28 ديسمبر 2018

أريد الشيء وعكسه ويقولون إنني غامضة

أنا مشكلتي حاليا إني ببقي عايزة أعمل الحاجه وعكسها، وبخاف أجرب الحاجة، ودايما الناس بتشوفني غامضه.. أنا مش عارفه نفسي.. وبعد ما دخلت الجامعه حاسه إني تايهه ومش عارفة أنا مين.
أهلا وسهلا بك يا مريم،
كنت أتمنى أن أعرف منك أية مساحات تجدين نفسك فيها تريدين الشيء وعكسه، وما هي تلك المواقف التي يقال لك فيها إنك غامضة حتى أتمكن من مساعدتك أكثر، ولكن على أية حال.. أنت ما زلت في أواخر مرحلة المراهقة التي تتسم بالأساس بدرجة من التخبط، والتفكير الكثير والذي يخص تحديداً ما تتحدثين عنه، وهو "من أنا"، و"من أكون"، وخروجك من الدائرة الصغيرة في المدرسة لدائرة واسعة مثل الجامعة مع وجود اختلاف في أمور كثيرة كنوع وطريقة الدراسة، وتنوع الناس من حولك من ثقافات أسرية ومستوى معيشي متباين، والتعامل مع الوقت، ومسؤولية النجاح الذاتية، وغيره يكون له أثر بلا شك، لذا أردت أولاً أن تنتبهي لفكرة أن جزء مما تعانينه طبيعي جدا.



ولكن أكبر ما وجدته في سطورك، ويحتاج إلى مراجعة حقيقية هو ما أشرت إليه بجملة "بخاف أجرب أعمل حاجة"؛ فخوفك من تجربة الأفعال هو نفسه المشكلة؛ فنحن كبشر نخطئ، وسنظل نخطئ؛ لنتعلم بصدق، وهذه ليست دعوة للخطأ وحبه، ولكنها دعوة للاقتراب من نفسك التي تريدين التعرف إليها؛ لترسم طريقها هي، ولن تتعرفي إليها بصدق من دون أن تخوضي رحلة حياتك بخطئها لتتعلمي منه، ومن دون المحاولة والتجربة، والتعلم منهما، واسألي نفسك ما الذي سيحدث إن أخطئت؟ هل ستنهار الحياة؟ من الذين سيجلدونك؟ من الذين سيحكمون عليك؟



عن أي أخطاء تتحدثين؟ هل تقصدين الأخطاء المعروفة التي تؤذي النفس، وتتجاوز حدود الله مثلا؟ فالتجارب التي تسمينها بداخلك خطئاً مثل خطأ التعامل مع البشر، والاختيارات الاجتماعية والدراسية، ونوعية الناس التي تتناسب معنا، والترفيه، ونوع الاهتمامات، وترتيب الأولويات، والمسؤولية، وغيره هي حقيقة القرب الصادق من حقيقتنا، وفيها التعلم الحقيقي؛ فانتبهي للخلود في مربع الصمت، والجبن، والتعطل وما يستتبعه من مشاعر الذنب، وساعدي نفسك في هذا باختبارات صغيرة تتدرج؛ لتكتشفي حقيقة ما تحبينه أنت، أما الغموض، فما أخشاه هو أن تحبي كونك تسمعين من حولك يقولون عنك إنك غامضة فتتشبثين بما تفعلينه الآن من دون أن تدري، فانتبهي.
آخر تعديل بتاريخ
28 ديسمبر 2018