في وقتنا الحاضر أصبح اللجوء لغرسات الثدي أكثر من أي وقت مضى، وذلك لأغراض تجميلية بالإضافة لعمليات ترميم الثدي بعد استئصاله. ومن الأسئلة المهمة التي يتم طرحها على الطبيب هو تأثير تلك الغرسات على إمكانية رضاعة الطفل، حيث تظن الكثير من السيدات أن الضغط الناتج عن الرضاعة قد يؤدي لتسرب السيليكون من الغرسات ودخولها حليب الأم مما يؤذي الطفل ويسبب مشاكل للأم أيضا، أو قد تؤثر تلك الغرسات على إمداد حليب الثدي. فما صحة ذلك؟
لحسن الحظ، ليس فقط الرضاعة الطبيعية آمنة، ولكن معظم النساء قادرات أيضًا على إنتاج كمية كافية من حليب الثدي. ووفقًا لكارين هورتون، طبيبة الجراحة التجميلية وعضو الجمعية الأميركية لجراحي التجميل، فإن الرضاعة الطبيعية بوجود الغرسات ليست ضارة؛ علاوة على ذلك، مع استثناءات قليلة، تستطيع معظم الأمهات إنتاج كمية كاملة من الحليب لأطفالهن. وأكدت الدكتورة هورتون أنه "لا يوجد سبب لتجنب الرضاعة الطبيعية بوجود الغرسات على الإطلاق، ولا توجد احتياطات أمان معينة تحتاج الأم لاتخاذها أثناء الاستعداد لإرضاع طفلها".
مخاوف بشأن غرسات السيليكون
تشعر العديد من الأمهات اللواتي لديهن غرسات السيليكون بالقلق من أن محتويات تلك الغرسات، خاصة إذا كانت الغرسات مصنوعة من السيليكون، ستتسرب إلى حليب الأم وتضر الأطفال. لكن، هذا الأمر لا يستدعي القلق كما تؤكد الدكتورة لورين نيجرو، جراحة التجميل في مركز جراحات إعادة بناء الثدي المتقدمة: "الرضاعة الطبيعية مع الغرسات ليست ضارة للأم أو الطفل ومحتويات الغرسة لا تنتقل إلى الطفل". كما أن البحث يدعم هذه الأخبار المطمئنة. فقد:
- وجدت إحدى الدراسات أن مستويات السيليكون في حليب الثدي لم تكن مختلفة في الأشخاص الذين لديهم غرسات على عكس الأشخاص الذين ليس لديهم غرسات.
- بالإضافة إلى ذلك، ذكر كل من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وهيئة الدواء والغذاء الأميركية أنه لا يوجد دليل على وجود مستويات أعلى من السيليكون في حليب الثدي بين الأمهات اللواتي لديهن غرسات.
- أخيرًا، أصدرت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بيانًا قالت فيه إن غرسات الثدي ليست من موانع الرضاعة الطبيعية.
هل يتأثر إمداد الحليب بوجود غرسات الثدي؟
في معظم الحالات، ستتمكن الأمهات اللواتي لديهن غرسات من إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية بنجاح. وقد وجدت دراسة أجريت عام 2016 أن 93٪ من الأمهات اللواتي لديهن غرسات لم تكن لديهن مشاكل مع الرضاعة الطبيعية الحصرية أو المختلطة مع الحليب الصناعي. وفي كثير من الأحيان، فإن الأسباب التي تجعل الأمهات اللواتي لديهن غرسات يعانين من مشاكل في الرضاعة الطبيعية لها علاقة بنفس الأسباب التي قد تواجهها أي أم أخرى. لكن، في بعض الحالات، يمكن أن تؤثر جراحة الزرع على قدرة الأم على إنتاج كمية كاملة من الحليب.
