أكثر ما تحدث نوبات الصرع لدى الأطفال والمتقدمين في السن، لكنها قد تصيب الإنسان في أي عمر، وهناك أنواع مختلفة من نوبات الصرع، ويقسمها الأخصائيون إلى نوبات شاملة ونوبات جزئية، وتشترك كلها في وجود خلل يصيب نشاط الدماغ الكهربائي. نبين فيما يلي الإسعافات الأولية لمصاب بالصرع عند تعرضه لنوبة.
نوبات الصرع
قد تنجم نوبات الصرع بسبب مرض باطني (كانخفاضٍ كبيرٍ في سكر الدم، أو تأثيرٍ جانبي لبعض العقاقير)، أو مرض في الدماغ (كحادث وعائي أو ورم دماغي، أو أذية أصابت الرأس أو التهاب السحايا)، وبعضها له أسباب وراثية، ولكن معظم الحالات لا يُعرف لها أي سبب.
ويمكن تشخيص حالات الصرع واكتشاف أسبابها عن طريق الاستجواب والفحص الطبي، وذلك بالإضافة للتحاليل المخبرية وتخطيط الدماغ ودراسات دماغية متقدمة أخرى كالرنين المغناطيسي. ومع أن الكثير من أنواع نوبات الصرع معتدل وقد لا يتجاوز رجفان اليد أو الحَملقة لبرهة في الفضاء، فإن أشهر أنواعها وأهمها من الوجهة الصحية هو نوبات الصرع الكبرى (Grand mal seizures) التي يفقد فيها المصاب وعيه، ويُصاب فيها بنوبات تشنجية اختلاجية تشمل الجسد كله.
أعراض نوبات الصرع الكبرى وعلاماتها
تَحدث نوبة الصرع الكبرى بصورة غير متوقعة غالباً، ولكن قد يشعر المصاب قُبيل النوبة بهالَة، وهي مجموعة مشاعر وإحساسات تنذره بقرب وقوع النوبة، وتختلف الهالة المنذِرة بين شخص وآخر، فقد تكون شمّ رائحة خاصة، أو مذاق غريب، أو تبدل في الرؤية أو المزاج، ولا تدوم الهالة إلا بضع لحظات.
وصف النوبة
فيما يلي وصف لما يقع أثناء النوبة:
- يفقد المصاب وعيه فجأة ويسقط على الأرض، وقد تصدر عنه صرخة غريبة.
- يتصلّب جسمه لبضع ثوان وقد يتوقف تنفسه لحظات، وكذلك يحتقن وجهه وعنقه وتتلون شفتاه بالزرقة.
- بعدها تسترخي عضلاته، ثم يأخذ بالتشنج والتخبط.
- في مرحلة التشنج والتخبط هذه، التي قد تستغرق بضع دقائق، يصبح تنفس المصاب عسيراً، ويصدر أصواتاً عالية من بين فكيه المطبقَين بإحكام، وقد يخرج الزبد من فمه مختلطاً ببعض آثار الدم إذا عضّ لسانه أو شفتيه أثناء النوبة، وقد يفقد سيطرته على مثانته أو أمعائه.
- أخيراً، ترتخي عضلات المصاب بشكل كامل، مع أنه يبقى فاقداً وعيه لبضع دقائق أو أطول من ذلك.
بعد انتهاء النوبة
يستعيد المصاب وعيه بعد حوالي خمس إلى عشر دقائق، ويعود تنفسه للحالة الطبيعية، لكنه قد يبقى مضطرباً مأخوذاً ويأتي بتصرفات غريبة لفترة قد تصل إلى حد الساعة، وكثيراً ما يرغب بالراحة والهدوء والنوم.
مضاعفات نوبات الصرع الكبرى
لا تؤدي نوبات الصرع الكبرى بذاتها إلى حدوث ضرر دائم في الدماغ، وذلك ما لم تَحدث للمصاب نوبات اختلاج (تخبط) متكررة وتدوم فترة طويلة (وهو احتمال نادر جداً)، إنما قد يتعرض المصاب لمضاعفات الوقوع على الأرض وحدوث كسور عظمية إذا لم يكن مع المريض مرافق له عند بدء النوبة، أو أنه قد يتعرض لحوادث السير أثناء قيادة السيارة، أو يتعرض للغرق إذا وقعت النوبة أثناء السباحة، كما أن الحامل المصابة بالصرع قد تكون عرضة لتشوهات الجنين بسبب الأدوية المضادة للصرع.
