لماذا يصوم المريض قبل إجراء العمليات الجراحية؟
ينصح الأطباء المرضى بالامتناع عن الأكل لفترة لا تقل عن 6 ساعات على الأقل، والامتناع عن الشرب حوالى 3 ساعات، وهى الفترة الكافية ليغادر الطعام والشراب المعدة إلى الأمعاء، وهي ما يضمن عدم حدوث تقيؤ عند التخدير وارتجاع في الطعام أو الشراب من الفم إلى القصبة الهوائية، وهو الأمر الذي قد يؤثر سلباً على الجهاز التنفسي للمريض أثناء التخدير، إذ يتوقف السعال بسبب التخدير وتختفي حماية الجهاز التنفسي من استنشاق الطعام أو السوائل الموجودة في المعدة، بينما تظل هذه الأمور فعالة في حالة اليقظة بل حتى في أحوال النوم الطبيعي، وأول سؤال يراود المريض عند إخباره بوجوب الصيام قبل العملية الجراحية هي متى يأكل المريض بعد التخدير ؟
متى يأكل المريض بعد التخدير ؟
حدث تغير في نهاية القرن الماضي في قواعد تناول الأكل والشرب بعد العمليات الجراحية؛ فأصبح من الثابت علمياً الآن بل هو متفق عليه في كل المراكز الطبية أن يسمح للمريض ببدء تناول السوائل ثم الطعام بعد ساعات قليلة من الخروج من حجرة العمليات -من 2 إلى 6 ساعات- بعد إجراء العمليات الجراحية تحت التخدير، ويشمل ذلك عمليات الجهاز الهضمي مثل استئصال الزائدة أو استئصال المرارة أو إصلاح الفتق.
ففي العمليات التي تجرى خارج الجهاز الهضمي، مثل عمليات الأطراف أو العظام أو التجميل، يمكن للمريض تناول السوائل بالفم بعد ساعتين، بينما قد يتأخر ذلك بعد عمليات الجهاز الهضمي لخمس أو ست ساعات، ودائمًا يكون المريض هو سيد قراره، بمعنى أنه يتوقف عن الشراب لو شعر بغثيان أو رغبة في التقيؤ.
والجدير بالذكر أن أسباب حدوث الغثيان بعد العمليات الجراحية هو التأثير المباشر لبعض أدوية التخدير والمسكنات على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي، وغالباً يزول هذا التأثير بعد ساعات قليلة من العملية الجراحية.
بل أيضًا ينصح الأطباء بالشرب والأكل المبكر بعد عمليات استئصال أجزاء من المعدة أو الأمعاء أو القولون، والتي كان الأطباء في الماضي يمنعون المريض من تناول الطعام والشراب لأيام قد تصل لأسبوع، ظناً أن في ذلك حماية لأمعائه من حدوث مضاعفات، وقد أثبتت الأبحاث عدم جدوى ذلك، وهذا ينهي الجدل حول سؤال متى يأكل المريض بعد التخدير.
ما سبب هذا التغيير؟
كون الاجابة على سؤالنا متى يأكل المريض بعد التخدير تغيرت عبر الزمن, فالتغيير ببساطة لأن نتائج الأبحاث الطبية ومتابعة آلاف المرضى بعد الجراحات أثبتت عدم حدوث مضاعفات، بل على العكس؛ أثبتت الكثير من الفوائد، ولقد ساعدت أهم ثورة تقنية حدثت في عالم الجراحة في القرن الماضي، ألا وهي جراحة المناظير، كثيراً في إحداث هذه التغيرات، وصاحَب ظهور تقنية جراحة المناظير ظهور واكتشاف سياسة جديدة في التعامل مع المرضى قبل وأثناء وبعد الجراحة، وهي ما تسمى الجراحات السريعة أو جراحات اليوم الواحد، وهي فكرة تهدف لتقليل مكوث المريض في المستشفى بعد العملية، على أن يتم خروجه بأمان بعد تخطي مرحلة الخطر، وتعتبر سياسة "سرعة السماح للمريض بالشرب ثم الأكل" أحد العناصر المهمة لهذه السياسات الجديدة.
