صحــــتك

كيف تؤثّر صحة القناة الهضمية على البشرة؟

الصورة
avatar
كيف تؤثر صحة القناة الهضمية على البشرة؟ 

ما هو القاسم المشترك الذي يجمع بين الأمعاء والبشرة؟ يحتوي هذان العضوان على مستعمرات هائلة من الجراثيم تُسمى الميكروبيوم microbiome، وهي عبارة عن مجموعة من البكتيريا والفطريات والكائنات الحية الدقيقة الأخرى التي تعيش في الأمعاء وعلى البشرة.

لا تتأثر صحة البشرة فقط بالعوامل الخارجية، بل بما يجري أيضًا في كواليس الجسم من الداخل، وتحديدًا داخل القناة الهضمية، فهناك معطيات علمية تفيد بأن صحة هذه القناة تلعب دورًا مهمًا في تحديد صحة بشرتنا ومظهرها، من خلال محور أُطلق عليه اسم  محور الأمعاء ـ الجلد، والغرض منه محاربة وتحييد مسببات الأمراض.

مِحور الأمعاء ـ الجلد

تتواصل الأمعاء والجلد عبر مِحور اسمه محور الأمعاء ـ الجلد gut skin axis، وهو مفهوم تم تطويره منذ أكثر من 80 عامًا، مفاده أن هناك علاقة ثنائية الاتجاه ما بين القناة الهضمية والجلد من خلال شبكة معقَّدة من الأعصاب والهرمونات والعوامل المناعية والناقلات العصبية، وأن جوهر هذه العلاقة يَكمن في ميكروبيوم الأمعاء، الذي هو عبارة عن مجتمع في غاية التعقيد، يضم تريليونات من الكائنات الحية الدقيقة التي لا تُرى بالعين المجردة. 

يتألف ميكروبيوم الأمعاء من كائنات حية دقيقة، نافعة وضارة، تعيش مع بعضها في سلام ووئام ضمن معاهدة لا غالب فيها ولا مغلوب، تؤمِّن التوازن بينهما، وأن أي خَرق يمسّ هذا التوازن من قريب أو من بعيد، يمكن أن ينعكس سلبًا على صحة أعضاء كثيرة، من بينها الجلد.

تشير الدلائل العلمية إلى أن الاضطرابات الطارئة على ميكروبيوم الأمعاء يمكن أن تؤثّر على بشرة الجلد، والأسوأ من هذا، فإنه غالبًا ما تكون مشكلات البشرة هي المظاهر الأولى لسوء صحة الأمعاء، بكلام آخر، يمكن القول بأن بشرة الجلد هي المرآة الخارجية للأمعاء إذا صح التعبير. 

يلعب ميكروبيوم الأمعاء دورًا أساسيًّا في امتصاص العناصر الغذائية، فإذا كان هناك ضَعف في امتصاص هذه العناصر من القناة الهضمية، فإن الجلد سيعاني؛ لأنه لن يتم تزويد خلاياه بما يكفيها من الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية والفيتامينات والمعادن اللازمة لإنتاج الكولاجين، وإزالة السموم، وحماية مركَّبات الفوسفوليبيد، فتكون النتيجة ظهور مشكلات جلدية عديدة.

ضَعف الأمعاء يسبّب التهاب البشرة 

وظائف الجهاز المناعي للأمعاء والبشرة متطابقة، فكلاهما يعملان على مجابهَة مسبّبات الأمراض وتحييدها. تعمل الأمعاء كحاجز بين الجزء الداخلي للجهاز الهضمي والدورَة الدموية العامة في الجسم، وعندما تؤثّر عوامل مثل الكحول والأطعمة المصنَّعة ومسبِّبات الحساسية والمضادات الحيوية واتباع نظام غذائي غني بالسكريات وفقير بالألياف والإجهاد، على تهييج بِطانة الأمعاء فإنها تصبح ملتهبة، وعند ذلك تُرسِل الأعصاب المتواجدة في مختلف أنحاء الجهاز الهضمي برقيات عاجلة تُخبِر فيها أن الأمعاء تعرَّّضَت لهجوم عدواني، ما يؤدي إلى استنفار الجهاز المناعي بكل قواه من أجل تطويق الاعتداء الحاصل. 

