أسباب الهربس الفموي
يعتبر النمط الأول من فيروس الحلأ البسيط (الهربس) السبب الرئيس في ظهور حالة عُقبول الفم واللثة، وهو يختلف في آلية الإصابة وموضعها، عن نظيره النمط الثاني، والذي يصيب بشكل أساسي المنطقة التناسلية عند كلا الجنسين من البالغين، وبشكل راجح عند النساء، ويعتبر من الأمراض المنتقلة بالجنس، وتحدث عدوى الهربس الفموي لدى الأشخاص من جميع الأعمار، ولكن من الشائع حدوثها أثناء الطفولة، وذلك لأن الهربس ينتشر إلى الأطفال من خلال الاتصال بالبالغين مثل تقبيل شخص بالغ مصاب أو حامل لفيروس الهربس لطفل صغير أو مشاركته أدوات الطعام.
وتذكر الدراسات والأبحاث أن الإصابة بهذا الفيروس تعتمد أيضاً على الاستعداد الشخصي، إذ يعتبر ما يقارب 85 بالمائة من البشر قابلين للعدوى والإصابة، بينما يوجد 15 بالمائة من البشر تحميهم أجهزتهم المناعية من الإصابة بهذا الفيروس لأسباب غير معروفة.
كيف ينتقل فيروس الهربس الفموي ؟
ينتقل فيروس الهربس الفموي عن طريق إفرازات الفم والبلعوم عند المصافحة والتقبيل والتنفس وجهاً لوجه، وله قدرة جيدة على التواجد في السوائل والهواء والأسطح المجاورة لعدة ساعات، وبمجرد الإصابة بعدوى الفيروس الفموي يظل الفيروس معك مدى الحياة، ولكنه قد لا يسبب التقرحات بشكل متكرر، ويمكن لمضادات الفيروس أن تقلل من شدة تفشي المرض وتجعل ظهور التقرحات أقل تكراراً وشدة.
ظهور المرض
عند التعرض لأول مرة للعدوى بفيروس الحَلأ البسيط، وغالباً ما يحدث ذلك في سنيّ الطفولة الخمس الأولى، فإن الإصابة تأخذ شكلاً يسمى الشكل الأولي للإصابة، ويتجلى هذا الشكل بحدوث:
ارتفاع متفاوت في درجات الحرارة قد يصل في بعض الأحيان إلى ما فوق الأربعين درجة مئوية، وقد ترافقه أعراض احتقانية في الأنف والبلعوم، تشبه أعراض أغلب حالات الإصابة بفيروسات الزكام، ثم لا تلبث أن تظهر في داخل جدران الفم وعلى سطح اللسان تقرحات متعددة الأشكال والاتساع، بيضاء إلى رمادية اللون، تحيط بقواعدها هالات حمراء، وتكون هذه القرحات مؤلمة بشدة بسبب انكشاف الأعصاب الحسية في بؤرها، خاصة عند ملامسة الأطعمة والمشروبات لها، مما يجعل الطفل يبتعد عن الأكل والشرب تجنباً للألم.
وفي هذه المرحلة تحدث أخطاء التشخيص، حين يظن بعض الأطباء أن تلك القرحات تابعة لما يسمى "مرض القلاع" الذي يُحدث آفات مؤلمة لكنها تكون محصورة في الوصل الشفوي اللثوي، وتكون قليلة العدد، ولا يكون فيروس الحلأ البسيط وراء الإصابة بها، لذا تختلف طريقة علاجها.
وقد يذهب البعض في خطأ التشخيص إلى درجة الخلط بين إصابة العُقبول والإصابة بفطريات الكانديدا أو المبيضات البيض، وهي إصابة تتجلى بظهور أغشية بيضاء على السطوح المخاطية داخل الفم وفوق اللسان، ولا تسبب الألم والإزعاج كما هي الإصابة بالعُقبول، وتكون معالجتها باستخدام الأدوية المضادة للفطريات.
مخاطر ومضاعفات الإصابة بالفيروس الفموي
كما يمكن للإصابة أن تمتد خارج الفم، فتصيب جلد الوجه أو كرة العين أو طبلة الأذن، مُحدِثة آفات مؤلمة شديدة ومؤثّرة، كما أن فيروس الهربس الفموي قد ينتشر في الدم، ليحدث إصابات بعيدة عند جنين الحامل وفي الكلى والكبد، وفي الدماغ أيضاً، بخاصة في الفص الصدغي، محدثاً أعراضاً لالتهاب الدماغ وظهور تشنجات عصبية مرافقة، وكلها مراحل من الإصابة تعتبر مهددة لحياة الطفل.