أخيراً، فإن المصاب بالصرع لا بد من أن يعاني من اضطرابات نفسية واجتماعية بسبب إصابته، تتراوح بين القلق المزمن والاكتئاب، وقد تصل في الحالات النادرة إلى الرغبة في الانتحار.
كيف تتم معالجة نوبات الصرع؟
إذا عُرف سبب الصرع، فقد يتمكن الطبيب من تطبيق المعالجة الشافية، لكن معظم الحالات تحتاج للمعالجة بالأدوية المضادة للصرع، وهذه الأدوية لا تشفي المريض كلياً، لكن يمكن أن يمنع الطبيب بوساطتها حدوث النوبات في معظم المصابين.
قد تفيد الجراحة في حالات قليلة من الصرع، وذلك بالتخلص من البؤرة الدماغية المسببة لنوبات الصرع، أو عن طريق زرع جهاز كهربائي يتحكم في نوبات الصرع، ويتوقع أن يستطيع الطبيب التحكم بنوبات الصرع بواسطة طرق العلاج الحديثة في حوالي 80 بالمائة من الحالات. وبغض النظر عن طريقة العلاج، فإنه، من أجل الوقاية من حدوث النوبات، يُنصح مرضى الصرع بالمحافظة على تغذية صحية، وإجراء التمارين الرياضية اليومية، وأخذ قسطهم الكافي من النوم.
الإسعافات الأولية لمصاب بالصرع
يتركز الهدف من الإسعافات الأولية لمصاب بالصرع عند تعرضه لنوبة صرع كبرى بشكل أساسي في حمايته من أن يؤذي نفسه أثناء حدوث النوبة، وبذل العون له لاستعادة وعيه.
مبادئ الإسعافات الأولية لمصاب بالصرع أثناء النوبة
فيما يلي أمور يجب عليك القيام بها عند تقديم الإسعافات الأولية لمصاب بالصرع يتعرض لنوبة:
- إذا كنت على مقربة من المصاب عند إحساسه بدنو النوبة أو عندما يأخذ في الوقوع إلى الأرض، حاول أن تحميه من أن يؤذي نفسه بسَنده، ثم تمديده على الأرض بعيداً عن أي أخطار محتملة.
- أبعد قطع الأثاث وكل ما هو حاد من حول المريض، وحاول تمديد المصاب على جانبه، وضع وسائد لينة تحت رأسه لحمايته أثناء اختلاجات النوبة.
- فك أزرار ثيابه حول العنق والصدر.
- أبق المصاب في مكانه ولا تحاول نقله إلا إذا كان هناك خطر من بقائه في مكانه.
ما تفعله بعد انتهاء النوبة
فيما يلي أمور يجب عليك القيام بها عند تقديم الإسعافات الأولية لمصاب بالصرع بعد انتهاء النوبة:
- يستغرق معظم المصابون في نوم عميق بعد انتهاء النوبة الاختلاجية، وينصح بترك المصاب ينام في وضعية مريحة وتجنب محاولة إيقاظه.
- إذا اشتبهت بحدوث كسر في العمود الفقري من أثر السقوط، فاعمد إلى دحرجته على جنبه، محتفظاً باستواء ظهره وعنقه.
- إذا تقيأ المصاب، فاحرص على إبقاء طرقه التنفسية مفتوحة.
- إذا رافق النوبة ارتفاع في درجة الحرارة، فاتخذ الخطوات اللازمة لتخفيض حرارة المصاب، مثل استخدام الكمادات الباردة.
- إذا كان المصاب قد تهاون في تناول عقاقيره المضادة للنوبات، فساعده على تناولها بعد استرداد وعيه تماماً.
أمور عليك تجنبها عند تقديم الإسعافات الأولية لمصاب بالصرع
فيما بعض الأمور التي يجب عليك تجنبها عند تقديم الإسعافات الأولية لمصاب بالصرع تفادياً لتعريض المصاب لأي مضاعفات أو إصابات:
- لا تحاول كبح اختلاجات المصاب أثناء النوبة أو تقييد حركاته.
- لا تضع شيئا بين أسنان المصاب أثناء النوبة (بما في ذلك أصابعك).
- لا تحرك المصاب من مكانه، ما لم يكن هناك خطر من بقائه فيه.
- لا تحاول إيقاظ المصاب، إذ إنه لا يستطيع ذلك.
- لا تجرب طريقة التنفس الصناعي معه، حتى ولو تلون وجهه بالزرقة.