وهذا يتوقف على مكان إجراء الشقوق، فإذا كانت الشقوق تحت ثنية الثدي أو من خلال الإبط، فلا ينبغي أن تكون الرضاعة الطبيعية مشكلة، من ناحية أخرى، إذا تم إجراء شق حول الهالة، فهناك احتمال أن تكون قنوات الحليب قد تم قطعها، وبالتالي قد تكون الرضاعة الطبيعية صعبة.
وأحد الجوانب الأخرى التي يجب مراعاتها عندما يتعلق الأمر بالرضاعة الطبيعية باستخدام الغرسات هو سبب خضوعك لجراحة الزرع في المقام الأول. بمعنى، في النساء اللواتي خضعن لاستئصال الثدي لإزالة سرطان الثدي من خلال إعادة ترميم الثدي القائمة على الزرع، يجب ألا يكون لديهن أي أنسجة ثدي غدية متبقية لدعم الرضاعة. والنساء اللواتي لديهن تاريخ من نقص التنسج أو الثدي الأنبوبي قد يواجهن صعوبة في الرضاعة الطبيعية بنجاح. ومع ذلك، حتى مع الأمهات اللواتي قد يواجهن مشكلات بسبب مكان إجراء الجراحة في الثدي، أو حالات أخرى قد تؤثر على الرضاعة الطبيعية، فلا توجد طريقة لمعرفة كمية الحليب التي سيتم إنتاجها حقًا حتى تحاول الأم الرضاعة الطبيعية.
إليكِ سبعًا من الأمور غير المتوقعة أو الشائعة التي تؤثر سلبا على إفراز حليب الثدي والرضاعة الطبيعية.
أدوية البرد المحتوية على "سودوإفيدرين (Pseudoephedrine) تقلل من إفراز لبن الأم في الأسابيع الأولى بعد الولادة. لكن، لا خوف منها عندما يستقر إفراز حليب الثدي.
يمكن للنزف الشديد أن يؤثر على عملية صنع الحليب داخل الجسم وقدرة الأم على بداية الإرضاع؛ لكن بعد انتهائه يمكن للأم إفراز الحليب والإرضاع بشكل طبيعي.
قرابة 4-9 % من النساء يصبن بالتهاب الدرق التالي للولادة خلال سنة بعد الولادة، مما يدمر نسيج الغدة ويؤدي لقصورها ويؤثر سلبا على هرموني البرولاكتين والأوكسيتوسين الأساسين للرضاعة الطبيعية.
هناك عدد من الأعشاب والتوابل التي يمكنها تقليل إفراز حليب الثدي عند تناولها بكميات كبيرة، مثل المريمية والنعناع والمردقوش (الأوريجانو) وبلسم الليمون (المليسة) والبقدونس.
خاصة تلك التي تحتوي على هرمون الإستروجين ضمن تركيبها. لذلك تعد الموانع التي تحتوي على هرمون البروجسترون فقط هي الخيار الأمثل لدى الأمهات المرضعات.
عدم قيام الأم بالإرضاع بشكل مستمر على مدار اليوم وإفراغ الثديين من الحليب بشكل مستمر ومتكرر، قد يتسبب في تقليل قدرتها على إفراز الحليب بشكل ملحوظ.
يعتقد بأن التعرض لبعض أنواع الملوثات البيئية يؤدي لمشاكل عدم تكون الأنسجة اللبنية بالثدي ويؤثر سلبا على قدرة الأم على الإرضاع. كما أن التعرض للملوثات يؤثر على الرضاعة الطبيعية.
