كما قدّرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في عام 2014، أن ما يقرب من طفل واحد من بين 59 طفلاً مصاباً بالتوحد، وهناك مؤشرات على أن حالات التوحد آخذة في الارتفاع، ويعزو البعض هذه الزيادة إلى العوامل البيئية. ومع ذلك، يناقش الخبراء ما إذا كانت هناك زيادة فعلية في الحالات، أو مجرد زيادة في تشخيص هذا المرض بسبب زيادة الانتباه إليه.
علامات اضطراب طيف التوحد
تَظهر أعراض اضطراب طيف التوحد على بعض الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، ويعتمد الأطباء على البحث عن سلوكيات محددة لكشف وجود أعراض التوحد لدى المصاب، وهناك العديد من العلامات للتوحد، لكن لا يوجد طفلان يشتركان في نفس الأعراض. وتشمل ما يلي:
-
أعراض تتعلق بالتواصل الاجتماعي
أكثر ما يعاني منه طفل اضطراب طيف التوحد هو القدرة على التواصل مع الآخرين ومع عائلته وأصدقائه، وأهم الأعراض التي تتعلق بالتواصل الاجتماعي ما يلي:
- لا يستجيب الطفل عند مناداته باسمه.
- يرفض العناق والاحتضان ويفضل الوحدة.
- لا ينظر في عينيك أو لا يتواصل بصرياً.
- لا يتكلم أو يتأخر في الكلام، أو قد يفقد قدرته السابقة على التلفظ بالكلمات والجمل.
- غير قادر على بدء محادثة أو الاستمرار فيها، وقد يفصح عن طلباته أو يسمّي الأشياء.
- يتكلم بنبرة أو إيقاع غير معتاد، فقد يستخدم صوتًا رتيبًا، أو يتكلم مثل الإنسان الآلي.
- قد يكرر الكلمات أو العبارات حرفيًا، دون أن يعي كيفية استخدامها.
- يبدو كأنه لا يفهم الأسئلة أو التوجيهات البسيطة.
- لا يعبر عن عواطفه أو مشاعره، ويبدو كأنه غير مدرك لمشاعر الآخرين.
- لا يدلّ على الأشياء، ولا يجلبها لمشاركة اهتماماته.
- قد يكون بليداً أو عدائيًا أو مخرّبًا.
-
أعراض تتعلق بالسلوك والتصرف
يقوم طفل اضطراب طيف التوحد بتصرفات غير مبررة وغير منطقية، وقد تثير استغراب الأشخاص المحيطين به، وتشمل هذه التصرفات ما يلي:
- يقوم الطفل بحركات متكررة، مثل التأرجح أو الدوران أو رفرفة اليدين، أو قد يقوم بأنشطة تُسبب له الأذى، مثل ضرب الرأس بشكل متكرر.
- يعتمد أفعالاً روتينية أو طقوسًا معينة، وينزعج عندما يطرأ عليها أدنى تغيير.
- يتحرك باستمرار.
- يعاني من مشكلات في التناسق الحركي، فيتحرك بتهور مثلاً، أو يسير على أصابع قدميه، ولديه لغة جسد غريبة أو متيبسة أو مبالغ فيها.
- قد ينبهر بتفاصيل جسم ما، مثل حركة عجلات السيارة، دون أن يدرك الصورة الإجمالية لهذا الأمر.
- قد يكون حساسًا بشكل مفرط تجاه الضوء والصوت واللمس، ورغم ذلك نجده غير مدرك للألم.
- لا ينخرط في ألعاب التقليد أو التمثيل.
- قد يكون غير متعاون أو يقاوم التغيير.
- قد يظل محملقًا بجسم أو نشاط ما بحماسة، أو بتركيز متواصل.
- قد تكون لديه تفضيلات غريبة من الأطعمة، مثل تناول القليل من الأطعمة فحسب، أو تناول أطعمة ذات قوام معين فقط.
