هل الجنس والعلاقة الحميمية متماثلان، وهل يمكن أن يحدث أحدهما بدون الآخر؟ يجب أن تعرف أن هناك اختلافات بينهما، وإن معرفة ما هما يمكن أن يساعد في تحسين جودة علاقتك مع زوجتك. في العلاقات الزوجية غالبًا ما يتم استخدام الجنس والحميمية كأنهما نفس الأمر، ولكن هناك فرق واضح وكبير بين الاثنين.
هناك فرق كبير بين الجنس والعلاقة الحميمية لدرجة أنه غالبًا ما يعتمد على فهم الشريكين لهذا الفرق عندما تنشأ مشكلات في العلاقات.
إن معرفة الاختلافات بين الجنس والعلاقة الحميمية يمكن أن تكون حاسمة لإصلاح علاقتك والحفاظ عليها وتحسينها.
ما هي العلاقة الحميمية؟
في كثير من الأحيان يشير الناس إلى العلاقة الحميمية (Intimacy) عند طرح موضوع الجنس (Sex). على الرغم من أنه يمكن أن يحدث الاثنان، ومن المفترض أن يحدثا معًا من أجل الرضا الحقيقي في العلاقة، فإن العلاقة الحميمية هي شيء يتجاوز الفعل الجسدي، أي بمعنى آخر تعتبر شعورًا، إذ تتضمن الحميمية الحقيقية مستوى من الارتباط العاطفي والثقة.
يمكن أن تكون العلاقة الحميمية شخصية للغاية، مما يسمح لكلا الزوجين بأن يكونا ضعيفين مع الطرف الآخر. وفي حين يمكن غالبًا ربط الاتصال الجسدي بهذا؛ فإن الحميمية لا تحتاج إلى أن تكون جسدية فقط.
هناك ثلاثة أنواع من الحميمية:
- العلاقة الحميمية العاطفية (emotional intimacy): شعور عميق بالقرب والثقة بين الطرفين.
- العلاقة الحميمية الجسدية (physical intimacy): تتضمن اللمس بطريقة تعزز مشاعر القرب والرغبة كالأحضان.
- العلاقة الحميمية الجنسية (sexual intimacy): تجمع بين الفعل الجسدي للجنس والقرب العاطفي والثقة.
ما هو الجنس؟
يمكن أن تكون مناقشة الجنس معقدة، بالمعنى الدقيق للكلمة؛ فإن الجنس هو فعل جسدي. وبغض النظر عن الشكل؛ فإن الجنس ينطوي على إثارة الرغبة الجسدية والاستجابة الجسدية لمحفز.
الجنس في حد ذاته لا يتطلب بالضرورة وجود العلاقة الحميمية، فبالنسبة للبعض فإن الحميمية ضمنية عند مناقشة الجنس، إذ عند القيام بالفعل الجسدي فإنهم يمارسون ما أسلفنا وقلنا عنه العلاقة الحميمية الجنسية، وبالنسبة للبعض الآخر يمكن أن يحدث الجنس بطريقة غير شخصية ومنفصلة عن المشاعر أو بدونها حتى.
في هذه الحالات لا ينطبق تعريف الحميمية، ولكن على عكس ما قد يعتقده البعض، لا يحدث الجنس بدون عنصر عاطفي، إذ غالبًا ما يصاحب تطور المشاعر الاستجابة الجسدية.
الجنس والعلاقة الحميمة.. هل هما مختلفان أم متشابهان؟
قد يكون فهم أوجه التشابه بين الجنس والعلاقة الحميمة صعبًا لأنه يعتمد على نوع العلاقة الحميمية وسياق المناقشة، في حين قد يفترض البعض أن أوجه التشابه كبيرة، فإن الحقيقة هي أن الجنس والعلاقة الحميمية مختلفان.
يتضح هذا بشكل خاص عند مناقشة القضايا في العلاقة التي تتطلب الاعتراف بالاختلافات لإجراء محادثة تفضي لنتيجة مفيدة عندما يزعم الزوجان أنهما يواجهان مشكلة جنسية في علاقتهما، فقد تُطرح أسئلة توضيحية لفهم ما يعنيه الزوجان بشكل أفضل. على سبيل المثال؛ قد يتم سؤالهما الأسئلة الآتية: "هل هناك مشكلة في تفاعلكما الجسدي واستجابتكما لبعضكما البعض؟" أو "هل المشكلة في الثقة والارتباط ببعضكما البعض؟"
في العلاقات الزوجية الطويلة الأمد، يمكن أن يكون الأمران متشابهين لأنه في كثير من الأحيان يغذي أحدهما الآخر، ولكن يمكن أيضًا أن يفقد بعض الأزواج في العلاقات الزوجية الطويلة الأمد الرغبة في ممارسة الجنس مع بعضهم البعض، لكن هذا لا يعني أنهم فقدوا العلاقة الحميمية العاطفية.