شكل الهربس الفموي بالصور
عند ظهور الهربس الفموي ستظهر بثور مملوءة بالسوائل على الوجه، وعادة ما تكون على الشفتين وبالقرب من الفم، وتبدو البثور وكأنها نتوءات صغيرة، وقد يتغير لون الجلد المحيط بها ويتورم ويصبح مؤلماً، وبعد يومين يمكن أن تتفتح البثور ويخرج منها سائل شفاف أو أصفر قليلاً، وبعد يوم تقريباً أو أكثر يتوقف السائل عن الخروج من القروح وتتكون قشرة بنية ذهبية فوق القروح، وقد تنفتح القروح أحياناً وتنزف، وفي غضون أسبوعين تقريباً من بداية ظهور هربس الشفاه تَسقط القشرة، وقد يبدو الجلد الموجود تحتها وردياً أو أحمر قليلاً لعدة أيام حتى يلتئم تماماً.
تشخيص هربس الشفاه
يقوم الطبيب بتشخيص هربس الشفاه من خلال الفحص البدني والاختبارات، إذ سيقوم أثناء الفحص بتقييم منطقة الفم، وقد يتم التعرف بسهولة على القروح الباردة وغيرها من علامات هربس الشفاه (الهربس البسيط)، وقد يقوم الطبيب بأخذ عينة من السوائل التي تخرج من القروح ويرسلها إلى الاختبار حتى يتم تأكيد تشخيص الإصابة بالهربس الفموي، وغالباً يتم إجراء هذا الفحص إذا كان المريض يعاني من ضعف المناعة.
وإذا لم يكن لديك انتشار نشط للفيروس ولكن تريد أن تعرف إذا ما كنت تحمل فيروس الهربس البسيط، فقد يطلب الطبيب فحص دم للتحقق من وجود أجسام مضادة ضد فيروس الهربس البسيط من النوع الأول أو الثاني، فإذا كانت لديك أجسام مضادة في الدم فهذا يعني أنك قد أصبت بعدوى فيروس الهربس البسيط في الماضي، وقد ينشط هذا الفيروس مرة أخرى في المستقبل.
علاج الهربس الفموي
وعند تراجع الإصابة، وبغضّ النظر عن درجتها، فإن فيروس الحَلأ البسيط لا يغادر جسم الإنسان بشكل كامل، إنما يبقى هاجعاً خامداً ضمن بعض العقد العصبية، ليعاد تفعيل الإصابة عند هبوط مناعة الإنسان لأي ظرف من الظروف، كالمرض وارتفاع درجة الحرارة والشدة النفسية.
لكن في هذه المرحلة، فإن جهاز المناعة الذي سبق له التعرف على الفيروس، يقوم بتحديد الإصابة بسرعة، ويحصرها في مكان صغير في منطقة الوصل الجلدي الشفوي من الفم، وهي ما نسميه في الطب "الإصابة الثانوية"، أي المُعاد تفعيلها، وما يسميه الناس في الحياة العامة بـ"حبة السخونة" أو "قبلة السخونة" أو "تقرحات البرد" أو ما شابه من تسميات تختلف باختلاف البلد.
الأسئلة الشائعة
هل الهربس الفموي مُعدٍ؟
يعتبر الهربس عدوى فيروسية مُعدية للغاية، وذلك لأن الفيروس المسبب له (HSV) ينتشر بسهولة من خلال ملامسة الجلد واللعاب.
هل يذهب الهربس بدون علاج؟
تشفى عدوى الهربس من تلقاء نفسها ولا يوجد عادة علاج محدد لها، ولكن شدة الإصابة بالفيروس تختلف على مدار حياة المريض، وفي الواقع لا يعاني معظم الأشخاص المصابين به من أي أعراض لفترات طويلة، ويبقى الفيروس كامناً حتى لو لم تظهر عليهم أعراض.
هل الضغط النفسي يسبب الهربس؟
تشير نتائج العديد من الدراسات إلى أن الإجهاد النفسي والمزاج السلبي يمكن أن يؤديا إلى تكرار الإصابة بالهربس.
هل الهربس الفموي خطير؟
يمكن أن تؤدي عدوى الهربس الفموي في بعض الأحيان لحدوث مضاعفات خطيرة، بما في ذلك عدوى فيروس الهربس البسيط في: العينين (الهربس العيني)، أو الدماغ أو الأغشية التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي (التهاب الدماغ الناجم عن فيروس الهربس البسيط، التهاب السحايا)، أو الجلد في أي مكان آخر من الجسم، مثل الأصابع (الداحس الهربسي).
نصيحة من موقع صحتك
الهربس الفموي هو عدوى شائعة قد يكون لها تأثير على حياتك، وقد لا تؤثر على الإطلاق، ولهذا السبب يقوم الطبيب بوصف العلاج بناءً على الاحتياجات الفردية، وهناك علاجات متاحة لتهدئة تفشي المرض إذا لزم الأمر أو تقليل تكرار حدوث النوبات في المستقبل، ويمكن للطبيب أن يقدم لك المزيد من خيارات العلاج، وننصح لتجنب الإصابة بعدم مشاركة الآخرين الأشياء التي تلامس الفم والشفاه مثل أدوات المطبخ ومرطب الشفاه.