صحــــتك

فلاتر الصورة في منصات التواصل خطرٌ يُحدِق بالأبناء

الصورة
shaymaa.jpg
وسائل التواصل الاجتماعي ترتبط باضطرابات الأكل في المراهقين

قد يكون استخدام فلاتر الصورة وتصفية الوجه في منصّات التواصل الاجتماعي أمرًا لطيفًا ومُمتِعًا، لكنّ تأثيره السلبي أعمق على الصحة العقلية للشباب.

عندما تقوم بتمرير قصصِ وموجزِ منصة Instagram أو snapchat ستكون مُلْزَمًا بمشاهدة صور الأطفال من جميع الأعمار، وحتى صور والديهم، والتي يَعْمَدُ أصحابُها إلى استخدام فلاتر لتصفية الوجه أحيانًا، أو وضع قلب أو ما شابه على العيون، أو تحويل الوجوه إلى صور ورسوم متحركة مستوحاة من ديزني وغيرها من رسومات الأطفال الشهيرة.

لا يتم إنشاء جميع الفلاتر بنفس الطريقة، فبعضها يعمل على تنعيم البشرة، وتحسين الملامح أو تصغيرها، وحتى تغيير ألوان البشرة، مما يؤدّي إلى تغيير مقاييس الجمال في نظر الطفل، والتأثير على قيمة الطفل الذاتية وصحته العقلية، كما تخلق لديه توقّعات غير واقعية.

استطلاع لفئة الشباب الذين يستخدمون الفلاتر:

أظهر استطلاع أُجري عام 2021 على أكثر من 200 مراهق أمريكي تتراوح أعمارهم بين 13 و21 عاماً، أن 87% منهم يستخدمون فلاتر وسائل التواصل الاجتماعي لتغيير ملامح الوجه، وأنّ شخصًا من كل 5 أشخاص يستخدمون فلاتر التجميل في كل منشوراتهم.

كانت الأسباب الأكثر شيوعاً لاستخدام فلاتر التجميل هي الظهور بمظهر أكثر جمالاً، وإخفاء عيوب لا يرغبون في إظهارها، كما أفاد 61% من هؤلاء المراهقين أن فلاتر التجميل تجعلهم يشعرون بالسوء حيال مظهرهم الواقعي.

تأثير فلاتر مواقع التواصل الاجتماعي على التفكير والشخصية:

وجدت دراسة أُجرِيت عام 2017 أن هذه الصور التي تم فلترتها عبر الإنترنت يمكن أن تؤثِّر سلبًا على تقدير الشخص لذاته، وتعزِّز السلوكيات غير الصحية، مثل اضطراب الأكل، أو الإفراط في ممارسة الرياضة، كما تؤثِّر على كيفية رؤية الطفل لشخصيته، فعندما تُغيِّر الفلاترُ من شكل وملامح الوجه مثل العينَين والأنف والشفتَين، أو تُنعّم وتفتّح لون البشرة، فإنّ الرسالة التي يتم إيصالها للطفل أن ملامحك وشكلك ليس جميلاً بما يكفي، ويحتاج إلى المزيد من التغيير والتعديل، فيصبح لدى الطفل حاجة ملحّة ليصبح نسخة طبق الأصل من الصورة المفلتَرة، ويعدّ هذا شكلًا من أشكال اضطراب تشوّه الجسم، أو الهَوَس في العيوب الملحوظة في المظهر.

نتيجة لاستخدام فلاتر الوجه وتطبيقات تغيير الملامح ولون البشرة وتفاصيل الجسم بشكل مُفْرِط، كانت هناك زيادة في العمليات الجراحية التجميلية لتلبية طلبات المرضى، وجعل ملامحهم نسخة طبق الأصل من الصور المفلتَرة.

كما وجدت دراسة أُجرِيت عام 2020 أن 72% من جراحي تجميل الوجه أفادوا بأنّ مرضاهم أرادوا الظهور بشكل أفضل في صورهم الشخصية، وهم من فئة المرضى الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً.

فيما يخصّ مخاطر فلاتر وسائل التواصل الاجتماعي على الأبناء وعلى فئة الشباب والمراهقين على وجه الخصوص، قال الدكتور رفيق التلولي، أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى في فلسطين: إنّ خطورة استخدام فلاتر تغيير الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تكمن في أنها تَنْبُع من تدنّي احترام الذات والثقة بالنفس لدى الشخص أمام نفسه وأمام الآخرين، كما يعكس استخدامها صورة غير واقعية للشخصية.

على الرغم من أن الشخص يسعى دوماً للبحث عن الجانب المثالي للشخصية وشكلها، لكن الخطورة تكمن في الجانب الشكلي للشخصية فقط، وإهمال الجانب الجوهري المتعلّق بالقدرات الأخرى لدى الشخص، وكأنّ الشخص يحاول الانزواء لعدم إظهار صورته الحقيقة التي يَنْظُر لها بأنها صورة مشوَّهة وغير مقبولة.