عندما تتهيج الأمعاء وتلتهب، فإن ظاهرةً تَبرُز في الأفق هي "الأمعاء المتسرِّبة"، ما يفسح المجال للميكروبات الضارة والسموم بالعبور إلى مجرى الدم، ويمهد الطريق إلى ظهور تفاعلات الالتهاب في كامل الجسم، الأمر الذي يَضُرّ بقدرة البشرة على إنتاج مكوناتها المناعية المعروفة باسم البيبتيدات المضادة للميكروبات، التي تعمل كخط دفاعي أول عن الجلد، فتصبح البشرة مسرحًا لحدوث التهابات ومشكلات مختلفة.

مظاهر ضَعف صحة الأمعاء على البشرة

هناك العديد من الأمراض الجلدية التي ترتبط بسوء صحة الأمعاء: 

حَبّ الشباب

وهو مرض جلدي يتميز بوجود بُصيلات الشَّعر المليئة بالقيح وتراكم الدهون وخلايا الجلد الميتة، ما يؤدي إلى تشكّل البثور أو الرؤوس البيضاء أو الرؤوس السوداء. هناك معطيات علمية تشير إلى وجود رابط بين التهاب الأمعاء وحَبّ الشباب. 

شيخوخة الجلد

مع التقدم في مشوار العمر، تتراجع قدرة ميكروبيوم الأمعاء على تصنيع الأحماض الدهنية والعوامل المناعية المضادة للالتهاب، ما يُعرِّض الجلد إلى الإصابة بالتهاب مزمن بطيء يكون مقدمة لتسريع عملية شيخوخة الجلد المبكّرة. 

التقرّن الشَّعري Keraosis pilaris

تُعرف هذه الحالة باسم جِلد الدجاج، وهي تتجلى بظهور نتوءات بيضاء أو حمراء على عضلات المؤخرة أو الخدَّين أو الذراعين. هناك سببان محتَملان لهذه الحالة الجلدية، هما نقص الفيتامين أ، وسوء امتصاص العناصر الغذائية. يلعب الفيتامين أ دورًا محوريًّا في إنتاج الكيراتين، الذي يُعتَبر مادة بروتينية مهمة جدًّا لصحة ونضارة البشرة. أما سوء امتصاص العناصر الغذائية فهذا يعني أن الجلد لا يحصل على كفايته من الأحماض الدهنية الضرورية لمنع التهاب الجلد. 

الصَّدَفية

وهو اضطراب جلدي طويل الأمد يتميز بظهور بُقَع متقشرة حمراء حاكَّة على فروة الرأس أو المرفقَين أو الركبتَين. هناك مَن يَربط حدوث الصَّدَفية مع حدوث الأمعاء المتسرِّبة التي تمكِّن السموم والميكروبات من المرور عبر جدار الأمعاء إلى الدم، محدِثة توترات التهابية في مختلف أنحاء الجسم، ومن بينها الجلد.

التهاب الجلد التحسّسي (الأكزيما)

يتجلَّى هذا الالتهاب في صورة بُقَع جلدية حاكَّة وملتهبة، وهناك علاقة قوية ما بين الحساسية الغذائية والتهاب الجلد التحسّسي، فعندما تلتهب بطانة الأمعاء يحصل رد فعل تحسسي تَظهر بوادره على البشرة. 

العدّ الوَردي

يُسبب هذا المرض احمرارًا ونتوءات صغيرة محمرَّة مليئة بالصديد على الوجه. تشير الدراسات إلى أن أمراض الأمعاء الالتهابية، مثل القولون التقرحي وداء كرون والداء الزُّلاقي والإمساك، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوردية.

كيف تعزِّز من صحة أمعائك وبشرتك؟ 

نظرًا لوجود رابط وثيق بين صحة الأمعاء وصحة البشرة، فإن تناول الأطعمة الصحية والمغذِّية والغنية بالألياف يمكن أن يحسِّن من صحة الجلد بشكل غير مباشر، عن طريق تحسين تغذية ميكروبيوم الأمعاء ليغدو أكثر صحة وعافية، وفيما يلي نشير إلى أهم تلك الأطعمة: 

البروبايوتيك

هناك أدلة علمية تفيد بأن الأطفال الذين رضَعوا من حليب الثدي، والذين تناولت أمهاتهم منتَجات البروبايوتيك خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة من الحَمل والأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة، كانوا أقل عرضة للإصابة بالتهاب الجلد التحسّسي. 

