الأورام الصنوبرية Pineal tumors هي شكل من أشكال الورَم الذي يتطوّر في الغدة الصنوبرية، أو حول المنطقة الصنوبرية من الدماغ، تُصَنَّف على أنها أورام الجهاز العصبي المركزي (CNS). في الحالات المتقدّمة، يمكن أن تنتشر أيضًا إلى النخاع الشوكي.
تُصَنَّف جميع أورام الجهاز العصبي المركزي من قبل منظمة الصحة العالمية (WHO) بموجب نظام تصنيف من أربع نقاط، عادة ما تكون أورام الدرجة الأولى حميدة أو بطيئة النمو، أو قابلة للإزالة بسهولة، في المقابل، تُمثِّل الدرجة الرابعة الأنواع الأسرع نموًا والأكثر خبثاً وعدوانية.
أورام المنطقة الصنوبرية نادرة نسبيًا، وتُمثّل حوالي 1٪ من أورام الدماغ لدى البالغين، وتحدث عادةً بين سن 20 و40 عامًا، لكنها أكثر شيوعًا عند الأطفال، وتُمثِّل حوالي 3 إلى 11٪ من أورام الدماغ لدى الأطفال.
تعتمد الأعراض والتشخيص والعلاج للأورام الصنوبرية على نوع الورم ومنطقته ودرجته، سنتعرَّف على المزيد من المعلومات في هذا المقال.
ما هي الغدة الصنوبرية؟
الغدة الصنوبرية هي غدة صغيرة مخروطية الشكل، تقع في عمق مركز الدماغ. ما زلنا لا نفهم تمامًا وظيفة الغدة الصنوبرية، لكننا نعلم أنها تساعد في تنظيم النوم. تُنتِج الغدة هرمونًا يُسمَّى الميلاتونين، والذي يدير إيقاع الساعة البيولوجية لدينا، إنها الساعة الرئيسية التي تتحكَّم في أنماط نومنا. كما تفرز مادة السيروتونين.
يُصَنَّع كلٌّ من الميلاتونين والسيروتونين في الغدة الصنوبرية، ويتم اشتقاقهما كيميائيًا من الحمض الأميني: التربتامين. الميلاتونين هرمون طبيعي يُنَظِّم النوم والمزاج والهضم والغثيان، والتئام الجروح، وتجلُّط الدم، والرغبة الجنسية. ويتعلق عمل السيروتونين ببعض الحالات النفسية والشعور بالسعادة.
ما الذي يُسبِّب الأورام الصنوبرية؟
ما زلنا لا نعرف ما الذي يُسبِّب الأورام الصنوبرية، لكن أولئك الذين يعانون من اضطراب وراثي يُسمَّى الورم الأرومي الشبكي الثنائي، وهو شكل نادر من السرطان يصيب العين، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأورام المنطقة الصنوبرية.
الأورام الصنوبرية ليست دائمًا سرطانية خبيثة، لكنها تُسبِّب مشكلات أثناء نُمُوّها، لأنها تضغط على أجزاء أخرى من الدماغ، ويمكن أن تمنع التدفّق الطبيعي للسائل النخاعي، وهو السائل الذي يحيط بالدماغ. يرفع انسداد تدفق السائل النخاعي من الضغط داخل الجمجمة (ICP)، ويسبب أعراضاً قد تكون خطيرة، مثل الصداع المستمر والغثيان والإقياء وتغيم الوعي.
ما أعراض الأورام الصنوبرية؟
غالبًا ما ترتبط أعراض الورم الصنوبري بالشعور بالضغط داخل الجمجمة. أحد أكثر الأعراض شيوعًا هو حالة تُسمّى استسقاء الرأس، وهو تراكم للسائل الدماغي النخاعي (CSF) في الدماغ، مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة، ويمكن أن يؤدي ورم الغدة الصنوبرية إلى عدة أعراض أخرى، مثل:
- علامات البلوغ المبكرة.
- حدوث ازدواج الرؤية أو تغييرات في الرؤية.
- الصداع (شائع).
- مشكلات في الذاكرة.