-
أعراض تتعلق بمستويات الذكاء والقدرة على التأقلم
يعاني أطفال التوحد من بطء في اكتساب المعرفة أو المهارات، وبعضهم لديه علامات على ذكاء دون الطبيعي، ولكن هناك من يتراوح معدل الذكاء لديهم بين متوسط ومرتفع، فيكون بإمكانهم التعلم بسرعة، إلا أنهم يجدون صعوبة في التواصل الاجتماعي، وفي تطبيق ما تعلموه في الحياة اليومية والتكيف مع المواقف الاجتماعية، وهناك عدد قليل من الأطفال المصابين بذلك الاضطراب يعدون موهوبين، وتكون لديهم مهارات استثنائية في الفنون مثلاً أو الرياضيات أو الموسيقى.
هل يوجد سبب محدد وراء إصابة طفلي بالتوحد؟
السبب الدقيق وراء حدوث اضطراب طيف التوحد غير معروف، ويوضح أحدث بحث أنه لا يوجد للتوحد سبب واحد. وتتضمن بعض عوامل الخطر المشتبه بها لحدوث مرض التوحد ما يلي:
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بالتوحد.
- الطفرات الجينية الوراثية.
- متلازمة الهشاشة X والاضطرابات الوراثية الأخرى.
- عمر الأبوين الكبير وخاصة بعد الأربعين.
- انخفاض الوزن عند الولادة.
- الاختلالات الأيضية.
- التعرض للمعادن الثقيلة والسموم البيئية.
- تاريخ من الالتهابات الفيروسية.
- تعرض الجنين لأدوية حمض الفالبرويك (ديباكين) أو الثاليدومايد (ثالوميد).
ووفقًا للمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية (NINDS)، قد يحدد علم الوراثة والبيئة ما إذا كان الشخص مصابًا بالتوحد.
هل تسبب اللقاحات الإصابة بالتوحد؟
استنتجت مصادر متعددة، قديمة وحديثة، أن هذا الاضطراب لا ينتج عن اللقاحات، وقد اقترحت دراسة مثيرة للجدل عام 1998 وجود صلة بين التوحد ولقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR). ومع ذلك، تم فضح هذه الدراسة من خلال أبحاث أخرى، وتم التراجع عنها وسحبها في النهاية في عام 2010، كما أن تجنب لقاحات الأطفال، قد يضع الطفل تحت خطر التقاط أمراض مُعدية خطيرة ونشرها؛ والتي من بينها الشُهاق (السعال الديكي) أو الحصبة أو النكاف.
معايير تشخيص اضطرابات طيف التوحد لدى الأطفال
نظرًا للتنوع الكبير في حدة اضطراب طيف التوحد فقد تكون عملية التشخيص صعبة، وليس هناك اختبار طبي معين من شأنه تحديد الإصابة بهذا المرض. ستتم ملاحظة طفلك والسؤال عن كيفية تطور التفاعلات الاجتماعية لديه، ومهارات التواصل عنده وسلوكياته، وتغيرها بمرور الوقت، وسيجري إخضاع طفلك لاختبارات تغطي جوانب الكلام واللغة ومستوى النمو والمسائل الاجتماعية والسلوكية.
ولكي يشخِّص الطبيب إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد، يجب أن يستوفي الطفل معايير الأعراض المذكورة في الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) الذي نشرته الجمعية الأميركية للطب النفسي.
معايير تتعلق بضعف المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل
- عدم القدرة على الانخراط في محادثة نقاشية عادية، وضعف القدرة على مشاركة التجارب أو العواطف مع الآخرين.
- مشكلات التواصل بالعين، أو مشكلات في استخدام لغة الجسد أو الإيماءات أو في فهمها أو الانعدام التام لتعبيرات الوجه.
- صعوبة في تعديل السلوك ليلائم المواقف الاجتماعية المختلفة، أو مشكلات في المشاركة في الألعاب التخيلية أو إنشاء الصداقات، أو عدم الاهتمام بالآخرين.