عصيدة دقيق الذرة

هو طبق من الذرة الصفراء المطحونة بشكل خشن، ويشتهِر هذا الطبق بغِناه بالكربوهيدرات المعقَّدة والألياف غير القابلة للذوبان التي تعزّز من حركة وصحة القناة الهضمية. 

الأطعمة النباتية المخمَّرة

تعمل هذه الأطعمة على تزويد الأمعاء بمزيد من البكتيريا الجيدة التي تقف بالمرصاد للبكتيريا السيئة، كما أنها تعزّز من وظيفة الأمعاء والجهاز المناعي، وتقلل من الإمساك، ومن خطر الإصابة بسرطان القولون. تشمل الأطعمة المخمَّرة: الزبادي، ومخلَّل المَلفوف، والميسو، والكفير، والتيمبيه (وهو مصنوع من فول الصويا المخمّر).

الخضراوات الصَّليبية

مثل القرنبيط (الزهرة) والجرجير والفجل واللفت، وتحتوي هذه الخضراوات على كمية عالية من الألياف والعناصر الغذائية التي تدعم صحة الأمعاء، كما تحتوي على مركَّبات نباتية قوية تحارب السرطان، وفي هذا الإطار كشفت البحوث أن استهلاك الخضراوات الصَّليبية بانتظام يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18%. 

التوت الأزرق

وهو مليء بمضادات الأكسدة وغني بالألياف التي تزود الأمعاء بالبروبايوتيك.

الفول والفاصوليا السوداء

وهما غنيان بالألياف والبروتينات وحمض الفوليك وفيتامينات المجموعة ب التي تساهم في تقوية بطانة الأمعاء، وتزيد من أعداد البكتيريا الجيدة. 

البصل والكرّاث والخَرشوف والهَليون

وهي تحتوي على ألياف قابلة للذوبان في الماء، فعندما تصل هذه إلى القولون فإنها تتخمَّر، وتزيد من البكتيريا المفيدة، وتعزز من صحة الأمعاء.

زيت الزيتون البِكر

وهو غني بمركّبات البوليفينول الصديقة للجراثيم الجيدة في الأمعاء.

نصائح أخرى لتعزيز صحة الأمعاء والبشرة 

  • اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، يضم أطعمة طبيعية وأخرى مخمرة تدعم صحة القناة الهضمية. 
  • شرب ما يكفي من الماء للحفاظ على رطوبة البشرة، ودعم وظيفة الأمعاء.
  • التعامل مع الإجهاد الذي يؤثّر سلبًا على ميكروبيوم الأمعاء. 
  • الحدّ من مسببات الالتهاب التي تسيء إلى صحة الأمعاء والجلد.
  • تنمية عادات إيجابية تعزز من صحة الأمعاء ومن صحة البشرة. 

مسك الختام حول الأمعاء والبشرة

إذا كنت تعاني من مشكلة في بشرتك وجرَّبت علاجات عديدة لها من دون جدوى، فليس مستبعدًا أن يكون أصل المشكلة في الأمعاء التي تحتوي على ميكروبيوم يضم جراثيم نافعة وضارة تتعايش مع بعضها في سلام ووئام، وفي ظل نوع من التوازن الذي يؤمن استقرارها. من هنا، فإن أي خلل يطرأ على هذا التوازن يمكنه أن يؤدي إلى إضعاف البشرة، وبالتالي إلى ظهور مشكلات جلدية معيَّنة قد تعكس صحة الأمعاء بشكل أو بآخر، لهذا يُنصح باستشارة مختص بالتغذية أو مختص بالأمراض الهضمية، من أجل تحديد السبب وعلاجه بالطرق المتاحة، لتنعم ببشرة صحية تشع رونقًا وجمالًا.

 

المصادر
How can gut health affect your skin - Now Patient

nowpatient.com › healthy-living-and-wellness

How does gut health affect the skin? - New Life Nutrition

www.newlifenutrition.com.au

How Does Your Gut Health Affect Your Skin?

cdhf.ca 

آخر تعديل بتاريخ
28 أغسطس 2023

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.