- ضعف التوازن والتنسيق المعروف باسم الرَّنَح.
- النوبات.
- مشكلات في النوم.
- حركات غير عادية في العين.
- غثيان وإقياء.
- التعب.
يمكن أن تؤثِّر الأورام الصنوبرية أيضًا على نظام عمل الغدد الصماء الذي يساعد الجسم على تنظيم مستويات الهرمونات وإنتاجها.
كيف يمكن للأطباء تشخيص أورام المنطقة الصنوبرية؟
سيسألك طبيبك أولًا عن تاريخ عائلتك، وأي أعراض تعاني منها. قد يقوم أيضًا بفحص عصبي لاختبار ردود الفعل، وحركة العين، والوظيفة الحركية، والأحاسيس والتنسيق والتوازن.
إذا اعتقد طبيبك أنك قد تكون مصابًا بورم الصنوبرية، فقد يطلب المزيد من الاختبارات، والتي يمكن أن تشمل:
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، هي واحدة من أكثر الطرق شيوعًا، والطريقة المفضلة للبحث عن أورام في المنطقة الصنوبرية. يُستخدم المغناطيس وموجات الراديو لإنشاء صور دقيقة مفصلة للحبل الشوكي والدماغ.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT)، هو شكل آخر من أشكال التصوير، تُستخدَم فيه الأشعة السينية وجهاز حاسوب لإنشاء صور للدماغ، حتى يتمكّن الأطباء من رؤية الورم والهياكل المحيطة به.
- أخذ خزعة، يمكن لطبيبك إزالة عدد صغير من الخلايا السرطانية لفحصها. يمكن أن تُحدِّد الخزعات نوعَ ودرجة الأورام الصنوبرية.
- تحاليل الدم، يمكن لطبيبك أيضًا أخذ عينات من الدم لاختبار العلامات البيوكيميائية للأورام الصنوبرية. قد يأخذ أيضًا عيّنة من السائل الدماغي الشوكي لفحصه واختباره.
ما أنواع الأورام الصنوبرية المختلفة؟
الأورام الصنوبرية لها عدة تصنيفات مختلفة حسب شدتها ومكان نشأتها. يمكن أن تبدأ الأورام المختلفة في المنطقة الصنوبرية من الدماغ، ولكنها لا تشمل بالضرورة الغدة الصنوبرية. نظرًا لتنوّع الخلايا في هذه المنطقة، يمكن أن تنشأ أنواع مختلفة من الأورام:
- أورام الخلايا الجنينية، تُمثِّل أورام الخلايا الجنينية، أو الأورام الجنينية، أكثر من نصف أورام المنطقة الصنوبرية. تتضمّن بعض هذه الأورام أورام الخلايا الجنينية وسرطان المشيمة، والتي تميل إلى أن تكون خبيثة وأكثر عدوانية.
- الأورام الدَّبقية، الأورام الدَّبقية مثل الأورام النجمية، هي أورام تنشأ من الخلايا الدَّبَقية، تُشكِّل حوالي ثلث أورام المنطقة الصنوبرية.
- الورم الحليمي في المنطقة الصنوبرية (PTPR)، تتطوّر الأورام الحليمية من الخلايا التي تُبطّن تجاويف الدماغ والقناة المركزية للحبل الشوكي. صُنِّفت وفق منظمة الصحة العالمية من الدرجة 2 أو 3، وتُصيب البالغين أكثر من الأطفال.
- أورام أُخرى، يمكن أن تتطوّر أنواع أخرى من الأورام، مثل الأورام السّحائية والأورام العقدية والأورام الوعائية، على الرغم من أنها تُشكِّل جزءًا صغيرًا من هذه الأورام.
تندرج الأورام التي تنشأ داخل الغدة الصنوبرية نفسها تحت ثلاث فئات:
- ورم الغدة الصنوبرية، تنشأ هذه الأورام من الخلايا الصنوبرية، الخلايا الرئيسية في الغدة الصنوبرية، وهي خلايا بطيئة النمو، وتُصنَّف وفق منظمة الصحة العالمية من الدرجة الأولى. غالبًا ما تكون الأورام الصنوبرية حميدة، أو يسهل إزالتها بالجراحة نسبيًا. يمكن أن تتطوّر في أي عمر، ولكنها أكثر شيوعًا عند البالغين بين 20 و40 عامًا.