هل يوصي الخبراء بالرضاعة الطبيعية بوجود غرسات الثدي؟
توصي الدكتورة دانيس موس، اخصائية النسائية والتوليد في نيويورك بحماس الأمهات اللواتي لديهن غرسات ثدي باستمرار رضاعة أطفالهن رضاعة طبيعية، فهي ليست آمنة فحسب، ولكن الفوائد التي تعود على الأطفال هائلة. لكن، في حالة تعذر الرضاعة إما بسبب مكان إجراء جراحة زراعة الثدي أو بسبب حالة موجودة مسبقًا مثل نقص تنسج الثدي أو سرطان الثدي مما يجعل إمداد الحليب صعبا، فهنا يتم اللجوء للرضاعة الصناعية. لكن، بين مركز السيطرة على الأمراض إن الحصول على الإمداد الكامل للحليب ليس شرطًا أساسيًا للرضاعة الطبيعية الناجحة. وتشمل فوائد حليب الأم للرضع انخفاض التهابات الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي، وتقليل التهابات الأذن، وانخفاض معدلات الربو والسمنة.
هل توجد توصيات معينة في حالة الرضاعة الطبيعية بوجود غرسات الثدي؟
يتفق الخبراء على أن الرضاعة الطبيعية آمنة ولا يتعين على الأم اتخاذ أي احتياطات خاصة للقيام بذلك. وعلى الرغم من أن معظم الأمهات اللواتي يستخدمن الغرسات لا يواجهن أي عوائق أمام الرضاعة الطبيعية الناجحة المتعلقة بزرعهم للغرسات، إلا أن الغرسات تؤدي أحيانًا إلى حدوث مضاعفات. إليك ما يجب معرفته حول منع هذه المضاعفات وأي احتياطات قد تحتاجين إلى اتخاذها:
- أظهرت الدراسات أن السيليكون لا يتسرب إلى حليب الثدي. لكن، يوصى بالحصول على التصوير بالرنين المغناطيسي للتأكد من سلامة الغرسات الخاصة بك وعدم تمزقها. والقيام بذلك ليس إلزاميًا، لكن، الفحص الروتيني للتمزق هو أمر توصي به إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) بعد خمس سنوات من وضع الغرسات، وكل سنتين إلى ثلاث سنوات بعد ذلك.
- نظرًا لأن بعض الأمهات يواجهن مشكلات في إمداد الحليب عند إجراء عمليات الزرع، فقد يكون من المفيد توخي عناية خاصة للتأكد من أن مخزون الحليب لديكِ مؤكد جيدًا منذ البداية. للقيام بذلك، يوصى بالرضاعة الطبيعية بشكل متكرر وزيادة الوقت الذي تقضيه مع طفلك في الرضاعة. ويكون من المفيد استشارة الطبيب لتناول أي مكملات تحفز إنتاج الحليب أو قد يقترح استخدام جهاز لشفط الحليب من الثدي بين الرضاعات، مما يزيد من إدرار الحليب.
- تذكري ألا تفرطي في الإجهاد، والشيء المهم هو أن طفلك يرضع، فالعديد من النساء اللائي لديهن كمية أقل من الحليب بعد زراعة الثدي ما زلن قادرات على الرضاعة الطبيعية مع الاستعانة بالمكملات والحليب الصناعي وهذا أمر جيد.
- ليس على السيدة أن تفترض أنها ستواجه مشكلات في إمداد الحليب، ولكن إذا انتهى بها الأمر إلى حدوث مشكلات، فمن المهم أن تظل على اتصال بطبيب الأطفال وفريق دعم الرضاعة الطبيعية لطفلها.
- بعض الأمهات اللواتي يرضعن أطفالهن من الثدي ولديهن غرسات قد يتعرضن لنوبات أكثر خطورة من الاحتقان والتهاب الثدي. لهذا، يفضل استشارة الطبيب عند حدوث أي علامة على احتقان أو التهاب الثدي.
أخيرا..
تعتبر الرضاعة الطبيعية بوجود غرسات الثدي آمنة، وفي معظم الحالات تكون الأمهات قادرات على إرضاع أطفالهن طبيعيا. وإذا لم تكن الرضاعة الطبيعية الحصرية ممكنة لأي سبب من الأسباب، فتذكري أنه ما يزال بإمكان طفلك الرضاعة الصناعية وكوني على اتصال بطبيبك وطبيب الأطفال دوما.
* المصدر:
