذات معنى، علاقات صداقة حقيقية، التنزه وأنشطة العناية بالنفس، والسفر خارج محل السكن، واستكشاف أبعاد جديدة من النفس والآخر والحياة. وراجعي كتاب الإنسان يبحث عن معنى لڤيكتور فرانكل.
رابعاً: التقلب المزاجي
يمكنك الاستعانة بتدريبات اليقظة والتأمل، وكذلك الدعاء من أجل قيادة أفضل للمشاعر، يساعد كذلك تعلم أنماط المشاعر وتسميتها، فبتسمية الشعور يفقد سلطانه علينا، ويصبح تحت طواعيتنا لا العكس.
خامساً: الاستمناء
وأخيراً، يمكننا التعامل مع الاستمناء في ضوء فهمه كمخرج لكل ما سبق، ويمكننا كذلك الاستعانة بزمالة مدمني الجنس المجهولين، حيث يمكنك مشاركة الطريق مع زميلات لديهن نفس الاهتمام في تحقيق تعافيهن من الأنشطة الجنسية غير المرغوبة.
ورجائي لك بالسكينة والعافية.
اقرئي أيضاً:
الأسر المضطربة
هل تمتلك الشجاعة للشفاء؟
الغفران.. ولنفسك فأغفر