معايير تتعلق بالأنماط السلوكية المتكررة والمقيدة
- سلوكيات حركية أو استخدام الأغراض أو الكلام على نحو غريب أو متكرر؛ على سبيل المثال، تأرجح الجسم أو الدوران، أو ترتيب الألعاب أو قلب الأجسام، أو محاكاة الأصوات أو تكرار العبارات حرفيًا دون فهم كيفية استخدامها.
- الإصرار على التماثل والتكرار والروتين الصارم أو أنماط سلوكية شفهية أو غير شفهية طقوسية؛ على سبيل المثال، الحزن الشديد عندما يطرأ أدنى تغيير على نظام الحياة، أو توقع إتمام الأنشطة أو الاستجابات الشفهية بالطريقة ذاتها، أو الحاجة إلى اتخاذ الطريق نفسه يوميًا.
- الاهتمام بأغراض أو موضوعات خاصة والتحمس لها أو التمعن فيها أو التركيز عليها بشكل غير طبيعي؛ على سبيل المثال، التعلق الشديد بأغراض أو أجزاء من أجسام غير عادية، أو الاهتمام بمجالات ضيقة ومحدودة بشكل مفرط، أو اهتمامات تتصف بالتكرارية المفرطة.
- الحساسية الزائدة (أو انعدام الحساسية) تجاه المدخلات الحسية، أو الاهتمام غير العادي بالجوانب الحسية للبيئة؛ على سبيل المثال، اللامبالاة الواضحة تجاه الألم أو الحرارة، أو الاستجابة السلبية لأصوات أو ملمس معين، أو الشم أو اللمس الزائد للأغراض، أو الانبهار البصري بالأضواء أو الحركة.
علاج اضطراب طيف التوحد
لا يوجد علاجٌ شافٍ ومحدد بعد لاضطراب طيف التوحد، بل قد تساعد مجموعة من طرق العلاج والتدخلات المنزلية والمدرسية في علاج هذا الاضطراب. والهدف من العلاج هو زيادة قدرة الطفل على أداء الأعمال بأكبر قدر ممكن من خلال الحد من أعراض اضطراب طيف التوحد، ودعم النمو والتعلم لديه.
-
العلاج السلوكي
يكون الهدف منه هو الحد من السلوكيات المثيرة للمشاكل، وتعليم مهارات جديدة، وتعليم الأطفال كيفية التصرف في المواقف الاجتماعية أو كيفية التواصل مع الآخرين على نحو أفضل، وعلى الرغم من أن الأطفال لا يتخلصون دائمًا من أعراض اضطراب طيف التوحد، فإنهم قد يتعلمون كيفية أداء الأعمال بشكل جيد.
-
العلاجات التربوية
وتتضمن العلاجات التربوية عادةً فريقًا من الاختصاصيين، ومجموعة متنوعة من الأنشطة لتحسين المهارات الاجتماعية ومهارات الاتصال والسلوك، ويستفيد الأطفال بصورة ملحوظة من تلك البرامج وخاصة الأطفال قبل سن المدرسة.
-
العلاجات العائلية
يمكن أن يتعلم الآباء وأفراد الأسرة الآخرون كيفية اللعب والتفاعل مع أطفالهم المرضى بطرق تحفز المهارات الاجتماعية، وتعالج المشكلات السلوكية، وتعلمهم مهارات الحياة اليومية والتواصل.
-
الأدوية
ليس هناك أي دواء بإمكانه تحسين العلامات الأساسية لاضطراب طيف التوحد، ولكن هناك أدوية معينة تساعد في السيطرة على الأعراض، فعلى سبيل المثال؛ قد يصف الطبيب أحيانًا مضادات الاكتئاب لعلاج القلق، والأدوية المضادة للذهان في علاج المشكلات السلوكية الحادة، وهناك أدوية أخرى قد توصف لطفلك إذا كان يعاني من فرط النشاط.
