من المفترض أن تكون خصوصية المريض والسجلات الطبية لها سرية وحكر على المختصين في علاجه، لكن أميرة ويلز كيت ميدلتون ليست أول من تجد نفسها وسط مزاعم بأن سجلاتها الطبية تتعرض للتسريب لإرضاء الصحافة والحصول على تفاعلات.
وهذا ما أكد عليه الدكتور ضياء المبيضين، الطبيب النائب في قسم الأمراض الباطنية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، إذ قال: "تعد خصوصية المريض أمرًا مهمًا، ولكن في معظم الأحيان يتم تجاهل الحفاظ على سريتها والتغاضي عن أهمية الحفاظ عليها"، وأضاف "أن الناس وبشكل عام تحب أن تعرف كل ما يخص الإنسان الآخر، ولكن وبشكل ملفت عندما يأتي الأمر لمعلوماتهم الشخصية أو سجلاتهم الطبية فهم يحاولون قدر المستطاع عدم كشفها والحفاظ على سريتها".
وتطرق في الحديث لموضوع الأميرة كيت ميدلتون، قال المبيضين: "إن هذا بالضبط ما حدث مع أميرة ويلز كيت ميدلتون، فقد بقيت كيت ميدلتون تحت ضغط إعلامي ضخم، وظلت تلاحقها الشائعات بعد عمليتها وصلت حد الموت، لعدم إفصاحها عن معلوماتها الطبية"، وأضاف متسائلًا: "في حال خضعتَ أنتَ لعملية جراحية، هل تريد أن يعلم العامة ماذا جرى أثناءها؟ أو هل تفضل أن تستخدم المعلومات الطبية الخاصة بك ضدك في يوم من الأيام؟ أو أن يعلم أطفالك بحالتك الصحية، خاصةً من الصحافة، خاصة إذا كنت تنوي تأجيل اطلاعهم عليها؟ الإجابة أجزم بأن تكون وببساطة (لا)".
لماذا يجب علينا حماية السجلات الطبية والحفاظ على خصوصية المريض ؟
بحسب الدكتور ضياء المبيضين: "تحتوي السجلات الطبية على الكثير من البيانات الشخصية، بدءًا من شيء قد يشعر المريض تجاهه بالحرج مثل (الوزن)، والأشياء التي تحمل وصمة عار اجتماعية (الصحة النفسية)، إلى البيانات عن حياتك مثل الشؤون المالية، ورقم الضمان الاجتماعي، وتاريخ الميلاد، وعن المهنة، ومكان العمل ورقم الهاتف في العمل، وعن الأسرة وعنوان المنزل، واسم الزوج والأطفال، وأرقام الضمان الاجتماعي. هذه الفئة من المعلومات الشخصية المباشرة يمكن أن تقع فريسة للهندسة الاجتماعية (Social engineering)، كما يمكن لبعض المعلومات التي تخص حالة المريض الصحية أن تكلفه خسارة فرصة عمل، أو أن تحيله من عمله الحالي، أو قد تصل لمنعه من الحصول على تأمين صحي، أو تنشر القلق بين أفراد عائلته وأقربائه".
من يجب عليه تطبيق حماية معلومات وخصوصية المريض؟
تنطبق حماية معلومات وخصوصية المريض على جميع مؤسسات الرعاية الصحية والعاملين في مجال الرعاية الصحية، إذ يتطلب الإفصاح عن أي معلومات تخص حالة المريض موافقة صريحة من المريض نفسه، وتنطبق على الجميع في منشأة الرعاية الصحية، بما في ذلك:
- الأطباء.
- طاقم التمريض.
- طاقم الصيادلة.
- الموظفون الإداريون.
- العاملون في خدمة الطعام.
- الحراس.
- جميع المتخصصين الآخرين في الرعاية الصحية.
تنطبق سياسات حماية معلومات وخصوصية المريض أيضًا على جميع المتدربين والمتطوعين الذين يعملون تحت إشراف في عيادة صحية أو مستشفى، أو عيادات خارجية، أو شركاء عمل، بما في ذلك:
- المختبرات الخارجية.
- خدمات التصوير الإشعاعي الخارجي.
- الوكالات المعتمدة التي تقوم بإجراء المسح للمرضى.
- شركات المعدات الطبية.
- مندوبو مبيعات الأدوية.
واجب الطاقم الطبي تجاه خصوصية المريض
يجب أن يسعى الأطباء إلى حماية خصوصية المريض في جميع الأماكن إلى أقصى حد ممكن، وينبغي عليهم:
- عدم الإفصاح عن أي معلومات صحية محمية.
- تقليل التدخل في الخصوصية.
- إبلاغ المريض عندما يكون هناك انتهاك كبير للخصوصية في حال لم يكن المريض على علم به.
ما هي المعلومات الصحية المحمية؟
المعلومات الصحية المحمية هي المعلومات الصحية التي تتطلب موافقةً من المريض قبل الإفصاح عنها ونقلها عبر الوسائط الإلكترونية أو نقلها شفهيًا. على سبيل المثال، إذا تحدَّث أحد المقيمين في الجراحة عن إجراء جراحي في مصعد مليء بالأشخاص؛ فقد يكون ذلك انتهاكًا لقانون خصوصية المريض في حال تم ذكر أي معلومات صحية محمية. تشمل بعض المعلومات الصحية المحمية:
- الملف التعريفي للقبول في المشفى.
- سجلات الفواتير.
- الملف الشخصي للمريض.
- الوصفات الطبية.
- الإحالات والاستشارات.
- مواعيد الخروج والمتابعة.
في النهاية، يجب أن نضع احترام خصوصية المريض في صلب اهتمامنا وتفكيرنا، فهذا الاحترام ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل يعكس أيضًا مبادئ العدالة والإنسانية. إن الإصرار على الحفاظ على خصوصية المرضى، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو الشهرة التي يتمتعون بها، يساهم هذا في بناء ثقة أكبر بين المجتمع والنظام الصحي، مما يضمن الرعاية الصحية الجيدة، والاحترام الشامل لحقوق الإنسان.