كما أردف د. التلولي قائلاً: إنّ الشخص في هذه الحالة يمتلك شخصيتَين: الشخصية الحقيقة، والشخصية الوهمية أو الافتراضية، وهنا يبدأ القلق لدى الشخص، فبعد أن بدأت تُعجِبُه ذاتُه المفلتَرة أصبح الآن غير راضٍ عن ذاته الأصلية، وعند المقارنة بين الاثنتَين يتولّد لديه مشاعر من القلق تجاه ذاته، ويكمن هذا القلق في إسقاط الصورة الحقيقية على الصورة الوهمية المفلتَرة، ويصبح الشخص غير قادر على التمييز بين أيّ الصورتَين هي المشوّهة، ويَظهَر هنا ما يُسمّى بالتشوّه الجسدي، أو يتعمّق لديه اضطراب عدم إعجاب الشخص بنفسه، وعدم الرضا عنها.


تناقَشْ مع طفلك فيما يتناسب مع عمره

التواصل والنقاش مع الطفل هو المفتاح الأساسي لشرح الصورة الحقيقية للطفل، مع الأخذ بعين الاعتبار عمر الطفل. يحتاج الآباء إلى إجراء مناقشات مستمرة لفصل الواقع عن التصوّرات التي يتخيلها الطفل عبر الانترنت.

أما بالنسبة للأطفال الأصغر سناً، فعلى الآباء طرح أسئلة حول أفكارهم المحيطة بوسائل التواصل الاجتماعي، والتي تعدّ وسيلة جيدة لتقييم ما يفهمه الطفل وتأثيره عليه.

أما بالنسبة للمراهقين وفئة الشباب، فمن الجيد أيضاً طرح أسئلة مفتوحة، ويمكن أن يتّخذوا من هذه الأسئلة بابًا لفتح النقاش، وإعطاء الملاحظات على إجاباتهم، فعلى سبيل المثال يمكن للوالد أن يطرح السؤال التالي: يبدو أن زميلتك في الفصل تستخدم فلاتر مواقع التواصل الاجتماعي في جميع صورها المنشورة، هل تجد أن هذا مثالي ونموذجي؟ وما رأيك بالتغييرات التي ظَهرَت في صورها؟ ومن هنا تفتح باباً للنقاش لمعرفة تصوّره وقناعاته تجاه استخدام الفلاتر.

تشجيع الأبناء على الحدّ من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي:

تُظهِر الأبحاث وجود صلة بين الاستخدام المكثّف لوسائل التواصل الاجتماعي وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق والوحدة، وإيذاء النفس والأفكار الانتحارية، لذا يجب على الآباء أن يمارسوا دوراً نشِطاً في مراقبة استخدام أطفالهم لوسائل التواصل الاجتماعي.

تشير الأبحاث إلى أنَّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي غيرُ مقيَّدٍ من قبل الآباء إلى حد كبير، لذا، يجب على الآباء مناقشة عيوب وسائل التواصل الاجتماعي مع الأبناء، والحديث عن أمان الإنترنت، وفرض بعض القيود على استخدامها، ويتضمّن الحديث إلى الأبناء: عددَ المرات، والمدةَ التي يجب أن يقضونها على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، مثل instagram، Snapchat، وTikTok.

تعزيز قيمة طفلك:

أظهر الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 3 سنوات علامات عدم الرضا عن أجسامهم، والرغبة في تغيير صورة أجسامهم وفقاً للأبحاث الأخيرة، كما يمكن أن تتأثّر شدة هذه المشاعر بشكل كبير بالتوقّعات المجتمعية واللغة والنمذجة من البالغين في حياة الطفل، وليس فقط مواقع التواصل الاجتماعي.

مع العلم أن فلاتر التجميل يمكن أن تُشعِر الطفل بأنه أقل من أقرانه، فمن المهم تذكير الطفل بأهميته وقيمته، دون اللجوء إلى استخدام فلاتر التجميل، كما يجب على الآباء ألا يشجعوا الأطفال على استخدام فلاتر التجميل، وأن يحرصوا على تعزيز قيمتهم بأنفسهم، وأن يُحبِّوا أنفسهم وأشكالهم كما هي.

فيما يخص النصائح لتجنّب الآثار النفسية والعقلية السلبية لفلاتر مواقع التواصل الاجتماعي، أضاف الدكتور رفيق التلولي بأنه لا بدّ من تعزيز الواقعية لدى الأشخاص، وخاصة فئة الشباب والمراهقين، وأنه يجب على الشخص تغذية عقله والاعتراف بالواقعية، والابتعاد عن الوهم والخيال، وتوعيتهم بأن ما يشاهدونه على مواقع التواصل الاجتماعي ليس كله حقيقيًا، وأن العالم الواقعي يختلف عن العالم الافتراضي، وأن الإفراط في استخدام الفلاتر يدفع الشخص لعدم قناعته بنفسه.

يجب عليك أن تدرك أنه لا توجد شخصية بلا عيوب، وأن العيب الحقيقي يكمن في العقل أولاً، وليس الشكل، وعلى الشخص أن يتقبّل ذاته، وأن يعزِّز الجوانب الجميلة في شخصيته، دون تشويه الحقائق.

قدِّرْ نفسَك واحترِمْها، وتقبَّلْها، وعزِّز ثقتَك بنفسك، ولا تقارِنْها مع الآخرين، ومارِسْ هواياتك، وتعرَّف على قدراتك، وحقِّق شخصيتك من خلال الإنتاج والإبداع في الجوانب التي تستطيع أن تكون فيها مبدعًا.

 

المصدر

https://www.parents.com/kids/health/childrens-mental-health/how-social-media-filters-are-affecting-youth/

ولقاء مع دكتور في علم النفس

آخر تعديل بتاريخ
02 يوليو 2023

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.