- لا تعطه أي طعام أو شراب حتى يعود إلى كامل وعيه.
- لا تطلب سيارة الإسعاف إلا إذا كانت هذه أول نوبة يتعرض لها المصاب، أو إذا تعرض إلى إصابة عند سقوطه مثلاً، أو إذا تعرض المصاب لعدة نوبات متلاحقة، أو إذا دام فقدانه للوعي لأكثر من ربع ساعة (وهذا أمر نادر الحدوث).
اختلاج الرضع والأطفال
يَحدث الكثير من اختلاجات الأطفال بسبب ارتفاع درجة الحرارة عند وجود عدوى، عادة ما تكون في الحلق أو الأذن، ومع أن هذه الاختلاجات كثيراً ما تثير هلع الوالدين، إلا أنها قلَّما تكون خطرة، وقد يصاب الأطفال بالصرع. غالباً يُشفى الأطفال المصابون بالصرع من مرضهم بمزيج من الحمية المولدة للكيتونات ketogenic (الغنية بالشحوم والفقيرة بالسكريات)، والأدوية المضادة للصرع، وذلك مع تخطيهم مرحلة الطفولة.
أعراض الاختلاجات عند الأطفال
فيما يلي أعراض الاختلاجات عند الأطفال:
- كثيراً ما تكون درجة الحرارة مرتفعة (فوق 40 درجة مئوية)، مع ازدياد في التعرق وتورد الوجه.
- انقباض عضلات الوجه والأطراف.
- الحَوَل أو تقلب العينين بين الحين والآخر.
- احتقان الوجه والعنق.
- قد يحبس الطفل أنفاسه.
- قد يحدث تصلُّب يرافقه تحدّب في الظهر.
- قد يخرج الزبد من فم الطفل.
إسعاف الطفل المختلج
فيما يلي بعض الخطوات لتقديم الإسعافات الأولية لطفل يتعرض للاختلاجات:
- اضمن حصول الطفل على هواء نقي بشكل مستمر.
- قم بفك أزرار الثياب حول عنق الطفل وصدره.
- أوجد مساحة فارغة وآمنة حول الطفل إن كانت اختلاجاته عنيفة.
- إذا كانت حرارة الطفل مرتفعة، برّد جسم الطفل عن طريق رفع أغطية السرير عن جسمه أو نزع ثيابه، وامسح جسده بقطعة قماش أو إسفنجة مبتلة بماء فاتر، ابتداء من الرأس، ونزولاً لأسفل الجسم، لكن تجنب تبريد جسم الطفل لدرجات منخفضة جداً.
الأسئلة الشائعة
ما الذي يسبب نوبات الصرع لدى الأطفال والبالغين؟
قد تؤثر نوبات الصرع على الأشخاص في أي عمر، وقد تنتج عن حالات طبية كامنة مثل انخفاض السكر في الدم أو إصابة الدماغ أو العدوى، في حين أن العديد من الحالات ليس لها سبب واضح. تَحدث النوبات بسبب نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ، مما يؤثّر على وظائف الجسم بشكل مؤقت.
هل النوبات دائماً خطيرة أو مهددة للحياة؟
ليس بالضرورة، فالعديد من النوبات تكون خفيفة وقصيرة، ولكن بعضها مثل نوبات الصرع الكبرى قد تشكل مخاطر على سلامة المصاب مع أن النوبات نفسها نادراً ما تسبب تلفاً دائماً في الدماغ، إلا أنها قد تعرضه لإصابة بسبب السقوط أو الغرق أو الحوادث إذا حدثت النوبات أثناء ممارسة أنشطة مثل القيادة أو السباحة.
نصيحة من موقع صحتك
قد يكون التعايش مع الصرع أمرًا صعبًا، ولكن مع الرعاية الطبية المناسبة وتعديلات نمط الحياة، يستطيع العديد من الأشخاص التحكم فيه بفعالية. يلعب النوم المنتظم، والتغذية المتوازنة، والالتزام بالأدوية، والحد من التوتر دوراً رئيسياً في السيطرة على النوبات. من المهم أيضاً الحصول على الدعم من الأسرة وأخصائيي الصحة النفسية لأن الصحة النفسية غالباً ما تؤثّر على الصحة البدنية. يساعد رفع مستوى الوعي وتعزيز فهم الصرع في الأسرة والمجتمع على الحد من وصمة العار، ويضمن أن يعيش الأشخاص المصابون بالصرع حياة آمنة.