ما فوائد الأكل والشرب بعد الجراحة بساعات؟
وجدت الدراسات على المرضى أن الأكل بعد العملية بساعات قليلة لا تضر المرضى، وليست هي السبب في شعور المريض بالغثيان، وليس لها أي أضرار على الجهاز الهضمي، كما أن تطور العلم وتقنيات إجراء العمليات الجراحية بوقت أقل وبشكل أسرع ساعد في ذلك. يقدم تناول المريض الطعام بعد ساعات من العملية الجراحية فوائد أهمها:
- التخلص من إعطاء المحاليل والمغذيات من خلال الوريد بما تحمل من احتماليات -ولو قليلة- لحدوث مضاعفات والتهابات أو تفاعلات تحسسية أو مشكلات قلبية أو وريدية.
- سرعة الحركة والمشي والخروج من المستشفى مما يقي المريض من حدوث جلطات وريدية أو إصابات تنفسية.
- عدم حدوث إمساك أو تجفاف.
- تحسين الحالة النفسية للمريض.
الطعام الذي ننصح به المريض وكيفية تناوله
في الماضي؛ كانت النصيحة أن يبدأ المريض الأكل بعد العملية بسوائل شفافة دافئة ثم عادية على أن يكون ذلك رشفة رشفة، ومن الأفضل ألا يُستخدم الشفاط حتى لا يدخل الهواء إلى المعدة، فيتسبب ذلك في حدوث المغص، خاصة إذا كانت السوائل سكرية، ثم يبدأ المريض في تناول طعام طري سهل الهضم لعدة أيام، وبعد عدة أيام من ذلك يمكن للمريض أن يتناول كل ما يريده.
أما الآن فقد تغير الحال، فمن المقبول أن يبدأ المريض تناول السوائل من اليوم الأول، ويكون اختيارها حسب رغبة المريض، ثم يبدأ المريض في اختيار ما يأكله من اليوم الثاني، وبالطبع ننصحه بالإنصات لصوت جسمه وما يريده، فيتوقف لو شعر بالغثيان، ويبدأ بما تعود عليه من سوائل محببة له.
الأسئلة الأكثر شيوعاً
متى يمكن الأكل بعد التخدير العام؟
يمكن تناول الطعام والشراب بعد ساعات قليلة من العملية الجراحية عندما يكون المريض في حالة وعي كاملة، ويمكن أن يبدأ بتناول الماء أو الشاي الخفيف أو مرَق الدجاج أو الخضار أو الخبز المحمص، والبدء بأشياء صغيرة يعني أن المعدة والأمعاء الدقيقة لن تصاب بالإرهاق على الفور.
متى أستطيع شرب الماء بعد العملية القيصرية؟
في حالة التخدير النصفي يمكن شرب الماء بعد ساعتين من العملية القيصرية، أما في حالة التخدير الكلي فتستطيعين شرب الماء بعد 4 ساعات من الاستيقاظ من البنج.
ما الأكل الممنوع بعد العملية القيصرية؟
ننصح بتجنب الطعام الحار والذي يمكن أن يسبب الانتفاخ ومشكلات الهضم، كذلك تجنب المشروبات الغازية التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والمواد الحافظة الاصطناعية والتي قد تؤدي إلى الغازات والتجفاف، كما يجب تجنب الإفراط في تناول الكافيين والكحوليات التي يمكن أن تتداخل مع الرضاعة الطبيعية والتماثل للشفاء.
نصيحة من موقع صحتك
وضحنا في هذا المقال متى يأكل المريض بعد التخدير وسردنا الدراسات الجديدة حول هذا الموضوع، ونؤكد أنه لا معنى للتمسك بقناعات قديمة في الرعاية الصحية للمريض التي تمثل قيوداً غير ضرورية أثبت العلم الحديث عدم جدواها، فنحرمه من الاستفادة من هذه الاكتشافات الحديثة والاستمتاع بحياته الطبيعية وسط أهله وأصدقائه طالما أن هذه الأساسيات الجديدة آمنة وسهلة التطبيق، وفي النهاية ننصح بالاستماع إلى طبيبك والنصائح التي يقدمها لك، فهو على دراية كاملة بحالتك الصحية، وما يحتاجه جسمك، وما هي الخيارات الصحيحة لك.