- الأورام الصنوبرية المختلطة، وهي تنشأ من مزيج من الخلايا المختلفة داخل الغدة الصنوبرية. يمكن تصنيفها وفق منظمة الصحة العالمية من الدرجة 2 أو 3، وعادة ما تعود للظهور بعد العلاج الأوَّليّ.
- الأورام الصنوبرية الأرومية، يُصنّف الورم الصنوبري الأرومي على أنه من الدرجة الرابعة وفق منظمة الصحة العالمية، وهو ورم خبيث سريع النمو، من المحتمل أن يغزو وينتشر إلى الأنسجة القريبة في الدماغ والعمود الفقري. الأورام الصنوبرية الأرومية عدوانية، وأكثر صعوبة في العلاج. تحدث بشكل متكرِّر أكثر قليلًا عند النساء، وغالبًا ما يتم تشخيصها عند الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 20 عامًا.
ما خيارات علاج الأورام الصنوبرية؟
هناك ثلاثة خيارات رئيسية لعلاج الورم الصنوبري: الجراحة، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي.
- الجراحة، غالبًا ما تكون الجراحة هي الخط الأول في علاج الأورام الصنوبرية. سيقوم الأطباء بإجراء فتح الجمجمة، وهو إجراء يزيلون فيه جزءًا صغيرًا من الجمجمة للوصول إلى الورم. يمكن للجراحة في كثير من الأحيان استئصال الورم الحميد بنجاح، ولكنْ بالنسبة للأورام الصنوبرية الخبيثة والأكثر تقدمًا، فمن الخطورة جدًا محاولة إزالة كل شيء دون الإضرار بالأنسجة المحيطة. ومع ذلك، ستؤدي الإزالة الجزئية للورم أثناء الجراحة إلى تحسين فعالية العلاجات الأخرى.
- العلاج الإشعاعي، يمكن أن يحدث العلاج الإشعاعي بعد الجراحة، أو يكون العلاج الأساسي للأورام الصنوبرية. هذا النوع من العلاج فعّال بشكل خاص مع أورام الخلايا الجنينية.
- العلاج الكيميائي، قد يوصِي الأطباء أيضًا بالعلاج الكيميائي، الذي يهاجم الورم بأدوية كيميائية قوية. يمكن طلب العلاج الكيميائي بعد العلاج الإشعاعي أو بدلاً منه. إنه العلاج المفضل للأطفال دون سن 3 سنوات.
ما هو إنذار الأورام الصنوبرية؟
يعتمد إنذار أورام المنطقة الصنوبرية على نوع الورم وشدته. يمكن علاج الورم من الدرجة الأولى، لكن أورام الدرجة الرابعة تُمثِّل تحديًا أكبر بكثير في العلاج.
معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات بالنسبة لأورام المنطقة الصنوبرية هو 69.5٪.
تتميز الأورام الصنوبرية من الدرجة الأولى بمعدل بقاء لمدة خمس سنوات يصل إلى 86٪، ولكن المعدل ينخفض إلى 8.3٪ في الأطفال دون سن 4 سنوات المصابين بالورم الصنوبري الأرومي من الدرجة 4، لكن يرتفع هذا المعدّل إلى 66.7٪ لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 4 سنوات أو أكبر.
الخلاصة:
الورم الصنوبري هو ورم ينمو في الغدة الصنوبرية الموجودة في وسط الدماغ. تُصنِّع الغدة الصنوبرية هرمون الميلاتونين الذي يتحكم في دورات النوم والاستيقاظ. هذه الأورام نادرة، وأكثر شيوعًا تحت سن 40. يمكن علاجها إما عن طريق الجراحة، أو عن طريق الأشعة، أو عن طريق العلاج الكيميائي.
تذكَّر دائمًا أن تستشير طبيبك حول التشخيص وخيارات العلاج.
المصادر