ما هو دور الطب البديل في علاج اضطرابات طيف التوحد ؟
ما زالت نتائج البحوث حول استخدام طرق العلاج البديلة في علاج طيف التوحد غير واضحة تماماً ومضطربة النتائج، وقد يؤدي سوء استخدام بعض تلك الطرق البديلة إلى حدوث مساوئ وتعزيز السلوكيات السلبية لدى الطفل المصاب، ومن المهم استشارة الطبيب بشأن الدليل العلمي لأي طريقة علاج تفكر في استخدامها مع طفلك، وتشمل الأمثلة على العلاجات المكملة والبديلة ما يلي:
- جرعة عالية من الفيتامينات.
- العلاج بالاستخلاب الدوائي، والذي يتضمن طرد المعادن الثقيلة من الجسم.
- العلاج بالأكسجين العالي الضغط.
- الميلاتونين لمعالجة مشاكل النوم.
- العلاج بالموسيقى والفنون.
- العلاج بالإبر الصينية.
هل يؤثر النظام الغذائي على علاج مرضى التوحد؟
لا يوجد نظام غذائي محدد للأشخاص المصابين بالتوحد، ومع ذلك، توجد بعض البحوث التي تدعم التغييرات الغذائية كطريقة للمساعدة في تقليل المشكلات السلوكية وزيادة جودة الحياة بشكل عام، وأساس النظام الغذائي للتوحد هو تجنب الإضافات الصناعية، مثل المواد الحافظة والألوان والمحليات. وقد يركز النظام الغذائي للتوحد بدلاً من ذلك على الأطعمة الكاملة، مثل:
- الفواكه والخضراوات الطازجة.
- الدواجن الخالية من الدهون.
- السمك.
- الدهون غير المشبَعة.
- الكثير من الماء.
يؤيد بعض دعاة النظام الغذائي لعلاج التوحد أيضًا اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين. يوجد بروتين الغلوتين في القمح والشعير والحبوب الأخرى، ويعتقد أن الغلوتين يسبب التهابًا وردود فعل جسدية معاكسة لدى بعض الأشخاص المصابين بالتوحد. ومع ذلك، فإن البحث العلمي غير حاسم بشأن العلاقة بين التوحد والغلوتين ومع بروتين آخر يعرف باسم الكازين يوجد في البيض.
الأسئلة الشائعة
هل طيف التوحد مرض عقلي؟
اضطراب طيف التوحد هو اضطراب عصبي تطوري يؤثر على كيفية تفاعل الأشخاص مع الآخرين والتواصل الاجتماعي والتعلم والتصرف. وعلى الرغم من أنه يمكن تشخيص مرض التوحد في أي عمر، فإنه يوصف بأنه اضطراب في النمو، لأن الأعراض تظهر بشكل عام في أول عامين من الحياة.
هل التوحد وراثي أم مكتسب؟
ترتبط معظم حالات التوحد بالطفرات الجينية الموروثة التي تنتشر في العائلات، ويتطور أثناء نمو الجنين، ولا يوجد دليل يشير إلى إمكانية الإصابة بالتوحد في وقت لاحق من الحياة.
متى تبدأ أعراض التوحد بالظهور؟
يُظهر العديد من الأطفال أعراض التوحد في عمر 12 إلى 18 شهراً أو قبل ذلك، وتشمل بعض العلامات المبكرة للتوحد مشاكل في التواصل البصري حينما لا يلتفت الطفل المصاب عند مناداته باسمه.
نصيحة من موقع صحتك
اضطراب طيف التوحد هو اضطراب نمو دماغي معقد يؤثر على التواصل والسلوك والتعلم والتفاعلات الاجتماعية. يَظهر طيف التوحد عادة قبل سن 3 سنوات، ولكن يمكن أن يتم تشخيصه في أي عمر، ويختلف هذا الاضطراب في حدته بين المصابين، وعلى الرغم من عدم وجود علاج نوعي له؛ فإن التدخل المبكر والعلاجات التنموية والسلوكية والكلامية يمكن أن تساعد على ضبط الأعراض الصعبة وعيش حياة كاملة. ننصحك باستشارة الطبيب إذا كنت قلقاً بشأن نمو طفلك أو أعراضه لمعرفة الخطوات التالية للفحص والتشخيص والدعم.