قد يمارس الأزواج الآخرون الجنس بانتظام لكنهم ما زالوا يشعرون بالانفصال العاطفي، وقد تلعب مشكلات أخرى مثل اضطراب التشوه الجسمي (Body dysmorphic disorder)، وهي مشكلة يمكن أن يواجهها الرجال والنساء، دورًا دون وعي له، وتزيد من تعقيد عدم رضا الشركاء عن حياتهم الحميمية. تجب الإشارة إلى أن العلاقة الصحية يجب أن تتضمن ممارسة الجنس والعلاقة الحميمية للحفاظ على رابطة قوية والرضا بين الزوجين.
هل يمكنك الحصول على الجنس والعلاقة الحميمية على حدة؟
الإجابة المختصرة هي نعم. تشير دراسة أجريت عام 2018 إلى أن المستويات الأعلى من العلاقات الحميمية مرتبطة بمستويات أعلى من الجنس في العلاقات الزوجية الطويلة الأمد.
قد تعتقد أن الجنس والعلاقة الحميمية متشابكان للغاية بحيث لا يمكن أن يوجدا بشكل مستقل، ومع ذلك يمكن أن يوجدا بشكل مستقل، وغالبًا ما يوجدان كذلك.
العلاقات بعد كل شيء موجودة في أشكال مختلفة، ويمكن أن يكون للصداقات الوثيقة حميمية عاطفية أفلاطونية (platonic emotional intimacy)، ويمكن أن يوجد الجنس والحميمية بدون الآخر، لكن الجمع بين الاثنين يخلق رابطة أقوى.
غالبًا ما يكون هناك نطاق معين من الجنس و العلاقة الحميمية في العلاقة الرومانسية.
غالبًا ما يتقاسم الأزواج شعورًا خفيفًا على الأقل بالعلاقة الحميمية لمشاركة الحياة، وهذا يدعم ممارسة الجنس من حين لآخر على الأقل.
من ناحية أخرى، يشعر الأزواج الذين يمارسون الجنس فقط بإحساس بالثقة والاتصال الذي يجعل ممارسة الجنس أمرًا ممكنًا.
كيف تؤثر العلاقة الحميمية على صحتك النفسية؟
يمكن أن يكون الارتباط العاطفي والقرب من الآخرين جزءًا كبيرًا من الصحة النفسية. نحن نتوق إلى التفاعل مع الأفراد الموثوق بهم، ونحتاج إلى دعم الآخرين للمساعدة في توفير الاستقرار في حياتنا.
يمكن أن يكون الاتصال أو الحميمية مع صديق أو زوج، وفي كلتا الحالتين بدون الحميمية يمكننا أن نشعر بالوحدة والعزلة التي يمكن أن تؤدي إلى الاكتئاب.
هل هذا يعني أن الجنس أمر بالغ الأهمية للصحة النفسية أيضًا؟ نعم، ولكن ليس على نفس الدرجة من أهمية العلاقة الحميمية.
أشارت دراسة أجريت عام 2018 حول تأثير العلاقة الحميمية على مدى الشعور بالرضا عن العلاقة الزوجية، وكيف يمكن أن تتعزز هذا النوع من المشاعر ويكون لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية والعقلية، كما وجد الخبراء أن الرضا عن الجنس بين الزوجين ساهم في جودة هذه العلاقة.
كما وجدت دراسة أجريت عام 2021 أن الأشخاص الذين كانوا نشيطين جنسيًا أثناء الحجر في فترة انتشار فيروس كورونا كانوا أقل قلقًا واكتئابًا. لكن ممارسة الجنس بدون علاقة حميمية قد لا تكون لها نفس الفوائد.
نهايةً، العلاقة الصحية تحتوي على العلاقة الحميمية والجنس، ولكن الجنس والعلاقة الحميمية ليسا نفس الأمر، وكل منهما يلبي احتياجات مختلفة. حاول رؤيتهما بشكل مستقل ثم في سياق معًا وكيف يمكن أن يدعما بعضهما البعض في علاقتك الزوجية. وفي حال كنت بحاجة إلى مساعدة إضافية، فكر في استشارة أخصائي استشارات الزواج والأسرة.